|
ذكريات لا يمحوها الزمن(ايام في معتقل قصر النهاية)الحلقة السادسة
عبد الحسن حسين يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 20:46
المحور:
سيرة ذاتية
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهاية) الحلقة السادسة عبد الحسن حسين يوسف هناك كثير من المفارقات المضحكة والمبكية في آن واحد في معتقلات البعث الفاشي ولكن معتقل قصر النهاية اكثرها مما يجعلك تشعر انها سخرية ومئسات ومنها اعتراف كثير من المعتقلين على جرائم لم يقترفوها اصلا رغم معرفتهم ان اعترافاتهم هذه توصلهم الى حبل المشنقه لا محالة لان جحيم التعذيب لا يطاق وخصوصا اذاكان التعذيب يجري في معتقل قصر النهاية وعلى ايدي جلادين مهرة ذوة حرفة عالية في فن التعذيب والابداع العالي في هذا المجال ومن ذكرياتي في هذا المعتقل عندما كنت في غرفه رقم (17أ) كان الدكتور خلف اقدم مني في المعتقل ويعرف بعض المعلومات عن الغرف المجاورة الى غرفتنا فكان في الغرفة رقم(27) المقابلة لغرفتنا اثنين من الاخوة الكرد ومن اهالي اربيل رجل كهل صاحب فندق مع احد عمالة وكانت تهمتهم هي قتل احد رجال الامن البعثيين الذي ينزل في فندقهم وقد شرحوا لزميلي خلف كيف قتلوه ثم نقلوه ليلا الى احد الوديان القريبة من اربيل والقوة هناك وقد جرف الماء جثته الى جهة مجهولة وكانو ينتضرون اعدامهم في اي لحضة..وفي احد الليالي من الشهر الرابع من سنة 1972 استدعاهم المقبور حسن المطير رئيس الهيئة التحقيقية الثانية في المعتقل اقتنعنا ان ساعة اعدامهم قد قربت وهذه هي نهايتهم الا انهم بعد ساعة قد عادوا فرحين وبدءوا يهيئون انفسهم للخروج من المعتقل.. وعندما استطاع زميلي سؤالهم خلسة عن الجلادين قالو له ان شرطي الامن الذي اعترفنا اننا قتلناه حي يرزق وانه الان موجود في غرفة التحقيق وقد برئنا من تهمة قتله وعندما سئلهم زميلي الم تقولو انكم قتلتوه والقيتم بجثته في الوادي قال الرجل الكهل يا دكتور ان التعذيب لا يطاق وهو فوق تحملنا فاتفقنا على هذه الروايه حتى نتخلص من التعذيب حتى لو وصلنا الى حبل المشنقة وعندما سالهم زميلي واين كان الشرطي طوال هذه المدة قالو لقد كان مختطف من قبل تيار من البيشمركه لا يعتر ف باتفاقية آذار واطلقو سراحه لاسباب نجهلها.. هذه الحادثة جعلتني افكر كم من العراقيين وصلوا الى حبل المشنقة او ماتوا تحت التعذيب دون ان يرتكبوا اى ذنب واعترفو ا على جرائم لم يرتكبوها اصلا تخلصا من تعذيب البعثيين المجرمين . اني اعتقد ان معتقل قصر النهاية هو من اسوء معتقلات العالم بل في قمتها من حيث انعدام اي شيء يليق بابسط حقوق الانسان وقد كان السجناء في هذا المعتقل في ذلك الوقت يمثلون خيرة ابناء الشعب ومن كافة القوى الوطنية والتقدميه والشيوعيين العراقيين على راس هذه القوى وبالذات شيوعيي القيادة المركزية الذين يتميزون على الجميع ببطولاتهم وصمودهم وكان المجرم ناظم كزار مدير الامن العام والجلاد حسن المطير يعرفون ذلك جيدا ولذلك كان تعاملهم معنا في منتهى القسوة والشدة.. في شهر حزيران من عام 1972 قام البعث بحملة اعتقالات على ابناء شعبنا الكردي رغم ان اتفاقية الحادي عشر من آذار سارية المفعول بين الحزبين البعث والديمقراطي الكردستاني فسيق المئات منهم الى المعتقلات البعثية ومنها قصر النهاية فقام رجال الامن في المعتقل بتجميع المعتقلين القدامى في الغرف الانفرادية قاطع(أ وب وج)في قاعتين كبيرتين وحل بدلهما النزلاء الجدد من الاحزاب الكردية كنت ضمن القاعه الثانية مع عدد كبير من الشيوعيين والقوميين والبعثيين المؤيدين الى سوريا(البعث اليسار) على راسهم (محسن العزاف)عضو القيادة القومية في بعث اليسار وهاشم الاشيقر من قياداتهم ومن الشيوعيين علوان جبر حبيب مسؤل اربيل والقائد العمالي البارز جبار شلش (ابوعادل) وتنضيمات (ق م) من مدينة الناصرية كاظم منخي وحسن جبارة وقاسم شناوة وعبد الرحمن جبر وكريم خميس وبعض الافراد من التنضيمات الدينية وخليط من الافراد لا يعرفون حتى اسم الحزب الذين ينتمون اليه ولا يفهمون شيء عن السياسة اصلا جيء بهم من خلال تقارير بعثية من اماكن عملهم اومناطق سكناهم والتقيت في القاعة برفاق عشت معهم في مقر الحزب بكردستان وبرفاق لم التقي بهم الا بالمعتقل ..كانت الايام الاولى لتواجدي بالقاعة هي فترة حذره جدا لتحديد علاقتي بالاخرين الا من كنت اعرفهم مسبقا مثل استاذي ورفيقي علوان جبر وصديقي جبار شلش وكريم خميس كنا نتكلم بهمس خوفا من الوشات الذين بدأوا يتكاثرون بالقاعة بتوجيه من الجلادين كان التعذيب والسب شبه يومي لنا نحن الشيوعيين فقط دون القوى الاخرى بحجج وذرائع واهية يخترعها الجلادين ولكن وجودنا مجتمعين سهل علينا تحمل تعذيبهم وكل واحد منا يشد ازر الاخر ويقوي من معنوياتة وكان رفيقنا جبار شلش (ابو عادل) اكثرناتعرض للضرب حتى ان الجلادين يعرفونه جيدا فلا تخلو وجبة ضرب يومية الا ويكون ابو عادل على راسها وله حصة الاسد من حقدهم وقذارة السنتهم ولكنه رغم ذلك صاحب عزيمة لا تلين يقوى من معنوياتنا ويذكرنا بصمود من سبقونا من الشيوعيين ودفعو حياتهم ثمنا لصمودهم وعندما اطلق سراح الرفيق جبار شلش فرحت كثيرا لان صحته بدأت تنهار وقدميه تحولتا الى كتلة من اللحم المشوه واظافر قدميه تنمو بدون لحم من تحتها ولكن رغم فرحي باطلاق سراحه عشت كآبة شديدة بعده لم يبددها الا قصص الرفيق كريم خميس الغرامية التي لا تنتهي وحبه(للعرق المستكي) واكل الكباب لان مهنته قصاب و عشقه لمدينة الناصرية التي يعتبرها اجمل من لندن رغم انه لم يغادر العراق ابدا.. بقيت صداقتي للرفيق جبار شلش حتى بعد خروجي من السجن وتحول بيته في بغداد (مدينة الثورة) الى مقر غير رسمي للحزب الشيوعي العراقي(القيادة المركزية) ولم افارقه الا بعد ان رحل الى الابدية قبل ان يرى سقوط الطاغية ويكحل عيونه وهو يراه يخرج من حفرته مثل الجرذ بأيدي اسياده السابقين الذين تركوه دون اعطائه مكافئة نهاية الخدمة ....تحياتي والى حلقة اخرى من ذكرياتي الاليمة....
#عبد_الحسن_حسين_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن(ايام في معتقل قصر النهاية) الحلقه الث
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
المهمات الاساسية لوحدة الحركة الشيوعية العراقية
-
رسالة من مريدي الى احفاده في شارع مريدي
-
ظاهرة جديدة اسمها العظامة السياسية
-
اخي محمد الرديني
-
رواية(الهجرة الى السعدون) هجرة الى العمق العراقي
-
العراق العربي متى يحارب ايران ثانية
-
الى المعلم الكبير حسقيل قوجمان مع التحية
-
الى الدكتور الفاضل عبد العالي الحراك مع التحية
-
أصدقاء السوء والشعب العراقي
-
عبد الله بن سبأ وإيران وصندوق النقد الدولي
-
من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق(الماضي وآفاق المستقبل
-
الاسطبل الذي حوله البعثيون الى معتقل
-
الســــــــقــوط
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|