|
تونس :السلفية و أخواتها من تراث الحنابلة الى افكار الجهاد مرورا بالوهابية
أحمد النظيف
الحوار المتمدن-العدد: 3618 - 2012 / 1 / 25 - 17:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السلفية امتداد لمدرسة أهل الحديث و الأثر الذين برزوا في القرن الثالث هجري في مواجهة المعتزلة في العصر العباسي تحت قيادة أحمد بن حنبل والتي انقسمت فيما بعد إلى حنبلية و أشعرية وفي القرن السابع وبالتزامن مع سقوط بغداد على يد التتار ظهر ابن تميمة فعمل على إحياء الفكر السلفي والتف حوله العديد من العلماء والتلاميذ مثل الذهبي و ابن قيم الجوزية هذه الدعوة أثارت جدلا واسعا مما أدى إلى انحسارها لتعاود الظهور مرة أخرى في القرن الثامن عشر الميلادي متمثلة في الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية بقيادة محمد بن عبد الوهاب بالتعاون مع محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى. الأفكار والمعتقدات : - الديمقراطية : ينقسم السلفيون في هذه القضية ما بين معارض ومؤيد إذ يرى البعض أن الديمقراطية نظام كفر تسمح بتقديم الضالين من العلمانيين للسلطة وتجعل البشر يصوتون على أحكام الله وفريق أخر يعتبر و من منطلق نفعي أن الديمقراطية المؤسلمة حل لقيام دولة الإسلام و لكن الجميع يتفق على أنها سلم يمكن من الوصول إلى السلطة ثم يجب التخلي عنه من منطلقات شرعية . - نظام الدولة : يتفق السلفيون على وجوب أن يكون نظام الدولة قائم على الدستور الإسلامي بكل أشكالـــــه الشرعية والسياسية ويحرمون تشريع القوانين ويعتبرون ذلك أمرا موجبا للكفر ويعتقدون أن أحكام الشريعة الواردة في الكتاب والسنة واجبة التطبيق في كل زمان ومكان ويعتقدون أن من أشرك في حكمه أحدا من خلقه سواء كان حاكما أو زعيما أو سلطانا أو مجلسا تشريعيا أو أي شكل من أشكال السلطة فقد أشرك بالله. وفريق منهم يحرم الانتخابات وأغلبهم يعترض على الأطر الإيديولوجية التي تتم فيها العملية الانتخابية في سائر الدول الإسلامية فلذلك يعرف اغلب السلفيون عن المشاركة في الانتخابات في الدول العربية والإسلامية. ********* ينقسم التيار السلفي إلى ثلاث أقسام : _ القسم الأول (1) - السلفية العلمية _ القسم الثاني (2) - السلفية الحركية _ القيم الثالث (3) - السلفية الجهادية
السلفية العلميـــة _(السلفية المهادنة)
السلفية العلمية أحد فصائل التيار السلفي بتونس وهي فصيل سلمي يحمل أطروحة دعوية وعضلية بالأساس ويركز دعاتها جهودهم على الجوانب الفقهية والعقائدية وطلب العلوم الشرعية وهم في ذلك متقيدون بالمراجع السلفية العلمية في الخارج كمصر و خاصة بالمؤسسة الدينية الوهابية في السعودية. ظهر هذا التيار في تسعينات القرن الماضي بعد قدوم مجموعة من الطلبة التونسيين بالجامعة الإسلامية بالمدنية إلى تونس و اجتهادهم في تبليغ أفكار السلفية العلمية في صفوف الشباب وازداد انتشاره بفضل الفضائيات النفطية وشبكة الانترنت. أما عن موقفهم من السلطة فان السلفيون العلميون يحرمون الخروج عن الحاكم ولو كان ظالما وكان جل مشايخهم من مؤيدي نظام بن علي وكان هذا الأخير يغض الطرف عن نشاطاتهم خاصة قبل أحداث سليمان نهاية العام 2006. بل إن المراجع السلفية في السعودية والتي لها تأثير كبير على أعضائها في تونس وصفت ثورة الرابع عشر من جانفي بالفتنة وحرمت المظاهرات و الاعتصامات خوفا من أن تمتد هذه الأحداث الى السعودية ولهؤلاء المراجع تاريخ طويل في تدبير سياسة النظام السعودي خاصة بعد حرب خليج سنة 1991 وفتوة هيئة كبار العلماء بقيادة عبد العزيز بن باز والعثيميين والتي أجازت الاستعانة بالقوات الأمريكية لضرب العراق . هذا التيار منتشر تونس في أواسط الشباب وله أتباع كثيرون ويطلق عليهم اختصارا "السلفيون" لكن ليسوا منظمين داخل جماعة أو حركة تنظيما هرميا متماسك مثل بقية فصائل الحركة الإسلامية كالنهضة أو حزب التحرير بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع كل منها مسجدا أو جهة مشائخ السلفية العلمية في تونس. -كمال بن محمد بن علي المرزوقي (أبو جهاد) ختم القرآن سنة 1989 حاز على تكوين شرعي على يد مجموعة من مشائخ مصر والعالم الإسلامي : الشيخ أبو إسحاق الحويني والسيخ احمد المعصراوي ومحمد الحسن الشنقيطي وسعد بن عيد الله الحميد حاصل على مجموعة من الايجازات في القرآن والحديث وديبلوم الأكاديمية العلمية العليا للدراسات الإسلامية بالقاهرة في بحث بعنوان (أدب الخلاف)والإجازة في علوم القرآن من جامعة الأزهر.له العديد من المؤلفات والأبحاث الشرعية والسياسية منها : (حزب الله : رؤية مغايرة- خديعة التطور: دراسة علمية موضوعية- نقل الأعضاء بين الطب و الشرع.- في علوم القرآن (رسالة ماجستير)- انتصاراتنا الكروية وحقيقة أزمتنا النفسية- المهدي بين أهل السنة والرافضة- دراسة حول المنهج الأشعري في الاعتقاد- مبادئ تخريج الحديث النبوي.- مباحث الجرح والتعديل ورواة الحديث المحتاج اليها في التخريج - لغة القرآن تشكو أهلها.- عقل العقل العلماني....) وقد أصدر في الآونة الأخيرة العديد من البيانات على موقعه الالكتروني وأطلق حملة الدفاع عن هوية تونس المسلمة إذ يقول في البيان التأسيسي للحملة (" فقد تعالت في الآونة الأخيرة بعض الأصوات المطالبة بعلمنة الدولة وأحداث قطيعة دستورية مع الهوية الإسلامية للبلاد المثبتة تاريخيا وواقعيا من ثمة والالتزام منا بنصرة ديننا الإسلامي وتحكيم شريعته ويقينا منا بأن تونس دار إسلام وستظل إن شاء الله تعالى كذلك نطلق على بركة الله حملة الدفاع عن هوية تونس الإسلامية. أهداف الحملة : - الدعوة إلى عدم المساس بمقتضيات الفصل الأول من الدستور والتي تنص على أن "تونس دولة حرة مستقلة الإسلام دينها والعربية لغتها".و المطالبة بتفعيل مقتضيات الفصل الأول من الدستور والعمل باستحقاقاته على الدولة وخاصة منها مراجعة المنظومة التشريعية والترتيبية القائمة وتقنينها من كل ما يخالف الدين الإسلامي باعتباره دين دولة.و دفع شبهات حملة العلمنة وكشف رموزها وكل القوى الداعمة لها –انتهى-) ويظهر من خلال هذا البيان التغيير الجذري في التفكير السلفي والذي أصبح ينادي بالإصلاح من داخل الدولة والدستور ولكن أين كان السلفيون العلميون من النضال ضد بن علي. -الشيخ بشير بن حسن من قادة السلفية العلمية في تونس درس بالسعودية لدى الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد والشيخ وصى الله عباس وهو في منهجه مقلد تقليدا كليا لرموز السلفية العلمية في السعودية ومصر حتى في لباسه . هاجر إلى فرنسا واستقر هناك وجمع من حوله بعض التلاميذ عاد إلى تونس بعد الثورة لم يعرف له أي موقف مخالف للنظام بل كان يدعوا إلى طاعة نظام بن علي ومن المأثور عليه قوله أن العمليات الاستشهادية التي تقوم بها المقاومة ضد إسرائيل محرمة وهي انتحار. إن الحديث عن السلفية بشكلها الحالي في تونس لا يمكن أن يكون حديثا عاما بل هي سلفية مختلفة اختلافا جذريا على بقية فصائل التيار السلفي حتى وان اشتركت معهم في الاسم فهي تيار وافد تستمد مرجعيتها من فقهاء المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية والدعاة الجدد بمصر وقراءتها بالأساس من رصيد كتيبات يهدى ولا يباع الوافدة من السعودية. ثم إنها تعادي بقية فصائل التيار السلفي السلفيون الحركيون و الجهاديون وتصفهم بالخوارج الجدد والفئة الضالة وتحرم كل خروج عن الحاكم حتى ولو كان ظالما وتروج لشعارات الإرجاء أما مظهرهم فكأنه هيئة مستنسخة من علماء السعودية فهم في ذلك يسارعون إلى تقليد هؤلاء حتى في وضع ما يسمى بالشماغ في حركة لا واعية تعبر عن الخلل في فهم الذات أمام غلبة الفكر السعودي الوافد. وقد أصبحت السلفية العلمية في تونس وفي مختلف الدول العربية من ظواهر التدين السلبي الذي يركز على تعليب الدين والصمت بل التشريع لأخطاء الحكام وانتهاكات حقوق الإنسان والفساد بكل تجلياته. وقد لعبت هذه السلفية العلمية دور محاربة بقية الحركات الإسلامية بدعوى أنها تحمل فكر الخوارج خاصة السلفية الحركية وحزب التحرير وجماعة الإخوان أو أنها خارجة عن منهج أهل السنة كالطرق الصوفية وجماعة التبليغ ولكنها عن حسن نية أو سوء نية قد خدمت الأنظمة الدكتاتورية. فقد تورط البعض من أنصارها في الوشاية بأعضاء وخلايا السلفية الجهادية في أحداث سليمان نهاية العام 2006 وما تلاها من حملة اعتقالات وتعذيب داخل السجون وخلال سنتي 2007/2008 ومما يؤخذ على هذا التيار اهتمامه الشديد بالأمور الثانوية في المجتمع وتركيزه الكبير على مظاهر التدين دون الاهتمام بالمسائل الجذرية والسياسية. الأصول الفكرية للسلفية العلمية -الحزبية المذمومة والعمل الجماعي وجهان لعملة واحدة أي أن العمل داخل جماعة أو جمعية أو حركة أو حزب هي من البدع التي لا يجوز الإتيان بها. فقد أفتى علمائهم بحرمة العمل الجماعي والتنظيم الدعوى بحجة أنه يدعوا إلى الحزبية. - محاربة كافة الجماعات السياسية والدعوية وتبديع كل من ينتسب إليها وعمدوا في ذلك إلى ضرب الجميع بأخطاء البعض وقرروا أن الجماعات الإسلامية ما هي إلا امتدادا للفرق الضالة واعتبروا بقية الجماعات الدعوية كالصوفية والتبليغ أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى وصنفها بعضهم كجماعات ردة. - وجوب السمع والطاعة للحكام والصبر على ظلم الحاكم وعدم الخروج عليه ويعتبرون كل مخالف للحكام خارج على نهج الهداية ضالا مضل من الخوارج مبتدع مخالف لجماعة المسلمين ولا أمر بمعروف إلا بإذن الإمام فلا يجوز أي عمل دعوى أو سياسي إلا تحت وصاية الحكام فالسمع والطاعة واجبة للحكام دائما أبدا مهما فعل أو ظلم لذلك نجد النظام السعودي قد استغل هذا التيار لإضفاء المشروعية على عديد التجاوزات منهما التحالف مع الولايات المتحدة وجلب القوات الأمريكية لحرب العراق سنة 1991 والتنكيل بالمعارضين الإصلاحيين في السجون بالتعذيب ومختلف انتهاكات حقوق الإنسان وكل هذا على مرأى ومسمع دعاة السلفية العلمية في هيئة كبار العلماء كابن باز وابن العثيمين و العبيكان وغيرهم.
السلفيـــة الحركية
لا يمكن الحديث عن السلفية الحركية دون الحديث عن تيار الصحوة الإسلامية وهو التيار الذي برز بقوة خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين في الجزيرة العربية هذا التيار السلفي العقيدة الاخواني المنهج تبلورت أفكاره على يد الشيخ محمد سرور زين العابدين بن نايف الذي قدم من سورية إلى السعودية في منتصف ستينات القرن الماضي وعمل أستاذا في معهد بريدة العلمي بمنطقة القصيم بعد انسحابه من جماعة الإخوان المسلمين. وكان من رموز هذا التيار في الجزيرة الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي والشيخ ناصر العمر والشيخ محسن العواجي والشيخ عبد الرحمان عبد الخالق بالكويت. بعد ظهورها بالسعودية امتدت السلفيـــــــــــة الحركية إلى بقية الدول العربية فتأسست الحركة السلفية بالكويت على يد حامد العلي وفي مصر الحركة السلفية لإصلاح (حفص)والحركة السلفية في السودان ولبنان والجزائر. السلفية الحركية بتونس: تأسست أول حركة سلفية في تونس عام 1988 تحت اسم – الجبهة الإسلامية التونسية – بقيادة محمد علي حراث وعبد الله الحاجي : -محمد علي حراث من مواليد تونس سنة 1964 من مؤسسي الجبهة الإسلامية التونسية سنة 1988 قبل أن يفر إلى لندن عام 1990 من حملة المداهمات والاعتقالات التي طالت رموز التيار الإسلامي بمختلف فصائله آنذاك سيرا على الأقدام إلى الجزائر ثم سافر إلى باكستان ومنها إلى يوغسلافيا وألمانيا قبل أن يستقر به المقام في العاصمة البريطانية بعد هرب معه نحو 200 من قيادات الجبهة الإسلامية عظمهم موجودون في الدول الأوربية . وكان حراث قد بدأ حياته الدراسية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ليعود سنة 1986 ويقنع مجموعة من حملة الفكر السلفي بضرورة العمل التنظيمي لأن ذلك لا يتعارض مع القواعد الشرعية حسب قوله .وفي بريطانيا أشرف حراث على الإدارة التنفيذية لقناة – إسلام شانل - الناطقة بالانجليزية والتي صنفت الاكثر مشاهدة في بريطانيا من بين القنوات الإسلامية والتي اتهمتها مؤسسة كوليام البحثية لمكافحة التطرف الديني بأنها : تروج لقيم التعصب الديني تبث مواقف رجعية ضد المرأة وتروج لعدم التسامح والتعصب تجاه الطوائف والأديان الأخرى وأن الوعاظ الذين يظهرون في برامج القناة يدلون غالبا بتعبيرات مهنية للأتباع الديانات الأخرى ويحثون المشاهدين على رفض ممارسات غير المسلمين وممارسات المسلمين غير المتبعين للمذهب الوهابي -عبد الله ألحاجي :من مواليد : تونس عام 1956 من مؤسسي الجبهة غادر تونس سنة 1990 وله ثمانية أطفال وفي عام 1995 أدانته محكمة عسكرية تونسية غيابيا بالانتماء إلى منظمة إرهابية تعمل خارج البلاد والدليل الوحيد على ذلك هو إفادة قدمها إلى الشرطة احد المتهمين التسعة عشر في قضية للجبهة عام 1993 والتي أكد فيها أن الحاجي كان يتولى مركزا قياديا في الجبهة الإسلامية وذلك أثناء وجوده في باكستان. أعتقل سنة 2002من قبل الأمن الباكستاني في بيشاور و الذي سلمه للولايات المتحدة الأمريكية ليتم إيداعه بمعتقل غوانتنامو حيث قضى خمس سنوات وفي 18 جوان 2007 تم ترحيله إلى تونس على متن طائرة عسكرية أمريكية حيث تم احتجازه بمقر أمن الدولة بوزارة الداخلية ثم بالسجن المدني بالمرناقية حيث تعرض لسوء المعاملة. مثل أمام المحكمة العسكرية في باب سعدون بالعاصمة والتي وجهت له تهمة وضع النفس على ذمة منظمة إرهابية زمن السلم وفقا لقانون الإجراءات والعقوبات العسكرية وقد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت عليه حكما غيابيا بالسجن ثماني سنوات من أجل التهمة نفسها ولكن الحاجي أنكر خلال محاكمته انتمائه للجبهة الإسلامية التونسية -المنجي الهاشمي : من المجموعة المؤسسة للجبهة .أعتقل في الحملات الأمنية ضد الإسلاميين سنة 1989 بتهمة الانتماء للجبهة الإسلامية والقيام بأعمال تخريبية في البلد وتعرض إلى التعذيب الشديد وفي عام 1994 أطلق سراحه بعد عفو رئاسي ليغادر البلاد نحو بلجيكا عبر الجزائر: أفكار الجبهة الإسلامية التونسية ومنهجها : هي تيار قريب فكريا وسياسيا وتنظيميا من الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية وذلك ما ظهر تقريبا منذ مارس 1988 تاريخ صدور البيان التأسيسي لها وتكوين مجلس القيادة الذي ترأسه يومها محمد خوجة بعد أن تم تأسيس منطقة بصفاقس وأخرى بتونس العاصمة في نفس الوقت الذي تولى المؤسس محمد علي حراث مسؤولية العلاقات الخارجية مما مكن العديد من العناصر من المغادرة إلى الجزائر ومن ثم إلى بيشاور في باكستان (مركز تجميع المجاهدين في الحرب الأفغانية الأولى ضد الغزو السوفياتي ). ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية قد صنفت الجبهة الإسلامية التونسية كإحدى المنظمات الإرهابية العالمية خاصة بعد تصريحات راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ذات المرجعية الاخوانية التي قال فيها إن الجبهة ميراث للجماعة الجزائرية المقاتلة جيا إلا أن حراث يؤكد على وسطتيتها وسلمية عملها وقد وضع منهج الجبهة وبرنامجها في النقاط التالية : -اعتبار المذهب المالكي هو القاعدة الشرعية للتيار السلفي في تونس - نشر الاعتقاد الصحيح من منهاج الكتاب والسنة المحمدية - الدعوة للمشاركة السياسية العامة لتقليل الشر وتكريس الخير في البلاد - اعتبار الإسلام منهاج وحل لمشكلات الشعب باعتباره جاء ليطبق في ربوع الأرض والدنيا. -تبنى الإسلام المتسامح الوسطى البعيد عن نهج العنف والتطرف. - تغيير الصورة السيئة التي رسمتها وسائل الإعلام وبعض تصرفات المنتمين للعمل الإسلامي. - تغيير الصورة النمطية للإسلام والتي تقول أن الإسلام ضد حرية الفكر وضد حرية المعتقد للأخر. الجبهة بعد ثورة 14 جانفي : اثر سقوط نظام بن علي في الرابع عشر من جانفي 2011 دخلت قيادات الجبهة الإسلامية في مشاورات داخلية لبحث إمكانية تحول الجبهة إلى حزب سياسي وقد التقى زعيمها محمد حراث السفير التونسي في لندن حاتم عطاء الله في خطوة تاريخية وأكد حراث في تصريح صحفي اثر هذا اللقاء أن قواعد الجبهة ما زالت موجودة بتونس رغم وجود المئات من أنصارها في السجون وكشف عن فرار العشرات منهم من المعتقل عقب سقوط النظام بسبب الفوضى والاضطرابات وقال إن أنصار الجبهة منتشرون في كافة المدن التونسية. وفي تعليق له على الخطوة التي اتخذتها السعودية في استقبالها للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قال حراث – إنها تنبع من عرف عربي إسلامي أصيل ...وأكد أن السعودية مشت على نهجها الذي تبنته منذ زمن بعيد ولا أعتقد أن فيه مساس بالشعب التونسي وإرادة الشعب التونسي وليس فيه أي تدخل في الشؤون الداخلية مشيرا إلى أن استضافة السعودية للرئيس المخلوع هو أمر سيادي جنب الشارع التونسي حمام دم لو تمسك واستمات بالسلطة ورفض مغادرة البلاد.
السلفية الجهادية
يعتبر فصيل السلفية الجهادية الفصيل الأكثر راديكالية داخل التيار السلفي ولكنه رغم تطرفه فانه الأوضح موقفا من جميع القضايا السياسية والشرعية سواء تجاه بقية المكونات السياسية الغير إسلامية أو تجاه الأنظمة الحاكمة وحتى تجاه الحركات الإسلامية سلفية كانت أو من مدارس أخرى. فمن كتاب سيد قطب معالم في الطريق و ما حواه من خلاصة الفكر الجهادي و الطروحات الانقلابية الثورية كانت البداية ..بداية التيار الجهادي الإسلامي المعاصر و كانت جماعة الإخوان المسلمين المحضن الطبيعي الذي يمكن أن تولد فيه هذه الأفكار و خاصة أيام مؤسسها الشيخ حسن البنا و حرب فلسطين 1948 كما شكلت الضربة الأمنية التي تلقتها الجماعة إبان الحقبة الناصرية و أجواء السجون و دهاليز التعذيب في الخمسينات و الستينات المحيط العام الذي وضع فيه سيد قطب الأسس الفكرية و المنهجية للتيار الحركي الجهادي و الذي انبثقت عنه تقريبا جميع الحركات الإسلامية المسلحة و لكن قيادة الإخوان اختارت تجنب الصدام مع السلطة و بذلك حصل فرز جديد داخل الجماعة و تشكلت مدرستين الأولى المدرسة الإصلاحية و التي قدمت تنازلات و تراجعات وفضلت طريق المهادنة معتمدتا خيار النعامة و الثانية هي المدرسة الثورية و التي خاضت مواجهات مسلحو مع الأنظمة العربية و القوى الاستعمارية في العراق و أفغانستان و البوسنة و الشيشان و كشمير و الصومال و غيرها من بؤر التوتر و الصراع على امتداد العالم الإسلامي أما نشأة التيار فمن الصعب الجزم بتحديد تاريخ معين لذلك للآن السلفية الجهادية هي خليط بين تيارات إسلامية عديدة فهي تأخذ من فكر سيد قطب في العديد من المسائل ومن أفكار السلفية العلمية في مسائل العقيدة والأمور الشرعية ومن فكر جماعة الإخوان المسلمين على المستوى الحركي ومن تكتيكات تنظيم الجهاد المصري والذي كان من بين مؤسسيه أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الفصيل الأعتى بين تنظيمات التيار السلفي الجهادي في العالم ولكن هذا الفكر بدأ يبرز كتيار مستقل عن السلفية التقليدية بعد الحرب الأفغانية الأولى أوائل التسعينات من القرن الماضي عندما عاد الأفغان العرب أمثال محمد المقدسي الأب الروحي للتيار وأبو قتادة الفلسطيني وأبو مصعب السوري مفكر التيار وأسسوا البنى الفكرية والتنظيمية الجهادية العالمية والتي كان من ثمارها بروز تنظيمات مسلحة في أفغانستان وباكستان والشيشان والجزيرة العربية والجزائر وخلايا جهادية بأوربا والولايات المتحدة قامت بعمليات نوعية ذات شكل جديد كان لها الأثر الكبير في تغيير الخارطة السياسية في العالم مع بدايات القرن. صعود السلفية الجهادية: كانت الجماعات الجهادية أواخر الستينيات وخلال السبعينات والثمانيات من القرن الماضي في مصر(الجماعة الإسلامية تنظيم الجهاد...) وسوريا(الطليعة المقاتلة) توجه عملياتها ضد أنظمة الحكم القائمة في محاولة لقلبها حتى أن تنظيم الجهاد المصري استطاع الوصول إلى رأس الرئيس أنور السادات في السادس من أكتوبر 1981 خلال حادث المنصة الشهير. ولكن مثل هذه العمليات فشلت في حشد أي تعاطف أو دعم شعبي للتيار الجهادي الشيء الذي سهل القضاء على الجهاديين فكان مصيرهم إما السجن أو المنفى بعد ضربات أمنية موجعة خلفت عشرات الضحايا من الجانبين. ولكن مع تطور هذا الفكر وبروز تنظيم القاعدة الذي اتخذ من – التحالف الصليبي اليهودي- عدوا رئيسيا له خاصة بعد عمليات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأت السلفية الجهادية في حسد التعاطف الشعبي في مختلف الدول العربية والإسلامية وتحديدا في صفوف فئة الشباب لذلك لما بدأت القاعدة توجيه عملياتها ضد الأنظمة العربية القائمة وجدت قاعدة شبابية متهيئة لتقبل هذا الفكر وتبنيه والسير في منهاجه وبذلك برزت الخلايا الجهادية في السعودية (تنظيم عبد العزيز المقرن) واليمن وسوريا والمغرب (الجماعة المقاتلة ) والجزائر (السلفية للدعوة والقتال) ومصر وتونس(جند أسد ابن الفرات)وقامت هذه الخلايا بالعديد من العمليات النوعية وتعرضت في المقابل إلى ضربات أمنية واسعة النطاق من قبل الأنظمة السلفية الجهادية في تونس : قبل الحديث عن تيار السلفية الجهادية في تونس لا بد من الحديث عن التجربة الجهادية التونسية أو المحاولات الجهادية الأولى بعد ظهور حركة الاتجاه الإسلامي وان كان لا يمكن اعتبار التجربة الجهادية للاتجاه الإسلامي سلفية الهوية بسبب التوجه الفكري للحركة ولكن القائمين على هذه التجربة كانوا يحملون فكرا جهاديا أقرب إلى فكر التيار الجهادي من قربه إلى فكر الحركة العام ذي الطابع السياسي وهنا سأعرض شهادة أبو مصعب السوري (عمر عبد الحكيم )القيادي في تنظيم القاعدة وأحد أعضاء الطليعة المقاتلة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا في السبعينات من القرن الماضي والذي التقى على حد قوله ضباط في الجيش التونسي والمنتمين إلى حركة الاتجاه الإسلامي والذين خططوا للقيام بتكوين جهاز عسكري سري من أجل الإعداد للانقلاب عسكري إذ يقول أبو مصعب السوري في كتابه دعوة المقاومة الإسلامية العالمية – ص 757 : أما عن محاولة الانقلاب لجماعة الاتجاه الإسلامي أو ما عرف فيما بعد باسم (النهضة )بزعامة الشيخ راشد الغنوشي وخلاصتها كما بلغتني مشافهة من بعض الذين خططوا لها وأشرفوا عليها من أولئك الإخوة الضباط كما يلي : بصرف النظر عن الخلط والخبط المنهجي الذي طبع في حركة الاتجاه الإسلامي والطبقة الأولى من قياداتها منذ نشأتها إلا أن بدايتها انطبعت بالفكر الثوري الانقلابي والجرأة الواسعة والأفق السياسي وهي صورة للتركيبة الفكرية والنفسية للشيخ (راشد الغنوشي)... كان للحركة تصورا طموحا يهدف إلى تأسيس الكوادر والهياكل التنظيمية لتنظير يطمح إلى إسقاط نظام حكم ووراثته على كافة الصعد ولذلك كان للحركة برنامجها في شتى المجالات السياسية والتربوية والاقتصادية والإعلامية ...وكان من بين تلك الأجهزة التي أنشأتها الجهاز العسكري للحركة.... قام مخطط الجهاز العسكري أساسا على زرع عدد من الضباط المتطوعين في الجيش التونسي في أقسامه الثلاثة البرية والجوية والبحرية...وعلى تجنيد من استطاعوا من الضباط ذوي الميول الإسلامية في الجيش... وبصرف النظر عن التفاصيل الفرعية فقد كان التنظيم محكما وشديد التحفز في جيش علماني يحظر على عناصره الالتزام بالدين ويراقب حتى همسات المصلين و تسبيحات المؤمنين ويعتبرها شبهة تؤدي على الأقل بصاحبها إلى الطرد من الجيش.... التزام الضباط الشباب من أعضاء هذا الجهاز بالغ السرية بناءا على فتأوي تحصل عليها من فقهاء التنظيم ومن استفتائهم بسلوك يخفي أي إشارة إلى التزامهم الديني...فكانوا يصلون سرا بل إن حضرتهم الصلاة في أوقات الدروس والتدريبات صلوا ايماءا وكانوا لا يصمون إلا إذ تمكنوا سرا بل وصل الأمر في التخفي إلى اكتفائهم بلباس الحشمة لنسائهم مع الترخص في كشف غطاء الرأس للضرورة التي كانوا فيها...ثم مضى التنظيم على مدى نحو عشر سنوات وفق مخططه الذي كان يقوم على فكرة الانقلاب العسكري أساسا للإطاحة بالسلطة... ووفق ما رواه أحد أصدقائي من الضباط الذين أشرفوا على الإعداد للانقلاب فقد كان البرنامج محكما وطموحا واستطاع أن يقيم الصلاة بدول مجاورة وينسق برنامجه على مستوى عالي وبحسب الرواة ذوي العلاقة فقد أدى الضعف والتردد لدى أستاذ جامعي من القسم المدني في التنظيم والذي كان على صلة مع قيادة الضباط الانقلابيين إلى كشف المحاولة قبيل تنفيذها بوقت وجيز فسارع وزير الداخلية في حينها وهو الرئيس زين العابدين بن علي إلى انقلاب سريع أبيض بالتعاون مع إدارة أجهزة الأمن وبعض أركان النظام من السياسيين.... وقد أشتمل الاتجاه الإسلامي في تونس على محاور فكرية متعددة كان بعضها دعوى ويعضها سياسي وبعضها جهادي مثله الشيخ الدكتور صالح كركر وقبض على الشيخ كركر في فرنسا والزمه الإقامة الجبرية.(انتهت شهادة أبو مصعب السوري). أما السلفية الجهادية فتعود بدايتها إلى الثمانيات على يد مجموعة من الشباب الذين قاموا بعدد من العمليات البدائية البسيطة مما أدى إلى قتل بعضهم واعتقال الآخرين وفرار بعضهم الآخر الر خارج تونس وكان من بينهم الشيخ محمد الأزرق الذي أفتاهم بالجهاد ومشروعيته استهداف الدولة وهياكلها وقد فر الشيخ اثر فشل تلك المحاولة إلى السعودية ولكن النظام السعودي سلمه إلى الأمن التونسي أواسط الثمانيات حيث حكم عليه بالإعدام وقد جاوز السبعين من عمره. بعد هذه التجارب الجهادية الفاشلة توجه العديد من عناصر التيار آخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي إلى ساحة الجهاد الأفغاني وحاول بعضهم تشكيل نواة لتجمعات جهادية موحدة على غرار ما فعل الليبيون والجزائريون من الأفغان العرب وقد فشلت تلك المحاولات لعدم وجود كوادر مؤهلة بين أولئك الشباب.... وبعد خروج الأفغان العرب من أفغانستان سنة 1992 رحل الجهاديون التونسيون إلى السودان محاولين ذلك مرة أخرى دون جدوى وارتحل آخرون منهم إلى ملاذات اللجوء السياسي في أرويا. بعد سيطرة حركة طالبان على الساحة الأفغانية ومع بداية الشوط الثاني للأفغان العرب توجه عشرات الجهاديين التونسيين إلى أفغانستان قادمين من البوسنة بعد أن شاركوا في قتال الصرب وحرب الإبادة أواسط التسعينات وفي أفغانستان نجح هؤلاء في تكوين معسكر مستقل واستطاعت مجموعة من هذا المعسكر من تنفيذ عملية اغتيال القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود أحد أعداء حركة طالبان بمنطقة وادي بنشبر.ولكن الوقت لم يسعف هؤلاء لتطوير معسكرهم الذي كان هدفه العودة بالجهاد إلى تونس... فقد دوت انفجار الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن لتصل شظاياها في أفغانستان وجاءت الحملة الأمريكية في ديسمبر 2001 وقد شارك المعسكر التونسي في قتال القوات الأمريكية على خط الجبهة في قمم طورة بورة في جبال سليمان غربي جلا ل آباد وسقط منهم عشرات القتلى وبعض الأسرى لتنتهي بذلك التجربة الجهادية التونسية المنتجة في مختبرات الصحة الأفغانية. عملية جربة: يوم الحادي عشر من أفريل 2002 تم تحميل شاحنة لنقل الغاز بكمية من المتفجرات وتخطت الحواجز الأمنية في كنيس الغريبة اليهودي في جزيرة جربة جنوب شرق تونس والذي يعود إنشاؤه إلى عام 566 قبل الميلاد. انفجرت الشاحنة أمام الكنيس متسببة في مقتل 14 شخصا منهم 6 سياح ألمان و6 تونسيين وسائح فرنسي وجرح ما يزيد عن 30 شخصا في أول رد فعلي رسمي قال مسئولون تونسيون أن الانفجار ناتجا عن حادث مرور عرضي أدى إلى ارتطام شاحنة محملة بالغاز بجدار يحيط بالمعبد وقال بيريز طرابلسي رئيس الطائفة اليهودية في جربة أن الانفجار مجرد حادث ولا علاقة له بما يحدث في إسرائيل. ولكن المتحدث باسم تنظيم القاعدة آنذاك سليمان أبو غيث خرج في 23 جوان 2006 ليعلن مسؤولية تنظيميه عن الحادث وقال إن ذلك الهجوم نفذه شاب من تنظيم القاعدة انتقاما من اليهود بسبب ما يجري للفلسطينيين الشاب يدعى نزار نوار من مواليد 1978 لقي حتفه في الحادث في مارس 2003 اعتقل خمس أشخاص في إسبانيا للاعتقاد كونهم مولوا الهجوم وفي أفريل 2003 اعتقل في باريس ألماني يدعى كريستيان جانزاسكي من أصول بولندية اعتنق الإسلام لعلاقته بالتفجير حيث اتهم بأن لديه علاقات قوية مع القاعدة وبدأت في 5 جانفي 2009 محاكمة هؤلاء المتهمين إلى جانب متهم آخر وهو خالد شيخ محمد والذي يعد من المتهمين الأساسيين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة حيث يعتقد أنه المدبر الرئيسي لعملية جربة. ووليد نوار شقيق نزار نوار منفذ العملية. أحداث الضاحية الجنوبية(سليمان) تعدد الروايات لهذه الأحداث بين الرواية الرسمية ورواية صدور رواية وكالات الإنباء والصحف العالمية. هذه الرواية جاءت ضمن مقال للمعارضة والحقوقية التونسية سهام بن سدرين باللغة الفرنسية عدد جانفي 2008 في مجلة كلمة الإلكترونية تحت عنوان :Affaire Slimane le double échec DE Ben :Ali علمت أجهزة الأمن التونسية منذ أفريل – نيسان 2006 أن هناك مجموعة مكونة من 6 أشخاص مسلحين برشاشات كلاشنكوف دخلوا تونس عبر الحدود الجزائرية لأن هناك شخص من أفراد المجموعة قتل في مواجهة مع حرس الحدود قائد المجموعة لسعد ساسي معروف من طرف الأجهزة المختصة , فقد حوكم غيابيا بـ20 سنة سجنا أمام المحكمة العسكرية سنة 2002 (في القضية رقم 12101) وعلى عكس ما ورد في الرواية الرسمية لم يكن لسعد ساسي عنصرا سابقا في الحرس الوطني ولم يسبق له التوجه إلى أفغانستان ولا إلى الشيشان... ولد لسعد ساسي في ديسمبر 1969 بضاحية قرطاج في وسط عائلي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة , هاجر إلى إيطاليا حيث عرف بنشاطه داخل أحد المساجد المسيرة من طرف السلفيين.. انتقل سنة 2001 إلى الجزائر والتحق هناك بإحدى المجموعات وتدرب على استعمال الأسلحة . عندما قرر الدخول إلى تونس كان لديه هدفا واضحا , قلب نظام بن علي بجمع أكبر عدد ممكن من الشباب لإعدادهم لمواجهة مسلحة مع النظام كانت كل هذه المعلومات متوفرة لدى الأجهزة المختصة التونسية فقد سبق لهذه الأجهزة أن استلمت أحد رفقاء لسعد ساسي الذي وقع إيقافه بالجزائر ويدعى البشير زايد وهو تونسي كان يقيم بمدينة ميلانو أيضا وقد وقعت محاكمته في نفس القضية التي حوكم فيها لسعد غيابيا .... لم تكن لمجموعته أية علاقة بالقاعدة ولكنها مجموعة منبثقة عن الجبهة الإسلامية التونسية , المنظمة التي ينتمي إليها عبد الله حاجي المعتقل السابق بغوانتنامو. بقي من الخمسة أشخاص الذين دخلوا مع لسعد ساسي 4 أشخاص فقط بعد مقتل أحدهم اثر مواجهة مع الحرس الحدودي وإيقاف طارق الهمامي وبحوزته قنابل يدوية في منطقة سبيطلة.أما الأشخاص المتبقون فهم لسعد ساسي وزهير الزيابي ومحمد الهادي بن خليفة والموريتاني محمد قمام ( الذي شهر شكري ) فقد توزعوا بين تونس وسيدي بوزيد . هؤلاء الأشخاص قتلوا جميعا عند وقوع المواجهة المسلحة مع الأجهزة الأمنية ... استقر لسعد ساسي بضاحية حمام الأنف , وقام لاحقا بتجنيد مجموعة من الشباب السلفي وتنظيم مجموعات بكل من تونس وسوسة وسيدي بوزيد كل العناصر التي تم تجنيدها كانوا تحت المراقبة الأمنية بسبب ارتيادهم للمساجد أو لإطلاق لحاهم وكانوا يخضعون لهرسلة متواصلة من طرف الأجهزة الأمنية التي تقوم باستدعائهم بشكل مستمر لفترات قصيرة يخضعون فيها للتحقيق ثم يطلق بعدها سراحهم.... كانت الأجهزة الأمنية تقوم بالضغط على أرباب الأعمال لتسريحهم الشئ الذي جعلهم يبقون دون عمل في جو يسوده اليأس والإحباط فسهل بذلك استقطابهم وسيحاولون دون جدوى يوم 29 ديسمبر أمام محكمة صماء إبلاغ صوتهم واسترجاع جزءا من كرامتهم هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و25 سنة هم من الطلبة والعاطلين عن العمل وأغلبهم من ذوي التكوين الجامعي وينحدرون من عائلات تنتمي إلى الطبقة المتوسطة , و يمثل الالتزام بالخط السلفي صرخة ثائرة ضد انسداد الآفاق أمامهم والسيطرة البوليسية المطلقة التي جعلت من إذلال المواطنين وسيلة للسيطرة على المجتمع. ما بعد الأحداث ... أيام المحنة : و بعد معركة دامية تواصلت بضع أيام دفنت أول تجربة تنظيمية سلفية جهادية ليشن بعدها النظام حملة شعواء على التيار الإسلامي بكل مدارسه و القطاعات المتدينة في صفوف الشباب فلم يفرق البوليس التونسي بين الجهاديين و السلفيين العلمين(أي المهادن للسلطة) و شباب جماعة التبليغ و حزب التحرير ووضع الجميع في سلة واحدة لتبدأ بعدها مهازل قضائية قادها القاضي محرز الهمامي الذي لم يرقب في شباب منهك قادم من محلات التعذيب بين دهاليز الداخلية و محتشد بوشوشة إلا ولا ذمة ليسدل الستار بذلك على تجربة سلفية جهادية فاشلة كسابقتها الاخوانية بسبب الأخطاء التي اقترفها أصحابها في أساليب العمل المسلح و خاصة الخلل و القصور في البني التنظيمية و طبيعة الهياكل في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر و استحالة بناء عمل مسلح على أسس كلاسيكية تعتمد على السرية و الهرمية و القطرية إلى جانب غياب القيادات الميدانية و مشاكل التمويل و ضعف الأمن الداخلي في هذا التنظيم التونسي الوليد الذي أطلق على نفسه جند أسد بن الفرات كل هذه الأخطاء في أسلوب العمل و المواجهة طوت مرحلة مهمة من مسيرة التيار الجهادي التونسي مرحلة مضرجة بالدماء و الألم و الشتات. ما إن انتهت أجهزة الأمن التونسية من القضاء على جماعة جند أسد بن الفرات بالضاحية الجنوبية حتى شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف التيار السلفي و الملتزمين من بقية أنصار التيار الإسلامي فقد تجاوز عدد المعتقلين الألفين شاب تحت طائلة قانون الإرهاب الصادر عام 2003 و أفاد تقرير أصدرته ″الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين″تضمن تحليلا لملفات (1208)من المعتقلين إن الشريحة العمرية الرئيسية لهؤلاء تتراوح بين 25و30 عاما وقد تنخفض أحيانا لتصل حدود 19 عاما أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي فان 46% منهم ينحدرون من مناطق شمال تونس و 31% من وسط البلاد في حين أن 23% فقط هم من أبناء الجنوب و بالعودة إلى تحقيق الشرطة التونسية مع المئات من الشباب الجهادي الذين جرى اعتقالهم خلال هذه المحنة إن اهتمامهم لم تكن محلية بل كان كل همهم التطوع للجهاد في العراق آو السعي للتدريب في الجزائر بغرض الانتقال إما للعراق أو أفغانستان أو حتى الصومال ولم يثبت من ملف أي معتقل انه مهتما بشكل خاص بما يجري في الساحة التونسية رغم الحملات الأمنية الشرسة التي تعرضت لها السلفية الجهادية بعد أحداث الضاحية الجنوبية و ما تعرض له المعتقلون من تعذيب شديد فان النظام لم يستطيع القضاء على الأفكار الجهادية و لا حتى على الخلايا الناشطة ففي شهر أفريل 2010قامت احد الخلايا الجهادية بوضع كمين لشرطيين مما أدى إلى مقتل احدهم و جرح الثاني بعد أن استدرجهما بنداء استغاثة كاذب بجهة سوسة على الساحل الشرقي.
السلفية الجهادية في تونس ما بعد الثورة بينما كان بن علي يستعد لمغادرة البلاد نحو مزرعة أل سعود كانت قيادات و أعضاء التيار الجهادي يحزمون أمتعتهم و يهمون بالخروج من أسوار سجن المرناقيية و طيف أخر منهم كان في ساحات القتال في العراق و أفغانستان و قلة قليلة كانت نزيلة معتقل غوانتنامو بالجزيرة الكوبية .عاد الجهاديين إلى تأثيث الخارطة السياسية في البلاد كلاعب لا يحتكم لقواعد اللعبة و لا يعترف بها أصلا بل و يكفر أصحابها فهم لا يعترفون بالديمقراطية فهي عندهم ضرب من الكفر البواح وصنم هذا العصر وإفراز من افرازات المجتمع الجاهلي و لا يعترفون بالدساتير و لا بالقوانين بل فهي طاغوت لا يجوز التحاكم إليه و لا يعترفون بالفرقاء السياسيين من بقية العائلات الفكرية من يسار و قوميين و جماعات الإسلام السياسي كون هذه العائلات تعمل من داخل النظام الطاغوتي الكافر و الحاكم بغير ما انزل الله كان أول ظهور عملي لهذا التيار بعد الثورة في شهر ماي 2011 في ملتقي أنصار الشريعة الذي ضم اغلب الطيف الجهادي التونسي و الذي انتظم تحت شعار اسمعوا منا و لا تسمعوا عنا و أعقبه ندوة صحفية بجهة وادي الليل بحضور القيادات الجهادية الكريزماتية كسيف الله بن حسين(أبو عياض) تلميذ أبو قتادة الفلسطيني السجين حاليا في بريطانيا بتهمة تهديد الأمن القومي و أبو أيوب التونسي احد القيادات الشابة إلى جانب القيادة الشرعية ممثلتا في الشيخ الخطيب الإدريسي السجين السابق على خلفية أحداث الضاحية الجنوبية و قد رفض أصحاب الملتقي التقدم بطلب تأشيرة العمل القانوني معتبرين أنهم لن يطلبوا التأشيرة إلا من الله .
على سبيل الختام يقف الجهاديين التونسيين اليوم و قد خلفوا ورائهم تجارب مريرة من الصراع مع السلطة و معارك بين خوست و قمم تورابورا و قمم الاوراس و شوارع بغداد و الموصل و خلايا العمل الجهادي في ملاذات ارويا الباردة و أمامهم واقع جديد تعيشه البلاد بعد ثورة أتت على الطغيان و أفرزت هامشا واسع من حرية الحركة و التنظيم و الاجتماع على الأقل حتى كتابة هذه السطور و بعد فوز لقوى الإسلام السياسي أي المدرسة الإصلاحية المرضى عنها من قبل القوى العالمية كما بينت ذلك أبحاث مؤسسة راند الأمريكية في تقريرها بناء شبكات إسلامية معتدلة-الشركاء و الموارد فهل سيعود الجهاديين إلى منهج الجبل و الكلاشنكوف وفاءا لعقيدة الولاء و البراء أم إنهم سينخرطون في العمل السياسي الحزبي كما فعل نظراءهم المصرين في جماعة الجهاد و الجماعة الإسلامية أم سيحضون تجارب النضال السياسي السلمي دون حمل سلاح كما هو حال حزب التحرير ????
#أحمد_النظيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|