|
بلاد الفرص الضائعة
حامد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 15:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بلاد الفرص الضائعة
من المؤكد ان العالم ينظر الى الوطن العربي نظرة دونية ....حيث انهم يعبرون عن نفاذ صبرهم بطرق شتى......فهم حرروهم من الاستعمار التركي ومنحوهم فرصا كثيرة لاقامة انظمة ديمقراطية واسسوا دولا كان ممكن ان تكون الان بمصاف الدول المتقدمة لما تتملكه من ثروات بترولية وطبيعية واراضي شاسعة صالحة للزراعة ومصادر مياه كافية مثل العراق .الا انه تم الانقلاب على النظام الدستوري واسست جمهورية ومن ثم دخلت هذه الجمهورية في حروبا داخلية وخارجية استمرت لخمسة عقود وخلفت ورائها دمار شامل لهذا البلد الذي اريد له ان يكون نموذجا في المنطقة . عند تأسيسه في عام 1921 ..وان يحفظ التوازن الاقليمي بين العرب وتركيا وايران ... وما حدث للعراق ينسحب بشكل وباخر على بقية دول المنطقة التي حدثت فيها انقلابات ...الا اننا نرى وبعد اكثر من ثمانين سنة ان دول الوطن العربي عجزت على ان تنسجم مع العالم وتتطور وكأنها عصية على التغير ... فلا غرابة في ان نجد ان الحكام في هذه البلدان استخدموا الثروات و الدين اسوأ استخدام لا بل عمدوا الى اسوأ من ذلك .عمدوا الى انشاء مدارس دينية تهتم بصناعة القنابل البشرية وغسل العقول وتكفير الاخر المختلف معهم وقادوا حروبا في كل بقاع الارض يكفرون هذا ويذبحون ذاك .... ولن تقف كل الاجراءات الامنية المتخذة حائلا دون قيامهم بعمليات انتحارية في كل بقاع العالم ....كما لا زلنا نتذكر ما انفقه معمر القذافي من مليارات في سبيل امتلاك سلحة الدمار الشامل وكذا العراق في زمن صدام حسين , فتقاسمت هذه الدول الادوار فمنها من كان حاضنة للارهاب ومنها من وفر المال والتدريب ومنها من اعطى الشرعية للقتل بفتاوى دينية..وهكذا اصبح العالم امام حقائق خطيرة ولا بد من التدخل واحداث التغيرات في بنية هذه الدول السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...اضافة الى ان مصالح امريكا الدولة الكبرى تحتم عليها ان تغير خارطة العالم العربي بالشكل الذي يحفظ لامريكا السيطرة على منابع الطاقة وعدم السماح للاخرين من ان يتمددوا في منطقة تعتبر حيوية بالنسبة لهم ....هذا يحدث مع وجود عرب كلفوا بالتصدي لأجراءات التغير وهم يمولون من خزائنهم بكرم هذا التغير ... وهؤلاء يبدو انهم يودون ان يلعبوا ادوارا اكبر من دولهم بل وحتى اكبر مما كانوا يحلمون به .......انهم دويلات برزت الى السطح بعد ان تم اكتشاف البترول ...اما ما عدا هذا فان عوائد البترول الهائلة منحت هؤلاء وبوجود الراعي الامريكي سلطات تمتد الى خارج الحدود الجغرافية لبلدانهم...كما ان امريكا تفضل ان يتم التغير الناعم بدفع هؤلاء الى الواجهات الاعلامية لتقنع الشعوب العربية ومن يريد ان يدفن راسه بالرمال كي لا يرى الحقيقة ... بأن التغير يتم بمباركة عربية واسلامية ...كما انها تبعث برسالة الى الشعوب العربية بأن الاسلام المعتدل هو الحل لجميع المشاكل والنموذج التركي قريب وبدأ التسويق له من فترة انتشار المسلسلات التركية في العالم العربي . وان تركيا حاضرة لتقديم العون والمشورة وقد تم افتعال ازمات تركية اسرائلية انطلت على بعض العرب واقنعتهم بضرورة تواجد تركيا في المشهد العربي.... ويبدو ان دول الخليج النفطية قد اطمأنت ببقاء الحكام في السلطة على ان يقدموا على اجراء بعض التشريعات الديمقراطية التي تضمن استمرار تسلطهم على رقاب شعوبهم المظطهدة .... ويتردد ان صفقة تمت بين حكام الخليج وبين امريكا ...في مراحلها الاولى هي تغير الجمهوريات الممانعة كما اسموها ومن ثم الانتقال الى المرحلة الثانية التي ستطيح بامراء دول الخليج ... ولو انهم الان يثابرون مخلصين في ولائهم على امل ان تراعي بعد ذالك امريكا امرهم وتبقيهم دمى مزركشة على عروش لا قيمة لها ...حيث سيكون القرار بيد الجنرال الامريكي..لذلك نشهد لا مبالاة لما يحدث في البحرين من قبل العالم اجمع رغم انها ثورة شعبية . ناهيك عن ما يتعرض له البحارنة على يد قوات درع الجزيرة السعودية من قمع واعتقالات ومداهمات وتعذيب ....كذلك الحل الخليجي في اليمن الذي حتما سيقود الى قتال مرير بين الفصائل اليمنية ويعجل في تقسيم اليمن الى ثلاث دويلات لتكون خاضعة جميعها للمظلة السعودية...ليكون الدرس الذي سيستعان به لتبرير بقائم في السلطة امام مطالب شعوبهم بالديمقراطية...بدعوى ودعاء, يا رياح التغير كوني بردا وسلاما على ال سعود وشيوخ الخليج ... اما سوريا فأن لسوريا اهمية قصوى في اقامة الهلال السني المعتدل المزمع اقامته حول اسرائيل لضمان امنها واستقرارها ليمتد من شمال افريقيا مرورا بليبيا ومصر وغزة والاردن والضفة الغربية وسوريا لاحقا .وهنا ينبغي لنا ان لا نتصور ان تركيا وايران بعيدتين عن ما يحصل لجيرانهم العرب .. فتركيا ومنذ خسارتها الحرب العالمية الثانية انسحبت من ممارسة اي دور لها الا بقدر ما يقربها للغرب ويخدم مصالحها فهي تطمح الى ان تصبح جزءا من اوربا ومن اقتصاد اوربا وثقافتها....وهي تلقت الرسالة الامريكية بملء الفراغ الذي سيحدثه خروج امريكا من العراق ومن الوقوف بوجه التمدد الايراني في العراق بعد ان يتم الان ازاحة ايران من سوريا وابعاد الخطرعن اسرائيل ...مقابل ذلك ان تعمل حكومة كردستان العراق على ابعاد خطر البككة وان تسمح لتركيا بالاستثمار في كردستان العراق مما يخلق تفاهمات ومجموعة مصالح ستؤدي حتما الى ارتباط اقتصاد كردستان العراق بتركيا كنوع من الضمانات التي تطمئن العسكر في تركيا ...اما ايران فأن امريكا تعمل على اضعافها ومحاصرتها وتغول صورتها لدول الخليج كي تشعر الاخيرة بالخطر فتعمد الى ابرام عقود تسليح بمليارات الدولارات من امريكا وبريطانيا وفرنسا وهي لا تشعر بالخجل وتقدم مبررا الى شعوبها لانفاقها هذه الاموال الطائلة في الوقت التي تتواجد القواعد الامريكية في اراضيها من سنين ..واعتقد ان السيناريو الذي طبق على العراق قبل الاحتلال سينفذ في ايران بعد ان تحدث التغيرات المطلوبة للشروع في الاحتلال وهذا يعتمد على القراءة الايرانية للاحداث الدائرة في العالم ...كما يتم حاليا توجيه سلاح القاعدة نحو عدو مفترض .. وبمساعدة السعودية وتبنيها للمذهب الوهابي الذي يكفر كل المختلف معهم مسلمين وغير مسلمين... يوجهون الحقد والكراهية لايران (الشيعية) لاحداث فتنة كبرى يكون من نتائجها الاولية هي ابعاد خطر سلاح حزب الله في الجنوب اللبناني والى الابد عن اسرائيل .ثم تقويض حكم الشيعة في العراق وخلق المشاكل المستمرة لعدم فسح المجال للاحزاب الشيعية من ان تقدم للجماهير اي منجز وبالتالي ارباك العملية السياسية واللعب على سياسة خلق الازمات ودفع القادة الشيعة الى السقوط في احضان ايران لخلق المبررات لحشد التأيد السني ضدهم وبالتالي فأن ثمن بقاء الشيعة في الحكم هو تقسيم العراق وقيام مصدة سنية امام التمدد الشيعي المفترض. اننا امام خمسين سنة او اكثر من الصراع بين القوى الاسلامية المعتدلة التي ستقود الدول العربية التي شملها الربيع العربي وبين القوى الليبرالية والعلمانية وهذا الصراع سيتخذ اشكالا وصيغا متعددة ...كما انه سيحتدم الصراع بين القوى الاسلامية المتشددة المدعومة من جهات خليجية والقوى الاسلامية المعتدلة .. ..كما انه سيكون مصير الاقليات محط جدال كبير ..في هذه البلدان .وان الصراع سيتجه لاستخدام ادوات برعت السلفية الجهادية في استخدامها وبدت بوادر هذه الممارسات الدموية في سوريا وغدا ستستخدم استخدام سياسي في العالم العربي لتصفية المعارضين ..وستكون السنوات القادمة هي سنوات جمر ... انها بكل القياسات سنوات ضائعة وفرصا ضائعة ستهدر من عمر شعوب المنطقة ........!!!!
#حامد_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على باب الله .....!!!!!
-
هل تكره امريكا .....؟
-
الدولة السنية
-
بأي حال عدت يا عيد
-
خليجي....21
-
رجال السيليكون.....العربي
-
هل الوحدة العراقية السورية...حاجة ام ضرورة
-
الدولة الكردية
-
لنتذكر معا ....حاكما اسمه القذافي
-
حرب الدجاج
-
بغداد...عاشقة حتى اخر رمق
-
الف.. باء...ميناء
-
وطن بلا جدران
-
حكاية موظف .....(م)
-
العواصف الترابية في العراق
-
العراق بعد......9/4
-
حسون الامريكي
-
الديك الفصيح من البيضة يصيح-1
-
احترامي للحرامي
-
كومة احجار ولا هالجار
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|