|
حرب العملات والنظام النقدي الدولي
جليل شيعان ضمد
الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 18:47
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مقدمة : يمر الاقتصاد العالمي المعاصر والنظام النقدي الدولي بتحولات جوهرية عميقة تجلت بسلسة مشن المظاهر الخطيرة كان من ابرزها : اولا : فك ارتباط الدولار بالذهب عام 1971 كتعبير عن ازمة الاقتصاد الامريكي التي رافقت ادائه منذ ستينات القرن الماضي نتيجة تنامي عجزه المزدوج ، عجز ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة ، بسبب الانفاق الاسطوري الهائل الذي كانت تموله الولايات المتحدة بطبع المزيد من مليارات الدولارات دون غطاء حقيقي ، الامر الذي افقد دولارها بريقه بتآكل قيمته وضعفه ، انعكاسا لضعف وتدهور اقتصادها وقدرتها التنافسية . ثانيا : كما تجلت هذه المخاطر وبشكل اخطر بالازمة الاقتصادية والمالية العالمية الاخيرة التي ابتدأت منذ عام 2008 ولازالت مستمرة تتضخم آثارها الكارثية ككرة الثلج على الاقتصاد العالمي والامريكي بشكل عام واقتصادات الدول النامية بشكل خاص ولازال الآتي اعظم .
2
ثالثا : ظهور اقتصادات قوية اخرى مثل الاقتصاد الياباني والاقتصاد الالماني جنبا الى جنب مع انبثاق اقتصادات ناشئة او ناهضة عملاقة مثل الاقتصاد الصيني والروسي والهندي والكوري والبرازيلي . هذه العوامل وغيرها مجتمعة ازاحت واضعفت بقوة هيمنة وسطوة الاقتصاد الامريكي على النظام الاقتصادي العالمي والنظام النقدي الدولي واحالته مجرد لاعب بين مجموعة لاعبين يفوقونه بالاداءالاقتصادي والقدرة التنافسية وسوف يتركونه مكتفيا بمكانة متواضعة في المستقبل المنظور مع انبثاق نظام اقتصادي ونقدي عالمي جديد .
وكما هي العادة فأن القوي حين يستشعر الخطر بقرب ازاحته من موقعه لابد ان يجمع المتبقي من قوته ليشن فيها حربه الاخيرة ، الخاسرة حتما . وهكذا قامت الولايات المتحدة الامريكية بشن ما يسمى(( حرب العملات )) كمحاولة منها لتجاوز ازمتها الاقتصادية التي يصعب تجاوزها ولانعاش اقتصادها المريض الذي يصعب انعاشه ، متهمة غيرها البدء بهذه الحرب وخاصة الصين ، رغم ان تاريخها الاقتصادي القريب يؤكد استخدامها لسياسة تخفيض سعر الصرف ،وهي جوهر حرب العملات ، لتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية هائلة على حساب الدول الاخرى ، عندما تركت دولارها ينخفض باستمرار تجاه العملات الاخرى وفك ارتباطه بالذهب رغم التزامها بذلك وفق اتفاقية برتن وودز .
سنحاول في هذا البحث ألقاء الضوء وتحليل بعض جوانب سياسات تخفيض أسعار الصرف التي اخذت مؤخرا شكل حرب عملات من ناحية الآليات والمضامين والاهداف والآثار المحتملة ( مكاسب وخسائر ) على مجموعتي الدول المتقدمة والنامية وفق ما يلي :
اولا : من الناحية النظرية وحتى الواقعية يمكن القول ان العملة القوية الي كانت مصدر فخر لأية دولة هي انعكاس طبيعي لقوة وكفاءة اداءاقتصادها التي تقاس بمؤشرات مختلفة التي اهمها قدرته التنافسية ، كتعبير عن حيوية الاقتصاد في خلق ميزات نسبية تنافسية ( تشير اليها نظريات التجارة الخارجية المعاصرة بوضوح ) تترجم ايجابا بشكل عام بفوائض في موازين المدفوعات والموازنات العامة . وكانت هذه الدول التي تتمتع بمثل هذه الميزات لا تخشى من الآثار السلبية على اقتصاداتها بسبب ارتفاع قيمة او أسعار صرف عملاتها (نتيجة الطلبالمتزايد على صادراتها ) وما يمكن ان تؤدي الى ارتفاع كلفة هذه الصادرات بالنسبة للدول المستوردة ما دامت محافظة على حيوية ادائها الاقتصادي وقدرتها التنافسية ، ولمحدودية الدول التي تجاريها في هذا النوع من الاداء والقدرة . وكان هذا واضحا في حالة الدول المتقدمة والدول الناشئة لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت فترات طويلة من الانتعاش والازدهار الاقتصادي . ثانيا : السؤال الان : ما الذي تغير لتتجه هذه الدول لأعتماد سياسة تخفيض أسعار صرف عملاتها للحفاظ على مكاسبها من تجارتها الخارجية وتعزيز صادراتها لضمان استمرارية حيوية ادائها الاقتصادي وقدرتها التنافسية وصولا لديمومة معدلات مرتفعة في النمو و التشغيل مصاحبة لمعدلات منخفضة للتضخم ؟ الجواب : يكمن في الركود الشديد الذي اصاب الاقتصاد العالمي في مقتل بعد ان اكتسحته الازمة المالية العالمية الاخيرة التي بدأت في الاقتصاد الامريكي مع ازمة الأئتمان العقاري وانتشرت كالنار في الهشيم بين الاقتصادات المتقدمة الاخرى وتساقطت كأحجار الدومينو بحكم ترابط هذه الاقتصادات وخاصة من الناحية المالية. وتفاوتت درجات الركود الاقتصادي التي وصلت حد الكساد بين هذه الاقتصادات بتفاوت درجات انفتاحها المالي والاقتصادي وتطور ادوات اسواقها المالية من اسهم وسندات ومشتقات وخيارات ومستقبليات . فكان تاثير الازمة شديدا ومؤلما على الاقتصاد الامريكي المسبب الاول لها اولا ، اضافة الى الاقتصادات الاوربية ثانيا ، واقتصادات جنوب شرق اسيا ولكن بدرجة اقل ثالثا ، والى حد ما كان التاثير مخففا على الاقتصاد الصيني والروسي والهندي لاسباب تتعلق بالقيود التي كانت مفروضة على حركات رؤوس الاموال رابعا . وفقدت هذه الدول جميعا اضافة الى الدول النامية نسبة كبيرة من احتياطاتها التي كانت مستثمرة في اسواق الاسهم والسندات عند انهيار هذه الاسواق اضافة الى انخفاض وتآكل قيمة استثماراتها وموجوداتها وثرواتها مع تآكل قيمة الدولار وشحة السيولة وقلة الطلب *. في ظل هذه الصورة المأساوية للاقتصاد العالمي كان على كل دولة ،مستذكرة الاثار الاقتصادية والاجتماعية الكارثية لأزمة 29-1933 ، التحرك لانقاذ اقتصادها من هذا الركود الذي وصل مرحلة الكساد سواء بجهد مشترك مع الدول الاخرى او بشكل فردي . فتداعت
*تم تقدير هذه الخسائربسبب الازمة بتريليونات الدولارات صبت في النهاية لصالح الاقتصاد الامريكي الذي تحرر مما يقارب من نصف مديونيته المتمثلة بدولاراته ، التي تشكل حقوقا عليه ، والمملوكة من قبل الدول الاخرى بشكل احتياطات واستثمارات وموجودات . هذا الاقتصاد الذي كان قد تمتع برفاهية اسطورية ، ولازال ، على حساب الدول الاخرى بحكم اعتماد عملته الدولار كعملة احتياط دولية، وطبعه اللامحدود لهذه الدولارات لتغطية عجزه الهائل الذي تنامى ليبلغ في الموازنة العامة لعام 2010 مايقارب 1.7 تريليون ، اضافة الى تنامي دينه العام ليصل الى ارقام فلكية تبلغ ما يقارب 12 تريليون دولار .
3 لتطبيق جملة من الاجراءات كان اهمها : 1- تنفيذ حزم انقاذ bailout بمليارات الدولارات لمنع افلاسات المصارف والمؤسسات والشركات الكبيرة ذات التاثير على الأداء الاقتصادي الكلي . 2- توفير السيولة اللازمة لتحفيز الطلب الاستثماري والاستهلاكي عن طريق التوسع بالقروض الميسرة باعتماد التخفيض الشديد لسعر الفائدة ليبلغ 25.% في الولايات المتحدة الامريكية و5.% في بريطانيا مثلا *. 3-ألا أن هذين الأجراءين لم يكونا كافيين لانعاش اقتصادات هذه الدول والخروج من حالة الركود ** . فكان لزاما عليها اتخاذ سياسات اخرى مكملة تعمل على تحفيز نشاطها الاقتصادي عن طريق التوسع في صادراتها بجعلها اكثر جاذبية سعرية للاخرين باعتماد سياسة تخفيض أسعار الصرف اي تخفيض قيمة عملاتها مقابل العملات المنافسة بشكل مباشر او غير مباشر. لكن مثل هذه السياسة التي تطبقها دولة معينة تضر بمصالح الدول الاخرى التي بدورها تريد تنشيط اقتصاداتها والخروج من دائرة الركود والكساد بتشجيع الطلب الداخلي وكذلك الخارجي المتمثل بالصادرات . ومن هنا ظهر التسابق بينها في اعتماد سياسة التخفيض التنافسي لاسعارصرف عملاتها ، فاندلعت ماسمي ((حرب العملات )) . ثالثا: فحرب العملات لا تعدو كونها تخفيض تنافسي لاسعار صرف عملات الدول الفاعلة في الاقتصاد الدولي لتحقيق مكاسب محتملة على حساب بعضها البعض . الا ان اعتماد هذه السياسة ليس بالضرورة يمكن ان يؤدي الى النتائج المرجوة منها . فعلى الرغم من تصور مجموعة ايجابيات مرتبطة بهذه السياسة ، يمكن تصور سلبيات ومخاطر جدية محتملة ايضا . فالايجابيات يمكن الاشارة اليها كما يلي :
*هذا الاجراء كانت له ومازالت آثار سلبية على اغلب الدول النامية بحكم ارتباط عملاتها بالدولار الامريكي .فهذه الدول لكي تمنع ما يسمى التحكيم في سعر الفائدة interest rate arbitrage أجبرت على تخفيض أسعار فوائدها الى مستويات تقارب المستويات المنخفضة السائدة في الدول المتقدمة مما اثر سلبا على معدلات ادخاراتها ،على قلتها، وبالتالي على معدلات استثماراتها . واذا كانت الدول المتقدمة منسجمة مع نفسها باختيار أسعار فائدة منخفضة فالدول النامية ليست مجبره على هذا الاختيار الذي يضر بمصالحها وعليها ربط عملاتها بسلة من العملات تتحدد اهميتها النسبية في ضوء اهمية شركائها التجاريين . ** بالحقيقة لو تفحصنا مليا طبيعة هذين الاجراءين سوف نجد انهما كانا يخدمان الفئات الرأسمالية اصحاب المصارف والمؤسسات والشركات الكبرى (المسببين الحقيقيين للازمة ) بعيدا عن الغالبية التي طحنتها هذه الازمة بفقدان وظائفها ومصادر دخولها ومدخراتها مما خفض طلبها الفعال بشكل جوهري الامر الذي ادى الى تعميق الركود الاقتصادي .
5 1- تخفيض قيمة عملة بلد ما يجعل صادراته اكثر تنافسية لأنها تصبح اقل كلفة بالنسبة للمستوردين الاجانب وبالتالي تحفز وتنشط اقتصاده بعيدا عن الركود . 2- تخفيض قيمة عملة بلد ما يجعل وارداته من الخارج اكثر كلفة وعليه يكون هناك تحول نحو شراء السلع المحلية الامر الذي بدوره يخلق طلبا اضافيا يشجع الاستثمار ويحفز الاقتصاد . ويتعزز هذا التاثير اذا ما اتبعت الدولة سياسة توفير السيولة وتسهيل الأئتمان وتخفيض سعر الفائدة كما اشرنا سابقا . 3- تخفيض قيمة عملة بلد ما يساعد على تدفق رؤوس الاموال والاستثمارات الاجنبية الى الداخل مستفيدة من كلف الانتاج المنخفضة بحكم ضعف قيمة العملة المحلية . اما السلبيات فيمكن تصور اهمها كما يلي : 1- اذا ما تسابقت الدول في تطبيق سياسة التخفيض التنافسي لاسعار صرف عملاتها فهذا يعني انها سوف تجبر في النهاية على التخفيض المتكرر والمتقابل ( وبالتالي تصبح سياسة التخفيض غير فعالة )، مما يؤدي الى تخفيض أسعار الصادرات العالمية بشكل عام الى المستويات التي تؤدي الى تعزيز الركود الاقتصادي . لانه في النهاية ولنجاح مثل هذه السياسة لابد من توفر شرط مارشال- ليرنر :((لكي تؤدي سياسة تخفيض سعر الصرف اثرها الايجابي علي الميزان التجاري لابد من ارتفاع الصادرات لكي تغطي الارتفاع في تكاليف الواردات حيث تكون مرونة طلب الصادرات والواردات اكثرمن واحد . )) . ومن الواضح ان هذا لايتحقق في حالة التخفيض التنافسي المتبادل والمتكرر في أسعار صرف عملات الدول المتقدمة كما هو حاصل في الوقت الحاضر في حرب العملات . ورغم ان الدول النامية غير معنية بحرب العملات لانها متلقية للصدمات فقط ( كما هي العادة ) الا انه من المفيد الاشارة هنا انه لايمكن تصور نجاح سياسة تخفيض أسعار الصرف في هذه الدول لتحقيق آثار ايجابية على موازنيها التجارية وذلك لانخفاض مرونات كل من صادراتها و وارداتها بسبب تخلف واختلال هيكلها الانتاجي . 2- والأهم من ذلك فان التسابق في التخفيض التنافسي لاسعار صرف العملات سوف يؤدي الى زعزعة الثقة دوليا في النظام النقدي الدولي القائم على نظام العملة الورقية ألأمر الذي يؤدي حتما الى ارتفاع أسعار المعادن الثمينة وعلى راسها الذهب ، مما يسبب ازمة مالية واقتصادية عالمية ذات تاثير سلبي عميق على جميع اقتصادات الدول . وهذا يتطلب جهدا جماعيا جادا على المستوى الدولي لايقاف هذا التداعي الخطير المحتمل كما هو الحال في الوقت الحاضر . وهذا ما نشاهده من جهود تبذل من قبل صندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين في اجتماعاتها الاخيرة . رابعا : ان الجبهة الأبرز في (( حرب العملات )) في الوقت الراهن هي بين الولايات المتحدة الامريكية والصين حيث تتهم الأولى الثانية بأنها تتعمد الحفاظ على عملتها اليوان او الرينمنبي بأقل من قيمته بنسب تقدرها ما بين 25%- 40% فيما لو ترك ليتحدد وفق قوى السوق لتحقيق مكاسب على حساب الاقتصاد الامريكي . فسياسة اليوان الرخيص كما تدعي الولايات المتحدة 6 تعتبر سلاح فتاك أستخدمته الصين لمنافسة صادراتها ، مما اتاح لها ان تتحول الى اكبر مصدر للاقتصاد الامريكي وتحقيق اكبر فائض في ميزانها التجاري معه . وهذا يعني سرقة فرص نمو ناتجها القومي للقضاء على ركودها الاقتصادي وكذلك فرص عملها للقضاء على بطالتها التي جاوزت نسبة 10% . لقد استخدمت الصين كما يبدو سياسة ذكية لعدم أثارة الولايات المتحدة الامريكية أبان ادارة بوش السابقة عن طريق استثمار نسبة كبيرة من احتياطياتها الدولارية المتراكمة الضخمة والتي قاربت الان ثلاث تريليونات دولار في شراء سندات الحكومة الامريكية . اي بمعنى اقراض الحكومة الامريكية التي تستخدم حصيلة هذه القروض في : 1- تمويل انفاقها العام و عجز موازنتها المتزايد الذي قارب 1.7 تريليون كما ذكرنا سابقا. 2- ضخ السيولة المطلوبة لضمان مستوى من الطلب يبعد الاقتصاد عن شبح الركود. 3- المساعدة في ابقاء مستويات منخفضة لاسعار الفائدة للتوسع في الأئتمان الاستثماري والاستهلاكي وفرص التشغيل . هذا ألأمر أتاح للصين فرصة تاريخية لتحقيق معدلات نمو غير مسبوقة في ناتجها القومي جاوزت ال10% وصادراتها جاوزت 25% ولفترات طويلة ، مما اتاح لها اقتصادا حيويا قويا لم يتأثر كثيرا حتى في الازمة المالية والاقتصادية العالمية الاخيرة التي اطاحت بغيرها من الاقتصادات المتقدمة. وبتعبير اخر استطاعت الصين بما تملكة من احتياطات دولارية ضخمة ان تقدم مايمكن تسميته(( رشوة )) للولايات المتحدة بشكل استثمارات في سندات دينها العام لجعلها تغض الطرف عن الاختلال الكبيرفي ميزانها التجاري ولضمان السوق الامريكية التي تستوعب اكثر من ربع صادراتها ((وهي الان تعتمد ذات الاسلوب في شراء السندات اليابانية )) . كما يمكن القول من الناحية الاخرى ان الصين بامتلاكها هذه الاحتياطات الهائلة من الدولارات الامريكية امتلكت مايمكن تسميته (( القنبلة الاقتصادية )) وخلق (( توازن رعب اقتصادي )) بينها وبين الولايات المتحدة . ولهذا لم تستطع ادارة اوباما من الناحية الواقعية عمل شئ ملموس في اطار حرب العملات مع الصين رغم تهديدها المستمر في فرض عقوبات اقتصادية ورسوم كمركية عالية . ولعل السر في ذلك ان الصين باقتصادها المزدهر واحتياطاتها الدولارية تستطيع ان تشتري موجودات ومشاريع وشركات امريكية تعزز بها نموها وقدرتها التنافسية اولا ، كما ان الصين نفسها تعتبر سوقا كبيرا وجوهريا للصادرات الامريكية ثانيا . والاهم من ذلك انها تستطيع في حالة ضخها هذا المتراكم الهائل من احتياطاتها الدولارية في الاسواق العالمية الاطاحة بعرش الدولار المهتز اصلا الامر الذي يفقد الولايات المتحدة الامريكية (( الدجاجة التي تبيض ذهبا )) كما اوضحنا في المقدمة ثالثا *. *تشير اغلب التقارير الاقتصادية الى ان الدولار فقد اكثر من نصف قيمته مؤخرا ، كما ان وزنه النسبي في الاحتياطات الدولية انخفض الى 40- 50% ، وان هناك اتجاها متسارعا الى احلال الذهب ورفع نسبته في احتياطات الكثير من الدول مثل الصين والهند . 7 ان مشكلة الاقتصاد الامريكي ليست اليوان الصيني الرخيص ، وانما تكمن في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الامركية التي انعكست سلبا عليه ، افقدته قوة اندفاعه وقدرته التنافسية وجعلته مثقلا باعباء مديونية هائلة . كما ان الولايات المتحدة الامريكية نفسها , كما ذكرنا سابقا ، اعتمدت سياسة الدولار الرخيص على مدى عقود طويلة بترك تدهور قيمة الدولار مقابل العملات الاخرى دون معالجة جدية . ولعل اخر تقليعاتها في هذا المجال طبع 600 مليار دولار لشراء قسم من سندات دينها مما ادى الى المزيد من تدهور قيمة الدولار * . علما ان اغلب الدول المتقدمة مارست وتمارس سياسة تخفيض اسعار صرف عملاتها او عدم السماح لها بالارتفاع رغم وجود عوامل موضوعية لذلك ( فوائض الميزان التجاري ) وفق حدود معينة تسمح بها قواعد صندوق النقد الدولي . فمثلا قام البنك المركزي الياباني في ايلول الماضي 2010 بشراء 200 مليار دولار لتخفيض قيمة الين المرتفع مقابل الدولار تشجيعا لصادراتها . كما ان الصين استطاعت ان تحافظ على سعر صرف عملتها من الارتفاع باجراءات مشابهة بالشراء المستمر للدولارات. خامسا: في اقتصادات السوق يتحدد سعر صرف او قيمة اية عملة من الناحية الموضوعية بعوامل العرض والطلب عليها ، اي بعوامل او متغيرات كلية تعكس بمجملها كفاءة الاداء الاقتصادي على المستوى المحلي والدولي . هذه العوامل بدورها تتاثر بعوامل اخرى مثل : - حجم المعروض النقدي - طبيعة السياسات النقدية والأئتمانية - مستويات الاسعار والتضخم - معدلات نمو الناتج القومي والاستثمار والاستهلاك - المديونية المحلية والاجنبية - القدرة التنافسية - حالة الميزان التجاري وميزان المدفوعات - تدفقات رؤوس الاموال من والى الداخل - مستويات أسعار الفائدة الحقيقية مقارنة مع اسعارها السائدة في الاسواق العالمية - الاستقرار السياسي والامني *سبق للولايات المتحدة ان اجبرت اهم القوى الفاعلة في الاقتصاد العالمي مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا واليابان على عقد اتفاقية بلازا عام1985 ، لقبول تخفيض قيمة الدولار لمعالجة ركودها الاقتصادي والعجز المتزايد في ميزانها التجاري .
8 - التوقعات حول اتجاهات تحرك العوامل اعلاه . ان النظريات التي حاولت تفسير كيفية تحديد أسعار الصرف تختلف وجهات نظرها في درجة التركيز على هذا العامل او ذاك .فطريقة تعادل القوة الشرائية purchasing powr parity تذهب الى ان أسعار الصرف تتحدد بشكل توازني في ضوء تعادل مستويات أسعار السلع والخدمات بين الدول . كما ان طريقة ميزان المدفوعات balance of payment approach تشير الى ان أسعار الصرف تتحدد في ضوء حالة الميزان التجاري وتدفقات رؤوس الاموال . اما الطريقة النقدية monetary approach فتركز على العرض النقدي والطلب عليه . فزيادة العرض النقدي نسبة الى الناتج القومي مثلا يؤدي الى تخفيض أسعار الصرف لارتفاع المستوى العام للأسعار . واخيرا فان طريقة الاصول او الموجودات asset approach تقترح بان سعر صرف اية عملة تتحدد بالطلب الخارجي عليها الذي يتاثر بسعر الفائدة الحقيقي ( اي مخصوما منه معدلات التضخم ) مقارنة مع مثيلاته في الدول الاخرى * . من هذا كله يتضح ان هذه النظريات ككل تجمل كل العوامل التي تؤثر بشكل حاسم على سعر صرف او قيمة اية عملة، وهي تعكس قوة او ضعف الاقتصاد ومدى كفاءة ادائه الداخلية والخارجية . وعليه فتخفيض قيمة العملة اوسعر صرفها لايكفي لوحده لتحقيق مكاسب تجارية وتعزيز النمو الاقتصادي .ورغم ان هناك بعض الدراسات التي تربط بين تخفيض العملة والنمو الى الحد الذي استنتجت فيه ان كل تخفيض بنسبة 10% يضيف نسبة نمو 3.%1 ، الا انه في تقديرنا ان هذا الاستنتاج يصعب قبوله لانه لو كان كذلك لتعزز النمو في الاقتصاد الامريكي بسبب الانخفاض المستمر في قيمة الدولار وخاصة بعد عام 1971 عندما فكت الولايات المتحدة الامريكية ارتباط الدولار بالذهب وبالاخص كذلك منذ 1987 عندما تولى ألان غرينسبان مسؤولية الاحتياطي الفدرالي الذي طبق سياسة ((النمو بالأئتمان)) ، اي التوسع في الاصدار النقدي الجديد (الدولارات ) للخروج من حالة الركود الاقتصادي وتحقيق النمو. مما يدلل ان المسألة ليست مجرد تخفيضا للعملة لتحقيق المكاسب التجارية والنمو الاقتصادي وانما المسألة مرتبطة اصلا بحيوية الاقتصاد واداءه الكفوء وقدرته التنافسية التي تعكس هذا الاداء . وبالتالي فمحاولة الولايات المتحدة اتهام الصين او غيرها من الدول بالمسؤولية عن ضعف
*تم الاكتفاء بالاشارة الى اهم مضامين هذه النظريات بما يخدم هدف البحث . 1- داني رودريك ، القيمة في تخفيض القيمة : http://www.project-syndicate.org
9 ادائها الاقتصادي في اطار حرب العملات ما هي الا حجة لاتصمد امام التحليل الاقتصادي الموضوعي ، كما انها محاولة تصدير ازمتها ومعالجتها على حساب غيرها من الدول . فمقترحها في اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاخيرة : (( وضع حدود على فوائض الموازين التجارية للبلدان ذات التنافسية العالية ورفع قيمة عملاتها )) كالصين والمانيا ودول جنوب شرق اسيا والهند والبرازيل والارجنتين يذهب في هذا الاتجاه . سادسا : اذن فالحلول التي تقترحا الولايات المتحدة الامريكية في اطار حرب العملات سوف تكون محدودة الاثر في انقاذ الاقتصاد الامريكي ، لانه حتى لو رفعت الصين من قيمة عملتها مثلا فانه من الارجح ان تتحول الاستيرادات الامريكية من الصين الى الدول الاسيوية الاخرى التي تتنافس مع الصين ، وستبقى مشكلة الاقتصاد الامريكي دون تغيير . فما هو السيناريو المتصور لمستقبل الاقتصاد الامريكي ؟ في دراسة مهمة صدرت مؤخرا في مجلة الشؤون الخارجية foreign affairs الامريكية حاولت فيها رسم الخطوط العامة لهذا المستقبل منطلقة من الواقع الحالي الذي وصفته ((بالادمان على الاقتراض )) الذي وصل الى مستويات خطيرة لابد من علاجه والا سوف تقوم الاسواق العالمية بهذه المهمة المؤلمة حيث النتيجة تدشين عصرا جديدا من التقشف والتراجع الامريكي . فحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فمن المتوقع ان ترتفع الديون الفدرالية الى نسبة 100% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2015 *. لقد شهدت ادارة بوش اكبر تآكل مالي في التاريخ الامريكي ، حيث ارتفع الانفاق الحكومي العام بنسبة 250 % عن فترة التسعينات ، وتحول فائض الموازنة العامة من 1% من الناتج المحلي الاجمالي في عام 1998 الى عجز بنسبة 3.2% عام2008 ومع الازمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية التي انطلقت شرارتها عام 2008 قامت الولايات المتحدة بتنفيذ برنامجا طموحا للتحفيز الاقتصادي وانقاذ الشركات والمؤسسات الكبيرة المتعثرة ولكن كان هذا على حساب اتساع الفجوة بين الايرادات العامة والنفقات العامة . فالايرادات العامة انخفضت من 20% من الناتج المحلي الاجمالي كمعدل خلال فترة التسعينات الى 15% عام 2009 ، في حين ارتفعت النفقات العامة الى نسبة 25% لنفس العام ليصا عجز الموازنة العامة الى 1.6% تريليون دولار او ما يقارب 12% من الناتج المحلي الاجمالي البالغ
*يعتقد الباحث ان هذه التقديرات متواضعة لاسباب تتعلق بطبيعة الركود الاقتصادي الذي يمر فيه الاقتصاد الامريكي والازمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية التي لم يظهر الأسوء من اثارها لحد الان ، مما ينعكس سلبا على افاق نموه مع تزايد عجز الموازنة العامة .
10 14 تريليون دولار . ومما يزيد الطين بلة ان هذا الاتجاه في تفاقم عجز الموازنة العامة ومن ثم الدين العام سوف يؤدي الى ارتفاع اسعار الفائدة وبالتالي ارتفاع كلفة الاقتراض من1% الى 4% من الناتج المحلي الاجمالي . ومع تغير هيكل الاقتراض والادخار في العالم من الدول الناشئة الى الدول المتقدمة بعدما كان العكس هو السائد طيلة العقود الماضية ، اصبحت الولايات المتحدة اكبر مقترض في العالم والصين اكبر مقرض لها . وعليه لو قررت الصين والدول الاخرى عدم الاستمرار في حيازة الدولارات لضعف الاقتصاد الامريكي فستتدهور قيمة الدولار بشدة ، وسوف تمتنع هذه الدول عن شراء السندات الامريكية، مما ينبأ عن تدهور الاقتصاد الامريكي وافاق تطوره *. وهكذا فان الولايات المتحدة ستواجة خيارين احلاهما مر: فاما ان تطبق برنامجا تقشفيا صارما لمعالجة عجز موازنتها العامة وديونها المتراكمة حالها في هذا المجال حال اليونان واسبانيا وايرلندا في الوقت الحاضر لتسترجع جزء من عافيتها وقوة اقتصادها وبالتالي قوة دولارها، او تترك نفسها لقدرها المؤلم مع التداعيات المحلية والعالمية . وفي الحالتين سوف تغادر مكانتها الاقتصادية والسياسية في قيادة العالم ، او في احسن الظروف ستكون شريكا من ضمن مجموعة شركاء مؤثرين 1 . سابعا : اذا كان هذا هو مستقبل الاقتصاد الامريكي ، فما هو مستقبل الدولار في النظام النقدي الدولي الحالي ؟ الذي لازال يمثل ركيزته الاساسية رغم ضعفه وتدهوره مع ضعف وتدهور الاقتصاد الامريكي ، ورغم انه لم يعد يوفر احد اهم الشروط للنظام النقدي الناجح المتعلقة بصلاحيته ان يكون مخزنا او مقياسا ثابتا او مستقرا للقيمة . لقد اهتزت بقوة مكانة الدولار في النظام النقدي الدولي عام 1971 بسبب فك ارتباطه بالذهب . وتساءلت كثير من الدول عن المبررات التي تجعلها تتحمل خسائر كبيرة في احتياطاتها الدولارية نتيجة تقلبات أسعار صرفه ، مع تمتع الولايات المتحدة بامكانية طبع وتصدير عملتها على حساب هذه الدول لتمويل حروبها ورفاهها المصطنع وعجزها المزدوج المتنامي في موازنتها العامة وميزان مدفوعاتها . انشا صندوق النقد الدولي ما سمي ((حقوق السحب الخاصة )) كعملة احتياط دولية اضافية يمكن اعتمادها كبديل افضل عن الدولار لكونها مرجحة بسلة من العملات ذات اوزان *يؤكد سونك هونك بينك في كتابه ( حرب العملات ) الصادر في 2008 ان الولايات المتحدة تخطط في اطار تصديها لمعجزة الاقتصاد الصيني باستخدام اسلوب تخفيض قيمة الدولار مع رفع أسعار الذهب والنفط . ويبدو ان اندلاع الازمة المالية والاقتصادية العالمية قلب هذه الخطة راسا على عقب لتدفع امريكا المغارم ولتجني الصين المغانم ولتعطيها مزيدا من الرجحان على الاقتصاد الامريكي. (يمكن الرجوع الى ملخص لكتاب حرب العملات المتاح في اكثر من موقع على الانترنت ) 1- روجر التمان وريتشارد هاس ، امريكا وادمان الديون : في مجلة الاهرام الاقتصادي العدد 126 تشرين الثاني 2010 .
11 تعكس الاهمية النسبية لاقتصاداتها في التجارة الخارجية . كما تم تقديم مقترحات باعتماد الذهب كعملة احتياط او مرجعية في النظام النقدي الدولي .وتراجعت هذه المقترحات من الناحية العملية بعد استعادة الدولار جزء من مكانته بفعل الضغوط الامريكية وتحقيق مكاسب تجارية تنافسية بسبب انخفاض قيمة الدولار ، ليعود التساؤل مجددا حول النظام النقدي الدولي وبقوة هذه المرة بعد الازمة المالية والاقتصادية العالمية واغراق العالم بالدولار وتآكل قيمته ، الامر الذي كبد الدول الاخرى خسائر جسيمة في احتياطاتها الدولارية . وكذلك لتعود مجددا المقترحات والتصورات حول اصلاح هذاالنظام والتي يمكن تلخيصها كما يلي : 1- العودة الى نظام قاعدة الذهب باعتبار ان الذهب يتميز بثبات نسبي في قيمته و يحوز على ثقة المتعاملين والمدخرين . 2- اعتماد عملة دولية مكونة من وحدات حقوق السحب الخاصة (مرجحة الان بنسبة 44% دولار و44% يورو و11% جنيه استرليني و11% ين قابلة للمراجعة ). 3- تصور باعتماد ثلاث عملات رئيسية هي الدولار واليورو والين اواليوان باعتبارها تمثل اهم ثلاث مناطق اقتصادية وهي الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي ومنطقة المحيط الهادئ ، او بتعبير اخر تمثل ثلاث مناطق عملة مثلى . وفي تقديرنا ان العالم سوف يغادر النظام النقدي الدولي الحالي الذي يرتكز على عملة احتياط واحدة . ورغم جاذبية المقترح الاول الخاص باعتماد الذهب كعملة ارتكاز واحتياط للنظام النقدي الدولي الا انه من الناحية العملية والموضوعية يبقى الذهب محدودا في عرضه لايستجيب بديناميكية لمتطلبات السيولة الدولية للائيفاء باحتياجات نمو التبادل الاقتصادي الدولي . هذه الاستجابة التي تمثل احد شروط النظام النقدي الناجح ، اضافة الى ان قيمة اية عملة هي بالحقيقة تتمثل بقوة اقتصادها وحيويته وطاقته الانتاجية . اما المقترح الثاني الخاص بوحدات السحب الخاصة فان صندوق النقد الدولي لم يكن فاعلا لاحاليا ولا في السابق في مراقبة ومنع ومعالجة الصعوبات والازمات الاقتصادية ، بل نجح في ان يكون منفذا لتوجهات الادارة الامريكية وبالتالي فهو محدود الفاعلية في هذا المجال ونعتقد فيما يخص التصور الثالث الثلاثي القطبية انه الاكثر حظا في التطبيق في الامد المتوسط . اما في الامد الطويل فهناك امكانية تصور تعرض اية عملة في هذه الثلاثية لضغوط او عوامل ضعف تشابه ما يتعرض له الدولار الامر الذي يكرر السيناريو الخاص به . وعليه فالاحتمال الاكثر رجحانا سيتبلور نظام نقدي دولي متعدد العملات بتعدد الشركاء التجاريين نلاحظ بوادره بين الصين و اليابان وبين الصين وتركيا باعتماد عملاتهم في تسوية مبادلاتهم التجارية . بمعنى ان كل دولة سوف تعمل على تكوين احتياطاتها من العملات الاجنبية التي تتلائم واحتياجاتها مع شركائها التجاريين وتغيرها مع تغير هؤلاء الشركاء . وهذا يعني ان النظام النقدي الدولي يتوقف ان يكون دوليا بل يتشظى الى مناطق نقدية متعددة تتعدد بتعدد
12 المناطق الاقتصادية والتجارية ، المكونة من مجموعة دول متقاربة او متباعدة تتبادل فيما بينها ضمن المناطق الاقتصادية الواحدة او ما بين المناطق . ثامنا : واخيرا لابد لنا من تناول اثار ما سمي بحرب العملات على الدول النامية ، التي سبق لاغلبها ان ربطت عملاتها بالدولار على اساس استقرار قيمته اضافة الى أسعار صرفه تجاه العملات الاخرى . الا ان هذا الاساس انهار بفك ارتباط الدولار بالذهب عام 1971 وتدهور قيمته واسعار صرفه تبعا لذلك كما اوضحنا سابقا . وقد تكبدت الدول النامية خسائر فادحة نتيجة استمرارها في هذا النوع من الربط . ويمكن توضيح اهم هذه الخسائر كما يلي : 1- اجتياحها موجات تضخم غير مسبوقة لازالت مستمرة لاسباب لا تتعلق بادائها الاقتصادي بل لكون نسبة كبيرة من تجارتها مع الاتحاد الاوربي واليابان ودول اخرى ذات العملات التي ارتفعت أسعار صرفها مقابل الدولار وبالتالي ارتفاع كلف استيراداتها التي تتميز بعدم المرونة. 2- تفاقم عجز موازينها التجارية في حالة ارتفاع أسعار صرف الدولار مما يؤثر سلبا على صادراتها لكونها تصبح اكثر كلفة وبالتالي اقل تنافسية . وفي حالة انخفاض سعر صرف الدولار وارتفاع قدرتهاالتنافسية فان صادراتها لاتستجيب للارتفاع بسبب عدم مرونتها والنتيجة انخفاض عوائد صادراتها . 3- ان التدهور المستمر في سعر صرف الدولار ادى ويؤدي الى تآكل كبير في قيمة احتياطاتها الدولارية 3- ان مطالبة الولايات المتحدة للصين والدول الاخرى في رفع أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار لتحقيق مصالحها الخاصة يكون ذلك على حساب مصالح الدول النامية على الرغم من ظروفها الاقتصادية الصعبة لان ذلك سيؤدي الى ارتفاع فاتورة استيراداتها المتأتية بنسبة كبيرة من هذه الدول وخاصة الصين . فالولايات المتحدة الامريكية كعادتها مستعدة في سبيل تحقيق مصالحها ان تسحق مصالح الدول الاخرى . فعلى الدول النامية اذن ان تلتمس تحقيق مصالحها في اطار فك ارتباط عملاتها بالدولار الامريكي لترتبط بسلة من عملات اهم شركائها التجاريين ، لتقليل مخاطر تقلبات أسعار الصرف مع تنويع احتياطاتها الاجنبية لتكون مكونة من ذات السلة اضافة الى الذهب الذي تميز في الماضي ولازال باستقرار قيمته ( وليس سعره الاسمي ) .*
*لقد ميز الاقتصاديون التقليديون بين القيمة والسعر.فالقيمة تتحدد بمعيار موضوعي يتمثل (بالعمل المبذول في انتاجها)، بينما السعر يتحدد بعوامل العرض والطلب التي تمثل معيارا غير موضوعيا .وقد اعتبر كل من ادم سمث وماركس وغيرهم ان العمل هو اساس القيمة، كما اعتبروا الذهب مقياسا تقريبيا لها .اما النظرية الاقتصادية الراسمالية فهي تطابق بين الاثنين .
13
المراجع 1- روبرت موندل ، الخيارات النقدية الدولية ، مجلة كيتو ، المجلد3 ، العدد1 ،1983 : http://www.misbahalhurriyya.org/policies/show/262.html 2- عرفان تقي الحسيني، التمويل الدولي ، دار المجدلاوي ، عمان 2002 . 3- سونك هونك بنك ، حرب العملات ، ملخص متاح على شبكة الانترنت .
المصادر 1- داني رودريك ، القيمة في تخفيض القيمة : http://www.project-syndicate.org 2- روجر التمان وريتشارد هاس ، امريكا وادمان الديون : في مجلة الاهرام الاقتصادي العدد 126 تشرين الثاني 2010 .
#جليل_شيعان_ضمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب العملات والنظتم النقدي الدولي
-
سقف الدين الأمركي والنظام النقدي الدولي
المزيد.....
-
الصين تحظر تصدير مواد للصناعات العسكرية إلى أميركا
-
فايننشال تايمز: هل بدأت روسيا بدفع فاتورة الحرب؟
-
الوون الكوري الجنوبي يهوي عقب إعلان الأحكام العرفية
-
مصر تكشف عن موعد استحقاق ودائع سعودية بقيمة 5.3 مليار دولار
...
-
تونس.. عائدات السياحة تتجاوز 2.2 مليار دولار وسط توقعات قياس
...
-
وزير مالية إسرائيل: البرلمان سيصوت الأحد على موازنة 2025
-
قرار صادم.. رئيس كوريا الجنوبية يعلن الأحكام العرفية بالبلاد
...
-
استمرار تدهور مناخ الأعمال بقطاع السيارات في ألمانيا
-
بحضور ماكرون.. السعودية توقع اتفاقيات مع شركات فرنسية
-
مصر.. ساويرس يمنح الجامعة الأمريكية أكبر تبرع في تاريخها ويت
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|