|
الصورة النمطية للإنسان المسلم في الصحافة والمؤلفات الأجنبية: مجلة لوبوان (le point)والكاتب أندري مايكل نموذجا.
عبدالحق فيكري الكوش
الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 15:45
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
السخرية من الإنسان المسلم وتسفيه صورته تاريخيا، وتسويقها في المؤلفات العلمية والكتب والمجلات، وعموم وسائل الإعلام...، جزء من مؤامرة واسعة تطبخ في دهاليز الجامعات الأجنبية والإعلام ومراكز القرار العلمي والأكاديمي والسياسي....، لغايات غير البحث العلمي والتحقيق الصحفي ، وان لم نقل أنها – هته السخرية من الإنسان المسلم - في لاوعي الكائن الغربي، ترسخت وصارت عقيدة من ضمن مجموع عقائده، التي يحاول من خلالها النيل من الإنسان المسلم، فتحولت إلى راسب تاريخي يلازمه، ويحكم من خلاله على الإنسان المسلم في عمومه وخاصته، سلوكا وحضارة وعقيدة... وتطور مع الوقت هذا الراسب وتحول الى صدأ يعيق النضرة السوية للعين الغربية والمسيحية في رؤيتها السوية للمسلمين والإسلام، وصارت مؤسسة قائمة بذاتها، لها منتوجات غاية في الابداع. هي مؤسسة الصورة التي تدل وتحيل على الإسلام من خلال صورة الإنسان المسلم، لكنها أصبحت واقعا مميعا، تكشف نفسها بنفسها، وتكذب نفسها بنفسها، أنها جزء من عقيدة الغربي، والعقل الغربي الذي يتعمد تنميط الصورة والحديث والكتابة بصفة عامة في صراعه الحضاري مع الإنسان المسلم، فتتحول الكتابة إلى تتمة لحرب تشن على ارض الواقع، وتتمة لحرب إعلامية شرسة تشن وبلا هوادة بهدف مسخ الإنسان المسلم وترسيخ عقدة النقص في نفسه. وكم يبدع الإنسان الغربي جدا عندما يتعلق بالإنسان المسلم، فيجتهد خياله في رسم صورة حاطة من قيمته، إلى أقصى وأبدع ما يمكن تخيله ! على سبيل المثال وأنت تفتح كتاب الإسلام لمؤلفه "مايكل أندرو"، ستجد نفسك في مختبر لصناعة الصور التي يجب أن تلازم الإنسان المسلم والتي تمت إليه وترتبط به، وتدل على الإسلام من خلال مضمونها ومحيطها ومحتواها، لقد بالغ كثيرا الكاتب مايكل اندرو في توظيف مجموعة من هته الصور التي تجمع بين التخلف والفقر والأمية والتهميش.. في وصف والدلالة على الكائن المسلم، وكأنه يختزله في صورة نمطية جاهزة، الكائن الكسول الفقير والساذج، الذي لا تتناسق أطرافه مع حجم جمجمته، وكان أتباع دين الإسلام والمسلمين عامة مجرد مجموعة وقطيع من الأوباش الفارغة جماجمهم من نعمة العقل والمحرومون من الأناقة والجمال والحظ من العلم والمعرفة.... لا يهمنا محتوى الكتاب ، لكن هي الصورة اخطر في أداء المهمة من كتاب محايد، هذا إن كان الكاتب فعلا يحاول إنصاف الإسلام. لكن توظيف صور كهته تنسف أي عمل، فالصورة أبلغ من المحتوى ! لقد بالغ كثيرا، فمثل هته الصور متوفرة حتى في المجتمع المسيحي الحديث وكل المجتمعات، وفي إفريقيا والهند والولايات المتحدة..، وليست صورة إنسان مسلم بطين نائم وسط فاكهة البطيخ، بغير الصورة النمطية، فلا علاقة لمؤلف يتناول الإسلام بصورة مثل هته. إن الإنسان لا يختلف مطلقا عن أي إنسان، وان الإنسان الغربي والعبري هو من قام بعزل الإنسان عن الإنسان، لغايات أيديولوجية ودينية وعرقية وعنصرية.. صرفة، لأهداف أخرى وصراع حضاري في ثلثه واستعباد البشر، وهو صراع حول الموارد الطبيعية في بقية حالاته. انه يسوق عقدة تفوقه في مقابل ترسيخ عقد نقص في عدوه المفترض، أي إن الغرب ينمط عدوه لأنه في حالة حرب دائمة، وحتى ولو أن الإسلام والمسلمين ليس بالضرورة عدوا . إن اغلب الصور التي تتناول الإنسان المسلم في كتاب اندري مايكل هي صور الإنسان المصاب بأمراض سوء التغذية، الإنسان القليل المعرفة، بثياب تخلو من الأناقة وأشكال غير أنيقة وغير متناسقة، جماجم صغيرة وبطون كبيرة أو العكس، وكأنه يختار النشاز وغير المألوف عند الناس للدلالة على المسلمين، وعزلهم ضمن قطيع معين، بل له صفات معينة تلازمه ويرابط حولها كالفقر والكسل والعجز وسيطرة الأقدار عليه..، الإنسان الساذج الذي لا يتناسق ومنتوجه ومحيطه، البدين حينا والنحيل كثيرا، كما أن الحرف التي يمارسها الإنسان المسلم، هي حرف بسيطة وبدائية وهي متوارثة وتتميز بالتقليد والنسخ التاريخ والمجردة من الإبداع المتجدد..، وكأن بلاد المسلمين خلت من مخترعين وعباقرة ومن شخصيات اتسمت بالوسامة والعبقرية والعلم والمعرفة والاختراع.. وإلا لما تحتفظ بريطانيا على وجه المثال بلوحة تشكيلية رسمها فنان بريطاني تخلد لشخصية سفير مغربي في القرن السابع عشر هو بلعطار ، ومجرد تصويرها يحتاج لإذن شخصي من الملكة؟ في الصفحة 147 سنطلع على صورة شخص ضعيف البصر، يحمل مدواة تقليدية، وهي صورة تبق النشاز في حياة المسلم وحياة البشرية، إنها صورة طبيعية تتحول إلى صورة عنصرية تشتم الإنسان المسلم جميعه، باعتباره يجهد نفسه في الكتابة والتعلم، والذي لا يليق به أن يتعلم ويكتب، رغما عن طبيعته التي تجعله غير مؤهل للعلم والمعرفة ، كائنا ممسوخا من صفاته العجز والجهل والتخلف ومرادفاتهم ! المساجد متوفرة في الكتاب، إنها صورة نمطية منتقاة عن الإنسان المسلم المهووس ببناء وتشييد المساجد ورميها في الخلاء لاصطياد العابرين، إنها صورة نمطية تجرد الإنسان من نعمة الذكاء، وكأنه يدعو إلى الإسلام في غفلة من الطبيعة، أو أن من يسلم يحدث له ذلك بدون علم الله والإنسان المسيحي ، بل وفي غفلة من ذاته ! بل لقد تم افتتاح الكتاب بصورة اغرب عن نظيراتها مما زين به الكتاب مؤلفه من صور تناسب حجم مؤامرته، صورة شجيرة شاحبة زرعت وسط الرمل ، وهي صورة تحيل على الموت الطبيعي لهته الشجيرة، وعلى منح الإسلام عمرا افتراضيا، وكأنه عشبة ضارة نبتت في صحراء قاحلة. أما في عددها الخامس والسادس، فتناولت مجلة لوبوان (le point) ، الإسلام وأعدت ملفا خاصا عنه، وأكيد أن ما رافق الموضوع من صور، تجعل المتأمل يكتشف التنميط المتعمد للإنسان المسلم، وتعليبه في صورة معينة، لا اختلاف، فالصورة تتكرر وان اختفت بعض الصفات منها في شخصية يتم نقلها إلى الشخصية التي حولها أو بالقرب منها، هو مسخ متعمد وتسفيه للإنسان المسلم صورة في مجموع صور تؤدي وظيفة غير وظيفة البحث العلمي وإنصاف الإنسان والإنسانية عامة من خلال فاعل حضاري يسمى "المسلمين"، لقد حضرت شخصية الإنسان المسيحي وبصماته في اختيار الصور، الهوس الإسلامي بالحروف ، أي حروف القران، وانه حولها إلى أشكال مختلفة تسيطر عليه، وكأنها تقول أن الإنسان المسلم، كائن سطحي، أسرته البلاغة القرآنية، واستعبدته الحروف، ضمن اتهام باطل للمسلم بالحالة الكلامية، فتحول إلى تفكيك هته البلاغة إلى فن، هو فن الخط، لقد تم التركيز بشكل متعمد على صور أحادية ، والتلاعب بها في مجموع الصور المركبة عن الإنسان المسلم، العمامة، وجبريل كائن بشري له جناحين..، وهذا أمر سخيف، وكان الإنسان المسلم، كائن خرافي سيؤمن بصورة ملاك على شكل كائن بشري ! هو البحث في مجال الصورة الدالة على الإنسان المسلم في أجهزة الإعلام والكتب والبحوث، هو مجال خصب جدا، بل منه يمكن النفاذ إلى العقل الغربي ونقده فيما يخص تناوله للإنسان المسلم والمسلمين عامة، وسيدهش المرء من أن الصورة أيضا لم تخلو من تسيييس حضاري في محاولة الإنسان المسيحي استعباد الكائنات الغير المسيحية.
#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثائق الاعتذار في محراب قلب الحبيبة-الى الحبيبة هجر-(02)
-
وثائق الاعتذار – في محراب قلب الحبيبة – هاجر.
-
بلبل الأمداح النبوية في بيروت والمشرق العربي، عبد الغني الكو
...
-
العذراءالزهراء الكوش متصوفة استثنائية في المغرب والعالم الإس
...
-
آل الكوش: قصة عائلة تأرجحت بين جرائم دولة الاحتلال والانتداب
...
-
الإعجاز الثوري في الثورة التونسية: اقتصاد في الزمن، وواقعية
...
-
1912-2012 م – المغرب: من صدمة الحماية الفرنسية إلى تعايش الش
...
-
صناعة -المحنة- في المغرب: «امتحان الزوايا» إلى «امتحان المثق
...
-
الصحافي رشيد نيني والعنزة وجاليليو
-
طقوسية بويا عمر وطقوسية النظام: الذهنية المشتركة وأزمة عقل ا
...
-
الإسلام والحرية والإنسان ، ثالوث الحلول في العالم العربي
-
المخزن و ميكيافليلية الحلقة وحكمة الأميين
-
ثورة النيل الهادرة وجيل استعادة الكرامة العربية
-
وعاد هبل عاد إلى شبه الجزيرة العربية !!!
-
نقد العقل الجزائري
-
أسباب فشل المسيرة الخضراء في شقها الوطني
-
فجائعية أحداث العيون/وسؤال شؤوننا الاستراتيجية بيد من؟
-
اغتيال الشيخ والولي سيدي عبد الله الكوش: الحلقات المفقودة من
...
-
خطاب أعمى الى صديق ذو بصيرة
-
هل يتقيأ جهاز المخزن السموم التاريخية ويسمح لنا ببناء نسخة ث
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|