أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - أول جريمة إبادة جماعية تركية ضد الشعب الأرمني في القرن العشرين















المزيد.....

أول جريمة إبادة جماعية تركية ضد الشعب الأرمني في القرن العشرين


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3618 - 2012 / 1 / 25 - 13:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صادق مجلس النواب الفرنسي بالأغلبية على قانون يقضي بتجريم من ينكر علناً وقوع جريمة إبادة جماعية ضد الأرمن في الدولة العثمانية وعلى الأراضي التركية في العام 1915, وسيواجه حكما بالسجن لمدَّة سنة، بالإضافة إلى دفع غرامة مالية قدرها 45 ألف يورو أو ما يعادل 58 ألف دولار أمريكي.
ويوم أمس عرض القانون على مجلس الشيوخ الفرنسي وصادق عليه, وينتظر القانون توقيع رئيس الجمهورية الفرنسية خلال 15 يوماً, وعندها يصبح هذا القانون تشريعاً ملزم التنفيذ من جانب لحكومة الفرنسية.
ليس هناك من شك في وقوع أكبر مجزرة بشرية مرعبة في اليوم الرابع والعشرين من نيسان/ابريل من عام 1924 والأيام التالية نفذها الجيش والجندرمة العثمانية في تركيا بقرار من الحكومة العثمانية ضد سكان البلاد الأرمن. تتفق جميع دول العالم بوقوع هذه المجزرة, بما فيها الدولة التركية الحالية. أين يكمن الخلاف إذن؟ الخلاف ينصب على مسألتين من حيث المبدأ وما يترتب عليهما من التزامات تركية إزاء الأرمن:
** هل يتراوح عدد قتلى الأرمن في هذه المجزرة بين 1-1,5 مليون إنسان من النساء والرجال والأطفال الأرمن كما يقول السكان الأرمن وما تذكره كتب التاريخ والأحداث ذاتها, أم كما تقول الحكومة التركية على امتداد العقود التي أعقبت تلك المجزرة بأن العدد لم يتجاوز ألـ 30000 إنسان من النساء والرجال والأطفال الأرمن من أتباع الديانة المسيحية؟
** وهل كانت المجزرة مخططاً لها أم إنها حصلت في مجرى أحداث الحرب وليس بهدف الإبادة الجماعية؟
كل الدلائل التي تحت تصرفنا والكتب التي تتحدث عن الجريمة ومن مصادر كثيرة تشير إلى وقوع هذه الجريمة البشعة فعلاً وفي ظل الدولة العثمانية, الرجل المريض, التي كانت تخوض غمار الحرب العالمية الأولى إلى جانب الدولة الألمانية. وإن عدد الضحايا كان هائلاً جداً وشكل جبلاً من الجثث. لم يحصل هذا القتل الجماعي عبر معارك عسكرية ضد الدول المناهضة للدولة العثمانية, بل سقط هؤلاء على أيدي قوات الجيش والجندرمة العثمانية. وحتى لو افترضنا إن عدد الضحايا لا يزيد عن 300000 إنسان من الأرمن وليس مليونً أو مليون ونصف المليون إنسان أرمني, فهي والحالة هذه تشكل جريمة بشعة لا يمكن أن توصف إلا كونها جريمة إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية.
إن من يريد أن يعرف ما إذا كانت هذه الجريمة عفوية أو منظمة أن يعود على أحداث الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حين كان السلطان عبد الحميد الثاني على رأس الدولة العثمانية الثيوقراطية المتخلفة, أي أن يتتبع سياسات وسلوكيات الدولة العثمانية في زمن هذا السلطان والقوى التي شكلها حينذاك (الفرسان) لتنفيذ مهماته العدوانية ضد المسيحيين. فحينذاك بدأ هذا السلطان بحملة جادة ومنظمة وهادفة من جانب هذا السلطان لإجراء تغيير في البنية السكانية (الديموغرافية) لبعض المناطق التي كانت تقطنها الأكثرية الأرمنية من خلال القتل والتهجير والإبعاد وإسكان الترك فيها. ولكن الفرصة كانت أكثر مواتية للحكومة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى بدعوى احتمال أن يتحول الأرمن إلى سند للدولة الروسية في حربها ضد الدولة العثمانية في تنفيذ خطتها بالخلاص من الأرمن عبر التصفيات الجسدية. فالحملة لم تكن عفوية, بل منظمة وتنطلق من ذهنية عنصرية عدوانية ما يزال يعاني منها الحكام الترك حتى الوقت الحاضر.
إن القسم الأعظم من الباحثين, واعتماداً على ما كتب ونشر في حينها فإن عدد القتلى من الأرمن يزيد عن المليون نسمة وإنها جريمة منظمة وتخضع لمعايير الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية. وكان وما يزال على الدولة التركية الحديثة أن تمتلك الجرأة الكافية للاعتراف بالجريمة الشنيعة التي ارتكبتها الدولة العثمانية في العام 1915 وأن تأخذ على مهمة الاعتذار للشعب الأرميني وتعويضه عن الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تحملها الضحايا ومن بقي من عائلاتهم.
لقد تم القتل بطرق شتى, سواء بالقتل المباشر أو بالتهجير القسري والمشي الطويل في الجبال والصحاري حتى هلكوا من الجوع والعطش أو قتلوا في الطريق على أيدي الجندرمة والجيش التركي والمجاميع القومية المسلمة المتعصبة ضد المسيحيين, أو بالدفن وهم أحياء.
إن من مسؤولية البشرية جمعاء والمجتمع الدولي إدانة هذه الجرائم ومطالبة الحكومة التركية بالاعتراف بها وليس التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع الدولة الفرنسية لأن مجلسي النواب والشيوخ قد أقرا قانوناً صائباً في هذا الصدد.
ومن الغرابة والعيب في آن واحد أن يصدر تهديداً عن رئيس الحكومة التركية, أردوغان مفاده اتهام فرنسا بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الجزائري, في حالة عدم إبطال فرنسا ذلك القانون. في حين أن المفروض على دول العالم كلها أن تتهم فرنسا بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وضد الإنسانية في الجزائر والطلب من فرنسا الاعتذار أولاً والتعويض الكامل عن خسائر الشعب الجزائري البشرية والمادية الفادحة ثانياً. إن المساومات في هذا المجال قذرة ولا يجوز قبولها, بل ضرورة التنديد بها.
لقد تميزت سنوات القرن العشرين بارتكاب الكثير من جرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية, منها بشكل خاص جريمة ألمانيا الهتلرية ضد اليهود في ألمانيا وعموم أوروبا, وكذلك ضد الروما والسنتي (الغجر) في معسكرات الاعتقال النازية, وكذلك جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام البعثي في العراق ضد الشعب الكُردي في إقليم كردستان العراق وضد الكُرد الفيلية في العراق عموماً, إضافة إلى جرائم الحكومة السودانية في دار فور, وكذلك الكثير من الجرائم التي ارتكبت في القارة الأفريقية حلال العقود الأخيرة من جانب النظم العنصرية أو في ما بين القبائل الأفريقية بتحريض من حكوماتها أو من رؤساء تلك القبائل. وإن ما جرى ويجري في سوريا واليمن من جانب بشار الأسد ورهطه ومن جانب علي عبد الله صالح ورهطه تقتربات من مستوى جرائم ضد الإنسانية.
إن الحكومة التركية الحالية كانت وما تزال تتسم بالشوفينية المتشددة والطائفية المقيتة التي تقترب من النهج العنصري والتمييز الطائفي في الموقف من أتباع القوميات الأخرى وأتباع الديانات والمذاهب الأخرى, ومنها الموقف من الشعب الكردي ومن العلويين في تركيا. ولا يمكن مكافحة هذه الذهنية المتشددة المتسمة بالكراهية والحقد إزاء أتباع القوميات الأخرى ما لم يتخذ العالم موقفاً ثابتاً إزاء مثل هذه الانتهاكات الفظة لتخليص الحكم والكثير من السكان الترك من داء الشوفينية والتمييز العرقي.
إن من واجب الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي ممارسة الضغط المشدد على الدولة التركية وحكومتها الحالية لا بهدف الاعتراف بما ارتكبته الدولة العثمانية في العام 1915 ضد الأرمن باعتبارها جريمة إبادة جماعية فحسب, بل ومطالبتها بتحسين علاقاتها مع الدولة الأرمينية ودفع تعويضات لذوي الشهداء أولاً والبدء بمعالجة المشكلة القومية في تركيا المعاصرة, وخاصة قضية الشعب الكردي في إقليم كردستان تركيا, بالطرق السلمية والتفاوضية مع ممثلي هذا الشعب وقواه وأحزابه السياسية, بما في ذلك حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه.
إنه الطريق الوحيد لمكافحة الذهنية الشوفينية في المجتمع التركي وعلى مختلف المستويات والفئات الاجتماعية وقبل ذاك في صفوف النخب الحاكمة.
25/1/2012 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن حل الأزمة الطاحنة في العراق؟
- حول تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني حول العراق
- المستبدون القتلة في سوريا والمحكمة الجنائية الدولية
- التعامل مع الصحف العراقية جحيم لا يطاق!
- هل للقتلة في العراق دين أو مذهب؟
- ألا تشكل الجامعة العربية إحدى أهم الكوارث العربية؟
- هل من سبيل لوقف سفك الدماء في العراق؟
- كارثة تلو أخرى... فإلى متى يا حكام العراق ؟
- الاستبداد والتآمر والقسوة وتغييب المصلحة العامة هي جزء من مح ...
- خاطرة: من يكرس حكم المستبدين في الأرض؟
- مجزرة جديدة للحكومة التركية ضد الشعب الكُردي
- بغداد تئن من وجع الجميع !!
- تفاقم الصراعات المحلية والإقليمية والدولية المستقطبة في العر ...
- الصراعات السياسية ونجاح قوى الإرهاب في قتل المزيد من الأبريا ...
- العراق وموقعه ضمن اللائحة الدولية لحقوق الإنسان والشفافية ال ...
- -صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ-, بل ولا يفقهون! ...
- العلاقة الجدلية بين الأمن والحريات العامة وحقوق المواطن
- حيدر الشيخ علي إنسان ومناضل كردي-عراقي ثابت
- العبثية القاتلة في سلوك المالكي وحزب الدعوة الإسلامية في الع ...
- أول الغيث قطر ثم ينهمر المطر: سياسة علي الأديب إزاء المرأة ن ...


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - أول جريمة إبادة جماعية تركية ضد الشعب الأرمني في القرن العشرين