|
مصر إلى أين؟؟؟
حسام محمود فهمى
الحوار المتمدن-العدد: 3625 - 2012 / 2 / 1 - 23:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مشهدُ ما بعد الخامس والعشرين من يناير فى مصر أصبحَ مزدحماً، إناسٌ تدخل وإناسٌ تخرج، عالمٌ تصيحُ وعالمٌ تصرخُ، بشرٌ فى الشوارع وأضعافُهم فى البيوت، شعاراتٌ من كل شكل، لافتات حمراء وخضراء وصفراء، بهلوانات بالمُخَطَط بالطول والمُخَطَط بالعرض، فوضى بأكثر من معنى الكلمة، الآراء تَضارَبَت، لا أحد يسمعُ سوى نفسَه، من ضرَبَ من؟ من قتلَ من؟ أنضحك؟ أنبكى؟ ما من إجابة!!
الفضائياتُ جَعلَت من شاشاتِها مُحَرِكاً للمشهد فى مصر، جَلَبت من لم نكن نعرفهم أو نسمعهم أو من طالما تجاهلناهم ونَفَرْنا منهم، كثيرون أصبحوا أبطالاً ومُحللين ومُعلقين، بوضع اليد!! إيه الحكاية؟! يأتون من الخارج لينصبوا أنفسَهم قادة، يحتلون الإنترنت من خارج مصر ليصورا أنفسهم نشطاء، فضائياتٌ تُحرِضُ بكل قوة، جماعاتٌ من الظلامِ آتت لتنقَضَ على ما ليس لها فيه من فضلٍ، أنظمةٌ قمعيةٌ قهرَت شوارعَها بالجيشِ وبالشعاراتِ المذهبيةِ لا تخجلُ من تحريضِ الشارعِ فى مصر، حتى من ينادون بالحرية فى الشارعِ يرفضون آراءَ غيرِهم، يتضاربون بالطوبِ وبالاتهاماتِ وبالسِبابِ!!
دَمرَ بدو الضبعة مشروعَ المفاعل النووي المصري، وأقاموا بدلاً منه عشوائياتٍ من طوبٍ وحجرٍ وماعزٍ، وهددوا مسؤولي الدولةِ بالقتلِ؛ بلغت الخسائرُ مليار جنيه!! في أي دولةٍ يُقبلُ هذا المسلكُ؟ كيف يُرددون ومعهم بعضُ إعلامٍ أنهم حرروا أراضيهم؟! وهل نتوقعُ نفسَ هذا الإجلاء عن مارينا ومراقيا وسائر الساحل الشمالي؟! جلاءُ المحتلين المصريين ورفع الأعلام البدوية التي قد تكون سوداء اللون؟! وهل يسيرُ بدو سيناء على نفس المنطقِ وهم يهاجمون يومياً المحالَ وكمائنَ الشرطةِ؟!
مباراة كرة القدم بين المصري والأهلي تنتهي بعشرات القتلى والمصابين، سابقة لا مثيل لها في التاريخ الكروي الحديث. هل يُعقلُ أن يتواكبَ ميلادُ مصرِ جديدةٍ مع عشرات الآلاف من التعدياتِ على الأراضى الزراعيةِ تبويراً وبناءاً فى الممنوعِ؟! من أين يأكلُ ثمانون مليوناً بعد أن تحوَلَت تلك الأراضى إلى عشوائياتِ بناءٍ؟! الأدهى أنهم بمنتهى الجرأة يقفون طوابيراً لتوصيل الكهرباء والمياه؟! أضفُ إلى ذلك الارتفاعُ غيرُ المسموحِ به فى المدنِ والتعدى على الشوارع بامتداداتٍ لا تمُتُ للعمارةِ ولا للذوقِ بأيةِ صلةٍ.
المقاهى ومحالُ العصيرِ والملابسِ ومعارضُ السياراتِ أُقيمَت فى الطوابقِ الأولى من العقاراتِ، لننظرُ فى شارعِ حسن المأمون بمدينة نصر كى نتعلمُ ونفهمُ معنى التحَسُرِ والأسى والحزنِ على اِنفلاتٍ سلوكىٍ وأخلاقىٍ يستحيلُ أن تكونَ له علاقةٌ بثورةٍ هدفُها الأولُ القضاءُ على الفسادِ. لنر كيف نُسِيَت كلُ قوانين المرورِ وكيف تسيرُ سياراتُ السيرفيس فى الممنوعِ بدون لوحاتٍ، من يرتدى حزامَ الأمانِ الآن؟ لنُلق نظرةً كَسيرةً على شوارعٍ رئيسيةٍ وقد بَرَكت فيها سياراتُ نقلٍ، تبيعُ الفاكهةِ والخضرِ، غيرُ عابئةٍ بتوقفِ المرورِ، شارعُ الطاقةِ بجوارِ النادى الأهلى بمدينة نصر شاهدٌ.
أما عن الاعتصاماتِ والإضراباتِ المُطالِبةِ بالفلوسِ، على بلاطة كده، ألآ يوجدُ تعبيرٌ أكثرُ عِفةٍ عن تلك المطالبِ الحقيقيةِ؟! هل من يقفون مُتَصورين فى أنفسِهم قدرةً على مكافحةِ الفسادِ والمُفسدين فى أماكِنِ عملِهم، قد غَفِلوا أنهم أيضاً يَضُرون بلداً عليه يعيشون وأنهم قد يخسرونه إلى الأبدِ بأفعالِهم تلك؟! هل يقفون فى إضراباتٍ واعتصاماتٍ وينتظرون راتباً آخر الشهرِ؟! بأى منطقٍ، إلا البلطجةِ والبجاحةِ، بصراحة كدة. المطالبةُ برفعِ مستوى المعيشةِ حقٌ مؤكدٌ، لكن الخوفُ على هذا البلدِ أيضاً واجبٌ. كلُ واحد أضرَبَ فى مصر، ولو كان عايز يهرش أو يدخلُ الحمامِ أو يختم شهادة مضروبة!! وأيضاً كلُ مكانٍ، البنوكُ، شركاتُ النقلِ العامِ، شركاتُ الغزلِ، شركات البترولِ، السككُ الحديديةُ، الشرطةُ، لم يتبق إلا الجيش!!
الانفلاتُ سادَ وأصبحَت السرقةُ والبلطجةُ عينى عينك، هو فى إيه؟! تقفيلُ شوارعٍ وحصارُها لسرقةِ المحالِ، بلطجيةٌ يحتلون شوارعاً فى صورةِ باعةٍ جائلين، محالٌ تدَعى عدمَ وجودِ فكةٍ لتصريفِ سلعٍ مضروبةٍ، احتلالُ شققٍ سكنيةٍ ومدنٍ جامعيةٍ والإقامةُ فيها!! فرصةٌ للتهليبِ الأعظم، أقول إيه وإيه وإيه؟! فى سيناء حُرِقَت المدارسُ، بعد أن حرقوا مراكزَ الشرطةِ، اختطفوا عمالاً صينيين، مش فاهم، حتى التعليم رفضوه؟!!
هل سيحتاجُ المُقيمون على أرضِ مصرِ إلى إعادةِ تأهيلٍ إذا قُدِرَ لها أن تقفَ على قدميها مرةً أخرى؟! هل أهلُ تونس أحسن منا؟! هل شعبُ مصر لا يسيرُ إلا بالعصى؟! أهو انتحارٌ جماعىٌ؟ أهو غيابٌ عن الوعى لشعبٍ بأكملِه؟ كلام ثقيل، لكن النكبةَ أكبرُ، مصيبة وألف مصيبة. هل تعودُ مصرُ لعصرِ ما قبلِ التاريخ الحديث؟! هل ستولدُ مصرٌ جديدةٌ كما كنا نتمنى ونأملُ؟ ألله أعلَم.
إيه الحكاية؟ الدنيا فى مصر شُلَت، لمصلحةِ من الخراب ووَقف الحال؟ أهو هدفٌ فى حدِ ذاته لتنقض خفافيش الظلام على مصر؟ أين العقل؟ هل يَحكُمُ الشارعُ مصر؟ هل تُحركُه الفضائياتُ وتُحدِدُ اتجاهاتِه؟ هل تُسَيرُه؟ لماذا غَفَلَت الإنترنت عن التعدديةِ التى تُميزها؟ لماذا أصبَحَت أحاديةَ النظرَ؟ هل أصبحَ الهدوءُ عورةً؟ هل غدا التزامُ المنازلِ سبباً للتجاهلِ؟ هل ضاعَت الحقيقةُ؟ كلُهم يتحركون وكأنهم على المسرحِ وحدِهم. كل ما فى الساحةِ الآن لا يعبرُ إلا عن مصالحٍ خاصةٍ، لجماعاتٍ وأحزابٍ وأشخاصٍ ما تُريدُها إلا فوضى.
هل أصبَحَت مصر ملطشة الكلِ؟ السؤال المُلِحُ الآن هل بشرُ مصر تخافُ ولا تستحي؟! لمن الكلمة فى مصر الآن؟ للشارع؟ للألتراس؟ للجالسين فى بيوتهم؟ للفضائيات؟ للإنترنت؟ لراكبى الموجة من رافعى الشعارات الدينية والسياسية؟ المشهدُ امتلأ بالكومبارس الذين صوروا أنفسهم أبطالاً، مسرحيةٌ باخَت، وعجبى وأسفى وحزنى،،
مدونتي: ع البحري www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary
.
#حسام_محمود_فهمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كم ذراعٌ
-
الضبعةُ ... الاستيلاءُ على أرضِ الدولةِ بوضعِ اليدِ
-
ساويرس يزدَري …
-
دولةُ الخلافةِ …
-
وبعد انتخاباتِ الجامعاتِ …
-
الخوفُ من الحكمِ باسم الدين .. ليس وهماً ولا مبالغةً
-
الاختيارُ الآمنُ …
-
من عنده كلمة يوفرها ...
-
القذافي .. مفيش غير كده
-
أقباطٌ مواطنون وليسوا أقليةٌ مهاجرةٌ …
-
ثورةٌ أم غسيلُ ماضي؟!
-
أساتذة الفيسبوك …
-
هل تصبحُ مصرُ دولةَ العبيدِ والسبايا؟
-
يا وزير التعليم العالي … كيف حصلت علي إحصائياتك ومن أين؟!
-
الجامعات داخلة الجُب … ومعها وما معها
-
هي جَت علي العريش؟!
-
من عبرات سقوط الدولة العثمانية ... وأي دولة دينية
-
هل اِنتُخِبَ طه حسين وأحمد لطفي السيد؟!
-
صنائعُ الفضائياتِ …
-
كثير كده؟!
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|