|
مائة عدو لا يستطيعون إفسادك .. فلم واحد يستطيع ..!
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 09:47
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
مسامير جاسم المطير 804 بعد إعلانات تلفزيونية مثيرة بثتها قناة " العربية " يوميا خلال الأسبوع الماضي كـ"إعلان " رئيسي وجدته يلخص قولا مفاده ( يكون سعيداً من يشاهد فلما جديدا عنوانه سيرة رجل ووطن ) ..! كنت ُ متوقعا أن يتحدث الدكتور أياد علاوي في فلم من ثلاثة أجزاء أنتجته قناة " العربية " باسمه ِ ولذاته ِ بصفته رئيسا للوزراء .. رئيسا مؤقتا كما هي حقيقته وليس كما وجد نفسه من عنوان الحلقات الثلاث : سيرة رجل ووطن ..! لا أدري من هو منتج الفلم ..؟ أي من تحمل التكاليف : هل هو الدكتور علاوي نفسه ..أم القناة نفسها ..؟ إذا كان المنتج هو الرئيس نفسه فهو لا يصلح للدعاية الانتخابية ولا يصلح أن يمهد الطريق لمجيئه مرة أخرى للحكومة القادمة فالفلم من الناحية الدعائية كان كما لو أنه أعد لموظف ٍ " أنهيت خدماته " ..! " وقد ذهبت آلاف الدولارات أدراج الرياح كما سأوضح ذلك لاحقاً ..! أما إذا تحملت القناة العربية كلفة انتاج الفلم – وهو أمر مستبعد – فأن الرئيس ، في هذه الحالة قد وقع ضحية اللعبة الإعلامية – الفضائية التي حولّت أياد علاوي إلى مقلـّد لصدام حسين ..! وإذا كان صدام حسين قد أنتج فلم الأيام الطويلة بعد عشر سنوات من ظهوره وراء وأمام الكواليس السياسية والحزبية ، فأن الدكتور علاوي " تعجـّل " وأنتج فلم " سيرة رجل ووطن " بعد ستة شهور فقط من الجلوس والإنصات على كرسي المسئولية الوزارية ..! من يعرف بعض أصول التكنيك السينمائي يدرك كم أنشغل السيد رئيس الوزراء بهذا الأمر .. بالسيناريو والتصوير والمكياح والحوار مع المخرج والمعد وكذلك انشغاله بالسفر والتنقل إلى أماكن التصوير مع تأمين الحماية الأمنية ..! ولا ننسى في هذه الحالة كلفة تأمين مطعم لبناني محجوز بالكامل لساعات طويلة كي يتم اللقاء والتصوير بأبهى ديكور ..! في الحقيقة أن الجهود الكبيرة المبذولة لإنتاج الفلم لم يكن هدفها تحقيق أي هدف من أهداف إعادة أعمار العراق المحطم ، ولم يكن هدفه تنشيط الاقتصاد العراقي ولم يتضمن أي خطوة لتحقيق الانفتاح الحضاري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي أمام المشاهدين ، لا المشاهدين العراقيين ولا العرب ولا الأجانب من " الحلفاء " الإنكليز والأمريكان ..! كما لم يكن الفلم يتوافق مطلقا مع " الإستراتيجية الجديدة " داخل شبكة الإعلام الديمقراطي لحزب الوفاق الوطني ولا مع شبكة الأعلام المؤقت للحكومة المؤقتة ..! بل يتزامن مع الأصوات الأفقية غير المهذبة في الصحافة العربية وفي الصحافة البعثية في عدد من دول " القومية العربية " و مع جميع محاولات تدوير رؤوس المواطنين في فترة الانتخابات البرلمانية ..! لقد شاهد الناس من خلال مجرى حديث رئيس الوزراء " الحالي " أياد علاوي عن وقائع يعرفها هو عن الرئيس العراقي " السابق " صدام حسين وقد ظهرت الأحاديث المتشابكة أنها غير نافعة لا في تعريف المشاهدين بالشخصية المعقدة لدكتاتور حزب البعث ولا هي نافعة في محاكمته وأدانته ..!الأحاديث كلها كانت تموج بـ" الذاتية " وبنفس موج ومياه الذاتية التي دفعت صدام حسين متصورا نفسه أنه الشخص الوحيد القادر على صناعة مستلزمات تطوير العراق وإيجاد الحلول لمشاكله ..! ليعذرني الدكتور أياد علاوي على صراحتي معه فهي أولا وأخيرا لصالحه رغم أنني أسعى لصالح وطننا ..! الشيء المهم الذي أريد تذكيره به هو أن " سوق العمل الإعلامي لتضخيم الذات " قد تغير بعد سقوط صدام حسين ولم تعد مؤسسات هذه السوق قادرة على كسب رضا المشاهدين ..! خاصة بمستوى هذا الفلم الفاشل من حيث التكنيك والمضمون ..! فتكنيك انتاج الفلم لا يحمل غير مؤهلات طالب عادي في قسم السينما بمعهد الفنون الجميلة ..! أما مضمونه فلا يتناسب حتى مع مستوى مشاهدي أفلام الدرجة العاشرة ..! في السنوات القليلة الماضية وقع الاقتصاد الياباني, وهو ثاني اكبر اقتصاد في العالم ضحية لما سمي بـ"القروض السيئة " التي هددت اكبر المؤسسات المالية ، وأدت إلى إفلاس بعض البنوك وأجبرت غيرها علي الاندماج لتكوين كيانات مصرفيه قويه وقد كرّس رئيس وزراء اليابان نشاطه اليومي كله وكذا فعل جميع الوزراء في سفراتهم إلى دول العالم ونواديها المالية والاقتصادية في سبيل حل المشاكل المالية والاقتصادية الناتجة عن " القروض السيئة " ولم يقم الرئيس الياباني لا ببطولة فلم سينمائي ولا بلقاءات دعائية رغم نجاحه الكبير في إنقاذ بلاده من كارثة اقتصادية .. وكم كان مناسبا أن تتكرس جهود جميع الوزراء العراقيين لإيجاد الحلول للدوامة الأمنية التي تدوّخ شعب العراق بالأحداث الدموية التي تختلط فيها الآمال بالآلام والانفجاريات والاغتيالات وحرب الشوارع ..! ولأن الدكتور أياد علاوي طبيب بالأصل والشهادة فأود تذكيره : إذا كان مرض الجدري المائي يأتي من الإبل ، والطاعون من الفئران ، والايدز من الشمبانزي ، والملا ريا من البعوض ، فأن أمراض انحراف العين السياسية ، ونسيان مطالب الشعب ، وغض الطرف عن حقوق الإنسان يأتي من قطط القنوات الفضائية ، ويأتي من جنون أبقار الأفلام السينمائية الشخصية التي تربط بين أنفلونزا السيرة الذاتية وسيرة وطن معذب بـ " السارس " البشري خلال 35 عاما من سيطرة القائد البعثي على مقدرات بلاد الرافدين ..! سيدي رئيس الوزراء : تقول احدث علوم الحيوان وعلوم النبات أيضا انه في الطبقة العليا من الغابات غصون كثيفة تحجب أشعة الشمس وترطب الهواء فتعيش كميات هائلة من الحشرات والفيروسات بعيدا عن حياه الإنسان وحينما تزال بعض هذه الغابات فان الطيور والحشرات تتحرك من أماكنها حاملة معها فيروسات كثيرة مختلفة تهاجم الإنسان ، كما يحصل في بلادنا حالياً ، لتنشر الأمراض بين الناس خاصة من أولئك الذين يجدون أنفسهم فوق أغصان الغابة " يتبعون " أشارات الفيروسات التي تبدو أليفة وراء " تجارة الأفلام الفضائية " الرابحة لمنتجيها ..! كيف ترضى سيدي رئيس الوزراء أن يشاهدكم أبناء شعبكم جالسا ، وبيدكم مسبحة ، في مطعم لبناني فخم ، يصورونكم بطلاً لفلم جديد ، والناس في بلادكم وبلادنا يفتحون عيونهم علي مشاهد رهيبة: قتل وذبح ودماء.. تفجيرات بين جموع الأطفال والنساء .. ودخان أسود يغطي آبار النفط المحترقة .. ودمار يومي في الشوارع ... وعذابات بشر في الأهوار والأرياف .. جوعي ومرضي ومشردين .. مشاهد تثير الغضب والحزن.. تثير أيضا الإحساس بالعجز والسلبية واليأس ولكنكم سيدي منشغلون بإنتاج فلم عن شخصكم الكريم بينما قرأت خبرا في نفس لحظة مشاهدة فلمكم يقول أن الرياضي الألماني شوماخر ألغى احتفاله برأس السنة الجديدة متبرعا بعشرة ملايين دولار للضحايا الأسيويين .. أنكم ، يا سيدي ، كغيركم من أبناء الشعب العراقي له حكاية طويلة موجعة مع صدام حسين ونظامه ، لكن يكفي لكل واحد منا أن يكتفي بصرخة واحدة : آه يا وطني ، ويعمل ، ليلا ونهاراً ، من أجل علياء الوطن ومن دون بطولة فلم سينمائي ... مثلما صرخ شوماخر : آه يا ضحايا تسونامي ..! أدعوكم يا سيدي أن تتيقظوا إزاء خطر يشغلكم عن مهماتكم الجسيمة الموكولة إليكم لما تبقى من وقت رئاستكم للوزراء من أعضاء حكومتكم " المؤقتة " ..! مشكلتنا الرئيسية هي حاجتنا إلى الوعي الضروري الكافي بما تحمله البيئة السياسية العراقية من أمراض تتأثر بها حتما حياة الأجيال القادمة إذا ظل كل " رئيس " عراقي يجد سيرته سيرة ً للوطن ..! أدعوك يا سيدي أن تتقبل طلبي بالتخلص الفوري والجريء من هذا الفلم لأنه والله من نوع " الأيام الطويلة " تحاول الفضائيات إعادة ترويجه ..! صحيح أن هناك معجزات في الفن السينمائي .. لكن لا تعتمد عليها .. فمائة عدو لا يستطيعون إفسادك .. فلم واحد يستطيع ..!
ــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 7 – 1 - 2005 ولنا عودة ..! ــــــــــــــــــــــــــ
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسامير جاسم المطير802
-
الأغبياء إذا اتحدوا يمكن أن يكونوا ا قوة ..!
-
مسامير جاسم المطير 801
-
مسامير جاسم المطير 800
-
مسامير جاسم المطير 776
-
قضبان الحديد الملتويه تستقيم بالنار فقط ..!
-
الفساد في وزارة الصحة .. صحة ..!!
-
الملابس الداخلية وشارع حيفا ..!
-
قادة الأمن العراقي لا بالعير ولا بالنفير ..!
-
مسامير جاسم المطير 759
-
مسامير 758 عراقنا في عصر الديمقراطية والدولار ..!
-
الجراد والديمقراطية والضعف الجنسي ..!
-
مواقع (إنترنتية ) من داخل العراق..!
-
بعضهم يظن إن الختامَ ابتداءٌ ..!
-
الدول الإسلامية حين يكتمل البدر ..!
-
البروفيسورة المتصابية ..!
-
قناة الشرقية .. هوسة يا ريمة ..!
-
مسامير عن كلمة - لكن- وثيو فان كوخ ..!
-
مسامير جاسم المطير 739
-
مسامير جاسم المطير 736
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|