أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس بين آحادية الإسلام السياسي وثنائية الوحي والوعي














المزيد.....

تونس بين آحادية الإسلام السياسي وثنائية الوحي والوعي


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 08:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أغلبية الشباب يظنون أن الإسلام هو ما يشهدونه من تفجيرات وما تلمحه أعينهم من لحي وما يلفت انتباههم من ملابس خصوصية، وما يهدد نفوسهم من حرمان من الموضة ومن الفن ومن الأدب ومن الحياة بالأساس. أهي غلطتهم أم غلطة من يتشدقون بالديمقراطية الخالية من العنصر الثقافي و الهوياتي؟ أولائك الذين قدموا مبررات كافية لبعض روافد البورقيبة وللنوفمبرية لكي تكون على صفة من الاستبداد تليق بالأفلام البوليسية؟
وهل أنّ تدارك ما فات العقل المجتمعي يكمن في أسلمة المجتمع من طرف قوى عانت من قبل من القمع المباشر بسبب أفكارها الدينية المباشرة؟ هل يُصحَّحُ القمع السلطوي و البوليسي، مهما كان مباشرا وعدائيا، بواسطة المباشراتية اللاهوتية؟
أعتقد أن الحل يتمثل في تحريك إرادة العمل لدى الحاكم والمحكوم ومنه تحريك سلطة القرار لديهما. وهذا يستدعي عملا استعجاليا، من دوم أدنى شك، لكن في جوانب غير السياسة المباشرة، وفي جوانب غير الدين المباشر. المطلوب تدخلٌ سريع في جوانب الفكر المتعددة والمختلفة يكون فيه المعطى الإسلامي متناظرا و متطابقا مع الأرضية شبه الوحيدة التي تتوفر للكائن العربي الآن من حيث تحملها للتدخلات السريعة؛ الوجه الدنيوي الوحيد تقريبا الذي يقدم نفسه كمرآة تعكس صورة التديّن الاجتماعي، بأكثر قدر ممكن من الأمانة: المعطى اللغوي (وليس هذا هو المجال للإسهاب في طرح الرؤية كاملة). و إلا فنحن قادمون على كارثة.
وتتمثل الكارثة في احتمال اضطرار العقل المجتمعي تسليط الاستبداد بنفسه وعلى نفسه: انظروا إلى هؤلاء الإسلاميين القادمين من حيث لا ندري والذين لم يتوانوا عن تسمية الثورة باسمهم لكي يحكمونا باسم إسلام لا يفهمه لا الكبار و لا الصغار. هؤلاء يحاولون إما إقناع المجتمع بتلك الحقيقة (مثلما فعلت ولا زلت أفعل) مع فارق خطير يتمثل في أنهم يمارسون مساومة المجتمع بتلك الحقيقة ومنه تطويعه إلى الحل الإسلامي إن استجاب، وإرغامه على القبول بذلك الحل إن لم يستجب.
والحال أن المجتمع مُتوَقٍّ بطبعه، بفضل الإسلام أولا وبفضل الثورة ثانيا، ضد الاستبداد. فهو صامد ومُقرر أن لا يقتنع بأية حقيقة كانت لمّا تأتي هذه الأخيرة من عند أناس لم يشاركوه ثورته ولم يترجموا أهدافها في واقع جديد، مثلما هو الشأن الآن وكما يتجلى لنا من خلال مواقف أفراد الشعب الذين لا ينتمون إلى حزب النهضة. والحال أن هذا المجتمع سينتهي به الأمر، مهما بدا ذلك متباينا، إلى أن يخيّر ترك الإسلام جانبا، في حالة تغييب وتخدير، على أن يمتثل لأوامر أناس قرروا إعادة أسلمته. علما وأن أسلمة المسلم تُعتبر في نظر الفرد والمجتمع، وفي نظر العلم، شذوذا ليس مثله شذوذ.
إذن ما الذي عسى أن يحدث لمّا يجد المجتمع نفسه مجبرا على التضحية بإسلامه؟ سيعاقب نفسه انتقاما وتشفيا؟ سوف يرضخ لا قدر الله للحكم الاستبدادي باسم إسلاموية مستوردة؟ الجدير بالملاحظة في هذا الباب أنّ أمريكا، البلد المُصدر للإسلاموية، لم تكن لتراهن على الإسلاميين كبديل للحكم البائد، في تونس وفي بلدان عربية أخرى، لو لم تقع في خلط رهيب بين الإسلام والإرهاب وذلك منذ أحداث 11 سبتمبر 2001. فهي بالتالي تعلم علم اليقين أنّ للإسلام قدرة تعبوية عجيبة، مما يفسر مراهنتها على الإسلام السياسي لقيادة الرأي العام نحو الإذعان لتلك القوة.
إلا أنّ الرياح لن تجري بما تشتهي سفن أمريكا، حيث إنّ الذي لا تعلمه لا هي و لا مشتقاتها هو أن الإسلام المصدري لم يكن أبدا سلطة استبدادية، كما رُوّج له منذ الأحداث المذكورة. والذي لا تعلمه أمريكا هو أنّه إذا حصل استبداد في التاريخ الإسلامي فمردّه تخلف عقول معتنقيه وعدم قدرتها على استساغة واستبطان معانيه ومقاصده السامية.
بالتالي يبدو أنّ الوقت قد حان لتدفع أمريكا ضريبة معادلتها للإسلام بالإرهاب. وذلك بأن تفهم أنّ الإسلام مضاد طبيعي للاستبداد، ما قد يستميلها لتبَنّي الإسلام كوسيلة لمناهضة موجات الاحتجاج داخل أمريكا بالذات. وهذا ما قد يصنع الفارق مستقبلا.
لكن هل سننتظر حتى يحين ذلك الوقت لنستورد من عند أمريكا إسلاما متجددا أم سنضطلع بأنفسنا وبمصيرنا من الآن؟ بل أليس تغيير نظرتهم للإسلام موثوق الصلة بتغيير نظرتنا نحن له في المقام الأول؟ على أية حال يظل تحويل الوعي التونسي، والعربي الإسلامي، بالقيم والمفاهيم الحداثية على غرار حرية المعتقد وحق الاختلاف وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وتعددية فكرية وسياسية، من فكر مهووس إلى واقع ملموس، من أجل إنقاذ الوضع العام المتردي، رهن قدرتنا على رصد و معايشة ما يكشفه لنا التاريخ من وحي فوري ذي مضمون عقلاني على غرار ما يكشفه لنا الآن بخصوص المكانة الطبيعية للمعطى الديني في حياتنا.
كما أنّ تحويل الإرادة وسلطة القرار الضروريتين لرسم السياسات التربوية والاجتماعية والاقتصادية المتسقة مع العقلانية المجدَّدة، ولإعداد البرامج المنبثقة عنها، وغيرها من مستلزمات الحياة المعاصرة، الحرة والديمقراطية، من طور النية والرغبة إلى طور الإنجاز والواقع، رهن الإيمان التكاملي الذي سيسمح به التجديد الحاصل للنظرة للدين الحنيف.
محمد الحمّار



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى يكون الإعلام في خدمة الأقلام
- أية سياسة لمشروع الرقي العربي الإسلامي؟
- هل العرب قادرون على الفوز بمعركة البقاء دون إيديولوجيا؟
- تونس: كي يكون أداء حكومة -البارسا- عالميا
- العرب بين ديمقراطية الاستجداء وواجب الاعتلاء
- من لغة التشرذم إلى لغة التعميم بفضل إصلاح التعليم
- الإصلاح اللغوي مُضاد حيوي لفيروس التطرف
- هل تنفع أنصاف الأفكار في مجابهة الرجعية الدينية؟
- عقيدة الكلام للتحرر من الرجعية باسم الإسلام
- تصحيح المسار في باب اليمين واليسار
- تونس اليسار المؤمن: دعم ثورة الشعب بثورة الفكر
- العلمانية خادمٌ مُطيعٌ للإسلام، تُخصِب التربة لتأصيل الحداثة ...
- نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي، والحلّ هو الاج ...
- لكي تكون قمّة الوُجود العربيّ
- لا إسلامي ولا علماني، المواطن العربيّ سلوكُه إنساني وقانونُه ...
- لوحات من الفكر الديني المُجَدَّد: فهمُ الإسلام
- في تجديد الفكر الديني
- مقاومة التخلّف اللغوي بوّابة لانفتاح الحداثة على الإسلام
- الأُسُس النظرية للفهم المَيداني للإسلام*
- هل انقرض العرب ثقافيا من أجل أن يولدوا من جديد؟!


المزيد.....




- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس بين آحادية الإسلام السياسي وثنائية الوحي والوعي