سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3636 - 2012 / 2 / 12 - 10:19
المحور:
المجتمع المدني
ليست قصة من نسج خيال قاص أو روائي، ولا هي مبالغة ابتدعها عقل سقيم، لكنها حقيقة لم يستطع كشفها إلاّ موت بطلها بعد أن باع الورثة عيادته التي كانت تستقبل يوميا العشرات من المرضى الآملين بالشفاء على يديه، اكتسب هذا الطبيب شهرة واسعة لأنه اكتشف قدرة بعض الأدوية إن أعطيت بجرعة أكبر على شفاء سريع من الأوجاع والآلام، لكنها في المقابل تدّمر جهاز المناعة وتسبب أثارها الجانبية أمراضاً وعللاً أخرى!!
كان من عادة هذا الطبيب الشهير أن يبدأ فحوصاته لأي مريض يشكو من أي علّة بأن يطلب منه أخذ صورة شعاعيه لصدره أو معدته، وأن يجري بعض التحاليل مشترطاً إجراءها جميعاً في عيادته. وبرغم أجرة "الكشفية" العالية التي كان يفرضها فقد كانت أجرة الفحص الشعاعي وتحاليل المختبر ونسبة أرباح صيدلية يُلزم مرضاه أخذ الدواء منها، كانت كلها تؤول إلى حسابه.. لقد كانت العيادة بما صنعته من اسم منجماً لا ينفد بحق!!
قضى هذا الطبيب الشهير في مهنته أكثر من خمسين عاماً، ومات كثير من مرضاه وهم يلهجون بحمده والدعاء له والثناء عليه، فمهارته في التعامل مع المرضى حالت من دون أن يشكّوا لحظة انه قد يكون سببا في تقصير آجالهم. مات كثير من مرضاه ولم يخطر ببال أحدهم أن جهاز الفحص الشعاعي، الذي كانوا يقفون أمامه، عاطل منذ سنوات عديدة يصعب حصرها، وأنه ليس أكثر من خدعة مارسها طبيبهم الشهير ليضيف أرباحاً إلى أرباحه وينمّي تجارته من دون أن يكلف نفسه عناء إصلاح الجهاز أو استبداله!!
تذكرت هذا الواقعة حين أجبرني أحد الأطباء على شراء الدواء الذي وصفه من صيدلية محددة، وطلب مني أن أريه الدواء بعد شرائه كي يتأكد.. اشتريت الدواء وكان مجموع ثمنه 53 ألف دينار بالتمام والكمال لأنه من منشأ رصين كما اخبرني الطبيب وصاحب الصيدلية. وللتجربة ذهبت في يوم لاحق إلى صيدلية أخرى وحصلت على الدواء نفسه، ومن المنشأ الرصين نفسه، فكان الثمن 14,250 ألف دينار.. تيقنت حينها أن موت الطبيب الذي كان يفحص المرضى بجهاز عاطل لم يدفع عن المرضى ألاعيب ومكر آخرين.. وتيقنت أنه أضحى لهذا الطبيب ورثة وأتباع ومريدون ينهجون طرقه ويطورون أساليبه لإفراغ جيوب من (تسوّل) له نفسه الأمّارة بالسوء فيصاب بمرض وعلة تلجئانه إلى بعض أطباء هذا الزمان!!
#سعد_تركي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟