|
واحات درعة وتافيلالت، الثقافة، والتاريخ والتنمية. أي استرتيجية جهوية مندمجة؟ أو بالأحرى، هل هي بداية حسنة لتأسيس (علم الواحيات) بالمغرب؟
لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 18:07
المحور:
حقوق الانسان
نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع مؤسسة ورزازات الكبرى للتنمية المستدامة والمجلسين الإقليمي والبلدي بورزازات، ندوة علمية دولية حول موضوع «واحات درعة وتافيلالت: الثقافة، والتاريخ، والتنمية، أي إستراتيجية جهوية مندمجة؟»، يومي 21 من شهر يناير 2012 و 22 منه بفنق «بيربير بلاس Le berbère palace» بمدينة ورزازات بالجنوب الشرقي المغربي. ورام هذا الملتقى الدولي حسب البلاغ الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الموضوع «إعادة قراءة تاريخ الواحات، وإعادة كتابته وجرد ما تزخر به من غنى تراثي وثقافي وتحديد سبل المحافظة عليه وتثمينه، بالإضافة إلى وضع التوجهات الكبرى من أجل إحداث متحف الواحات». وشارك في تلك الندوة 38 مشاركا، وكان مقررا ومنتظرا أن يشارك 42 لكن أربعة منهم تخلفوا لأعذار متباينة، حالت دون مشاركتهم، ومن بين الذين شاركوا، مؤرخون متخصصون في التراث الثقافي المادي وغير المادي، وجغرافيون، وعلماء اجتماع، وأنثروبولوجيون ومتخصصون في علم الأعراق (الإثنولوجيا)، ومختصون في مجال الأرشيف، ومهندسون وفاعلون مهتمون من القطاعين العام والخاص، فضلا عن فعاليات من المجتمع المدني، دعيت للمساهمة في النقاش ووضع تصور حول إحداث متحفٍ للواحات بجهة الجنوب الشرقي المغربي ينتظر منه التعريف بغنى الواحات وخلق دينامية محلية تنعكس إيجابا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالجهة المذكورة. وترأس رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيد ادريس اليزمي، الجلسة الافتتاحية التي انطلقت أشغالها صباح يوم السبت 21 يناير 2011 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بحضور السيد محمد عداد، رئيس المجلس الإقليمي بورزازات، والسيد مولاي عبد الرحمان الأدارسة، رئيس المجلس البلدي بورزازات، والسيد سعيد أمسكان، الرئيس المنتدب بمؤسسة ورزازات الكبرى للتنمية المستدامة، والسيدة كورنين أندري، عن مفوضية الاتحاد الأوربي، بالإضافة إلى السيد لكبير وحجو، مقرر الندوة هو استاذ جامعي عن بجامعة ابن زهر بأكادير، وهو الذي جاهد نفسه وكابدها لإخراج توصيات الندوة مصنفة لتشكل مجال البحث والممارسة، كما سيأتي. وحسب المصدر المذكور فقد أتى «تنظيم هذه الندوة في إطار سلسلة من الندوات العلمية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان للتفكير في مسألة حفظ الذاكرة من خلال إحداث متاحف جهوية، حيث سبق للمجلس أن نظم يومي 15 من شهر يوليوز 2011 و16 منه، بمدينة الحسيمة ندوة دولية حول إحداث متحف الريف عقبتها ندوة دولية أخرى بمدينة الداخلة في 16 من شهر 2011و17 منه حول إحداث متحف الصحراء». وأضاف ذات المصدر« أن ندوة ورزازات تنظم في إطار برنامج مواكبة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف، التاريخ والذاكرة (IER2)، الذي يحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي». وفي خطابه الافتتاحي، الذي شكر في خاتمته كل الذين دعموا تنظيم الندوة المذكورة، أكد السيد إدريس اليزمي أن اللقاء «ينعقد في إطار سلسلة الندوات العلمية التي نشأ المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينظمها ابتغاء التفكير في رؤية إحداث متاحف جهوية ووطنية للتاريخ ومناقشتها، متاحف تستجيب للمعايير الدولية وتتفاعل مع السياقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمناطق التي ستحدث فيها». وقد سبق للمجلس كما أشير في متن بلاغه أن نظم ندوتين إحداهما بمدينة الحسيمة بأقصى شمال المغرب والثانية بمدينة الداخلة بأقصى جنوبه، وتأتي ندوة مدينة وارزازات في المرتبة الثالثة وفق الترتيب الكرونولوجي، لتسير «في نفس الإطار وبنفس الهدف: تحديد المعالم التاريخية والموزيوغرافية لمتحف الواحات». وحدد السيد الرئيس مسعى الندوة الذي يتجلى أساسا في « الوقوف عند التاريخ الجهوي والتراث المادي وغير المادي لكل جهة»، وخلق «دينامية لإحداث متحف جهوي للتاريخ». ولم يغفل الإشارة إلى الشركاء المعتمد عليهم لتحقيق هذا المراد«الجماعات المحلية والمجتمع المدني والشركاء الاقتصاديين الذين يساهمون ويدعمون ماديا هذه المبادرة». وذكر السيد الرئيس بالإشارات التي استغرقتها الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في ندوة الحسيمة، في شهر يوليوز 2011 منها أن المتحف قد يساهم في بلورة نموذج تقتدي به الجهات الأخرى. وبعد تحديد المجال العام انتقل إلى بيان أن جهة درعة وتافيلالت تزخر بمواطن التاريخ والتراث المادي واللامادي وبالتالي فهي في جوهر المنظور المضمن في الرسالة الملكية. لذلك حث السيد الرئيس المدعوين، بما هم خبراء إلى «التفكير واقتراح أمثل مسار يمكن اعتماده لإحداث متحف الواحات». وأما إطار الندوة فهو بشكل عام، تفعيل «برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة، هذا البرنامج الذي يستهدف عموما المساهمة في تعزيز مسار إرساء الديموقراطية وحقوق الإنسان مرتكزا في ذلك على تنفيذ أنشطة دقيقة تهم حفظ الأرشيف وتشجيع البحث في تاريخ الزمن الراهن وحفظ الذاكرة». ولبيان مجال الاشتغال وتوضيح معالمه أشار السيد الرئيس بصدد الأرشيف، وتبعا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة أن البرلمان المغربي صادق سنة 2007 «على قانون حديث للأرشيف، تم توجيهه، مؤخرا، بإقرار رسمي لمؤسسة أرشيف المغرب، كما تم تعيين مديرها في شخص المؤرخ السيد جامع بيضا شهر أبريل 2011». فما علاقة برنامج (مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة) بالأرشيف؟ أكد السيد الرئيس أن «دعم هذا البرنامج لهذه المؤسسة يهم من جهة أولى تهيئة المقر المؤقت، والجرد الأولي للأرشيف المغربي العمومي والخاص، وكذا القيام بأنشطة تخص تقوية الكفاءات، وتكوين الموارد البشرية المختصة في مجال تدبير الأرشيف». وأضاف أن البرنامج المذكور «يدعم تنظيم أرشيف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة». وفي ما يتعلق بالتاريخ ذكر السيد الرئيس أن «البرنامج يتوخى دعم مسلك ماستر التاريخ الراهن الذي تم إحداثه بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط- أكدال، الذي استقبل خلال الموسم الجامعي 2011-2012 فوجه الثاني، وكذا دعم مشاريع إحداث سلك الدكتوراة، وإحداث المعهد المغربي لتاريخ الزمن الراهن، الذي يوجد الآن في طور البناء». وأضاف أنه«يتم حاليا إنجاز دراسة حول وضع البحث الخاص بتاريخ الزمن الراهن». وأما محور الذاكرة، فأثبت السيد الرئيس «أن البرنامج يسعى بالخصوص إلى مواكبة إحداث متحفي الريف والواحات بالإضافة إلى إحداث المتحف الوطني». وقد يشمل الدعم كذلك «إعادة إصدار الكتب والأفلام التي تتناول تاريخ المغرب منذ الاستقلال». واغتنم السيد الرئيس فرصة اللقاء ليشكر الاتحاد الأوروبي لدعمه أنشطة المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر تمويل هذا البرنامج. وخلص السيد الرئيس إلى أن «الحفاظ على الذاكرة الذي يندرج ضمن حقوق الإنسان، يشكل الركيزة الأساسية لكل بلد حداثي وديموقراطي متطلع إلى قراءة ماضيه، وإعادة قراءته بتأن وهدوء ليعيش حاضره، والإعداد لمستقبله بكل طمأنينة». لذلك «انخرط المغرب بالفعل في هذه الدينامية من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي تمت دسترة توصياتها تفعيلها». ولما «كانت الذاكرة تشكل جزءا هاما من هذه التوصيات، فإنه يتحتم على كافة مكونات المجتمع المغربي بذل كل الجهود الضرورية حتى يتسنى حفظ ذاكرتنا إيجابيا. وبما أن إحداث المتاحف ينطلق من البحث العلمي والحوار بين المتخصصين»، فإن الندوة شكلت «الخطوة الأولى في هذا المسار الذي يتوخى بلوغ الأهداف الأساسية التالية: - إعادة قراءة تاريخ الواحات وكتابته. - جرد مقومات الواحات الثقافية والتراثية. - تشخيص سبل الحفاظ على ثقافة الواحات وتراثها وتثمينه في إطار تنمية مندمجة. - وضع اللبنات الأولى للتوجهات الأساسية لمتحف الواحات الكفيل بحمل صورة دالة وقوية عن هذه المناطق بالإضافة إلى خلق دينامية مجالية ذات انعكاسات اقتصادية واجتماعية وثقافية». ورأى السيد الرئيس أن بلوغ هذه الأهداف حتم على المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يعتمد «على مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجال التاريخ والأرشيف والتراث المادي واللامادي والأنثربولوجيا والجغرافية وعلم الاجتماع والمعمار، إلى جانب فاعلين عموميين وخواص ومجتمع مدني». ويأمل السيد الرئيس «أن ذلك سيمكن أشغال الندوة من وضع تصور أولي لمتحف الواحات». وأما السيد رئيس المجلس الإقليمي لإقليم وارزازات، فقد أشار في مداخلته أن الندوة مناسبة «لتدارس السبل الكفيلة للعمل جميعا على صيانة الموروث الثقافي والتاريخي وتأهيلهما بواحات درعة وتافيلالت»، وكاد أن يجزم «أنه لا يختلف اثنان حول كون الجنوب الشرقي، هو الذي يغطي مساحة كبيرة من الواحات بالمغرب»، استوطنها الإنسان قديما بمختلف المناطق، بحكم اتخاذها منطقة عبور القوافل التجارية، والذي جعل الأجناس البشرية تتردد عليها، كما أن المقومات الطبيعية المتوافرة ساعدت بشكل كبير على الاستقرار. وحمل كل الفاعلين مسؤولية الوقوف «لإبراز المقومات الثقافية والتاريخية لهذه المنطقة وإبرازها والبحث عن السبل الكفيلة لصيانتها وتطويرها والعمل على الانعكاس الإيجابي لهذه المقومات على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه المنطقة وكذا ساكنتها والعمل على تنمية مستدامة وشاملة للمنطقة». ومن جانبه أشار السيد رئيس المجلس البلدي إلى أن موضوع الندوة «يكتسي أهمية قصوى لما له من ارتباط وثيق بمجال شكل ولا يزال يشكل لبنة أساسية في تاريخ المغرب المعاصر، ويتجلى ذلك في كون واحات درعة وتافيلالت مهد الدولتين العريقتين كان لهما الآثار الكبير في الحكم المعاصر للدولة المغربية، هما الدولة السعدية ومهدها تمكروت بزاكورة والدولة العلوية ومهدها بسجلماسة بتافيلالت. ولم يكن لهذا الفعل السياسي أن ينطلق من هذه المنطقة ويمتد آثاره ليصل إلى سدة الحكم لولا أن شروطا اجتماعية واقتصادية وثقافية وفرتها الواحة. فالواحة فضاء للعيش يتسم بالكلية ولا يقبل التجزئ، فيه تنصهر الذات الفردية في الذات الجماعية لتشكل بنية وتجربة تنسج رؤى موحدة للمستقبل عبر قراءة خاصة للواقع». وأضاف أن طرح الواحة كفضاء للعيش وكموضوع «للقراءة والـتأمل من شأنه أن يمنح الشيء الكثير، لأن الإنسان بمفهوم إنسانيته العظيمة، لا يمكن لصيرورته النجاح دون استحضار ماضيه ومستقبله». وبما أن الواحة فضاء للعيش وللحياة لأنها مجال يوفر شروط الاستقرار، فإن الإنسان استطاع «أن يطاوع الطبيعة التي منحت له الكثير، فقد شيد القصور والقصبات التي لا تزال إلى حد اليوم محط اهتمام الباحثين، من حيث عمرانها ودلالتها الأنثروبولوجية الضاربة في عمق التاريخ» وحسب السيد الرئيس فالقصر (المدشر) يختزل «هذا العيش في أسمى تجلياته، في دار الجماعة ودار الضيف والمسجد، وهو فضاء تدوب فيه الاختلافات الدينية والعرقية واللغوية ليتسع للجميع، المسلمون، الأمازيغ، الأفارقة، اليهود.. وهذا التنوع الإثني سيعمل بشكل كبير على إعطاء الواحة خصوصيات تميزها على مجالات أخرى كثيرة. فقد ازدهرت الثقافة والعلم وخزانة تؤوي أمهات الكتب في مختلف الميادين، كما هو شأن الزاوية الناصرية في تامكروت». وعرج السيد الرئيس ليفصل القول في التنوع الإثني مركزا على العناصر القادمة من الشرق إبان الفتوحات الإسلامية وما بعدها مستشهدا ببني معقل وبني هلال، وهما قبيلتان عربيتان وفدتا على المغرب في العصرين الموحدي والمريني. ولم يغفل كذلك ازدهار الفنون الشعبية كالشعر الذي استمر يؤدي دوره إلى يومنا هذا كالملحون. وإن لبعض هذه امتدادا على الصعيد الوطني لتأثيرها في فرق غنائية، جيل جيلالة، وناس الغيوان، والمشاهب.. وهناك ألوان غنائية أمازيغية كأحواش وارزازات وأحيدوس... ووقف السيد الرئيس عند النظم الشفاهية المسطرة في الأعراف المنظمة لتوزيع الماء والمراعي ...وهي أعراف في حاجة إلى مزيد من الدراسات لأهميتها، في اقتصاد الماء والحفاظ على البيئة وتنظيم المجال وضمان التعايش والسلم في المجالات المعمرة، ودعا إلى استغلال أحسن للغنى الذي تزخر به واحات درعة وتافيلالت، والذي يتمثل في المؤهلات الطبيعية، والمناجم، والفلاحة، وتراث المواقع الآثارية، وتوظيف ذلك في تشجيع السياحة. ولأن المنطقة تزخر بمؤهلات بشرية هائلات فمن المفيد انتهاز فرصة التقطيع الجهوي المنتظر لبلوغ هذا القصد. وفي الختام، دعا السيد الرئيس إلى جمع المداخلات وطبعها لتشكل مرجعا محددا لمجال الاشتغال في الزمان المنظور، ومرجعا للطلبة والباحثين، علما أن مراجع تاريخ الواحات ومصادره نادرة للغاية. ولقد أخذت توصيته التي تكرر ذكرها في شتى المداخلات بعين الجد والحزم. الكلمة الموالية كانت للسيد سعيد أمسكان الذي استهلها بالسؤال التالي:« ماذا عساي أن أقول أمام نخبة من المفكرين والباحثين... لأني رجل متواضع المعلومات والثقافة؟»، لكن سؤال الحكيم المتواضع، لم يمنع السيد سعيد أمسكان ليبين أنه على دراية تامة بتاريخ وارزازت، ودوروبها وشعابها. يقول السيد سعيد:« ولكن أراني مكرها ولو للترحيب بجميع الوافدين على وارزازات ...»، «فمدينة وارزازات كانت دائما قبلة إما للباحثين ..وللكتاب وقبل ذلك زارها شارل دو فوكو [في ربيع سنة 1883]، من شرقها إلى غربها ، ممهدا الطريق لدخول الفرنسيين المنطقة. فالمنطقة باختصار تحظى بأهمية استراتيجية من الناحية الثقافية والفنية ...». وعرج بعد ذلك للحديث عن مؤسسة وارزازات الكبرى للتنمية ، وهي مؤسسة غير سياسية تروم تحقيق بعض الأهداف، الهدف الاقتصادي ويدور حول التجهيزات الأساسية للمنطقة، والتنمية البشرية. وفي هذا الصدد دعمت المؤسسة ثلاث مؤهلات، السياحة لما تزخر به المنطقة من إمكانيات من هذا القبيل، ولما تلعبه السياحة من دور اقتصادي واجتماعي، والسينيما لأن مدينة وارزازات ملاذ الفن السينيمائي لما لها من خصوصيات، تهوى نورها عدسات الكاميرا لأنه فريد في العالم، وتستهوي مناظرها الطبيعية الفنانين، فوق أن تكلفة الفيلم فيها قليلة. وأما الجانب الثالث فيخص الجانب الثقافي، وفي هذا الصدد أشار السيد سعيد إلى مشاركة مؤسسته في العديد من المهرجانات الثقافية، وتشجيعها... »، وختم كلمته بالحديث عن المتحف، وهو المشروع الذي استحوذ عليه وملكه طيلة مدة الندوة. وأعطيت الكلمة للسيدة كورنين أندري Corino André التي شهد في حقها السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان شهادة تثبت أن للسيدة كورنين علاقة بالعدالة الانتقالية المغربية، وضمنها مسلسل المصالحة، وأن مجهودات السيدة كورنين بدأت تأتي أكلها ضعفين، لذلك جدد لها الشكر. وللإشارة فالسيد إدريس اليزمي كان شاهدا على العصر، وهو على دراية كاملة بمسلسل العدالة الانتقالية المغربي، حيث ساهم في صنع الحدث التاريخي. عبرت السيدة كورنين عن تأثرها البالغ بالكلمة التي قالها السيد الرئيس في حقها. وذكرت بمرحلة هيئة الإنصاف والمصالحة وبمناسبة اللقاء الذي يندرج في برنامج مواكبة هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة، وهو الشطر الثاني من البرنامج علما أن الشطر الأول الذي هو برنامج جبر الضرر الجماعي الذي يشكل الدعامة الثانية من المصالحة، تم باتفاق مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يوم ذاك الذي أضحى يحمل اليوم اسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبينت دواعي استثمار الاتحاد الأوروبي في هذا المجال ويثمثل إحداها في المصالحة مع الماضي من أجل مستقبل متقدم. ويتوقف ذلك على قراءة الماضي وحفظ الذاكرة. وثانيها، لا يمكن تحقيق الديموقراطية بدون مصالحة وطنية. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي مهتم بحقوق الإنسان وإعمالها، وقد سبق له له أن دعم الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان. وأفصحت عن مبلغ الدعم المخصص لكل برنامج من البرامج الثلاثة، جبر الضرر الجماعي، والخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، وبرنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف والتاريخ والذاكرة. .. وأشارت إلى أهمية الندوة المنظمة يومها بمدينة وارزازات، والتي تتجلى في تشخيص واحد من أهداف البرنامج المذكور، إحداث المتحف، بمنطقة تعرضت للانتهاك في سنوات الرصاص لاحتضانها مراكز اعتقالات سرية، وهي على سبيل الحصر، معتقل أكدز، وتكونيت، وقلعة مكونة... وكانت السيدة كورنين واثقة من أن المتحف سيدعم كذلك اقتصاد هذه المنطقة. وفي الأخير تمنت التوفيق لأشغال الندوة. بعد الافتتاح انطلقت أشغال الندوة لتعالج المداخلات المواضيع ، « راهن الواحات و خيارات تنميتها في محيط ضاغط » للسيد إبراهيم أقديم ، و«الموروث العمراني الواحي»، للسيد محمد أيت حمزة، و« والإرث المبني بالأودية الشبه صحراوية، إرث الماضي الفريد للقصبة. من دار الضيافة إلى مجالات الذاكرة »، للسيدة سليمة الناجي، وانتظمت الندوة في مجموعتين، كلتاهما نظمت الجلسات، جلسة التاريخ والسوسيولوجيا ، والمقومات التراتية للواحات (الطبيعة والمعمار والماء)، ومقومات التراث اللامادي وتراث النقوش الصخرية، وسبل إدماج التراث في تنمية الواحات، وخصصت الجلسة ما قبل الأخيرة لمتحف أو متاحف الواحات، وبعد ذلك نظمت الجلسة الختامية، لتقف عند خلاصات الندوة المدرجة ضمن متن التقرير التركيبي الذي أعده المقررون، وتلاه الأستاذ لكبير أوحجو. ذكر السيد الكبير أوحجو، بعد وصله الشكر إلى المقررين، أن الندوة منتظمة في ثمانية جلسات، وود جرد الأفكار التي تخص الاقتراحات مشيرا إلى أن التقرير الذي يعرضه أولي. ولقد تتبع السيد لكبير أوحجو الندوة بالملاحظة والتتبع والتمحيص والتمييز الإيجابي ليستخلص منها أفكارا ورؤى تمكن من تحديد مجال الممارسة بالجهة المنتظر إحداثها بالجنوب الشرقي المغربي. ولا غرو فالسيد لكبير أوحجو من رجال الواحة الثقاة، وقد مكنه تخصصه في الجغرافيا وحبه العميق للجهة من القيام بمسح دقيق للواحة طبيعتها، سكانها، تراثها، عمرانها، بؤسها. وبالتالي فالبيان/ المقترح في خاتمة الندوة وجيه، يستحق الوقوف عنده في مناسبات أحرى. ذكر السيد لكبير أوحجو أن تنظيم ندوة وارزازات انطلقت «من تفعيل مقررات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وخصوصا منها المتعلقة بالأرشيف، والتاريخ، وحفظ الذاكرة» وأتت «بعد تنظيم ندوتين في نفس السياق، الأولى بمدينة الحسيمة بتاريخ 15 يوليوز 2011 حول التراث الثقافي بالريف، أي متحفية، والثانية بتاريخ 16 من شهر دجنبر 2011 و17 منه، حول موضوع التراث، والذاكرة، والتاريخ الصحراوي، البحث والصيانة والحفظ في متاحف. نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتعاون وشراكة، مع مؤسسة وارزازات الكبرى بمدينة وارزازات، يومي 21 من شهر يناير و22 منه 2012 ندوة ثالثة حول(واحات درعة وتافيلالت، الثقافة والتاريخ والتنمية. أي استرتيجية جهوية مندمجة؟)، وأن المنظمين تمكنوا «من خلال هذا الملتقى العلمي من إتاحة الفرصة للقاء والتواصل بين عدد كبير من الباحثين تجاوز 150باحثا في مجال التاريخ والأركيولوجيا والتراث والمتحفية ومن بين هؤلاء المنتمون والممثلون والمسؤولون عن مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والمؤسسات المتخصصة في التراث المادي واللامادي». وأضاف أن في هذا اللقاء بصمات وشارك في هذا اللقاء بصمات «فاعلين تنمويين من المجتمع المدني والسياسي ومن مجموعات من ذوي الصلة بموضوع الندوة» وأما العروض فعددها 38 عرضا «موزعة على جلستين عامتين وست (6) جلسات مصغرة وعرفت الفترات المخصصة للمناقشة أكثر من 90 تدخلا تقدم بها المشاركون والمشاركات الذين تابعوا أشغال هذه الندوة». ووقف السيد لكبير أوحجو عند الهدف العام الذي سطرته الندوة و«المتمثل في الإسهام في إغناء فكرة وتصور مشروع خلق متحف الواحات وفي تجميع المعطيات حول التراث المادي واللامادي بالمنطقة المعنية قد استندت على المحاور التالية: - المحور الأول تاريخ الواحات ومجتمعها - المحور الثاني الموروث الواحي ومؤهلاته بما في ذلك الموروث الطبيعي والموروث المعماري والموروث الفلاحي. - المحور الثالث الموروث المادي واللامادي. سبل إدماج الموروث الثقافي في تنمية المجال الواحي - المحور الرابع والأخير تساؤل حول تصور متحف أو متاحف الواحات». وخلص السيد لكبير أوحجو إلى أن «مختلف أطوار هذا الملتقى العلمي قد جرت في ظروف تنظيم محكم مما يوفر جوا للتفكير المريح والنقاش الحر والمنظم تعكسه جودة، القوة الاقتراحية المعبر عنها وحزمها، والتي تمت تبلورها في التوصيات التالية التي تصب في اتجاه الاهتمام بالأرشيف التاريخ وحفظ الذاكرة في أفق تحقيق جبر الضرر الجماعي». وكما سلفت إليه الإشارة، فإن السيد لكبير أوحجو الذي يفكر، وفي دهنه هموم الواحة استثمر أفكار الندوة بتصنيغها إلى محاور ومجالات، تسهل الباحث بلوغ القصد وتحقيق المراد، بدون زيغ ولا نحراف. لقد جمعت «التوصيات والاقتراحات في خمس محاور متداخلة»، في ما بينها تداخلا نسقيا مما جعلها أركانا لنسق سوسيوثقافي يهم واحات الجنوب الشرقي المغربي: - «المحور الأول خاص بتنسيق عملية التدخل وتقنينها: 1- العمل على تنسيق عمل كل المتدخلين في المجال الواحي وتوحيد نظرتهم بشكل يضمن الوصول إلى أهداف حماية التراث الواحي وصيانتة وإدماجه في التنمية. 2- العمل على .....القوانين الحالية وسن قوانين جديدة لضمان النجاح والفعالية لمجهودات التدخل التنموي. 3- التدخل بشكل مستعجل كخطوة لازمة لعملية التهريب والتشويه التي تتعرض له مكونات التراث الواحي وكذلك وضع حد لعملية البحث العشوائية عن الكنوز. 4- العمل على تأطير السياحة وجعلها أنشطتها أكثر ملائمة مع مكونات وتوازنات المنظومة الواحية. 5- العمل على حل مشاكل العقار وفق صيغ قانونية ناجحة تضمن ضمان تسهيل عملية التدخل والصيانة لحماية التراث. 7- التفكير في صيغ للمتاحف لا تفرق بين التراث الثقافي والتراث الطبيعي». المحور الثاني من التوصيات والاقتراحات، وينصب حول صيانة التراث الواحي وحمايته وضمنه العناصر التالية:« 1- العمل على الاهتمام بكل مكونات التراث الواحي المادية واللامادية. 2- تبني تقنيات وأدوات ملائمة لترميم وصيانة العمارة الترابية التقليدية. 3- إدماج كل منشآت الهندسة المائية التقليدية وتقنياتها خصوصا الخطارات في عملية الصيانة والحماية ودمجها في المتحف أو المتاحف المرتقبة. 4- توسيع المنتزهات الطبيعية بشكل يجعلها تتضمن كل مكونات التراث الطبيعي داخل المجال الواحي. 5- الاهتمام بالموروث الفلاحي المرتبط بالنخيل الذي يشكل القاعدة الصلبة داخل المجال الواحي 6- إدماج الأنساق والرموز الممارسة، والأغاني والرقصات، وعملية المحافظة على التراث، والعمل على تنظيم مهرجانات قارة. 7- الاهتمام بالمواقع التاريخية، أو ذات قيمة تاريخية والإشارة إليها بعلامات أي وضع تشوير .... تقنية واضحة في الميدان». المحور الثالث ويتعلق بمناهج التدخل ومقارباته وتحدده العناصر التالية:« 1- ضرورة التعامل مع المجال الواحي كمنظومة متكاملة . يجب التعامل مع مكوناتها بشكل يضمن استمرار توازناتها. 2- العمل على وضع الإنسان في مركز كل عمليات ومبادرات التدخل واعتباره عنصرا حاضرا في توازن الواحات لا عاملا في تدهورها. 3- العمل على توسيع وتعميق المقاربة التشاركية كأداة لضمان مساهمة الفاعلين مهما تباينت درجات ومستويات تدخلاتهم 4- الاقتداء بالتجارب الناجحة داخل المناطق الواحية لأن المجال الواحي ليس بالضرورة متأزما. 5- إدماج كل واحات المنطقة في دينامية التنمية الجارية وخصوصا في وضع تصور المتحف أو المتاحف المرتقبة. 6- تبني ماركتينج التراث كأداة لتثمين المجال الواحي. 8- التعامل مع الموروث الثقافي والموروث الطبيعي كوحدة متكاملة ومستمرة وابتكار الأدوات الصالحة للصيانة والمحافظة... ثم المحافظة [عفوا]...... 9- العمل على الاستفادة من تجارب أخرى في مجال تثمين التراث بشكل عام». المحور الرابع، وهو محور البحث العلمي والتكوين التكوين:« 1- تشجيع البحث العلمي في قضايا التراث الواحي، عن طريق عقد شراكات بين كل الفاعلين المعنيين. 2- العمل على توثيق دراسات محلية، وكل عناصر التراث اللامادي. 3- ترصيف الموروث الوثائقي المكتوب، وحمايته من التلاشي والتدهور. 4- التفكير في خلق عرض للتكوين بشكل يستجيب لحاجيات شؤون تدبير التراث والمحافظة عليه ومتطلبات الإرشاد السياحي. 5- خلق وحدات للتكوين والبحث في مجال التراث الواحي بالجامعات الوطنية . 6- تشجيع نشر نتائج البحث العلمي في مجال التراث الواحي. 7- إدماج الطوبونيميا أو أسماء الأماكن ضمن التراث المحلي والاهتمام بدراستها. 8- الاهتمام بالتراث المعماري بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية. 9- العمل على الاستفادة من التعاون الدولي في مجال دراسة التراث المحلي وحمايته. 10- تكثيف عقد لقاءات علمية لتداول نتائج البحث ومناقشة سبل حماية التراث وتثمين المجال الواحي بشكل عام». المحورالخامس، وهو الذي ارتبط بالجلسة الأخيرة، وعنوانها، أي تصور للمتحف أو المتاحف المرتقبة؟:« 1- تفعيل والشروع في إنجاز المشاريع المدروسة وجعلها واقعا ميدانيا....بحماية محميات المحيط الحيوي بواحات الجنوب الشرقي المغربي 2- مراعاة الطابع المعماري الواحي، خصوصا استعمال العمارة الترابية في بناء المنشآت المرتقبة في إطار مشروع المتاحف المرتقبة. 3- التأكيد على أن متحفا كبيرا لن تكون له الجدوى المرتقبة من قبل الجميع وبالتالي من الأفيد التفكير في وضع متحف حي ومفتوح يدمج كل واحات المنطقة. 4- توظيف المعتقدات السرية وإدماجها كموروث أساسي داخل مشروع المرتقب بعد رد الاعتبار له». فمع تنسيق عملية التدخل وتقنينها والتفكير في صيانة التراث الواحي وحمايتها اعتمادا على مناهج محكمة ومقاربات لائقة للتدحل، ورسم مجال البحث والتكوين، وتعميق الفهم في الواقع السوسيواقتصادي والسوسيوثقافي للمتحف يتضح مجال الممارسة ويتحدد الآفاق. ويقول السيد لكبير أوحجو بالحرف:«إن هذا التقرير التركيبي السريع لم يشمل كل ما جرى في جلسات الندوة لذلك سينكب المنظمون – وقد بدأوا ذلك- على صياغة التقرير النهائي المفصل سيشمل كل مكونات الندوة لذلك نذكر كل المشاركين والمشاركات على إدراج المزيد من الاقتراحات والتوصيات فالباب ما يزال مفتوحا. ويمكن التعبير عنها كتابة». وليس هناك من شك يخامر أي نفس في كون أعمال الندوة، لما يسلط عليها اهتمام الخبراء في شأن الواحات وضمنهم السيد لكبير أوحجو، ستكون مفيدة للغاية. وعقب السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان على مقترح البيان الذي تلاه السيد لكبير أوحجو، بأن أول شيء يمكن القيام به، تحضير نشر أعمال الندوة العلمية التي نظمها المجلس المذكور بوارزازات إحدى حواضر الجنوب الشرقي المغربي المهمة، وبالتالي «فباب المشاركة في هذا الكتاب مفتوح أمام الجميع»، وخصوصا ما ورد في إحدى المداخلات أن الدراسة حول الملحون غائبة في هذا الملتقى. ولا غرو، «فلا يمكن لهذه الندوة أن تشمل كل الباحثين، فلا بأس من إدراج مقترحات علمية أو توصيات ومقترحات». وعقب ذلك عاد السيد سعيد أمسكان ثانية ليبسط في كلمته الختامية أن الندوة خلقت جوا فكريا مفيدا «حصيلته 42 مداخلة [بل 38 مداخلة]، ومناقشات من المستوى الرفيع تناولت كلها جميع مجالات الموروث الثقافي حول الإنسان، وحول الحيوان، وبيئتهما وتاريخهما، وأنماط عيشهما في الواحات خلال آلاف السنين ...حصيلة الندوة غنية ، مفيدة جدا ، أعتقد، السيد الرئيس أن نشرها في أقرب الآجال ، من شأنه أن يعمم الفائدة لا محالة، وسيعرف أكثر بالمنطقة، الرشيدية، تينغير، زاكوراة، ولما لا؟ طاطا التي تحدث لنا الأخت سليمة الناجي عن أقا بتأثر كبير وهي على وشك البكاء، لما لمسته من إهمال ولا مبالاة إزاء عنصر من عناصر، أعتبره جزءا من، الذاكرة الوطنية. فالتوصيات التي تمخضت عن هذه الندوة، والتي استمعنا إليها بعد قليل، غنية وجريئة، جسدت آراء الباحثين المتخصصين المرموقين المشاركين، في هذه الندوة، لأول مرة، وأقول ذلك بصراحة السيد الرئيس، أعيش في هذه المنطقة ندوة ناجحة بكل المقاييس في طريقة العروض ومضمونها، مما جعلني أطمئن لمستقبل منطقتنا ...مصداقية هذه العروض والتحرر من أي قيد من القيود وشفافيتها وصراحتها تفرض علينا تبنيها، نحن الفاعلين، وهي ترسم لنا خريطة الطريق في إطار الأسلوب الجديد لمفهوم التنمية المستدامة، مما جعلني ثانية ألتقطها كصرخة قلوب غيورة على إرث أجدادها وعلى مستقبل بلادها. نحن في مؤسسة وارزازات الكبرى من أجل التنمية المستدامة سنستثمر كل ما راج من أفكار وآراء في هذا اللقاء. وستكون لنا قدوة لتحديد المشاريع والأوراق المستقبلية للمؤسسة، وسنكون هكذا قد استفدنا من البحث العلمي، وتوظيفه في المحافظة وإشعاع موروثها الثقافي وذلك بفتح المتاحف الميدانية والعمل على أن تلعب هذه الأخيرة دورها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي .... مساهمة في الحفاظ على الهوية المحلية لكل مكوناتها وليس فقط المتاحف من أجل المتاحف مؤسسة وارزازات الكبرى تعتز بالشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تنظيم هذا اللقاء الذي يمكن اعتباره نموذجا للقاءات مستقبلية. وإننا نعتز أكثر بما سيدل على اللقاء في المستقبل». وأخيرا شكر السيد سعيد أمسكان كل الحاضرين والمشاركين في اللقاء والمنظمين له والمساهمين في إنجاحه. ورجع السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بدوره ليربط بين ما يحتاج إلى الربط والتذكير. ذلك أن ما رسم في الندوة من حقول فكرية ومجالات للاشتغال، هو ما ينبغي أن تكون عليه الواحة، أي حالها في المستقبل، لا في الحال، لتواجه تحديات كثيرة تهدد كيانها. ومما لاشك فيها أن رسم الواحة صورتها المثالية يفوق ما يروم برنامج مواكبة هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الذاكرة والتاريخ والأرشيف الذي موله الاتحاد الأوروبي تحقيقه. فالتذكير بالسياق، وإن كان حاضرا ، يقول السيد الرئيس « فإنه غير مفهوم بالشكل المطلوب. وبفهمنا المسلسل ستظهر لنا بجلاء الخطوات الممكن اتخاذها في المستقبل. تنعقد هذه الورشة في إطار برنامج مواكبة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الذاكرة، والتاريخ، والأرشيف. ولماذا هذه التوصيات؟ لما اشتغلت هيئة الإنصاف والمصالحة سنتي 2004 و2005، على توثيق ما وقع في تاريخ المغرب من 1956 إلى سنة 1999 تبينت لديها ثلاث نقط أساسية ومهمة: - انعدام الأرشيف المنظم في هذا الوطن، بحيث أن قانون الأرشيف يعود إلى سنة 1926 . فهنالك أرشيف لكنه غير منظم. - انعدام عمل علمي تاريخي...»، صحيح أن لجنة الدراسات المكلفة وقتها من لدن هيئة الإنصاف والمصالحة وتتكون من المرحوم محمد البردوزي، والسيد عبد الحي المودن والسيد إبراهيم بوطالب، ترددت على الجامعات المغربية بحثا عن الأطروحات الجامعية حول التاريخ الراهن فتبين أن جل الأطروحات تعالج تاريخ المغرب لما قبل سنة 1912. -«ضعف معرفة الشعب المغربي بتاريخه... لذلك صدرت بعض التوصيات في هذا المجال، حول الذاكرة والأرشيف، انبثقت التوصيات من النقاش مع المجتمع المدني المغربي »، وذلك في منتدى نظمته هيئة الإنصاف والمصالحة يوم 30 شتنبر 2005، حول جبر الضرر الجماعي، نظمت فيه أربع ورشات، منها ورشة التاريخ والذاكرة . ولقد أدرجت كل التوصيات في التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الأرشيف، تشجيع البحث العلمي في تاريخ المغرب، وتدريس تاريخ المغرب وتعريف الشعب المغربي بهذا التاريخ. كل هذه التوصيات أدرت في تقرير الهيئة الذي صدر في متم شهر نونبر 2005، وأعطى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وبعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان مهمة التنفيذ.«ما هي الخطوات التي اتخذناها منذ ذلك الوقت إلى الآن؟ لقد صدر الآن قانون مغربي عصري للأرشيف، صدر سنة 2007، وهناك مؤسسة أرشيف المغرب، عين مديرها السيد جامع بيطا في شهر أبريل 2011، وسيجهز هذا المقر [المكتبة العامة للمغرب القديمة] المؤقت في الأشهر المقبلة... ، وسينطلق أول جرد للأرشيف .... سنتعرف عن وضعه وحالته، وكيفية صيانته ... وحسبنا أن الأرشيف يصنع يوميا من لدن المؤسسات. وعلى مستوى المعرفة العلمية أنشئ ماستر التاريخ الراهن، بشراكة مع جامعة محمد الخامس أكدال...وكتابة التاريخ عمل مستمر... ويبنى المقر المغربي للتاريخ المعاصر الذي سيدشن في شهر شتنبر 2012، وتحضير انطلاق الدكتوراة في التاريخ المعاصر، ولا نغفل جرد الأطروحات المنجزة في تاريخ المغرب، أي العمل البيبلوغرافي، لإنشاء بيبلوغرافيا وطنية. وأذكر أنه بعد الانتهاء من عمل هيئة الإنصاف والمصالحة أنشئ فريق من الباحثين، ومنذ وقتها شرعنا نبحث عن الإمكانيات المادية ... » . وأضاف السيد الرئيس أن فريق العمل وضع تصور العمل الذي بني عليه مسلسل التفعيل مع الاتحاد الأوروبي، في إطار برنامج تمت بلورته، وأصبح موضوع الاتفاقية. «ولقد اشتغلنا في بحرسنة 2011 على دينامية أرشيف المغرب، ودينامية التاريخ المعاصر، وعلى المتاحف التي ننظر في كيفية إخراجها لترى النور». وتأسيسا على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة فإن محيط أماكن الاعتقال تحس بنوع من التهميش الذي طالها منذ احتضانها تلك المعتقلات، وبالتالي «فهي أحوج إلى إعادة الاعتبار لها بما هي مناطق وساكنة، وإعادة الاعتبار لهويتها، وجعل هذه المعتقلات، التي كانت يومها تعبر عن انعدام الحق، مراكز تعبر عن المواطنة وعن العمل الجماعي». وذكر السيد الرئيس بندوتي الحسيمة في شهر يوليوز الماضي 2011 بمدينة الحسيمة، وندوة شهر دجنبر الموالي بمدينة الداخلة، والندوة الحالية، مشيرا إلى المشرفين عليها بأسمائهم. وأضاف أن مجالات اشتغال الندوات الثلاث أوسع بحثا عن سبل جعل هذه المشاريع تنسجم مع محيطها. وعن الآفاق، وهي في الواقع التزامات...في شهر يوليوز 2012 المقبل ستنشر أعمال الندوات الثلاث. وزاد على ذلك، أنه في كل منطقة منطقة تنشأ لجنة الإشراف،(Comité de pilotage) ، ولا بد من إشراك المنتخبين والفاعلين الاقتصاديين، مؤسسة وارزازات الكبرى، وكالة تنمية الأقاليم الشرقية، وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية... ومباشرة بعد الورشة ستكون لجنة علمية التي ستشرف على المسلسل... ولخلق فضاء للتفكير. وبعد ذلك قدم جردا للمتاحف الموجودة في جهة الجنوب الشرقي...ففي الرشيدية 12 متحفا، وفي وارزازات 5 ، وفي زاكورة 6، وفي تينغير 2، وهي متاحف غير منظمة... وأشار إلى ضرورة الشراكة مع المكتبة الوطنية لترميم المخطوطات وتكوين الفاعلين الجمعويين في الترميم. ولابد من استحضار الانسجام مع المحيط الخارجي...وختم بالإعلان عن موقع متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الذاكرة والتاريخ والأرشيف، في الأنترنيت لمتابعة البرنامج». فإذا كانت الندوة قد استغرقت جل المفكر فيه من شؤون الواحة، فإن للمجلس الوطني لحقوق الإنسان فضلا في تعبئة ثلة من المفكرين والخبراء، خصوصا وأن معظمهم ينحدر من واحات الجنوب الشرقي، وكلهم عبر عن رؤية خاصة من زاوية خاصة، بكل شجاعة وجرأة كما لمسه السيد سعيد أمسكان، للانخراط في ورش (الواحيات) قياسا على الفرعونيات، العلم الذي يهتم بدراسة تاريخ مصر القديم وحضارتها في عهد الفراعنة. نقول إن كانت الندوة قد استغرقت جل المفكر فيه، فإن السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أشار إلى أن مجال الندوة قد يسع مزيدا من الدراسات والمواضيع، التي لم يتمكن المنظمون من إدراجها، ومعنى ذلك أن تأسيس (الواحيات)، أضحى ممكنا، وعلى الكل الانخراط فيه. وإن للمجتهد أجر اجتهاده في أسوأ الأحوال.
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية الحقوق الثقافية والهوية بجبال الأطلس الكبير الشرقي
-
جبر الضرر الجماعي في اللقاء الوطني التحصيلي التقييمي بإقليم
...
-
الرموز المرتبطة بالمرأة لدى قبائل أيت يافلمان بالجنوب الشرقي
-
خريف حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت المغربية من خلال الصحا
...
-
ندوة حقوق الإنسان بين الكوني والخصوصي
-
من أجل تفاعل أحسن بين الأعراف التقليدية والقوانين المؤسساتية
...
-
مشروع (سيبام) بداية حسنة للاعتراف بالتعدد الثقافي والحق في ب
...
-
حقوق الإنسان والتقطيع الإداري الجهوي بالمغرب: خريطة الأضرار
...
-
الماء والطقوس السحرية بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية
-
النباتات والطقوس السحرية بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية
-
صيف حقوق الإنسان الساخن بجهة مكناس تافيلالت المغربية في الصح
...
-
التربية على حقوق الإنسان بالمدرسة المغربية وحرية الموقف
-
حصيلة الاستعمار الفرنسي في المغرب
-
الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في
...
-
متحف الريف، بداية حسنة لمستقبل ممارسة المتحف والحفظ الإيجابي
...
-
النباتات والأعشاب بالأطلس الكبير الشرقي بين الغذاء والطب الت
...
-
ذاكرة الاعتقال السياسي الحية بالجنوب الشرقي المغربي
-
حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت في الصحافة المغربية المكتوب
...
-
قافلة جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية بين العلاج وجبر
...
-
إملشيل: التواصل والتنادي لتسوية الخلاف على حقوق جماعية كانت
...
المزيد.....
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|