أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - الفضيحـــة















المزيد.....

الفضيحـــة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1069 - 2005 / 1 / 5 - 07:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


حين ترتاح النفوس تبدع العقول,وعندما تقهر القلوب تسفك الدماء,ويصبح المشهد عدميا بامتياز. فمنذ أن انتشرت ايديولوجيات السيف, وتكنولوجيات قطع الرقاب, وسجلنا بامتياز براءات الإختراع العبقرية في فن سفح الدماء والإستئصال الوأدي الغدار,وسيناريوهات المذابح المجانية في هذا المسلخ العمومي,ومارسنا كل استعراضات القتل الشنعاء, وفي الأرض التي لا تنتج إلا الموت الزؤام, وفي الثقافة التي تمجد الدم وتتنكر لأحلام الأطفال وعند البشر الذين لايكترثون لرؤية النعوش ووجوه الأموات, ولدىالأصوات التي تزغرد لإزهاق الأرواح كما تزغرد في أعراس بنات السلطان, يصبح الموت وإفرزاته وطقوسه منظرا مألوفا واعتياديا يعرض عنه المشاة والمارون كما يعرضون عن سلعة كاسدة في دكان ,ويلاقونها بفتور كلقاء بائع الأوهام الكذاب, ويقفزون من فوق الجثث المعروضة في الساحات, كما يقفزون عن الحفر والمطبات في الدروب والزواريب المقفرة والمظلمة في أحزمة الفقر المزدهرة في مدن العربان. عندها يدرك المرء فعلا أنه في مصنع كبير لطحن الأرواح ومن ثم تصديرها إلى الفضاء, وأن جهنم حقيقة أرضية محسوسة, قبل أن تكون نبوءة سماوية غيبية.
.

فبلأمس القريب جدا انفجرت عبوة ناسفة أزهقت خمسا وعشرين من أرواح البشر الآدميين الأبرياء في بؤرة نازفة ومشتعلة وعزيزة على القلب والوجدان.وكان هذا الخبر عاديا ومر باستحياء ,وظل خبرا من الدرجة الثالثة حسب التصنيف الإعلامي وفي كل الأبواق ,في الوقت الذي لا يزال فيه "تسونامي" الأنكلوساكسوني التكنولوجي العسكريتاري الفاجر يبتلع الناس ويقصف الأرواح بشكل أعتى وأقوى من تسونامي الآسيوي "المسكين", ومنذ خمسة عشر عاما وحتى الآن ودون أن تنكس له أية بيارق أو أعلام أو تدق له الطبول ويمشي له الجنود ب"المارشات". وفاقت ضحاياه ضحايا زميله القادم المزمجر والمزغرد من أعماق المحيطات.فهل رخصت لحوم الأنسان إلى هذا الحد ومتوفرة بهذا الفائض وخارج الثلاجات؟وهل عزت القبور الفردية لتصبح القبور كلها جماعية؟ ولا يحظى أحد بشرف الدفن مع"شاهدة" خاصة تحمل اسمه والفاتحة بعد الممات؟وإذا كان "تسونامي" قد انحسر وشبع من نهش وبلع الأجساد,فمتى تشبع "التسوناميات"النهمة الأخرى وتقلع عن عادة فرم الأبدان, وتنحسر عن الصدور ولو لأمتار لتملأ الرئات بقليل من الأنفاس؟وظلت هذه إحدى الفضائح المؤلمة والمنسية في هذا الزمان, حيث أسقطت منطقة الكوارث المنكوبة هذه من حسابات الكبار,وأصبح أي حدث آخر هو كفاصل إعلاني مميز بين مشاهد مسلسل ممل متكرر الحلقات..

لقد فاجأت ضحايا تسونامي الأوروبيين وأفقدتهم مشاهد الموت الوحشية صوابهم,اولئك البشر الذين ودعوا مهرجانات الوداع الجماعية منذ زمن بعيد,وصار حادث سيارة وموت سكير عربيد فيها ,كارثة وطنية كبرى يصبح مكان حدوثه مزارا ومحجا ومعرضا لأكاليل الزهور والغار.فلقد هبت أوروبا دفعة واحدة ,واستنفرت كافة أجهزتها للتصدي لهذا الحدث ,ونزل جاك شيراك ,بنفسه, الزعيم الديغولي التاريخي إلى ساحة قصر الفرساي ليستعرض العلم الفرنسي المنكس ,ذلك العلم الذي رسمت ألوانه أفكار روسو ,وفولتير ,ومونتيسكيو,وحمله ثوار حقوق الإنسان الحفاة أيام "الكومونات" الغاضبة,ليؤبن اثنين وعشرين فرنسيا- فقط – ابتلعهم المحيط الجوعان. وهو تقريبا نفس ضحايا القنبلة التي ابتلعت اللحوم "الفائضة الكثيرة" والمتوفرة في كل مكان.فيما اصبحت السويد خلية نحل لتتكيف مع هذا الحدث الفريد ,ونكست الأعلام فوق البيت الأبيض حدادا على الوفيات من الأمريكان. وهنا لن نسأل ماذا كانت تفعل كل تلك الجحافل السياحية من الغربيين في ذلك المكان, وكأننا في تجمع شعبي للأمم المتحدة برعاية كوفي عنان, هذا ولم يعلن –والحمد لله –عن فقدان وخسارة أي من العربان الأفذاذ, من أبطال الفتوحات القذرة في المواخير و"البنسيونات", في هذا المهرجان الجنائزي الأممي ,لأننا وببساطة ضد العولمة حتى في الموت على الشطآن.

أما الفضيحة الكبرى المجلجلة, و"مجرجرة" الأجراس وراءها "المجرسة" , والتي لم يركز عليها إعلام الإستهبال والإستغفال ,وأبواق"هات إيدك ولحقني" ويعطها أي اهتمام,فهي أن أنباء شحيحة مقطرة تقطيرا, ترسبت من هنا وهناك ,أن دولة عظمى لها قواعد هامة وكبيرة في المحيط الهادي قد علمت بالزلزال ومن خلال هذه القواعد والأقمار الصناعية ومحطات الرصد الأخرى بوقت كان كافيا لتحذير الناس بهذا الخطر الماحق الجبار,ولكانت جنبت المنطقة الكثير من الدمار والأرواح ووفرت الكثير من العذاب.وحفاظا على مصداقيتنا,وهي أهم من أي اعتبار ,فالخبر لا يزال غير مؤكد,وإن كان من الممكن الإستدلال على بعض من صحته , ومن خلال شيء من المعطيات.

وتذكرت على الفور ضحايا الإنفجارات اليومية و"التسوناميات" العاتية الأخرى التي تجتاحنا برا وبحرا وجوا وفقط صباح مساء,وليل نهار ,ومنذ ما قبل تاريخ طوفان نوح عليه السلام , والتي كسرت وحطمت كل مؤشرات الريخترات. وكيف سكتت الإدارات البيضاوية ولمدة ستين عاما, وغضت الطرف عن كل تلك "الفيضانات الشمولية العاتية الرعناء " ,وهذا اعتراف "بعظمة لسان" امبراطور الحرية وحقوق الإنسان, ونمرود الحروب الإستباقيةpre-emptive wars ,وفلسفة الإجتياح والطغيان. ولماذا لم يستنفر أحد وتنكس الأعلام,أوحتى أية أسمال باليات فوق أسطح التوتياء لكل أخبار الموت التي نبدأ بها نشرات الأخبار منذ أن باعنا "ماركوني" أول جهاز للإرسال؟ولماذا لم يبك ويحزن علينا أحد وعشرات "التسوناميات" تبتلعنا يوميا وبشتى الأشكال.وصار سيان إن ابتلعك زلزال تسونامي الوحشي أو ابتلعك التضخم والإفقار, أوابتلعتك ظلمات وغياهب السجون ونسيك الجلاوزة والفجار وفي ضيافة الثوار الأبرار, أو ابتلعتك الشموليات القدريات كما تبتلع الأفعي صغار الحيوان,أويأكلك شبح الفقر الذي أخرج الملايين من التصنيف الآدمي ووضعهم في النتيجة والمحصلة النهائية ,جنبا إلى جنب مع فقراء الزلزال الآسيوي الغضبان,أو ابتلعتك مدن الصفيح الخرساء,ومتى نخرج من بطون المافيات,وتلفظنا أمعاء الديكتاتوريات بعد أن اجتاحت آدميتنا أمواج القراقوشيات العاتية النكداء؟ أو يبتعد عنك غول المخابرات ولو لميليميترات.وإذا انحسر "تسونامي "الضعيف خلال ساعات فإن مد التسلط الإبتلاعي الطوفاني غير محدد بزمان,كما أن أذرع اللصوص الطويلة والخبيرة لا تعرف الإنحناء والعودة إلى الغمدان.وكما ابتلعتنا من زمان إحصاءات ونشرات الأمم المتحدة والتي تحصينا وتصنفنا مع المنكوبين ,والفقراء , والضحايا المشردين في الأصقاع الذين يعيشون تحت زنانير البؤس والحرمان.

موتوا ولا تزعلوا أو تخشوا من أي طوفان فلن يلتفت أحد لفقدان أي منكم في أعراس الموت وليالي شهريار الدموية المليونيةالسوداء,والتي لن يحظى ايضا بأن ترويه شهرزاد ولا حتى لبنت الجيران.هذا هو واقع الحال , وآخر ماسجلته مؤشرات الأرصاد الساسية في هذا المناخ والطقس الحار إلى درجة الغليان.

إنها الفضائح المجلجلة...................فاسمعوها.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد
- حتمية العولمـة-عولمة لغويــة
- بابا نويـــــل
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى
- المعصومون
- الحضاريون الجدد
- اللعب في الوقت الضائع


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - الفضيحـــة