أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - نمورٌ وقطط














المزيد.....

نمورٌ وقطط


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 20:44
المحور: القضية الفلسطينية
    


استوقفني، قبل أيام، تصريح أدلت به عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولة ملف الإعلام فيها الدكتورة حنان عشراوي، وفيه ثمَّنت الموقف الأوروبي الأخير إزاء القدس وخاصة ما رصده تقرير أوروبي رسمي من انتهاكات وخروقات إسرائيلية خطيرة على مدى سنين طويلة، وطالبت الدكتورة حنان الدول الأوروبية بتبني خطط ملموسة لمساءلة إسرائيل ومعالجة الخروقات والتصدي لها بوسائل عملية على الأرض.
التقرير الأوروبي يعد تقريرًا مهمًّا، لكنّه سيبقى مجرَّد كومةِ أوراق قد يلجأ إليها لاحقًا مفسرو الأحلام الخائبة أو خبراء التنبيش عن الكنوز الضائعة. فأوروبا ستحمي قدسها هي ولن تحمي قدس الفلسطينيين وأوروبا ستتصدى لخروقات إسرائيل بما سيكفل، ربما، عدم المساس بما حصّلته من امتيازات ابتزَّتها أوروبا تلك من ذلك الرجل المريض في نهاية القرن التاسع عشر.
أوروبا لن تقاتل إلّا من أجل قبر ودرب آلام وبعض قيم تتذكرها لمامًا، قيم ورثتها من زمن غابر، يوم كان الاسم "روسو" مفخرة لفرنسا وقدوة في أوروبا، وأوروبا لن تتصدى إذا نام أصحابُ السور والقلعة. وهي لن ترفع المشاعل إذا استمرَّ زعماء وقادة و"مناضلون" فلسطينيون يلعنون الظلام ويأكلون الكعك وقد عزّ النوم والخبز والسلوى عند أبناء "القفص".
لا لومَ على قادة ما زالوا يتغنّون بقدس عرفوها قبل ما حملت على دين رب لا يتكلّم العربيّة، ولا لوم على قيادة تشتهي القدس بهيّة، كما كانت قبلما نفخت بها شهوة ذلك الربّ وحوّلتها مسخًا صقلته شفرات البولدوزر الإسرائيلي، فصار ككماشة وأقرب إلى كسارة بندق عملاقة تتلوّى ببراعة "أناكوندا" وتعصف بما كان حلمًا وصلاة أمّة، تبخّره، تهشّمه وتبلعه بلذة وبضراوةِ مَن خِبر أن البقاء للمثابر الحكيم الأقوى.
لا أعرف لماذا كلّما تُصرع سنونوة في باحة حوش مقدسيّ "أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر، آه من حلمي ومن روما.."، أمشي إليك يا فيصل، يا حلمي ويا جرح القدس المفتوح، يوم كنت الوعدَ وكنت كذلك الخنجر. فأنت لم تنم وبقيت سيّد الأسوار تشرّع أبواب الشمس في القلعة.
ويوم حاول سلطان ذلك الزمن، بيبي نتياهو، غمزَ جانبِك، مستقويًا على صرح حوّلته بيتًا للعزة والكرامة للشرق وجميع جهات الريح، هزمتَه، لأنك وقتها عرفت، كما كل الأحرار الكبار، أن لا طعم لحياة مع المذلة، فكنتَ الصدر والترس والرمح. بيبي وحاشيته يتوعّدون ويتعهدون أن البيت سيغلق، وأنت، بيقين قائد مؤمن، حوّلت الموقع إلى مزار وكأن في أكنافه جميع القديسين والصديقين يباركون. في الليل أصبح مأوى لكل من كانت القدس أغلى لديهم من عشيقة وأنفس من مهجة وبؤبؤ عين. عندها، تيّقنت أوروبا أنّك الفيصل ابن هذا التراب، صادق كالنبع، حالم كطفل جائع، صلب كعاشق. وخبِرت كذلك أنّك تناضل من أجل بقاء وليس من أجل موقع و"بطاقة بَراك الدين". ولأجل انعتاق من نير ظلمة وظلم محتلّ وقريب. شهدوا على حبّك للصباح وحنانك على حارات القدس وشوارعها، "هوسك" على أهلها: فقرائها، بسطائها، نسائها، عمالها، مسيحييها وشبابها. اقتربوا منك فتكشّفتَ لهم قائدًا يعطي كما الشمس ويقاوم كأم تصد ضاريًا يهاجم صغارها، يقارع يراوغ يهادن ولا يساوم. قائد فرضَ على "روما" الحياء، فجاءته وأعلنت: نحن معك، يا صاحبَ الحق والدار، في بيت الشرق سنبقى وما سيقع عليكم سنتقبله معًا.
فيا كلَّ من نسي أو يتناسى، هذا هو النهج وهذا هو الطريق فقبل عقد وأكثر، حكومات أوروبيّة تأمر قناصلها أن تشارك وتتصدّى بأجسادها لمشاريع إسرائيلية في القدس، لكنّهم ما كانوا ليفعلوا لولا ما سجّلته دولهم وتيقنت منه، فأهل البيت في الساحات ينامون على حد نصل، نخب وأصحاب مال وسياسيون يتمثلون بقدوة فيلتحقون مدركين أن الحرية والكرامة أثمن وأبقى من مال وسيجار وساعة روليكس. والأهم كان ويبقى ابن البلد، عاشق هوائها، لا يخشى غازهم المسيِّل للدموع وللشقاء. بيارقه تشمخ في الميادين، ففيها دائمًا هو الأول ودومًا في المقدمة يصارع مستعدًا لظلام زنزانة مستغبطًا جنات خلد.
فأين منّي اليوم تلك القدس؟ وأين من عينيَّ ذيّاك العاشق الفريد؟ وكيف لنا مطالبة أوروبا "الفرنجة" بالتأهب ومساءلة إسرائيل وكل يوم تداس فيها كوفيّات وتئن حرائر وحاجب الأبواب غائب؟
لماذا نستصرخ أوروبا "الغازية ومرتع الفواحش" وكل يوم تتمايل نجمة داود من على شرفة، تبكي زمن النفاق وتصفيق العاجزين والصمت القاتل؟
وكيف لأوروبا أن تتصدى لإسرائيل ولم تشهد، منذ غاب ابن القدس فيصل، حشدًا حقيقيًا واحدًا لسواعد تطال الغيم تحلبه دموعاً ومطرًا؟
لن تتصدى أوروبا لإسرائيل إلّا إذا عادت ديوك القدس تصيح كل صباح وتطرد ما ادلهمَّ من ليلٍ وشظايا تاريخ وليد ليالي الخوف وسفاح العبيد. ولن تكون هنالك حاجة للاستصراخ، إذا عادت نمور القدس تزمجر لا تموء.
فكيف لأوروبا أن تتصدى لإسرائيل والقدس تبكي فوارسها الذين تركوها صيدًا مريئًا ورحلوا إلى حيث الراحة والسلام خلف الضباب واستقرّوا في عدسة كاميرا أو تصريح عنيف سخيف، أو حلّقوا على كتف صلاة وأدعية الولائم.
القدس تنتظركم، أن تستتيبوا وتصحوا لأنها، قبل أوروبا، هي بحاجة لأبنائها ولأهلها وبحاجة لحراس أمينين لمعابدها وحجّاب أشدّاء لا يُقهرون وإن قضوا فعلى أبوابها.
القدس دُجِّنت فمن يشفيها من خدر؟ القدس أدمنت فكيف يكون فطامها؟، القدس رُوِّضت وصار القفص مدينة والنمور أصبحت مواطنين. فهل من سيّاط وقفص؟.


[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن نكتب؟
- كلنا في العزاء سواء
- استكشاف
- ميلادٌ في كابول
- طريق نحلتين إلى السماء
- آية للرجال
- نسمةٌ أقل
- مزمور للنقب
- بسمة وعبسة
- -هيدرا- على الأبواب
- حديث غرناطة
- من نامَ لم يدرِ طالَ الليلُ أم قَصُر
- هنا أولا
- القابض على الماء...
- أتتكَ بحائنٍ رجلاهُ
- طوبى...
- رسالة وجواب
- كم أخشى هذا الأمل
- فجر أم عاصفة؟
- لم يأكلني الذئب في حيفا


المزيد.....




- كان على وشك الحصول على الجنسية الأمريكية.. لحظة احتجاز طالب ...
- السعودية.. إطلاق منصة متكاملة لإصدار وتنظيم تصاريح الحج
- -إما ذكر أو أنثى-... المجر تقر تعديلًا دستوريًا يستهدف مزدوج ...
- تقرير: المملكة العربية السعودية تخطط لسداد ديون سوريا لدى ال ...
- ترامب يحذر إيران ويهدد بعواقب شديدة
- مؤتمر دولي في لندن لبحث أزمة السودان.. طموحات محدودة وسط تحذ ...
- الغارديان: إيران ترفض نقل مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى د ...
- الإعلام الإيراني يعلق على فيديو تدور أحداثه قرب سفارة طهران ...
- قاض أمريكي يأمر إدارة ترامب بعدم ترحيل طالب وناشط مؤيد للفلس ...
- المسيّرات الإستراتيجية.. تصعيد عسكري جديد في الذكرى الثانية ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - نمورٌ وقطط