صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3624 - 2012 / 1 / 31 - 09:35
المحور:
المجتمع المدني
تهدف الجهات الدولية من إحداث الفوضى إعادة تشكيل نظام سياسي يحقق مصالحها على نحو أكبر فتوظف حقد المتضررين الكامن وكراهيتهم لسلطة الاستبداد لإشاعة الفوضى وتعظم دور بعضهم على نحو مبالغ فيه وعدّهم قادة عهد جديد لتنفيذ أجندتها على نحو غير مباشر. إن أجهزة سلطة الاستبداد العنفية اكتسبت خلال عملها سنوات طويلة الخبرة الكافية من إحداثها الفوضى المقننة لإحكام السيطرة ما قد يُمكنها إخماد الفوضى المنفلتة وتقويضها ليس بالعنف وحسب، بل بزيادة سعيرها عن طريق حرق ممتلكات الدولة والتعدي على نخب المجتمع وتهديد الأقليات العرقية وبث الرعب في نفوس المواطنين ليطلبوا حمايتها.
إن نجاح سلطة الاستبداد اخماد الفوضى واستعادة النظام على الصعيد الداخلي، لن ينهي أزمتها وإنما يجري توريطها بحرب مع دول الجوار الاقليمي أو التهديد بها لإحداث الفوضى الخلاقة على مستوى الاقليم ودفع دول المنطقة بأسرها إلى أتون الحروب المفتعلة أو قبولها الانخراط بمشاريع القوى الدولية المتنفذة لإسقاط نظام الاستبداد أو تهديد أنظمتها بالمصير ذاته.
يقول (( كوبر )) : " إن الحروب لعبة دولية قذرة، لو تدرك الشعوب مأساتها الحقيقية ودوافعها لما سمحت لحكامها خوضها ".
يخوض معظم حكام الدول المتخلفة حروباً بالإنابة عن قوى دولية متنفذة تتفادى الخسائر المادية والبشرية أو لا تسمح قوانينها خوض الحروب لتقاسم مناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي، فإما تجري مساومة لحفظ مصالحها وإما تدعم حرباً بالإنابة لإلحاق الهزيمة بمنافسيها.
يعتقد (( دان براون )) " أن العالم سيكون مختلفاً تماماً لو أدرك قادته مأساة الحروب قبل خوضها ".
تعني الفوضى الخلاقة افتعال حروب متنوعة تحت السيطرة وبأزمنة محددة تضع أوزارها عند تحقيق أهدافها غير المعلنة مثل اسقاط أنظمة مارقة أو أنظمة غير مستجيبة على نحو كلي لأجندة القوى الدولية المتنفذة. إن خوض حكام الدول المتخلفة الحرب بالإنابة لصالح القوى الدولية المتنفذة بكونها حروباً محدودة خاضعة للسيطرة، لا ضمان تحقيقه وعدم امتداد لهيبها إلى دول أخرى في المنطقة لاختلاف تقاليد المجتمعات وأعرافها الثأرية غير المقيدة بزمن وجغرافية محددة خاصة إن كانت خسائرها فادحة.
يعتقد (( جون كيندي )) " أن على الإنسانية تضع حداً للحرب وإلا فإن الحرب ستضع حداً للإنسانية ".
إن إحداث الفوضى الخلاقة على أختلاف نماذجها وجغرافيتها والمشاركين فيها وأهدافها الخفية لإسقاط الأنظمة المستبدة وإعادة تشكيل أنظمة جديدة تحقق في محصلتها النهائية مصالح الجهات الدولية المتنفذة على نحو كلي، ومصالح المجتمعات المنكوبة على نحو جزئي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟