نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3630 - 2012 / 2 / 6 - 23:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عنـدما نكب العـالم العربى والإسلامى بالهجمـة الاستعمارية بعـد تقسـيم تركة الدولـة العثمانية، كانت القابليـة للاسـتبداد مترسخة فى الشخصية العربية على نحـو أصـيل، الأمـر الـذى حـدا ببلفـور - الوزير البريطانى صاحب وعـد بلفـور المشئوم- إلى أن يقـول: "... إن الأمم الغربيـة فور ظهورها فى التـاريخ تظهر تباشـير القـدرة على حكم الذات، لأنها تمتلك مزايا خاصة بهـا، ويمكنك أن تنظر إلى تـاريخ الشـرقيين بأكمله فيمـا يسمى بشـكل عـام، المشرق، دون أن تجـد أثـرا لحكم الذات على الإطلاق. وكل القرون العظيمة التى مرت على الشرقيين-ولقـد كانت عظيمة جـدا- انقضـت فى ظل الحكم المطلق. وكـل إسـهاماتهم العظيمة فى الحضارة الإنسانية-ولقـد كانت عظيمة-أنجـزت فى ظل هـذا النمط من الحكم. فقـد خلف فـاتح فـاتحا، وتلت سـيطرةُُ سـيطرةَ، غير أنك فى دورات القـدر والمصير كلها لاترى أمة واحـدة من هـذه الأمم تؤسـس بدافع من حركتها الذاتية ما نسميه نحن من وجهـة نظـر غربيـة، حكم الذات" .
ويقول الكواكبى: "فـإذا لم تحسن الأمة سياسة نفسها أذلهـا اللـه لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيم على القاصر أو السـفيه وهـذه حكمة، ومتى بلغت أمة رشدها استرجعت عزها وهذا عدل، وهكذا "إن اللـه لا يظلم الناس شـيئا ولكن النـاس أنفسـهم يظلمون" .
و"وصف أرسـطو الطغيان الشـرقى بأنـه النموذج الحقيقى للطغيـان، وهـو أيضـا وصف ظل يتكرر منذ عصر أرسـطو حتى يومنا الراهن! حتى إن الأوروبيين عنـدما "يسـبون" ملكا أو حاكما لاستبداده يصفونه بأنـه أقرب إلى الطاغيـة الشرقى؛ فالطاغية الشرقى "الشهير" يعامل المواطنين معاملة السـيد للعبيـد، وهاهنـا نجـد أصل الفكـرة الهيجيليـة التى تقـول إن الشرقيين كانوا جميعا عبيـدا للحاكم الذى ظل هـو وحده "الرجل الحر" فى الدولـة! والغريب أن أرسـطو أرسـل إلى تلميـذه الإسـكندر الأكبر رسـالة ينصحه فيها بمعاملة اليونانيين كقائـد، وأن يعامل الشرقيين معاملة السيد لأنهم بطبيعتهم عبيـد" ، كما يقـول: "إن الرجل الحر لا يسـتطيع أن يتحمل حكم الطاغية، ولهـذا فإن الرجل اليونانى لا يطيق الطغيان، بل ينفر منه، أما الرجل الشرقى فإنه يجده أمرا طبيعيا، فهو نفسـه طاغية فى بيته، يعامل زوجته معاملة العبيـد، ولهـذا لا يدهشه أن يعامله الحاكم هـو نفسـه معاملة العبيـد" .
وكان أرسطو يقصد بالطغيان الشرقى، ذلك الطغيان المستشرى فى الهنـد والصين وفارس ومصر وبابـل وآشـور، غير أن الديموقراطية قـد وجدت طريقها فى ما بعـد إلى الهنـد واليابـان وغيرهما, والبقية تأتى إن شـاء اللـه.
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟