أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - تازة تكشف عن عورة حكومة بنكيران















المزيد.....

تازة تكشف عن عورة حكومة بنكيران


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3634 - 2012 / 2 / 10 - 03:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تعتبر تازة تاريخيا بوابة المغرب الشرقية وحصنه المنيع من كل عدو غاشم ذو أطماع توسعية على حساب التراب الوطني للمغاربة. فقد لعبت هذه المدينة دورا مهما وفعالا في صد الغزو العثماني لبلادنا، حيث لم تستطع جيوش السلطان العثماني، التي غزت واحتلت شمال إفريقيا كله من مصر إلى الجزائر، أن تتخطى حاجز تازة المنيع.
ولتازة أهمية سياسية في تاريخ السلالات المتعاقبة على سدة الحكم بالمغرب، إذ لم يكن أي كان قادرا على السيطرة على البلاد كاملة وبسط نفوذه فيها من دون دعم من تازة له نظرا لموقعها الاستراتيجي وقوة عزة أهلها.
هذا عن تازة التاريخية، أما تازة الحديثة اليوم فهي كباقي المناطق المغربية الأخرى مهمشة ومنبوذة وتعاني مما يعاني منه باقي المغاربة: فقر وبطالة وغلاء المعيشة وجبروت السلطة.. وقد أدى هذا القاسم المشترك مع باقي البلاد، كما أدى من قبل بمدينة صفرو وإفني والعيون وغيرها، إلى انفجار شعبي لأهلها نتجت عنه تلك الأحداث الحزينة والمؤلمة التي تتبعها الجميع عبر الإعلام، حيث جاء رد فعل السلطة، كما هي عادتها، عنيفا في حق المتظاهرين المطالبين بحقوق اجتماعية مشروعة. إلا أن ما ميّز أحداث تازة هو وقوعها تحت سلطة الحكومة الجديدة، التي تجاهلت خطورة الوضع بالمدينة، خاصة التدخل العنيف لقوات المخزن القمعية بوحشية وصلت لحد اختراق حرمة البيت والتهديد بهتك أعراض النساء، بل وأيدت رجال القمع في بطشهم ووجهت تهديدات للمتظاهرين والإعلام خاصة الإلكتروني لتغطيته الأحداث بشفافية. في هذا الصدد أثار فيديو مصور، ظهر خلاله طفل من تازة مذعور يستنجد من وحشية القوات القمعية المغربية، غضب الحكومة وتسبب في حرب إعلامية بين بعض المواقع الإلكترونية وتلك المساندة للسلطة المخزنية، حيث نشرت هذه الأخيرة خبرا تكذب فيه الفيديو المذكور مدعية أن الطفل الذي ظهر به هو في الأصل فلسطيني يستنجد من همجية الجيش الصهيوني وبالتالي فالفيديو ملفق، مما دفع بالطرف الثاني، في هذه الحرب الإعلامية، إلى نشر فيديو آخر لنفس الطفل أجري من خلاله استجواب معه حول سبب استنجاده في الأول، فصرّح هذا الصبي أنه يخاف من الشرطة المغربية لكونها كسرت باب بيته. والمثير في الأمر هو أن الطفل "الفلسطيني" كان يتحدث بالعامية المغربية من دون لكنة. والحقيقة أني كنت أجهل أن الأطفال الفلسطينيين يجيدون العامية المغربية ويتحدثون بها بطلاقة.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل زاد ليصل برئيس الحكومة "المنتخبة" إلى حد التهديد بالحرق لكل من تسوّل له نفسه بالخروج إلى الشوارع في احتجاجات ضد السياسة اللاشعبية المتبعة بالبلاد. فقد وجه السيد بنكيران رسالة، على أساس إلى جماعة العدل والإحسان والحقيقة هو خطاب لجميع المعارضين، يقول فيها بالحرف: من يشعل النار سيحرق بها. هكذا بدأت الحكومة الجديدة تكشف عن وجهها الحقيقي بالتكشير عما بدا لها أنيابا.
هناك أمر آخر يتعلق بمطالب الجماهير المحتجة بتازة، إذ تصر الحكومة على أنها اجتماعية محضة ولا يجب أن تفسّر في إطار سياسي. وأطرح سؤالا على الحكومة: أ ليس خروج ساكنة تازة، وباقي المدن والبلدات والقرى المغربية، في احتجاجات رافعة مطالب اجتماعية كغلاء المعيشة والبطالة وارتفاع أسعار الماء والكهرباء.. تعبيرا صريحا عن فشل سياسة الدولة في تسيير الاقتصاد وتوزيع الثروات..؟ أ ليس خروج الجماهير في مظاهرات رافعة شعار:"الشعب يريد إسقاط الاستبداد والفساد" تعبيرا واضحا عن الصراع الطبقي بالمغرب وهيمنة طبقة على أخرى؟ أم أن السيد بنكيران وحكومته متشبعان بثقافة الزاوية البودشيشية ولا علم لهما بالعلوم السياسية الحديثة؟
إن محاولة تفسير ما حصل في إطار اجتماعي وإبعاده عن محيطه السياسي لهو استمرار في السير على نهج الحكومات السابقة، التي كانت دوما تسهر على عملية تزيين وترميم وجه النظام المخزني أمام المجتمع الدولي متغاضية الطرف عن معاناة الشعب الحقيقية والكامنة في تبني هذه السلطة المخزنية سياسة رأسمالية متوحشة وطبقية ولاشعبية أفقدت المغرب سيادته الاقتصادية وبالتالي السياسية وأنتجت فوارق اجتماعية فادحة ودخلت ببلادنا إلى نفق لا يرى آخره. والطامة الكبرى هي أن المسئولين المغاربة، بما فيهم حكومة السيد بنكيران، يتعاملون والعالم من خلال نظارات وردية أو على الأقل هكذا يبدو للمتتبعين لسياستهم. فهم، كما يظهر من خلال خطاباتهم وتصريحاتهم، لم يستوعبوا أن العالم في حركة دائمة وأنه يتغير على مستوى جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأن التحولات الجارية بالعالم أخذت في إفقاد حلفائهم التقليديين الأوروبيين والأمريكان هيمنتهم. كما أن أصحاب الأمر بالمغرب لم يستوعبوا أن هناك قوى دولية جديدة بدأت في الظهور على الساحة وعلى رأسها الصين الشعبية. هذه الأخيرة التي أصبحت الدول الأوروبية الغربية القوية تستغيث بها عندما بات من الواضح أن ألمانيا، المعلقة عليها الآمال، لن تستطيع إنجاد أوروبا لوحدها. وما زيارة المستشارة الألمانية الأخيرة للصين إلا بقصد إقناع بيكين بمساعدة أوروبا الخروج من ورطتها الاقتصادية، إذ أن الصين الشيوعية استطاعت أن تكون لها احتياطا من الذهب يقدر بما يفوق 3،2 تريليون دولار أمريكي. هكذا أصبح الرأسماليون يمدون يد التسوّل للشيوعيين.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد عبر خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، المنتهي من فترة غير بعيدة، كبار الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال والمسؤولين عن فشل النظام الرأسمالي وعدم صلاحيته وملاءمته للمجموعة البشرية. وهذه بعض التصريحات النووية التي دوت من على منبر المنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا، وأصحابها ليسوا شيوعيين ولا اشتراكيين، بل هم رأسماليون بامتياز:
• صرح الميلياردير فيكاس أوبيروي صاحب شركة "Oberoi Construction" في مداخلته ب: أن أزمة العامل المعاصر تكمن في التوزيع غير العادل للثروات.
• أما رجل الأعمال الهندي آزيما بريمجي فشرح أسباب قلق أقوياء هذا العالم بتوسّع الهوة بين المحظوظين والأقل حظا بقوله: سنتعرض لانتفاضة فوضوية عالمية إن لم نجد حلا لهذه المشكلة (توسع هوة الفقر بالعالم-الكاتب).
• قال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاووس شفاب بخصوص أزمة الرأسمالية العالمية: إن الرأسمالية تعاني من أزمة منهجية، وأنها (أي الرأسمالية-الكاتب) لم تعد تلائم عالمنا.
فلأول مرة يعترف السادة الرأسماليون، ناهبي الخيرات الكونية ومستغلي الجماهير الكادحة في جميع أنحاء العالم، بأن النظام العالمي الرأسمالي القائم عاطل ولا يصلح لنمو المجموعة البشرية، وأنه قد يؤدي إلى انتفاضة شعبية، في غضون بضع سنوات، تعم جميع أنحاء العالم أي ثورة شعبية عالمية ضد الرأسمالية، لذلك لابد من نهج سياسة اقتصادية ذات توجه اجتماعي. والأهم من كل هذا هو اعتراف المؤتمرين بانعدام العدالة الاجتماعية في ظل الرأسمالية القائمة.
عودة إلى النظام المغربي نلاحظ أن حكومته، التي أثقلت كاهل ميزانية الدولة بمشاركتها المتوضعة والمحدودة بهذا المنتدى، لم تستوعب الدروس اللازمة مما صرح به كبار رجال الأعمال والاقتصاديين الدوليين، فهي لازالت في ضلالها مستمرة بتأييدها للنظام الرأسمالي واعتباره صالحا لكل مكان وزمان وما يحتاجه هو مجرد عملية ترميم وإصلاح طفيف لينقذ البلاد من الهاوية. فإلى متى سيبقى الأميّون السياسيون والاقتصاديون يتحكمون في زمام الوطن؟ أما آن الأوان لأهل الإيوان أن يستلموا الديوان؟



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نستمرّ أو لا نستمرّ؟ هذا هو السؤال
- المديونية ووعود حكومة العدالة والتنمية
- بنكيران وإخفاقات سياسته الشعبوية
- عربون دار بنكيران من تشكيلتها
- البابا نويل المغربي مرآة للوضعية الاقتصادية الحقيقية ببلادنا
- أيها الرفاق دولتنا تعوض المعطلين بمليار سنتيم
- كواليس قرار انسحاب العدل والإحسان من حركة 20 فبراير
- سرّ فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المغربية
- ربيع الحياة الجديدة
- اليسار وتحديات الربيع العربي
- انتصار العدالة والتنمية واستراتيجية السلطة المخزنية
- الديمقراطية في خدمة الإمبريالية لنكن حذرين
- المهاجر
- ليبيا ودلالات شذوذ التوجه
- الربيع العربي والآفاق الغامضة
- الربيع العربي في معادلة الشواذ
- الشعب يطالب بالكرامة لا بصدقة
- انتصار الشعب الليبي سيعطي انطلاقة جديدة للربيع العربي
- حرب إعلامية فاشلة
- شعب أمس غير شعب اليوم


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - تازة تكشف عن عورة حكومة بنكيران