أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاث شهور














المزيد.....

انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاث شهور


سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3636 - 2012 / 2 / 12 - 13:00
المحور: سيرة ذاتية
    


انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاثة اشهر
بعد تحريضي السجينات العاديات على رفض غسل ملابس مستشفى سجن الرجال, عوقبت بالابعاد الى سجن البصرة. وقع الحادث كالصاعقة على امي . اما بالنسبة لي فلم اعبأ به واعتبرته نوعا من التغيير !! كنت وما زلت اواجه الاحداث الصعبة بكل عزيمتي ودون الشعور بالظلم المثبط او الندم او تحميل نفسي المسؤلية . والمهم عندي دائما مواجهة الحدث. واترك كل ذلك لما بعد الحدث اذا لم افاجأ بحدث اخر ينسيني الاول.
كبلت يدي مع يد الشرطي حتى لا اهرب والشرطي الاخر يتلفت خوفا من هجوم مفاجئ لانقاذي ومن اقتراب اي احد مني. وجاءت امي لاهثة, ماذا بعد يا ابنتي!! وتتوسل بالشرطيين ليعتنيا بي. فقال لها احدهم , عمي وصيها بينا!!فنحن في رعب دائم وهي كما ترين لا تعبأ بشئ . وفي مجرى الحديث معهما ولا اتذكر لماذا تلوت الشهادة. واذا بهما ينطلقان فرحا, لقد اصبحت مسلمة . فقد تلوت الشهادة امامنا ونحن اثنان!! فضحكنا والقطار يغذ السير نحو البصرة.
كان سجن البصرة قلعة كونكريتية . وفي شهر تموز تحول الى فرن ساخن. وجراء الرطوبة يتبلل الفراش. ولم يكن في السجن الكبير ولا سجينة وكان هناك سجانتان تتبادلان الحضور.
والان وانا اتذكر هذه الاحداث وكنت شابة عراقية مدللة في العشرينات من العمر , ارد كل تلك الشجاعة في مواجهة الصعوبات , السجن المؤبد , التسفير لوحدي برفقة الشرطة , بقائي في هذا السجن الكبير لوحدي, الى نهجي في التركيز على مواجهة الظرف الطاريء ونتائجه بقوة مسلحة بثقتي في الطريق الذي اسلكه وبالشعب العراقي وبالبشرية.
كانوا يجلبون لي الطعام من سجن الرجال المجاور ولم انتاول منه شيئا سوى الخبز . زارني طبيب السجن في اليوم التالي , فقلت له, انني اريد عودتي الى سجن بغداد, وخلال شهر اذا لم يلبى طلبي ساعلن الاضراب عن الطعام حتى الموت!! تعجب الطبيب من هذا الموقف وقال, اليس من الافضل ان تبقي معنا ونحن نعتني بك ونحسن طعامك !! رفضت باصرار وطلبت باحضار ورق وقلم لاكتب العريضة. ومضت عدة ايان دون ان يحضروا الورق والقلم رغم الحاحي. وساءت صحتي حتى قبل اعلان الاضراب. فامر الطبيب بتحسن غذائي.
زارتني شابة من تنظيم الحزب الشيوعي في البصرة ونقلت لي تحيات رفاق المنظمة واهتمامهم بي. واخبرتها عن عزمي على اعلان الاضراب عن الطعام. ولخوف ادارة السجن من نتائج بقائي عندهم, احضروا لي الورق والقلم. وبعد شهر نفذت الاضراب عن الطعام. وفي اليوم الخامس من الاضراب نقلت الى المستشفى في قسم مرضى السل اي العزل لتفادي لقائي بالناس. واوكل بحراستي لثلاثة شرطة يتناوبون الحراسة. كان وجودي في المستشفى مصدر تعجب ليس الاطباء والممرضات الذين كانوا ينتهزون الفرص للحديث معي بل وكثرة الزوار رغم تشديد الرقابة . ووصلتني رسالة من منشقين عن الحزب ترتب عملية تهريبي من المستشفى . لم تكن مقنعة لي فاهملتها واتهمني اصحابها بالجبن.
لم تزرني امي خلال كل تلك الفترة ولم التفت الى ذلك . فقد كنت اواجه الاحداث المتغيرة يوما بيوم, حتى اليوم العشرين من الاضراب وقد حضرت وهي محتقنة الوجه من شدة الحرارة التي كانت تعانيها بسبب الام الكلى الشديدة وتورم ارجلها لاضطرارها الوقوف طويلا اثناء السفر لانها لم تستطع الحصول على مقعد لها في القطار. جاءت وهي تتحمل كل تلك الالام لتبلغني بانها نجحت في اصدار قرار بارجاعي الى سجن بغداد , ولكن بعد ان انهي الاضراب واستعيد قواي . وارتني نسخة من القرار. ولم انهي الاضراب حتى جاء مدير السجن وابلغني بالقرار.
ويعد عشرين يوما عدت الى سجن النساء في بغداد لاجد الرفيقات مضربات عن الطعام ولاساهم معهم فورا ودون تردد او انتظار لمعرفة اسبابه واهدافه.
وكان هذا الاضراب شاملا كل السجناء السياسيين في جميع سجون العراق ولم اعرف دوافعه الرئيسية حتى الان ولم نحقق من ورائه اي مكسب بل وذهب ضحيته الرفيق نعمان محمد صالح.
لم تكن حياة السجناء السياسيين في العراق تسير بشكل هاديءومنظم . كنا نتعرض لغارات الحكومة الوحشية وسلب مكتسباتنا السجنية وحتى امتعتنا ومخزون غذائنا وادويتنا وتجردنا من الكتب والورق والاقلام. وكان الاضراب عن الطعام اسلوبنا الاخير الذي ندافع به عن مكتسباتنا ورد الاعتداءات علينا. وكان لتلك الاضرابات الطويلة ولاسيما الشاملة لجميع سجون العراق دورها في في تأجيج الرأي العام وفضح اساليب الحكومة في معاملة السجناء السياسيين عن طريق العوائل التي كانت تتظاهر حاملة المذكرات الى قادة الاحزاب الوطنية والهيئات الاجتماعية مستصرخين الضمائر لانقاذ حياة ابنائهم.



#سعاد_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاون الحكم الملكي مع امريكا لمد اسرائيل بيهود العراق وحرمان ...
- تنظيم حياتنا السجنية
- الفصل الثالث عشر سنوات السجن في سجن بغداد المركزي
- الفصل الثالث عشرسنوات في سجن النساء المركزي في بغداد
- 4- الاعتقال والحكم المؤبد
- مساهمتي في وثبة كانون / 1948
- الفصل الثاني الانعطاف الحاسم
- 2- بوادر الوعي الوطني
- الفصل الاول من رحلة حياة البدايات
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتضحيات
- رحلة حياة امرأة عراقية عبر اخطر مراحل تطور شعبها والبشرية
- تجتاز البشرية مرحلة المطالبة بالحرية الى مرحلة صنعها
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتصحيات
- يحق للفلسطينين التمتع باول منجوات عصر التحرر لانهم اغنوا تار ...
- الانتفاضات والاعتصامات المعاصرة ميادين اعداد الاجيال الصاعدة
- دماء الشهداء تؤجج الحراك الجماهيري وتطور اهدافه
- التحرك الجماهيري العراقي يوطد ديناميكيته بالتظافر مع تحرك عم ...
- البشرية تغذ السير نحو تحررها باسقاط الانظمة الموغلة بالتخلف ...
- ثورة 14/تموز رائدة الثورات التحررية المعاصرة ومحكمة الشعب من ...
- لماذا يموت الشعب الصومالي جوعا والسبيل الوحيد لانقاذه


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاث شهور