أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - قوانين الطــوارئ العقلية















المزيد.....

قوانين الطــوارئ العقلية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قانون الطوارىء ,Martial Law أو قانون الأحكام العرفية, وهو مجموعة من القوانين الخاصة والإستثنائية التي تصبح سارية المفعول عادة بعد إعلان رسمي , وهو يتطلب قيام سلطات عسكرية خاصة بتولي مقاليد الأمور في حالات معينة كالإحتلال العسكري ,أو الحرب ,أو الإنقلابات العسكرية ,أو العصيان والاضطرابات المدنية.وإن الحاجة لإعادة النظام العام خلال حالات الطوارئ عادة ماتكون هي الهدف الجوهري من إعلانه. وكثيرا ما يترافق بإعلان حظر للتجول curfew,وتؤول كل الإدارة القانونية إلى محاكم عسكرية courts-martial. وقد تعرضت كثير من الأمم لتطبيق قوانين الطوارئ في مرحلة ما من تاريخها وتطورها السياسي والإجتماعي والإقتصادي ,ولم تسلم منه أمة من الأمم في مرحلة,ما ولو بصورة جزئية نتيجة كارثة أو خطب جلل ما.وقد طبق بصورته الجزئية في أمريكا خلال الحرب العالمية الثانية ,والحرب الأهلية.كما طبق في كندا في عام 1970 باسم "قانون إجراءات الحرب" الذي أصدره بيير ترودو, رئيس الوزراء الكندي آنذاك, ردا على عملية اختطاف إرهابية سميت "بأزمة أكتوبر",كما كان قانونا شائعا إبان الفترة الهتلرية ,وطبقته معظم دول أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية.

لذلك لا يعتقدن أحد ما بأننا الوحيدون في العالم الذين لديهم قوانين استثنائية,ويجدف على أولياء الأمور البررة, ويتهم الناس بما ليس فيهم ,وبأننا الوحيدون الذين يحق لهم الفخر بهذه الفضائل ,بعدما سجلنا أرقاما قياسية سلبية في مجالات كثيرة ,وصرنا مضرب المثل بين الأمم كشعوب منكوبة ,وقبائل منهوبة,وقطعان مضروبة على قلوبنا, وقفانا, بمناسبة وبدون مناسبة ,وعلى الطالعة والنازلة. وأصبحنا سادة الإرهاب في العالم ومنتجيه ومصدريه وموزعيه ووكلاءه الحصريين,وسادة القمع الذي صرنا نتبجح به ونطلق عليه اسم الأمن والأمان,حيث تحصى الأنفاس وتصرف بكوبونات لها أرقام متسلسلة ومسجلة في دوائر الإستخبارات, وحيث ينتشر العسس ,والعيون ,والمخبرون,والجندرما ,والجنود,والعسكر العصملية الإنكشارية المدججون في كل زاوية وركن وعلى الأسطح وفي كل الطرقات, وحيث تحتاج الدجاجة لموافقة أمنية لكي تضع بيوضها ,ولكن لالزوم لنفس الموافقة إذا فكر "أحدهم" بسرقة البيضة من "قن" الدجاج.

ولقد كان لهذه القوانين نصيبا وفيرا من التطبيق في رقع الأمن القصوى هذه ,بحيث لم يعرف أحد ماهية القوانين العادية والمدنية في الشموليات القومية والطالبانية التي تجثم على الصدور والظهور وتنشر ظلالها الآمنة المطلقة فوق الجميع.وإذا كانت بعض الدول قد سارعت وأعلنت حالة االطوارئ في مرحلة ما ولظروف معينة,وسرى هذا القانون بشكل ما ,فإن دولا أخرى تتمتع بقدر لا بأس منه أيضا من الممارسات العرفية غير المعلنة والتي تتقدم على تلك المعلنة.

ويعتقد كثيرون أن هذه القوانين قد حدت إلى حد كبير من العمل العام والنشاط السياسي ,وأدت إلى ما نحن عليه من ترد وانهيار.ومع الإحترام الشديد لكل هذه الآراء,فإنه لا بد من الإشارة إلى أن دولا كثيرة لم تشهر هذا القانون ,ولم تطبقه علنا ولكنها تسير في المحصلة والنتيجة النهائية جنبا إلى جنب,وربما بشكل أسوأ, مع تلك الدول التي اشتهرت بتطبيقه منذ زمن ليس بيسير.وأن الأحكام العرفية المطبقة على العقل ,وحالة الحصار المفروضة على التفكير,وتحريم وتجريم الفكر الفلسفي الإستقرائي الإستدلالي الإستنتاجي المنطقي ,كان وراء كل ما نعاني منه من قهر وتخلف وجمود وتحجر وتخشب.وأعتقد جازما بأنه لورفعت حالة الطوارئ في كثير من البلدان المعنية بهذا الأمر, الآن, وفي هذه اللحظة بالذات ,لبقيت الأمور على ماهي عليه ما لم ترفع الأحكام العرفية عن عقول الأغلبية ويدخل النور والضياء إلى كل التلافيف الدماغية التي تعفنت وتحللت وماتت حضاريا نتيجة السبات العقلي المزمن,وحالة الحصار المفروضة على العقول,وبالتالي الحكم عليها بالغيبوبة التاريخية المؤبدة التي سجنت فيها منذ زمن طويل,وإنه في بعض الظروف ,والأماكن سيان إن رفعت أو بقيت تلك القوانين الجائرة. وهذا لا يعني بالضرورة ان القوانين الإستثنائية والتعسفية الجائرة هي الحل السحري للمشاكل العالقة ,أو أننا نؤيد وجودها بشكل من الأشكال ,ولكن ألا يمكن للمرء أن يستشعر وبحدس بسيط أن قوانين الطوارئ المطبقة على هذه العقول هي التي أفضت إلى تطبيق القوانين الإستثنائية الأخرى وجعلت تطبيقها أيسر وأشمل ,وهي امتداد طبيعي ومنطقي لها.

وهل أحد ما من السذاجة ليعتقد بأن إلغاء القوانين الإستثنائية سيحول هذه الدول فورا إلى جمهوريات إفلاطونية واسكندنافية بين طرفة عين وانتباهتها؟وسيتحول هؤلاء المنكوبون التعساء خلال لحظات إلى مواطنين مثل نظرائهم في هلسنكي وبيرن وزيورخ؟وكيف كان الحال بهم, وبصدق ودونما تحيز, قبل إطلاق جملة القوانين الإستثنائية الشهيرة تلك ولوقت طويل؟وهل يمكن إنكار فضل تلك القوانين الإستثنائية الوضعية "أحيانا" في منع حمامات من الدم هنا وهناك ,نتيجة لوجود تلك العقول المتعفنة ,والمتحجرة ,التي نعمت على الدوام بحصار ذاتي من قوانينها الظلامية السوداء؟وأن هناك دولا لجأت وتلجأ إلى ممارسة تلك القوانين العرفية ,دون أن تتبناها وتعلنها علنا ,لدرء الفتنة ,ومحاربة "الفكر الضال",وفي أكثر من مكان , والشواهد ماثلة وقريبة لكل بصر وبصيرة؟ ولو ترك الأمر لعرابي أوامر الأحكام العرفية العقلية,والمطبقين لحظر التجول الفكري ,وانتقال العقل إلى آفاق رحبة,والطيران والتغريد في مساحات النور والألق الواسعة,لكانت العصور الحجرية تعتبرفعلا أزمنة وحقب نهضة حقيقية بالمقاييس الحضارية الإنسانية؟ونكررهنا وللمرة الألف أن هذا ليس تهليلا ,أو إضفاء لأية شرعية,أو تبريرا ,ومن أي نوع كان على فرض القانون العرفي بمفهومه العام المتعارف عليه.

إن حقبا مديدة من ثقافة الإلغاء والإستئصال والتكفير وردع التفكير كانت كفيلة بوضع هذاالعقل تحت وصاية منظومة صارمة من الأقفال ,والسلاسل,والقيود,والأصفاد ,والأغلال و"الكلبشات" أشد فتكا وتأثيرا من أية قوانين عرفية واستثنائية أخرى, ومهما كانت قاسية ومتزمتة وإخضاعية وتعسفية.وهذه القوانين هي التي منعت العقل من التجول والإنتقال في رحاب الفكر والفلسفة والعلوم الإنسانية,وساعدت كثيرا في منع خرق قانون حظر التجول الفكري ,وشجعت سلوك الإسترقاق والإستعباد, وإجهاض العقل, وساهمت في أكبر عمليات التطهيرالعقلي, وغسل الدماغ الجماعي في تاريخ البشرية, والذي نصادفه يوميا في حياتنا,وأصبح الرازحون تحته وفي كل الرقع الجغرافية التي تطاله سطوته مخلوقات هلامية منكوبة بكل المقاييس, وممنوعة من التجول الحضاري, والإرتقاء الإنساني. فكم استأصلت ,ووأدت ,وقتلت ,وعطلت قوانين الطوارئ العقلية من عقول نيرة عبر تاريخ مؤلم ومحبط وأسود من تطبيقها, ومعروفة تلك القصص للجميع ولا داعي لاجترار وقائعها المؤلمة. وكانت أية محاولة تنويرية تفكيرية هي خرق كبير لقوانين الطوارئ العقلية في الممالك والإمارات والإمبراطوريات الطالبانية التي لم ولن تغرب عنها الليالي السود الحالكة.

ووفقا لقوانين الطوارئ العقلية, فإن التحزب, والتجمعات, والتجول, والمحاكم المدنية, والإختلاط, والحفلات, والموسيقى وكل نشاط بشري آخرمضيء, غير الطقوس الغيبية المعروفة, فهو منكر وحرام ومجرم ويخضع صاحبه للسؤال. ولو رفعت قوانين الطوارئ الوضعية القصيرة نسبيا,فإن قوانين الطوارئ العقلية الغيبة الظلامية السرمدية وتداعياتها الخزعبلاتية وخرافاتها القاتلة ستظل سارية المفعول, وتعشعش في العقول اليابسة ,التي أعفيت وبشكل رسمي من أية مساءلة قانونية بسبب حالة الخرف والتداعي والتهالك المزرية التي وصلتها.ويجب ألا ننسى حالات حظر التجول, والحركة والتنقل والتفكير وردع التساؤلات البريئة التي نعاني منها دائما وفي مناسبات كثيرة بحيث تصبح الأبتسامة أحيانا ترفا كبيرا ومجونا وخلاعة ومنكرا محظورا وخرقا فاضحا لقوانين الطوارئ العقلية المفروضة بنجاح منقطع النظير.

ناموا, واشخروا, واستمتعوا بالإغفاءة التاريخية اللذيذة الأبدية الطويلة, والسبات المزمن السرمدي, وارزحوا تحت نظام قوانين الطوارئ العقلية ولأجل غير مسمى, ولن يزعجكم أو يوقظكم أحد ولن يعلم أحد أبدا بمدة سباتكم هذا. ,وإذا كان أصحاب الكهف قد شعروا عند استفاقتهم بنوع من التغيير في السلوك, والنقود, والأزياء والملوك,فأنا أعدكم وأضمن لكم بأن شيئا ما لن يتغير بهذا الصدد في سباتكم الأبدي,ولن تشعروا بأي تجديد ولو صحوتم في الألفية العاشرة, مالم ترفع قوانين الطوارئ العقلية الإغلاقية.

إنه حظر التجول العقلي.......ولايزال ساري المفعول.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد
- حتمية العولمـة-عولمة لغويــة
- بابا نويـــــل
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - قوانين الطــوارئ العقلية