|
ثقافة الاجتماعات
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 14:36
المحور:
المجتمع المدني
تنتظم الناس ، في كل العالم ، ومنذ زمن بعيد ، في تشكيلات مختلفة الشكل والاهداف ، يجمعها شيئ واحد هو ان هذه التشكيلات تقوم بعقد اجتماعات لاعضائها ، لتدارس نقاط بحث معينة ، او لانتخاب هيئات قيادية جديدة ، او لتغييرات برنامجية ، وغير ذلك من الاسباب الكثيرة . ينطبق ذلك حتى على الدوائر الرسمية ومؤسسات العمل لتناقش تلك الاجتماعات ظروف العمل ، اساليب التطوير ، المشاكل وسبل حلها ومواضيع اخرى كثيرة ايضا .
تختلف ثقافة الاجتماعات بين بلد وآخر حسب مستوى التطور في ذلك المجتمع ، وفي مجتمعات اوربا المتطورة هناك ثقافة واضحة في موضوعة الاجتماعات تتلخص بالدعوة المبكرة لتكون هناك فرصة للتحضير ، مناسبة الموعد للغالبية من المعنيين في الاجتماع ، تحديد وقت الاجتماع ونقاط البحث ، توفير المستلزمات المناسبة لانجاح الاجتماع من مكان واجهزة وغير ذلك ، توثيق الاجتماع وكتابة مقرراته وسبل متابعة تنفيذ تلك القرارات وغير ذلك كثير . بينما نرى ان شكل ومضمون الاجتماعات في البلدان التي "تسعى للتطور" ، بعيدة عن توفير الوقت والتحضير المسبق ، بل حتى تصل الى نتيجة غير مرجوة أو يتم فرض قرارات مرسلة من جهات اعلى دون تقدير دور الجهات المنفذة في طريقة التنفيذ . وللأسف فان الكثيرين ممن يعيشون في دول اوربا لفترات اقلها عشرين سنة لازالو يمارسون ثقافة مجتمعاتهم رغم كل هذه السنين ، وسيكون من يتحدث عن ثقافة الاجتماعات مستفيدا من تجربة البلد الاوربي الذي يعيش فيه ، هو مصدر مشاكسة وازعاج لهم ، وربما يرغبون بعدم حضوره تلك الاجتماعات .
في عام 1995 حينها كنت انهيت فترة تعلم اللغة الدنماركية ومنتظم في دورة قصيرة لتعلم كيفية اصدار مجلة ، وكان يجري الاعداد لمؤتمر القمة الاجتماعية العالمي الذي اقامته الامم المتحدة حول التحديات الاجتماعية في كوبنهاكن . المنظمات العالمية غير الحكومية اقامت مؤتمر مواز للقمة في نفس الفترة ، الهدف منه توضيح وايصال افكار المنظمات غير الحكومية الى العالم . اقترحت على التنظيم الحزبي المشاركة في فعالية المنظمات غير الحكومية والتعريف بجرائم نظام صدام حسين ، ولان غالبيتنا جدد في الدنمارك كنا نقتنع برأي احدنا وهو مقيم في الدنمارك منذ 1980 وكان رأيه ان لامجال في ذلك اطلاقا ، وانتهى الامر في الاجتماع ، ولكني استعنت بمعلمة اللغة الدنماركية وارشدتني الى الجهة المعنية وزرت تلك الجهة ووجدت ان هناك امكانية للمشاركة ، وسجلت اسمي ممثلا لمنظمة نقابية ، وحصلنا على كشك في موقع المؤتمر على امتداد ايامه وحصلنا ايضا على فرصة اقامة محاضرة حول الوضع في العراق آنذاك . تم ذلك بجهدي الشخصي ، وحضر احد قادة التنظيم من لندن للمشاركة في الفعالية ، واعددت بيانا تم ترجمته ووزع في ساحة المؤتمر ومواقعه الاخرى . اقدم هذا المثال للقول ان ليس كل مايقوله احدنا هو صائب ، واقدم هذا المثال ايضا لاقول اني كنت مبادرا للتعريف بالنشاط السياسي المطلوب حينها ضد نظام صدام دون الرضوخ لقرار تنظيم حزبي او رأي شخص محدد .
منذ عام 1996 دخلت سوق العمل الدنماركي وتعرفت على ثقافة اجتماعات غير تلك التي تربيت عليها ، وتعلمت شيئا جديدا ، ساعدني في تعزيز ثقافتي العامة وثقافة الاجتماعات بشكل خاص . تطورت تجربتي من خلال نشاطاتي التطوعية الاخرى ، انتخبت في الهيئة الادارية لدار الحضانة والروضة التي كان ابنائي يداومون فيها ، انتخبت لعضوية مجلس الاندماج في كوبنهاكن ، وانتخبت رئيسا للمجلس وهو هيئة استشارية تقدم النصح لمجلس المدينة في القرارات المتعلقة بالاقليات العرقية ، وكان يؤخذ برأينا في غالبية القرارات . كان المجلس يضم 28 عضوا منهم 21 عضوا يمثلون مختلف الجاليات الاجنبية في كوبنهاكن . أسست في عام 1998 اول جمعية ثقافية اجتماعية في الحي الذي اسكنه ، كان ثلثي اعضائها من الدنماركيين والثلث الآخر من 12 جنسية اجنبية ، وكنت رئيس لهذه الجمعية لمدة اربع سنوات ، وتنازلت عن رئاستها عندما شعرت انها يمكن ان تستمر في نشاطها بدوني . انتخبت عضوا في مجلس الحي ، وانتخبت عضوا في لجنة المنطقة وهي تشكيل يشابه المجلس البلدي في العراق . انتخبت عضوا في الهيئة الادارية لمنظمة البيئة في المنطقة ، ( بالمناسبة حصلت على جائزة البيئة السنوية في كوبنهاكن عام 2003 ) . انتخبت ايضا لعضوية الهيئة الادارية للمدرسة التي داوم فيها ابني الكبير روژ ويداوم فيها ابني الصغير اوروك ، وكلاهما اعضاء في مجلس الطلاب الذي يشارك في اجتماعات الهيئة الادارية بشكل تناوبي بين الاعضاء . في عملي الوظيفي ادير مركز ثقافي في مدينة خارج كوبنهاكن وهذا يتطلب مني ادارة اجتماع شهري للجنة متابعة العمل المكونة من المنظمات والمجموعات المستفيدة من استخدام المركز الثقافي . ذكرت هذه المعلومات لكي اقول ان لدي خبرة في الاجتماعات وادارتها اكتسبتها من عملي الوظيفي والتطوعي .
انتقل الآن للحديث عن ثقافة الاجتماعات بين العراقيين ، اختار مجموعة غير محددة ، في زمان ومكان غير محددين ، وهي مجرد أمثلة فقط ، ولذلك فان باب التصويب والنقاش مفتوح لكل من يرغب في ذلك ، على العنوان الالكتروني ادناه .
- يتحدد مكان وزمان الاجتماع ، ولكن الاجتماع يبدأ متأخرا دائما ، وبدون اسباب جدية سوى عدم اخذ موضوع الوقت بالجدية المطلوبة ، حتى اصبح ذلك تقليدا ، اتحدث هنا عن مجموعة من الناس كانت تحترم الموعد في العراق ، لكنها في الدنمارك واوربا تخلت عن ذلك ، سألت احدهم في يوم ما هل الموعد المذكور في الدعوة هو لبدء الفعالية ام موعد خروجنا من منازلنا للحضور ؟ كنت انتقد التأخير ، وينزعج المنظمون للاجتماع ، لذلك بدأت ابدأ مداخلتي بالقول " شكرا للتأخير " . - ترسل وثائق الاجتماع بوقت مبكر ، الهدف هو الدراسة وتحضير المداخلات للاستفادة من الوقت ، ولكن هناك دائما من لم يطلع او يقرا وثائق الاجتماع ، فيصار الى قراءتها من جديد واضاعة وقت ما .
- عند البدء في مناقشة مادة ما ، مرسلة مسبقا ، يتم تسجيل اسماء الراغبين في المناقشة ، يسجل اربعة فقط على سبيل المثال من مجموع الحضور البالغ اكثر من ثلاثون ، وهؤلاء هم الذين كانوا قد درسوا مادة النقاش وجهزوا مداخلاتهم حولها ، ولكن تفسح ادارة الاجتماع المجال لدورة ثانية من النقاس فيتقدم عدد اكبر للمداخلة بعد ان استمعوا الى المداخلات السابقة وتكون ملاحظاتهم في الغالب تعليقا على ماقيل سابقا . هذه الصورة تعكس عدم جدية الاكثرية في التحضير الى الاجتماع .
- عند مناقشة مادة ما ضمن جدول الاجتماع يتجه بعض المتداخلين الى الحديث عن موضوع او اكثر بعيدا جدا عن نقطة البحث ، ربما يكون مهم لعموم عمل التنظيم واستراتيجيته ولكن غير مطروح للنقاش ، ويتبع البعض الحديث في نفس الاتجاه ، ويضيع وقت طويل حتى تتم العودة الى نقطة البحث الاصلية . هنا تكون ادارة الاجتماع مسؤولة عن تنظيم وقت المداخلات وعدم خروجها عن نقاط جدول العمل ، ولكن في الغالب تفشل ادارة الاجتماع في هذا الموضوع وتصبح جزء من اسباب اضاعة الوقت الذي يكون على حساب نقاط جدول العمل الاخرى .
- عادة ماتكون فقرة انتخاب هيئة جديدة لادارة العمل في الفترة اللاحقة للاجتماع آخر فقرات الاجتماع ، ولكن بسبب اضاعة وقت في بدء الاجتماع واضاعة وقت في المداخلات خارج مواضيع جدول العمل ، يكون الوقت المتبقي لموعد تسليم قاعة الاجتماع الى الجهة صاحبة القاعة قصيرا ، وبسبب من عدم المبادراة في الترشيح وقسم آخر بسبب عدم الرغبة في تحمل المسؤولية تكون الترشيحات محدودة ، ويجري الضغط على البعض للقبول بالترشيح ، رغم ممانعتهم ، من اجل انهاء تشكيل الهيئة باسرع وقت ، وانهاء الاجتماع بعد ذلك .
- يبدأ الاجتماع بعدد محدد ، وعلى اساس ذلك يجري اقرار شرعية الاجتماع او المؤتمر ، ولكن يبدأ العدد بالتناقص تدريجيا ، خاصة اثناء الاستراحة القصيرة ، وينتهي الاجتماع بعدد غير معروف .
- عند بدأ النقاش حول فقرة من جدول الاجتماع ، يعترض احدهم على ادخال الفقرة للنقاش ويعتبرها مفروضة على الاجتماع ، فيتلقى الرد ان الفقرة مثبتة في مقترح جدول الاجتماع الذي تم اقراره في بدء الاجتماع وكان عليه تقديم ملاحظته حينذاك .
- يحدث احيانا ان احد المتداخلين يعترض على مقترح مطروح للنقاش ، ويكون الاعتراض شديد اللهجة ، ولكنه كان قد قال قبل ذلك انه لم يطلع على المقترح الاصلي .
- في اجتماع ما ، كان التقرير المالي قد ارسل في وقت مسبق الى اعضاء المنظمة دون تفاصيل ، صوّت بالتحفظ على التقرير ، لاني لم أسمع اجابات واضحة حول ابواب الصرف ومصادر الوارد . انزعج المسؤول عن التقرير المالي لاني لم اصوّت بالموافقة .
يتهمني البعض ويعيب علىّ ان اصبحت دنماركيا عندما اتناول مثل هذه القضايا ، ولاادري لماذا لايرغبون بتعلم الاشياء المفيدة في هذا المجتمع ، ولكن لحسن الحظ هناك اعداد اكثر تمتدح تطور ثقافتي ومساهماتي في المجتمع الدنماركي . سأفكر أكثر من مرة قبل المشاركة في اي اجتماع قادم .
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطوة الإمام ... ولكن
-
المالكي ليس صدام
-
يوميات دنماركية 14
-
وفاء وجلاء
-
لنتحداه ... بالفرح
-
موافقة البرلمان على استقالة المالكي
-
دولة قانون ؟؟ .. نموذج المثنى !!
-
انتصار مجرمي كنيسة النجاة
-
موكب وزارة الداخلية
-
اورزدي باك المالكي
-
رئاسة الجمهورية ...... فقيرة
-
يوميات دنماركية 13 ، الوزارة الدنماركية الجديدة
-
يوميات دنماركية 12 ، فوز ضعيف وليس تاريخي لاحزاب اليسار
-
فوزي الأتروشي والفرقة الوطنية العراقية في حفل بهيج جنوب السو
...
-
يوميات دنماركية 11
-
نساء جارتنا الكويت
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|