نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 21:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لما كانت وسائل الإعلام من أمضى الأسلحة وأنجع الوسائل التى يستخدمها المسـتبد فى التمكين لنظامه عن طريق بث الأضاليل وخداع الناس، فقد أجزل المستبدون فى كل زمـان للشـعراء والمادحين، واحتكروا وسـائل الإعلام المرئيـة والمسموعة والمقـروءة، وحظـروا أن يبث فيها ما يوقظ الجمـاهير الغافلة، وشتتوا انتباه الناس، وصرفوهم إلى مسائل هامشية تستنفد قواهم الذهنية، وتبدد أوقـاتهم، واقتصر الإعلام على بث الأغانى الوطنية التى تمجد القـائد وتسلط الأضواء على انتصاراته، بل تكـاد ترفعه إلى مصاف الآلهة. واسمع إلى القصيدة التى نظمها الشـاعر ابن هانئ الأندلسى إلى الخليفة الفاطمى المعـز لدين اللـه، والتى يقـول فى أبيات منها:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنمـا أنت النبى محمـد وكأنما أنصارك الأنصـار
وأن يقـول أيضا:
ندعوه منتقما عزيزا قادرا غفار موبقة الذنوب صفوحا
أقسمت لولا دعيت خليفـة لدعيت من بعـد المسـيح مسيحا
وأتى الخليفة الأموى يزيـد بن عبـد الملك بأربعين شيخا فشهدوا له ما على الخلفاء من حساب ولا عذاب .
ويجمع المستبد حوله النافخين فى أبواقه، والمروجين لمنـاقبه، والسـاترين لرذائله، وتلتف حولـه جمـاعات المصالح، والآكلون على موائـده، ويجنـد من يجمـلون للنـاس حكمه ويسـوغون استبداده على اعتبار أنه ليس فى الإمكان أبـدع مما هو كائن، وأنه بطل الساعة وكل ساعة، وينشغل فقهـاء السلطان بمكاسبهم ويواصلون من فوق منـابرهم دعوة النـاس إلى الطاعة العمياء للمستبد، ويهـونون عليهم الآلام التى يوقعـهم بها سـيدهم، إذ أن تحملها، دون تذمر، مأثرة يدخل صـاحبها الجنـة، ومع استمرار تزييف الواقع تراه الأمة واقعـا مقبـولا لا ترى معه ضرورة لتبديله بواقع أفضل . نبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟