أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المثقف المبادر... في تذكر عمر أميرالاي














المزيد.....

المثقف المبادر... في تذكر عمر أميرالاي


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3629 - 2012 / 2 / 5 - 18:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لم يكن عمر أميرالاي أسيرا لاختصاصه السينمائي، لا يهتم بما يجري خارجه أو حوله. كان مثقفا تواصليا مبادرا، معنيا بالتنشيط الثقافي، وبتنمية الدور الاجتماعي للثقافة، ولا يكف عن التعاون مع غيره والعمل على أن يكون للثقافة والمثقفين كلمة في الفضاء العام. هذا شيء مرموق في سورية التي قام نظامها السياسي على عزل الناس عن بعضهم وتخويفهم من بعضهم، والتي ركن أكثر المثقفين فيها، بمن فيهم المعارضين، إلى العمل الفردي، الذي ربما يكون قيّما، لكن أثره العام محدود. قد لا يكون عُمر شرح تصوره للثقافة، لكن سلوكه يعطي الانطباع بأنه يعتبر الثقافة شيئا أكثر من نتاجات ثقافية، وأكثر من أفعال معزولة يقوم بها مثقفون أفراد؛ إنها نشاط اجتماعي عام، وتفاعل مباشر بين الناس.
كان عمر محركا لتجربة النادي السينمائي في دمشق حتى عام 1982، ثم مجددا في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي لوقت قصير، قبل أن توأد التجربة.
ولقد وقع دونما تردد على بيانات وعرائض المثقفين السوريين، من بيان الـ99 عام 2000 إلى بيان تضامني مع الثورتين التونسية والمصرية، قبل وقت قصير من وفاته.
في عام 2008 اقترح علينا، برهان غليون وأنا، أن نكتب شيئا عن فكرة الجمهورية والقيم الجمهورية. لا مجال للمبالغة في أهمية الفكرة. سورية هي البلد العربي الوحيد، وواحدة من "جمهوريتين" أو ثلاثة في العالم، جرى توريث الحكم فيها عائليا. ربما أثنينا على فكرة عمر وقتها. لكننا لم نلتزم له بشيء. ولم ننجز شيئا.
بادر عمر مجددا في خريف 2009 إلى اقتراح أن نطلق موقعا ثقافيا سوريا على النت، بغرض تنشيط الحياة الثقافية في البلد. كنا نتداول في الأمر في بيته القريب من شارع الباكستان في دمشق. تقلبنا بين الآراء والمقترحات طوال أسابيع، ثم لم يتمخض عملنا عن شيء. كانت الفكرة إطلاق موقع غير مُمول، وإحياء تقاليد العمل الجماعي التطوعي، على ما كان عمر يقول. لكن لم نستطع القيام بذلك. الشيء الوحيد الذي حظي بموافقة عامة كان اسم الموقع: إكسيريا. عمر هو من اقترح هذا الاسم الرشيق الذي يجمع بين الإكسير وبين اسم بلدنا في لغات الأوربيين.
في المرتين حالت دون أن نُنجز شيئا بعض أسوأ خصائص جيلنا.
أولها افتقارنا إلى روح الفريق. قد لا يكون أداؤنا سيئا كأفراد، لكنه متواضع كمجموعات.
نحن جيل المشاريع التغييرية الكبيرة. ولقد رأيناها تنهار أمام أعيننا. فكان أن اندفع أكثرنا إلى العمل الفردي والإنجاز الفردي. هذا محدود الثمرات، لكن يبدو أن جيلنا لم يعد قادرا على غيره.
وثاني خصائص هذا الجيل التقبُّل السهل للهزيمة، واعتبار الإخفاق واقعة عادية من وقائع الحياة، نستكين لها دون مقاومة. تعثر مشروع إكسيريا، فتقبلنا تعثره دون إشكال، وعدنا إلى ما ألفنا من عمل فردي، يقوم به كل واحد منا في غرفته.
ربما نتقبل الهزيمة بيسر كي نحمي أنفسنا من ألمها. لكن خوفنا من الإخفاق انقلب إلى خوف من العمل، الجماعي منه بخاصة.
لا نلام كثيرا. فقد اجتمعت علينا الهزيمة الوطنية والقومية ممثلة بحزيران 1960 والهزيمة المواطنية بعدها بقليل على يد نظم الطغيان، فضلا عن هزائمنا الحزبية. لكن هذا التقبل الميسور للهزائم،والعمل فقط على إنقاذ الذات، هو بمثابة تنصل من الدور الاجتماعي للمثقف.
كأن عمر لم يهزم. كان يتوقع النجاح ويأمله ويعمل من أجله. لذلك كان أشدنا غضبا من الفشل دون أن يضع نفسه خارجه.
بعد قليل من غياب عمر تفجرت الثورة في سورية. وبقدر ما أنها تشكل اليوم التجربة المكونة لجيل جديد، متحرر من عقدة الهزيمة، يبدو إنها تضع نقطة النهاية لجيل قديم، عاجز عن تغيير نفسه أو ما بنفسه، ومن باب أولى تغيير غيره.
يعرض غير قليل من أفراد هذا الجيل الآيل إلى الانقراض نموذج الأنا المطلق الذي لا ينضبط بقاعدة ولا يلتزم بمبدأ ولا يتعاون مع أحد. وهذا هو الأساس السيكولوجي للطغيان. مقابلهم يعرض شباب اليوم التزاما بعمل عام وانضباطا بمقتضياته وتعاونا مرموقا فيما بينهم.
عمر أميرالاي كان أقرب إلى هذا الجيل الذي شارك بعض شبانه في اجتماعات إكسيريا، وكلهم من أبرز شباب الثورة السورية اليوم.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الشبّيحة والتشْبيح ودولتهما
- حول العسكرة والعنف والثورة...
- ديناميتان للثورة السورية: المستقبل في الحاضر
- المثقفون والثورة في سورية
- -حكي قرايا-: تدخل عسكري دولي!
- مكونات الثورة السورية وسياستها
- عام ثوري وأزمنة صعبة قادمة
- الفاشية السورية وحربها ضد العامة!
- محاولة لشرح القضية السورية للمنصفين
- حوار في شان الطغيان والأخلاق
- عن حال مؤسسات الحكم البعثي بين عهدين أسديين
- العصيان المدني أو الإضراب الوطني العام
- وطنيّتان: من الوطنية الممانعة إلى الوطنية الاجتماعية
- الطغيان والأخلاق في -سورية الأسد-
- اليسار موقع وعمل ودور، وليس نسبا أو هوية!
- نظرة من خارج إلى الأزمة السورية
- في شأن سورية وإسلامييها والمستقبل
- الثورة السورية تنظر في نفسها
- من الشخصي إلى العالم الواسع: حوار في شأن الثورة السورية
- ملامح طور جديد للثورة السورية...


المزيد.....




- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...
- تحقيق لأسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيم ...
- خبير فرنسي: هذه هي الإدارة الأكثر معاداة للفلسطينيين في التا ...
- واشنطن بوست: معاد للإسلام يعود للبيت الأبيض
- ثورة طبية.. الذكاء الاصطناعي يضمن الجراحة في 10 ثوان


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المثقف المبادر... في تذكر عمر أميرالاي