أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - باقر جاسم محمد - الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التاريخ و الضمير















المزيد.....

الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التاريخ و الضمير


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 09:33
المحور: القضية الكردية
    


يأتي صدور كتاب المؤرخ و الباحث العراقي المعروف الدكتور كمال مظهر أحمد المعنون ( كركوك و توابعها:حكم التاريخ و الضمير ) ليمثل إسهاما علميا مهما في بحث قضية ساخنة في الوقت الراهن ألا وهي قضية هوية مدينة كركوك و ما يتبعها من أقضية و نواح . و رب قائل أن بحث هذه المسألة في هذا الوقت بالذات أمر غير مناسب بسبب من حساسية الموضوع فنقول أن البحث العلمي في الجذور التاريخية لأية مشكلة سياسية دونما انحياز هو جهد مهم و ضروري و يصب في خدمة الوحدة الوطنية المنشودة التي نأمل أن تقوم على تحقيق العدل و الإنصاف لجميع أطياف و مكونات الشعب العراقي و تستند الى نظام حكم ديمقراطي تعددي و فدرالي يقطع الطريق على أية نزعة دكتاتورية أو شوفينية. و هذا هو السبيل الوحيد الذي يؤمن للبلاد وحدة وطنية راسخة.
يبدأ المؤلف كتابه بفصل عنوانه ( نبذة تاريخية ) يقدم فيه مادة تاريخية مكثفة عن تأريخ الشعب الكردي منذ القدم كاشفا عن الأصول الأثنية لهذا الشعب العريق الذي تكون نتيجة انصهار و اندماج عدد من الأقوام مع بعضها البعض ، وهم : اللولوبيون و الخوريون والسوباريون و الكوتيون و الماديون ، أو الميديون. ( ص 5 و ما يليها ) و يتابع بعد ذلك ما مر به الشعب الكردي من مراحل حضارية و صراعات و حروب حتى دخولهم الإسلام ليقرر في جملة ذات مغزى كبير الآتي:
" إن احتفاظ الكرد بخصائصهم القومية و بلغتهم في ظل الإسلام و حضارته على الرغم من تحولهم الى عنصر فاعل بالنسبة لكليهما لهو درس بليغ كان يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار . " ( ص 16 )
و ضمن المنهجية العلمية التي اتبعها المؤلف لتوكيد الحقيقة التاريخية المعروفة التي تظهر بجلاء أن الأكراد شعب أصيل في منطقته و ليس طارئا عليها يورد المؤلف جملة من الأدلة التاريخية و الأثرية كما يعتمد أوثق المصادر في اللغات العربية و الإنجليزية و الروسية فضلا عن الوثائق الرسمية ؛ فمثلا ينقل عن ( الدليل الرسمي العراقي لسنة 1936 ) الذي صدر في عهد وزارة ياسين الهاشمي الثانية النص الآتي :
" الماديون هم من الشعب الآري ... و كانت النتيجة أن انفرد الكلدان بالسيادة في الجنوب و الماديون في الشمال فأصبح في العراق شعبان يسودانه الكلدان و هم من الشعب السامي و الماديون في الشمال " (ص 13 )
و لعل هذا النص المأخوذ من وثيقة رسمية عراقية صدرت في عهد وزارة محسوبة على الاتجاه القومي في العراق الحديث يمثل نبؤة تاريخية بما سيؤول إليه الحال في البلاد بعد سبعين عاما من صدور الدليل العراقي مع ملاحظة أهمية إشراك بقية المكونات الأخرى للشعب العراقي مثل التركمان و الكلدو آشوريون في نظام الحكم المأمول.
و حين ينتقل المؤلف للحديث عن كركوك و توابعها في كتب الرحالة ، ينقل عن الرحالة الهولندي ماليبارد النص الآتي :
" و يعيش هنا على الحدود الفاصلة بين الشمال و الجنوب العرب و الأكراد بسلام و وئام متجاورين " ثم يعقب المؤلف على هذه الملاحظة المهمة قائلا " إن مثل هذه العلاقات الطيبة بين العرب و الكرد التي أشار اليها الهولندي ماليبارد و مراقبون آخرون كانت هي التي تسود الشعبين منذ أن دخل العرب كركوك و توابعها " ( ص69 )
ثم يضيف في المبحث اللاحق حول مسألة الوجود العربي في كركوك و توابعها ما يأتي
" إن الوجود العربي المتمركز في كركوك و توابعها حديث تاريخيا ، و هو على نمطين : الأول عشيري ، و هو الأساس ، و الثاني مدني وظيفي كان أساسه قطاع العمال حتى ثورة الرابع عشر من تموز 1958 " و يرجع المؤلف النمط الأول العشيري " الىتحرك عشيري كبير حدث في وسط العراق و الى الشمال من بغداد في أواخر القرن الثامن عشر و أوائل القرن التاسع عشر و نجم عن هجرة قبيلة شمر المعروفة من غرب الفرات الى شرقيه بتأثير ضغط عشيرة عنزة عليها( أي على قبيلة شمر ) و بتحريض من الحكومة العثمانية " ( ص71 ) و قد تبع ذلك انتقال عشيرة العبيد للسكن في غرب كركوك و هو أول وجود ديموغرافي يعتد به للعرب كما يقول المؤلف . وهذا يعني أن الوجود العربي في كركوك و توابعها حديث نسبيا كما أنه يشير الى أن الكرد لم يتخذوا موقفا سلبيا من هذا التغيير و ذلك لانتفاء مقاصد التغيير العرقي عنه . و لعل أول إشارة الى نوايا التغيير العرقي لمنطقة كركوك و توابعها قد وردت في تقرير رسمي في العام 1929 الذي تحدث عن العرب من جبور و عبيد، وهي كالآتي " ... إن هؤلاء العرب بعيدون بدرجة أنهم لا يمكن أن يعبأ بهم من الوجهة السياسية في التأثير على رأي اللواء ، و في لواء كركوك ، كما في لواء أربيل ، لا يوجد عنصر راق من العرب ينتمي الى المدينة لكي يمكن الاستناد إليه في تعريب اللواء" ( ص78 )
و هذا النص منقول بتوثيق دقيق عن دار الكتب و الوثائق الوطنية. ولنا أن نستنتج منه أن أولى محاولات التعريب أو التغيير العرقي القصدية قد ظهرت مع ظهور الدولة العراقية الحديثة و مع اكتشاف النفط في كركوك ؛ أما ما سبق ذلك من إنتقال عشيري فهو لا ينطوي على أية نوايا تغيير عرقية. و يعقب المؤلف على النص السابق بالقول " و في الواقع لم تجر محاولات لتعريب كركوك و توابعها طوال العهد الملكي إلا في حدود ضيقة لم يكن من شأنها أن تؤثر على واقعها القومي " (79 ) و من أبرز المسائل الخلافية التي ما زالت تثير جدلا واسعا حول هوية كركوك القومية هي مسألة أعداد السكان على توزيعهم الأثني الى كرد و تركمان و عرب . فاذا ما تجاوزنا ذلك التغيير الديموغرافي المتعمد بعد العام 1968 فأن الوثيقة الأهم التي يعتد بها في حسم هذه المسألة هي نتائج التعداد السكاني العام الذي أجري في العام 1957. و يظهر ذلك الإحصاء التوزيع الديموغرافي و نسبه المئوية الآتية :
القومية عدد السكان النسبة المئوية
1. العرب 109620 28,803%
2. التركمان 83371 21,906%
3. الكرد 187593 49,290%
المجموع الكلي 380584 ( ص 82 علما أن المؤلف لم يورد النسب المئوية )
و هذا يعني أن الكرد يشكلون الأغلبية من سكان كركوك و توابعها و أن مجموعهم يساوي تقريبا مجموع العرب و التركمان معا. و نلاحظ هنا أن كركوك و توابعها قد كانت في العام 1957 مدينة متعددة الأعراق و لكنها لم تفقد طابعها الكردي .
لعل أهم مرحلة مر بها العراق بعد الحرب العالمية الأولى هي مرحلة تكوين الدولة العراقية الحديثة. و قد كانت المسألة الكردية عموما و مسألة هوية كركوك القومية من أهم القضايا التي جرى بحثها في مؤتمر القاهرة في العام 1920 الذي بدأ أعماله في القاهرة ثم أنهاها في القدس.
واهم النقاط التي بحثها المؤتمر كالآتي:
1. علاقة الدولة العراقية الجديدة بالحكومة البريطانية من حيث النفقات .
2. تحديد من سيتولى حكم العراق .
3. تحديد نوع شكل الجيش العراقي .
4. وضع المناطق الكردية و علاقتها بالعراق .
و من الطبيعي أن يركز الباحث جهده على النقطة الرابعة انسجاما مع موضوع الكتاب الرئيسي فيتحدث عن علاقة مؤتمر القاهرة بالمادة 64 من معاهدة سيفر التي نصت على حق الكرد في إقامة دولة مستقلة إذا ما أرادوا ذلك و ما رافق ذلك من تعقيدات و صعوبات و عوامل داخلية و خارجية أدت الى فشل الكرد في تحقيق طموحاتهم القومية و هي : العشائرية و التناحر على الزعامة و عدم استيعاب الكرد لتأثير العوامل الدولية في تحديد مصائر الشعوب فقد كان تأثر الكرد بالكمالية من جهة و بالشيوعية من جهة أخرى من أسباب نفور البريطانيين ، و قد كانوا القوة العظمى المهيمنة على مصير العراق في حينه ، من فكرة منح الكرد الاستقلال .
و لعل من أهم و أمتع الفصول التي تضمنها الكتاب هو الفصل الذي كرسه الباحث لمسألة كركوك وتوابعها و علاقة ذلك بمشكلة ولاية الموصل التي كانت تشمل أقليم كردستان العراق بما في ذلك كركوك . فقد نشأت هذه المشكلة نتيجة لمطالبة تركيا بضم ولاية الموصل إليها و قد وقف العراقيون ، مدعومين بسلطات الانتداب البريطاني ، ضد هذه المطالبة . وسعت تركيا الى التأكيد على الطابع القومي لولاية الموصل ذات الأكثرية الكردية و زعمت أن الكرد يمثلون امتدادا دبموغرافيا لسكان جنوب شرق تركيا و لذلك فهم يرغبون في الانضمام إليها، و لكن الكرد قاموا بكتابة المضابط و المذكرات و رفعوها الى سلطات الاحتلال البريطاني و الى هيئة عصبة الأمم و قد بينوا فيها أنهم يفضلون البقاء ضمن الدولة العراقية على ان يتم ضمان حقوقهم القومية ، و بذلوا جهودا حثيثة حين جاءت لجان التحقيق للتثبت من رغبة سكان الولاية فقابلوا المندوبين الأمميين و أوضحوا لهم مرة أخرى تشبثهم بالبقاء ضمن الدولة العراقية. و قد دعم ذلك موقف العراقيين والبريطانيين حينما تم النظر في مسألة ولاية الموصل في عصبة الأمم. ولولا موقف الكرد هذا ، و لولا حكمة الساسة العراقيين في ذلك الوقت ، لكان مصير ولاية الموصل قد اختلف كليا. و لتأكيد أهمية موقف الكرد ، يورد المؤلف بعضا من مناقشات المجلس التأسيسي العراقي التي تضمنت آراء عدد من الساسة العراقيين مثل علي جودت الأيوبي و عبد المحسن السعدون و أمجد العمري و يوسف غنيمة و حسين جميل . و قد أتفقت هذه الآراء على أهمية منح الكرد حقوقهم القومية بما في ذلك " حقهم في التدريس بالكردية في مدارسهم " ( ص198/202 ) و لكن نجاح جهود العراقيين المدعمة بجهود الحكومة البريطانية في الاحتفاظ بولاية الموصل ضمن الدولة العراقية لم يعقبه تحقيق الأماني القومية للكرد ؛ و هذا ما دفع المحامي يوسف الحاج الياس ، وهو من مؤسسي حزب الأمة و من قياديي الحزب الوطني الديمقراطي بعد ذلك ، الى التأكيد على " أن القوميين العرب لم يكونوا في الواقع في مستوى فهم أبعاد القضية الكردية كما ينبغي " ( ص204 )
و قبل أن نأتي الى نهاية هذه القراءة ، نود أن نستعيد الأهداء الذي صدر به الدكتور كمال مظهر أحمد كتابه وهو" الى كل عربي يرفض أن يكون ظالما بقدر ما يرفض أن يكون مظلوما "
فنقول أن صوتك الصادق قد وجد من يستجيب له بما تضمنه من جهد علمي رصين و أن القاريْ ليأمل منك أن تسعفه بالجزء الثاني من كتابك القيم هذا حتى تكتمل الصورة الحقيقية لمسألة مهمة لكل أبناء العراق ، و حين تظهر الحقيقة سيسهم ذلك في بناء عراق جديد ، عراق الخير و المحبة و العدل و السلام والوحدة الوطنية الراسخة .



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدونات سومرية - المجموعة الرابعة
- الحوار المتمدن :المزايا و الاستحقاقات
- مدونات سومرية : المجموعة الثالثة
- مدونات سومرية: المجموعة الثانية
- مدونات سومرية : المجموعة الأولى
- الإنتخابات الأفغانية: دلالات و توقعات
- الحقيقة تتجاوز قدرة النظام الرجعي على حجبها
- قيامة العاشق السومري
- النقابات و الإتحادات المهنية في العراق
- المسافة و اللغة
- الديمقراطية و حرية العمل السياسي في العراق
- مستويات تحليل الخطاب الشعري - عبدئيل- الشاعر موفق محمد إنموذ ...
- الأول من أيار : الفكر الماركسي و تحديات المرحلة الراهنة
- من المسؤول عن حل الجيش العراقي السابق ؟
- الدمع صولجان والروح أقحوان
- رداء لشتاء القلب
- الاحتلال و الاستقلال بين منطق الرصاص و منطق العقل
- رقيم سومري حديث
- المرأة العراقية و الدستور المؤقت و المستقبل
- نصيحة سيدوري الأخيرة


المزيد.....




- الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و ...
- فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار ...
- نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ ...
- السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا ...
- رويترز عن وزير الدفاع البريطاني: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو ...
- رويترز عن وزير الدفاع الايطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو ...
- الجزائر ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتق ...
- البيت الأبيض: مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين مرف ...
- نتنياهو ردا على قرار المحكمة الجنائية الدولية: لن نستسلم للض ...
- قادة ورؤساء صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - باقر جاسم محمد - الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التاريخ و الضمير