أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - 4- الاعتقال والحكم المؤبد















المزيد.....

4- الاعتقال والحكم المؤبد


سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 13:42
المحور: سيرة ذاتية
    


4- الاعتقال والحكم المؤبد
في صباح 19/2/1949 جاءني رفيق ليخبرني باعتقال الشخص الثاني في التنظيم ,رفيق جالاك وكان لابد من ابلاغ الرفيق المسؤل واتخاذ تدابير الصيانة والحذر . فذهبت لاخبار الرفيق المسؤل وكان كمينا في انتظاري . فقد اعترف جالاك بكل شيءوابلغهم بحتمية حظوري . وهكذا تم اعتقالي . ولم تفد كل القصص التي اختلقتها واخذوني لتفتيش البيت . ولم يجدوا شيئا , بفضل اختي كلير وغبائهم. فقد كان في جيب سترتي المعلقة خريطة لكل الخلايا النسوية. وكنت استرق النظر اليها بين الحين والاخر وادعو الله ان يعميهم عنها حتى خرجوا من البيت. ولكن قبل خروجهم عاد اخي فؤاد من المدرسة وتساءلوا عنه دون ان يلقوا القبض عليه. فقد تصدت لهم امي قائلة , انه مجرد طفل وليس له اي دخل في السياسة.
وفي التحقيقات الجنائية , قدموني فورا الى مدير التحقيقات الجنائية , بهجت العطية ومعه جزار التحقيقات المفوض عبد الرزاق. واحضروا الفلقة ووسائل التعذيب الاخرى. وبدأ استجوابي .وكان السؤال الاول . انت جميلة ما حاجتك لهذا الحزب! حاولت عدم الاجابة عن كل سؤال وبدأوا التعذيب . وربطوا الفلقة بارجلي وباشروا بالضرب. وحاولوا اثارتي باتهامي بالفساد في ذهابي الى بيت المسؤل . وبعد ساعتين من التعذيب وانكاري لاية علاقة بالتنظيم وعدم معرفتي باحد نقلوني الى غرفة البنات . فوجدت هناك حبيبة ونجية اخت زوجها حسقيل وامه البالغة من العمر سبعين عاما وصديقتهم صبيحة صالح وعمومة مصري. ومعهم احد المخبرين. فلم استطع الحديث. ونمنا تلك الليلة بعد كل ذلك القلق والتوتر الذي عانيناه طوال النهار. وفي الصباح الباكر وجدنا شخصا مكبلا بالسلاسل في باب غرفتنا كانه اسد رابض. اخبرتنا عمومة بانه المناضل زكي خيري. وتقدم منه احد الشرطة السرية مداعبا, ها طرزان اردت ان تهرب منا مرة اخرى! لم يجب ولكنه طلب تقديم الشاي للبنات على حسابه. وبعد قليل طلب نقلنا الى مكان مشمس فالبرد شديد. وفعلا نقلنا الى سطح البناية ووجدنا هناك وفي الجهة المقابلة من السطح عشرات الرفاق المكبلين ودماء التعذيب لم تجف بعد.
وكلما مر الوقت دون ان يجلبوا اية رفيقة من منظماتي , ازداد اطمئنانا . ولم اكن اعلم انهم بعد اعتراف جالاك على كل الرفيقات , في التنظيم, الذي كنت مسؤلة عنه, اتصلوا بذويهم وهددوهم باعتقالهن. فقد كان تركيز الحكومة انذاك على اليهود لتبرير دعايتها ضد الشيوعية وربطها بالصهيونية. فقد جرى تسفير الدكتورة نزيهة الى لندن للتخصص وبشرى برتو الى سويسرا لاكمال دراستها وكانت ثمينة ناجي مريضة وسلوى صفوت نجت لان والدها كان عقيدا في الجيش والتقيتها مرة اخرى بعد اعتقالها مع وفد نسائي كان خاضرا احد المؤتمرات النسوية العالمية وبمظهر انيق جدا. واخيرا التقيتها في الامن عام 1979, لاتلقى جولات من التعذيب بسبب اخبارها الامن عن كل تحرك اقوم به.
وبعد اربعة ايام من التعذيب نقلوا الاخريات الى الموقف في سجن النساء وبقيت لوحدي فقلقت لان ذلك يعني مزيدا من التعذيب . ولكن بعد ساعات الحقوني بهن بعد ان احضروا مالك سيف ليتعرف علي .فقال لا اعرفها فهي من الجيل الجديد. وبينما كان يتنقل بحماس حاملا الاضبارات قال له احد الشرطة المتواجدين , سليمة التكرفك وين انت اووين هيبة فهد! فرحان بخيانتك! كان لكلام الشرطي هذا وقعه الرائع على نفسي فنقلته الى الرفيقات ولم انسه ابدا.
دخلت سجن النساءلاول مرة فقد كنا نواجه حبيبة قبل اكثر من سنتين في الساحة الخارجية المخصصة للزيارات والادارة. كان سجن النساء يتكون من باحة واسعة وعلى جانبين متقابلين منها غرفتان واسعتان تسمى كل منهما قاووش. وفي الطرف الثالث غرفة للطبيب والى جانبها غرفة للممرضة ومن ثم غرفتان متداخلتان واحدة لتعليم السجينات الخياطة والاخرة لتعليمهن القران. وفي الطرف الرابع من الساحة باب كبير يؤدي الى قسم اخر للموقوفات وغرفة منعزلة للمومسات. وعبر الساحة هناك مغسلة واحدة وحمام بدائي ومن الجهة الخلفية هناك اربعة مراحيض وفي النهاية غرفة مظلمة وغير مبلطة تسمى غرفة الرياضة , اي لمعاقبة السجينات المتمردات على نظام السجن.
لم نفاجأ بوجود اربعة رفيقات في سجن النساء . ففي حملة الاعتقالات بعد خيانة مالك سيف في ايلول 1948 اعتقلت الرفيقتان الن يوسف وزكية خليفة . وحكم على كل منهما سبع سنوات كما كانت الرفيقة صبيحة يوسف وهي ممرضة من مدينة الحلة وحكم عليها سنتين لنشاطها في وثبة كانون. ساعدونا جميعهم على توفير بعض الحاجيات الضرورية حتى سمح بزيارة عوائلنا. وجاءت امي! بعد ان لم تترك دائرحكومية او وسيلة ليسمح لها بلقائنا . جاءت وهي محتقنة من الغضب والالم المكبوت وكل همها انقاذي من التهمة بمحاولة ابعاد علاقتي الاخوية مع حبيبة . لانها كانت تضن ان القاء القبض علي جاء لانني اخت حبيبة. وخلال فترة التوقيف حاولت ادارة السجن فرض عدم دخول الصحف الينا فتصدينا لها فاخذت تتوعدنا بالانتقام بعد صدور الاحكام.
وبعد عشرة ايام فوجئنا باحضار خالتي دوريس واخبرتنا بان جالاك قد ابلغ الامن بانها مرشحة والمرشح يقوم بجميع مهام العضو كما اعتقلوا فؤاد واعترف بكل ما يعرف تحت التعذيب. وهكذا نكبت امي ولا اقول العائلة فقد اصبح ثلاثة من اولادها واختها وزوج ابنتها واخته وامه في التوقيف. واضطرت لتسفير اخي الكبير نعيم الى الكوت لاكمال دراسته الثانوية . واصبحت امام مشكلة كلير التي نشطت في تحذير من تبقى من التنظيم من ارتياد بيوت الرفاق المعتقلين التي اصبحت مصيدة للاخرين. وعملت على تهريبهما الى اسرئيل بدافع انقاذهما من السجن, ولم تفكر بما ينتظرهما من مأس لاسيما لفتاة في الرابعة عشر من عمرها.
وفي 27/4/1949 كان يوم المحاكمة ونقلنا السبعة في سيارة عسكرية الى محكمة عسكرية يتوسط بين كل اثنتين جندي مسلح محذرا من الحديث بيننا . وبعد محاكمة شكلية امام الحاكم العسكري المرعب النعساني صدرت الاحكام .بالاعدام شنقا على ساسون دلال باعتباره المسؤل عن التنظيم وعلى خمسة من المتهمين بالمؤبد بضمنهم امرأتان عمومة مصري وسعيدة مشعل , وحكم على عشرة اخرين بعشر سنوات وعلى ستة اخرين بسبع سنوات بينهم اخي فؤاد وعلى سبعة اخرين بخمس سنوات بينهم حبيبة ودوريس ونجية وصبيحة وحكم على ام حسقيل سنتين لكبر سنها. هكذا كانت الاحكام تصدر بالجملة. لكثرة المعتقلين وامتلات السجون فصرح نوري السعيد لن تقوم للحزب الشيوعي قائمة بعد اليوم وعلى الاقل لعشرة سنوات قادمة. وخاب فأله فقد استفاق الحزب من الضربة واستعاد نشاطه بعد اقل من سنتين .
فاجأتنا عمومة ونحن نخرج من المحكمة بالهتاف ضد الاحكام العرفية وضد الاستعمار البريطاني ورددنا الهتافات معها رغم الهراوات التي تلقيناهاحتى بلغنا سجن النساء في سيارة السجن المظلمة بغرفها المنعزلة وامضينا الطريق الى السجن ننشد ونتحسس مواقع الضربات التي تلقيناها.



#سعاد_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساهمتي في وثبة كانون / 1948
- الفصل الثاني الانعطاف الحاسم
- 2- بوادر الوعي الوطني
- الفصل الاول من رحلة حياة البدايات
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتضحيات
- رحلة حياة امرأة عراقية عبر اخطر مراحل تطور شعبها والبشرية
- تجتاز البشرية مرحلة المطالبة بالحرية الى مرحلة صنعها
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتصحيات
- يحق للفلسطينين التمتع باول منجوات عصر التحرر لانهم اغنوا تار ...
- الانتفاضات والاعتصامات المعاصرة ميادين اعداد الاجيال الصاعدة
- دماء الشهداء تؤجج الحراك الجماهيري وتطور اهدافه
- التحرك الجماهيري العراقي يوطد ديناميكيته بالتظافر مع تحرك عم ...
- البشرية تغذ السير نحو تحررها باسقاط الانظمة الموغلة بالتخلف ...
- ثورة 14/تموز رائدة الثورات التحررية المعاصرة ومحكمة الشعب من ...
- لماذا يموت الشعب الصومالي جوعا والسبيل الوحيد لانقاذه
- العامل الحاسم في اجتياز البشرية المرحلة الانتقالية لتحررها و ...
- من صعوبات مرحلة الانتقال التي تمر بها البشرية استماتتة قوى ا ...
- ثلاثة ايام للغضب والتحدي والامل في بغداد عاصمة الكون ومصدر ا ...
- تطور مقاومة الشعب العراقي للاحتلال افقد المحتلين وادواتهم اع ...
- وتبقى ساحات الاعتصام والتظاهرات الميدان الرئيس لتحقيق الاهدا ...


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - 4- الاعتقال والحكم المؤبد