مشعل التمو
الحوار المتمدن-العدد: 1072 - 2005 / 1 / 8 - 10:49
المحور:
القضية الكردية
هشاشة الواقعية وصحة النهج
في مسارات الانهيار "4"
مشعل التمو
على صعيد الهدف الحزبي , الذي وجدت , او انبثقت هذه الاطر من اجل تحقيقه , اعتقد بأن أي مراقب حيادي يجد بان الهدف المطلوب تحقيقه , او انتزاعه , من السلطة الشوفينية الرسمية , قد تضاعف , وتشعبت اضراره , فقد اضيف الى هم الاعتراف بالوجود القومي , مسالة الاحصاء والحزام والتعريب والتهميش والتغريب والتنمية والوجود الانساني , والى ما هنالك من مستجدات جسدتها السياسة الصهرية عمليا , واضحت واقعا يبحث عن اجوبة وحلول , وفي الجهة المقابلة , تقزم المطلب الحزبي حتى بات في لامحطة مطالب الشعوب , وهي خيبة مركزية تضاف الى خيبات السكون الحزبي المستديم , ورغم ذلك بقيت الفصائل المتناثرة , تتغنى بالواقعية وصحة النهج , ولاني لا ابغي التوقف عند البرامج وما تقول , ولا عند الممارسة غير المتجانسة مع الهدف نفسه , وانما ساحاول التوقف عند قضيتين حديثتي العهد , فقط , من حيث نوعية الفكر الذي انتجهما , والدلالات والمعاني المضمرة في بنية النصين , وكل منهما يشكل تراشق اتهامي واداني للاخر .
الاولى : مسالة المعتقلين والاعتصامات امام محكمة امن الدولة , وما استتبعها من تصاريح تدين وتستنكر استثمار البعض القضية .
الثانية : مسالة المعتقلين المضربين عن الطعام , وحيثيات فك الاضراب , والمواقف المتناقضة حيال ذلك .
من مقومات بناء الحزب السياسي , هو قدرته على استثمار اية قضية مجتمعية , ووضعها في مسار تخدم فيه شعبه وهدفه السياسي , عبر اليات وادوات تستجيب للحظة التاريخية والشرط الموضوعي الذي وجدت فيه القضية موضوع الاستثمار , والاستثمار الذي اعيه , ليس فرديا , ولا لمصلحة خاصة , وانما عاما ولمصلحة مجتمع ويخدم قضية شعب , وبالتالي عندما احاول ان اتوقف بقليل من التحليل للقضيتين الانفتي الذكر , فانما اريد ان اوضح حقيقة الاستثمار , واليات الاستثمار , وكيف انها باستخدامها لاليات متخلفة وبائسة تصب في محتوى الواقعية وصحة النهج الحزبية .
في مسالة التصاريح التي صدرت عن اكثر من جهة , ردا على اعتصام نظمته ونفذته ثلاثة اطراف كوردية , وجاء عدم القبول تحت ذريعة رفض استثمار قضية المعتقلين لمصلحة حزب او جهة معينة .
حقيقة ان قضية المعتقلين , وطنية , خاصة وان اغلبهم غير منتم لاي حزب , وانما وجودوا انفسهم بالسجن بنتيجة العقلية الامنية ومنهجها القمعي الحلول , وبالتالي هي قضية قابلة للاستثمار سياسيا , ومن حق أي طرف كوردي ان يستثمرها , شرط ان يكون الاستثمار عقلانيا وموضوعيا , وهي محددات تخضع لتفسيرات عدة , لكن المهم هو ان تكون الرسالة السياسية الموجهة للسلطة من خلال الاستثمار , رسالة ذات مضامين وطنية وقومية , تعبر عن طموح شعب مضطهد يدافع عن قضيته وعن المعتقلين بسببها , بمعنى هناك قضية اعتقل بسببها الشباب الكورد , وكل تعبيرات المجتمع الكوردي معنية بهذه القضية , ومن حق أي منها تبنيها , والقيام باي شكل نضالي سلمي للدفاع عنها , ومسالة الاعتصام تندرج في هذا الاطار , لكنها في الجانب الاخر ذات دلالة اجهاض وتشويه القضية اذا كانت الرسالة الموجهة للسلطة بائسة وضعيفة , بمعنى القيام باعتصام امام محكمة امن الدولة امر مشروع وصحيح فيما اذا كان ذو قوة عددية واعلامية تواز حجم القضية المدافع عنها , والاعتصام الهزيل يوجه رسالة هزيلة لا قيمة سياسية لها , حتى السلطة لا تعير مثل هذه الرسائل الهزيلة أي اهتمام , ما اود قوله ان أي فعل نضالي له منحيين , ايجابي اذا امتلك القدرة الاعلامية والشعبية , وسلبي من حيث رؤية السلطة اليه اذا كان هزيلا , وفي الجانب الاخر , كورديا , ليس من حق من لا يؤمن باسلوب الاعتصامات , ان يخون او يدين من يؤمن به , فليس هناك صح مطلق ولا خطأ مطلق , فلكل نهج اسلوبه المسموح به , شرط ان لا يتعارض مع مصلحة الشعب الكوردي , اذ ان الاختلاف في الرؤية وسبيل العمل , هي من بديهيات قبول الاخر , وبالتالي ان اصدار تصريح من هذه الجهة او تلك , برفض استثمار قضية المعتقلين , تحمل العديد من الدلالات :
اولها , هو رفض اسلوب الاعتصامات .
ثانيها , ان اصدار التصريح بحد ذاته , هو استثمار حزبي محدد في مواجهة استثمار حزبي اخر .
ثالثها , هو رسالة ذوي القربى للسلطة الشوفينية , وتناغم مع متطلباتها .
رابعها , خلفية التصاريح هي نتاج لعقلية امتلاك الشرعية والنهج الواقعي واثباتات الصحة , بمعنى هي تنفي الجهة الاخرى , وتُعيب عليها دخولها معترك , هو من مهامها , واي فعل في هذا الاتجاه يجب ان ينال موافقة اصحاب الواقعية التاريخية حتى لا يدان بالاستثمار , وبالمقابل , فاصحاب الاعتصامات بخطابهم الفردي ومحاولة , ليس الاستثمار , وانما التجيير الحزبي , ينفون وجود اية قوى حزبية اخرى , وبالتالي هي ايضا نتاج لوعي الاقصاء ونقاء الذات وصحة التاريخ , على الرغم من هزالة الرسالة السياسية التي يوجهونها الى السلطة .
المسألة الثانية , هي قضية المعتقلين الكورد الذين اضربوا عن الطعام , ثم فكوا اضرابهم بعد فترة , وساتوقف هنا ايضا حول قضية الاستثمار والاليات البائسة التي استخدمت في ذلك , حيث توزعت المواقف بين حدين , أحدهما يقول بإن السلطة وعدت بالاستجابة لمطالب المضربين , والإخرى , تقول بأن فك الاضراب تم بالتعذيب والعنف .
ما بين الموقفين تتوزع الدلالات , وهي في مجملها تتبع الاستثمار الحزبي الضيق الأفق , حتى دون ان تتوقف على المعنى الذي تخلقه بموقفها هذا , على الرغم من أن أي إضراب عن الطعام , في الأنظمة المستبدة , ذات العقلية الطوارئية عنفية التعامل المجتمعي , يواجه أولا بالعنف والتعذيب , وأن فشل الأسلوب يتم اللجوء إلى الحوار أو حيلة الحوار , وهو بحد ذاته تبقى نتائجه مجرد وعود , لكن مجرد الحوار , هو حالة متقدمة وإيجابية لنتيجة الأضراب , والقول بوجود الحوار لا ينفي وجود التعذيب , لأن الحوار مرحلة تالية للتعذيب , أما القول بالتعذيب فهو ينفي وجود الحوار , وتناقض المواقف هنا , يصب في خانة الصراع الحزبي المجرد والمكشوف , وإن كان على حساب الموقف الشجاع للمضربين عن الطعام , ولكل من الموقفين أبعاده السياسية , ويمكن تلخيصهما ببعدين :
الأول :الموقف تشجيعي للمعتقلين السياسيين الكورد , على نجاعة أسلوب الأضراب عن الطعام للمطالبة بنحسين ظروف الأعتقال , بمعنى هو رسالة موجه , تدفع بأتجاه إتباع هذا الأسلوب , على أرضية أنه أوصل الى الحوار وتلبية بعض المطالب , أما الموقف الثاني , فهو تخويفي , سلبي على سيكولوجية المعتقل , فالقول بأن الأضراب تم إنهاءه بالعنف , يضمر القول بأن لا فائدة من هذا الأسلوب , ومن يتبعه سيلاقي التعذيب , وبالتالي فلا ضرورة لحفلات تعذيب مجانية .
الثاني : للسلطة , ومضمونه , أن الحوار هو وسيلة التفاهم , وأن التعذيب والعنف لم يستطع كسر عزيمة المعتقلين , وعلى العكس , هناك الموقف الآخر والذي يتضمن نقيضيه , من حيث أدانة السلطة على فعلها التعذيبي بحق المضربين , وبالتالي هي لا تستطيع سوى تكريس طبيعتها , مع محاولة تجيير الموقف حزبيا , حتى وأن كان يبارك السلطة في جانبه الآخر على نجاحها في كسر شوكة المضربين .اعتقد بأن اتخاذ المواقف السياسية على قاعدة التبجيل والتمايز الحزبي , يوقع الاطار في دوامة البعد عن الوعي السياسي وهو ما سيكون موضوع الحلقة القادمة . ... يتبع
القامشلي 5/1/2005
كاتب كوردي – ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا
#مشعل_التمو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟