|
تحويل الهزيمة إلى إنتصار
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 20:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحويل الهزيمة إلى إنتصار كتب مروان صباح / التحركات الامريكية في أغلب الأحيان تكون ضمن خطة معدة مسبقاً لإستراتيجيات تتمتع بمسافة كي يتحقق تنفيذها حتى لو ضاقت وتشكلت ضغوط على المسارات التى يفترض أن تكون الملاذ الآمن في سُبل النجاة إلى أماكنها الأقل تعرضاً ، ولكنها تخاطبنا كجموع وكأفراد وكأعضاء في مجتمع واحد كأنها معروضة على مسرح تبث دوماً رسائل أوسع مدى من دون التعبير عنها بالكلمات أو التصريحات فقد جاء الإنسحاب من العراق بعد إستكمال الجزء الأكبر من الغاية وليس بالضروري أن تكون النسبة كاملة إلا أنها كما يبدو حققت أغلب ما تريد من بلد أصبح بقعة دم للحشرات التى تعيش على الإمتصاص الدائم . فثمة مراجعات قد تغيب عن البعض بحكم الزخم المستمر في مواجهة الكم الناتج عن سياسات إستغراقية ترتطم عند شواطىء رمالها مسروقة ، فالعراق منذ أن سيطر النظام السابق على نواحي الحياة تورط مباشرة في حرب الجار الأكبر ومنها إلى حرب مفتوحة مع القوى العالمية ثم إنساق تدريجياً إلى حصار خانق تعاظم بسببه الفساد بشموليته التعليمية والصحية والخدماتية بعد أن كان يمتاز بهم ، مما سهل أمام الإدارة الامريكية عبر هذه السنوات من العّصر المستمر التى أدى إلى تهيئة دخول سلس داخل جغرافيته بحيث شهدت من الأعوام الثمانية تنكيلاً لم يعرض من قبل على أي مسرح سياسي ، وقد نختلف حول معنى الهزيمة والإنتصار فإذا كان الإنسحاب الامريكي في هذا التوقيت يعني للبعض بأنه إنتصار فأننا نضطر إلى ضرب أخماسنا بأسداس للثمن الذي دفعه أبناء العراق ، اللهم إلا إذا كانت القضية مرتبطة فقد بشخصية الرئيس صدام حسين مما يجعلنا أن نتدخل لإيقاظ النيام من سباتهم بأن معتقلين وقاتلين الرجل هم الأمريكان الذي تحول بقدرة قادر إحتلالهم إلى تحرير وليس أحد آخر . الحياة قادرة على إنصاف من إستحقوها فهي تمجد وتخلد من حملوا أعباءها لا من شارك في الإستقطاب الطائفي والقتل الشرس على الهوية ، فالقضية ليست مختصرة على تغيير نشيد وطني وتعديل خطي للعلم أو إضافة أعياد ليس لها إجماع وطني بل تدلل عن مرحلة أنتجت سياسات عرجاء مبتورة البصر والبصيرة وبلا أسنان ، فقد تورط دون أي شك النظام السياسي العراقي بجميع أطيافه في عمليات القتل وتآمر ضد المواطن العراقي لدرجة تم إعادته إلى السطر الأول منهك تُخيم عليه حالة البؤس لا غير بحيث تحول النظام البعثي شبحاً وعقدة تلاحق كل من كان يختلف معه مما إستدعى إلى جلب الأجنبي تحت راية تحقيق الديمقراطية التى تفاقم الوضع تعقيداً وأكتشف المستور بأن المسالة لا تتجاوز بعض الأحقاد التى تعمقة وتصلبت وتحالفت مع النار تقودها مجموعة طائشة عمياء منقوصة الشرعية مهما تدخلت عمليات التجميل في ترقيعها . لا يحق لنظام تورط بالدم حتى الركبة بالأحتفال في إجلاء المحتل والإدعاء بالنصر ، كما أن لا يحق للجمهورية الإسلامية الإيرانية بالكشف عن صدرها بأنها قد تبنت نهج المقاومة في العراق فهي فلسفة مضادة للواقع والإنسانية بحيث كُتبت السنوات الثمانية سيرتها السياسية بدماء ضحاياها وكانت الولادة بأنبوب كولونيالي التى أدت إلى تهشيم إرادة الشعب الطامح دائماً إلى التغيير في بنية الحكم والإصلاح العميق للدولة ومؤسساتها لكنها جاءت تماماً معاكسة مما دفع الجحيم الطائفي إلى تهجير خيرة الأكاديميين والشباب والشابات داخل وخارج العراق لتتحول خشية جمعية مستترة من الحاضر اللعين تعاظمت لدرجة الفوضى والإنهيار الكامل للدولة التى يفترض أن تحمي الجغرافيا ومن عليها من بشر وحجر وشجر . كنا نود بأن السلطة الإسلامية في طهران تكون مختلفة تماماً عن النظم السياسية التى تبرأت من صلاتها بالأخلاق والإحتكام إلى معايير المنطق بحيث كان بإمكانها تقديم نموذجاً جديداً مغايراً خارج جغرافية حدودها عنوانه توحيد الجهود لا الفرقة وإستيعاب الأقليات لا تمزيقها إلا أن الفترة السابقة إتسعت الفجوة وسعت النظم السياسية في المنطقة بكل ما أعطيت من دهاء تحويل الإنسان العربي من إنسان إلى سعدان ، مما جعل الإدارة الامريكية أن تصمت على جميع خسائرها وتعض على أصابعها لِما أصابها بعد ما انجزت مرادها من الفرقة والشحن الطائفي الذي إنجر وراءه الجميع ، ثم تتحرك بقواتها وتعيد إنتشارها في المنطقة متسلحة بالفتن الكبرى كالتمساح الذي أنهى آكل الفريسة كي يتسنى للطيور ان تنظف أسنانه لما تبقى من أشلاء ولكن في هذه الوضعية لا يوجد بوصلة تأمين بأن التمساح لن يطبق فمه متى يشاء ، لم يعد هناك من وقت للإصلاح لكثرة الدم النازف دون إنقطاع والذي تحول إلى خبر بارد في حياة الشعوب ولم يعد أمامها إلا أن تعود إلى تلك الحيز لشواهد الأحرار التى تقول إن الأحرار وحدهم هم من يدافعون عن أوطانهم لكن أين هؤلاء الأحرار الذين تراجعت بهم السبل لتتقدم مجموعات حولوا التغيير إلى مجرد إنتقام . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستحضار الضمير قبل الممات
-
الأحياء يزاحمون الأموات
-
ما بين نهر الرقيق ونهر الجوع ...
-
إختلط حابل السخط بنابل الغضب
-
عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان
-
بين المكتنزة والمتفجرة
-
طواف الباحث عمن يشتري حريته
-
الحمّلّ المؤكد
-
ممر إجباري للإنتقال
-
إختار القِصابَة على طبِّ العيون
-
بين المباغت المجهول وطريق نتحسس خطاه
-
إفتقار الرؤية
-
تَعثُر يؤدي إلى إجهاض في المهد
-
نحتاج قدر لو بيسير من البراءة
-
الديون المفجعة
-
بُكاء من فرط الضحك
-
التورط في التقليد
-
إحتراف الخديعة
-
كسر الجِرار هو تعبير عصري عن رجم الشيطان
-
الضحية تبحث عن جلادها
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|