وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3620 - 2012 / 1 / 27 - 11:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
معاداة اليهود ليسوع في انجيل يوحنا
يتميز انجيل يوحنا بالعداء المتبادل بين يسوع و اليهود يصور لنا انجيل يوحنا ,النبي يوحنا المعمدان [يحيى] كنبي عالمي يبشر بمسيح عالمي وليس كنبي يهودي كما في الاناجيل الازائية ,متى, مرقس ,لوقا. فيوحنا كان يعمد في بيت عنيا شرق الاردن وهي تقع حاليا في المملكة الاردنية الهاشمية أي خارج منطقة اليهودية حيث تم الكشف قبل سنوات قريبة عن احواض للتعميد بأسم يوحنا المعمدان وفيها عمد يوحنا المعمدان يسوع حسب مانفهم من عدة نصوص في الانجيل من بنيها [جرى هذا كله في بيت عنيا ,عبر نهر الاردن ,حيث كان يوحنا يعمد ] 1/28 .
بينما يرى الباحث فراس السواح في موقعه الالكتروني ان يوحنا لم يعمد المسيح لانه [اللوجوس] كلمة الله الازلية (أبن الله) الموجود في ذات وجوهر و كينونة الله
وكان يوحنا المعمدان يعمد ايضا في عين نون , بالقرب من ساليم وهي من المدن اليونانية العشرة أي ليس فيها يهودا 3/23 وكذلك كان يعمد في اليهودية . وبالتالي بدا يسوع خدمته في بيت عنيا شرق الاردن وليس من اليهودية وقام بأول معجزة له
في قانا الجليل أي في خارج اليهودية في حفل عرس حيث حول الماء الى الخمر .والخمر يشير في الثقافة اليونانية الى الفرح وتجدد الحياة والاتحاد مع المسيح وفيها أشارة الى ان يسوع طهر بالخمر التي تشبر الى الروح شعبه التي عجزت الشريعة اليهودية عن تطهيره باجاجينها الستة المملؤة بالماء . ويحدث يسوع القطيعة التامة مع سلطة الهيكل اليهودي وكهنته وكتبته عندما طرد باعة الحمام والماشية والصيارفة من الهيكل وقلب موائدهم وقال لليهود :(اهدموا هذا الهيكل ,وانا اقيمه في ثلاثة ايام ) 2/19 وكان يسوع يعني بالهيكل جسده أي ان نظام الذبائح والكهنوت قد انتهى واصبح يسوع هو الهيكل وبذلك تحدى يسوع الكهنوت اليهودي في عقر دارهم.
وفي لقاء يسوع مع نيقوديموس وهورجل فريسي من رؤساء اليهود وكان متعاطفا مع يسوع ورغم ذلك تحدث معه يسوع من موضع مستقل ومنفصل وقال له يسوع (نحن نتكلم بما نعرف ,ونشهد بما راينا ولكنكم لاتقبلون شهادتنا ) .3/11
واعلن يسوع للمراة السامرية زوال هيكل اورشليم وهيكل جبل جرزيم في السامرة وان الله سيعبد في كل مكان (صدقيني ياامراة , يحين وقت يعبد الناس فيه الاب ,لا في هذا الجبل ولا في اورشليم )
(....ولكن ستجى ساعة ,بل جاءت الان,يعبد فيها العابدون الصادقون الاب بالروح والحق . هؤلاء هم العابدون الذين يريدهم الاب .الله روح , وبالروح والحق يجب على العابدين ان يعبدوه ) (4/21-24) . وفي شفاء يسوع المقعد في يوم السبت قال له (قم واحمل فراشك وامش) وفي عرف اليهود والتلمود فان هذا يعتبر عملا يستوجب القصاص ..(فأخذ اليهود يضطهدون يسوع ,لانه كان يفعل ذلك يوم السبت . فقال لهم يسوع:ابي يعمل في كل حين وانا اعمل مثله . فازداد سعي اليهود الى قتله , لانه مع مخالفته الشريعة في السبت ,قال ان الله ابوه , فساوى نفسه بالله). (5/15-18) . وفي تشكيكهم بيسوع قالوا :( اما هو يسوع ابن يوسف ؟نحن نعرف اباه وامه فكيف يقول لنا انه نزل من السماء )؟ 6/42 . وقالا عنه ايضا (..هو بضلل الشعب )7/20 وقالوا عنه (انت فيك شيطان ...)7/20
وفي رفض اهل الجليل ويهود الجليل مجيء المسيح من بيت لحم اليهودية ومن نسل داود يقول الكتاب (امن الجيل يجيء المسيح؟اما قال الكتاب ان المسيح يجيء من نسل داود ,ومن بيت لحم مدينة داود)؟
وبما ان المسيح من الجليل فهو ليس من بيت لحم مدينة داود ولا من نسل داود
ولهذا هتفت الجماهير التي استقبلت يسوع في اورشليم بهتاف:
(تبارك الاتي باسم الرب)12/13 ولم تسمه الجماهير (ابن داود) كما في انجيل متى حيث ان سكان الجليل ويهود الجليل من ضمنهم لايؤمنون بمجيء المسيح من نسل داود الملكي بل يؤمنون بمسيح عالمي لكل البشرية . وفي الاصحاح الثامن لم يحكم يسوع على الزانية بل قال لها (وانا لااحكم عليك .أذهبي ولاتخطئي بعد الان ) وهو بهذا يكون قد خالف شريعة موسى التي تحكم على المرأة بالرجم . وحمل المسئولية الى الشعب في وصولها الى هذه الحالة . كما انه حكم بصورة غير مباشرة على سلطة الكهنوت اليهودية في تحميلهم جزء من المسئولية . لقد نظر يسوع الى داخل المرأة وضميرها وليس الى منظرها . نظر الى انسانيتها لا الى خطيئتها فالجميع يخطأون في الحياة . (من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر).
وفي 8/7 قال يسوع لليهود (وفي شريعتهم ان شهادة شاهدين صحيحة ) ولو كان يسوع يهوديا لقال:(وفي شريعتنا ...) . ويخاطب يسوع اليهود من موقع مستقل ومنفصل ومفارق ومن الصيغ التي يستعملها في الحديث (أنتم ...انا) :(انتم من اسفل , اما انا فمن فوق ,انتم من هذا العالم,وماانا من هذا العالم) 8/23 فكلمة اسفل وهذا العالم تشير الى العالم الارضي عالم أبليس عالم المال والسلطة والشهوات.
وقال لهم يسوع: (انا اتكلم بما رأيت عند ابي , وانتم تعملون بما سمعتم من ابيكم) 8/38 أي ان أب اليهود هو أبليس .
..(لو كنتم ابناء ابراهيم ,لعملتم اعمال ابراهيم ) 8/39
أي ان يسوع ينسف من الاساس فكرة شعب لله المختار وجدول الانساب ,حيث الانتساب لابراهيم يكون بالاعمال .
الى ان يقول لهم يسوع :(فأنتم اولاد ابيكم أبليس ,وتريدون ان تتبعوا رغبات ابيكم ,هذا الذي كان من البدء قاتلا ,ما ثبت على الحق لانه لاحق فيه . وهو يكذب , والكذب في طبعه , لانه كذاب وابو الكذاب .. ) (8/44-47)
وفي معاداة اليهود ليسوع اتهموه بأنه سامري وفيه شيطان. (8/48)
وبأسلوب خطابه المستقل عن اليهود يقول لهم :(وكم تشوق ابوكم ابراهيم ان يرى يومي ,فرأه وابتهج ) 8/56 ولوكان يهوديا لقال (وكم تشوق أبونا إبراهيم... )وفي يوحنا 10/7 قال يسوع (الحق الحق اقول لكم انا باب .الخراف جميع من جاءوا قبلي سارقون ولصوص ). ويشير يسوع بقوله الى كل من أدعى انه المسيح ورفع السلاح ضد الدولة الرومانية وكانت هناك حركات كثيرة ذكرنا بعضها في مقالاتنا ومنها تمرد المكابيين أو الحشمونيين (راجع مقالتنا دولة المكابيين اليهودية العنصرية).
كما يحتمل قوله هذا ان جميع ملوك اسرائيل هم لصوص وسراق لآنهم أتوا أما بأغتيال سياسي أو بالوراثة أي لم يأتوا من الله وهذا يشمل جميع ملوك اسرائيل مثل داود وسليمان .
ولكنه لايشمل الاباء مثل ابراهيم وأسحاق .
وأراد اليهود رجم يسوع لتجديفه حسب رأيهم لانه جعل نفسه الها.10/33 .
وفي مخاطبة يسوع لليهود من موقع مستقل قال لهم :(اما جاء في شريعتكم ان الله قال :انتم الهة ؟) 10/34 لو كان يهوديا لقال (اما جاء في شريعتنا ؟) .
وفي موت يسوع على الصليب ستكون دينونة أبليس !
(اليوم دينونة هذا العالم . واليوم يطرد سيد هذا العالم . وأنا متى أرتفعت من هذه الارض ,جذبت الي الناس أجمعين )
حيث سيد هذا العالم تشير الى ابليس وعزرائيل
وكذلك في 16/11 (سيد هذا العالم أدين وحكم عليه ).(15/24,27)
وفي الختام يتحدث يسوع مع تلامذته عن اليهود أعدائه قائلا :
(ومع ذلك ابغضوني وابغضوا أبي (أي اليهود) . وكان هذا ليتم ما جاء في شريعتهم :ابغضوني بلا سبب .... ) .وختامها مسك كما يقولون .لنناقش النص يقول عن اليهود (ابغضوني وابغضوا
أبي ) (أي ابغضوا يسوع وإلهه الأب السماوي )....
( وكان هذا ليتم ما جاء في شريعتهم : ابغضوني .بلا سبب )
لاحظ هنا لو ان شريعة موسى هي شريعة المسيح لقال :
(وكان هذا ليتم ما جاء في شريعتنا ) . والشريعة في هذا النص لا تعني قانون العقوبات بل التوراة (راجع كتاب الفكر اللاهوتي في رسائل الرسول بولس)
تأليف القس الدكتور فهيم عزيز ,اصدار دار الثقافة القاهرة , مصر
باب بعنوان الناموس .
وعبارة (ابغضوني بلا سبب ) ترد في مزمور 35 عدد /19
(لا يشمت الذين هم أعدائي ,ولا يتغامز الذين يبغضوني بلا سبب) ترجمة فاندايك
و الآن أذا عدنا إلى أنجيل متى (4/1-11) كيف جرب إبليس يسوع .
نجد إبليس يقول ليسوع (فأخذه إبليس إلى جبل عال جدا, فأراه جميع ممالك الدنيا
ومجدها وقال له :أعطيك هذا كله , أن سجدت لي وعبدتني . فأجابه يسوع : ابتعد عني يا شيطان ,لان الكتاب يقول : للرب ألهك تسجد ,وإياه وحده تعبد ) .
وهنا نرى أن إبليس يمثل المال والسلطة والشهوات (سيد هذا العالم)
وبالتالي يكون إبليس هو نفسه يهوه اله اليهود القاتل والمقاتل (رب الجنود )
الذي كان يبيد الشعوب والدول .الأب السماوي ويهوه برزخان لا يلتقيان أبدا
الدراسة النقدية للإنجيل وخصوصا لإنجيل يوحنا لا توصلنا إلا إلى هذه النتيجة.
دمتم على خير ........
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟