رشيد كَرمة
الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 03:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لكي لاننسى شهدائنا ----- وكي لاننسى شهيد المبادئ(اللتتنجي) النجفي (1)
فلاح الجواهري
زارنا (أبو وسام) في النادي العراقي في مدينة بوروس مملكة السويد, وهو أستاذ في مادة التأريخ, من مدينة النجف ، مناضل عنيد ضد الدكتاتورية , أيا كان مبعثها ومنشئها, حمل لي باقة من ردود وتعقيب على ما ذكر من تراث النجف ومقاهيها بنهاراتها ولياليها إذ كان هو الشاهد والرقيب ,ولإنشغالي فلقد سنحت لي الفرصة أن أقرء عن شهداء مجهولين, تحفظ ذاكرة الأستاذ (فلاح حسن الجواهري)شئ من تأريخهم: ولقد كتبت شئ عن (ابو وسام) أثناء تعرضه للإعتقال بجريمة الشيوعية،رغم أنها شرفٌ لايضاهى,ألا أن المقال لم ينشر حتى هذه اللحظة , وأنتظر من الجواهري (فلاح)الأذن لنشره ......
رشيد كَرمة
وهذه أول إطلالة للباحث والأستاذ (فلاح حسن الجواهري)على الصحافة الإلكترونية:؛
المناضل (محمد موسى التتنجي) ,من مواليد النجف 1934.ومن احد أبناء بيوت عشيرة التميمي ألمعروفه ,كما أطلعت على ذلك عرضاً.والانتماء العشائري لايهم المناضلين والشهداء,لان الشهادة تأتي في سبيل المبادئ التي يحملها المناضل ومن اجلها يضحي الإنسان وكفى. لقد سبق وأن ذكرت في مقالي هذا أو غيره عن ذكرى استشهاده مع كوكبه من رفاقه عام 1963. لاني اعتبرت هؤلاء شخصيا نماذج للشهادة والنضال والبطولة.فلا بد من الرجوع إليهم في أي وقت للبحث وأخذ العبر.ويوم المصيبة لذلك العام المشؤوم وتلك مصيبة خاصة.قبل أن تكون عامة، فنحن إذ نذكر بعض الأسماء التأريخية المعروفين لدى الخاصة والعامة بالتضحية عند الحديث عن تاريخ هؤلاء, وبنفس الوقت نتذكر يوم المناسبة على وجه التحديد. وهكذا تتكررالمأساة "الذكرى" وخطابي موجه بالأساس إلى قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالتحديد. فما هو الفرق بين هؤلاء الذين ماتوا تحت التعذيب , وبين من ارتقى حبل المشنقة أمثال (فهد) و(الشبيبي،وزكي بسيم ). لقد بحثت عمن هو قريب له فلم أجد ذلك. لهذا السبب نجد إن المعلومات الحركية والنضالية لهذا المناضل (اللتتنجي)قليله. وحتى تاريخه السياسي والحزبي لدى تنظيمه قليله وذلك وجدت صعوبة بالغه لمعرفة المراحل الأولى من عمره . فأنا لا أتذكرمنه إلا فترة الخمسينات الحاسمة وحتى استشهاده على اثر التعذيب على يد(الحرس القومي)الطارئ حتى على القومية العربية عام 1963. ففي هذه المراحل الزمنيه عرفته وزاملته ورافقته مناضلا شديد البأس حتى في هندامهِ "مظهره الخارجي ". متفاني لمبادئ حزبه، "الحزب الشيوعي العراقي" بشكل عجيب . فهو يندر من مثله من المناضلين. ولا أعتقد بأنه يوجد شخص مثله حتى ما بعد عام 1963 لدى الحزب الشيوعي على الإطلاق, ورفيقه على نفس الدرب الشهيد (حسن عوينه).ويتحسر الكثير ممن ينتمون إلى بعض الأحزاب والقوى السياسية الأخرى أن يجدوا شخصا مثله في تنظيماتهم وقد أعترف أحد الأشخاص من تنظيمات حزب البعث في النجف الذي أشرف على تعذيبه 1963 بأنه قل من مثله.لقد جاءت أقوال هذا ( المعذبجي) نسبة الى مهنته في ممارسة التعذيب أن الراحل أثناء زيارتي (1) له في مرضه الأخير الذي كان سبب وفاته مرض ـ السكر الشديد ـ دار بيني وبينه هذا الحوار :- هل تتذكر ألاشخاص الذين تم تعذيبهم من الشيوعيين العراقيين عام 1963 بإشرافكم حتى الموت ؟صمت ثقيل دار بيننا ووجوم شديد !!!. ثم أجاب : لا تًذَكّرني أرجوك ! سألته لماذا ؟ أجابني بمرارة شديدة : ربما مرضي ألان الذي أنا فيه كما تراني على فراش الموت بسبب هؤلاء (2) (( المساكين))!. سألته بعد إلحاح من هم ؟قال : أكثر من واحد، وآلمني بشده هو المرحوم الشهيد (محمد موسى التتنجي) . ففي مثل هكذا لحظات جهادية لابد لك ان تلاحظ المتحدث ،ولحظت فعلاً تعابير وجه من أحاور معه فلقد تغيرت الملامح والصورة والصوت، وهي علامات الموت وقد فكرت أن أقطع الحديث . وعندها مدّ يده على يدي بخفه وأراد إكمال الموضوع . قلت في نفسي (بأن موضوعك يشبه موضوع الحجاج بن يوسف الثقفي مع الشهيد السعيد _ سعيد بن جبير ) بعد إعدامه . حيث أخذ الحجاج يردد عبارة ( مالي وسعيد بن جبير) حتى نفقه بعد (15) يوما من هذه الجريمة .قلت له : كيف يا أبى صلاح ؟(3) قال: أثناء التعذيب بالتناوب مع المجرم محمد رضا الشيخ راضي (4) والملقب (واوي) وآخر ... وأعتقد بأنه على قيد الحياة ألان. وجدته أثناء التعذيب المؤلم والقاسي مبتسماً . فكنا نعتقد بأن شئ من الجن قد مسه . إذ كان يردد عبارة ( هنيئا لك ياحلاج ) (5) ! . وعندما تسائل البعض الجاهل بعصبية عن هذا الشخص – وكنا نعتقد بأنه اسم حركياً لاحد الشيوعيين العراقيين المعتقلين – أخذ بالضحك الهادئ . ويقول( حتى أجدادكم لايصلون إليه ). وأخيرا عرفنا هذا الاسم من بعض المؤرخين والأدباء!!!! الى هنا أنقطع الحديث لفترة وجيزة . ثم عاد ليقول بثقة واضحة وبهدوء ( كم كنا نتمنى أن يكون لدينا واحد مثله في حزبنا . لقد زعزع عقيدتي التي كنت مؤمناً . ولم نستفد منه أي شئ على الأطلاق برغم من التعذيب ). لقد قال هذا (المعذ بجي ) كلمته للتاريخ بصدق .لقد كان هذا الشهيد صادق القول .حيث طبق مايعتقده على الواقع بالتمام والكمال كان ماركسيا لينينيا بحق . لقد عرفته أثناء قياده للمظاهرات الدامية خلال فترة الحكم الملكي . فهذا هو الامتحان الأول . لقد كان يتمتع بمزايا حركيه عجيبة في القيادة والمقاومة والتخفي . فقد كان رجال الآمن يلاقون صعوبة في ملاحقته . وأني أعتقد جازما بأن إلقاء القبض عليه عام 1963 جاء من مخبر محسوبا على التنظيم كما هو الحال بالنسبة للشهيد (سلام عادل ـ حسين احمد الرضي ـ ) حينما وشآ عليه أحد أعضاء (القيادة ) المدعو (هادي ألأعظمي) . ليست ذكرياتي عنه فقط من الناحية النضالية . لكني أتذكر جيدا كيف أستطاع أن ينقذني من موت محقق أثناء ما يسمى بــ( المد الأحمر) عام 1959 من قبل زمرة مهوسّه . هي التي جلبت المتاعب للحزب الشيوعي فيما بعد . هذه الزمرة بيدها الحبال وقرب حلول الظلام وفي شارع الهاتف تم (اصطيادي ) بالصدفة . لآني كنت من القوميين العرب . وهم يصيحون بأعلى أصواتهم (اللي ما يصفق عفلقي والحبال موجودة) وإذا بالمرحوم الشهيد ينقض عليهم ويفرقهم وقد تعرف القوم عليهم مستغربين . كيف يريد خلاصي منهم !. ماذا نسمي هذا الموقف ؟ أكيد نسميها الشهامة والخلق المبدأ والوعي النضالي الملتزم بالمبادئ ألحقه . فهنيئا لك بهذه الشهادة التي فزت بها ؛ وتوجت نضالك الصادق بها
الهوامش:........................................................................................
1 – لقد كان صديقي منذ الطفوله أولا وجار لي أضافة الى انه تربطني به قرابه . وعودة المريض شرعيه وأخلاقيه . وبالفعل فقد أفادني بشئ كان مفتاح لمقالتي هذه.
2 –يذكر هذا الشخص كلمة (هؤلاء ) بمعنى هناك اشخاص قد تم تعذيبهم الوحشي . فمنهم من مات كأمثال أخينا ورفاق كثيرون ومنهن نساء رائعات .
3 – ( أبا صلاح ) المدعو مهدي بن الشيخ جواد الشرقي .
4 – تسمية المجرم من عندي .وقد قتل فيما بعد في مدينة الكوفه حينما داهم وكرا للشيوعيين في الريف . وكلمة (واوي ) أسم دلال طفولي .
5 – الحلاج هو ( ابو منصور الحلاج ) كان يدعي بأنه الحق فيقول ( أنا الحق ). فعشقه المتطرف الى الله , أندمج بالذات الالهيه . وقد أعتبر زنديقا بمؤامرة من أعدائه . فعندما كان يعذب بتقطيع أجزاء من جسمه قبل أعدامه كان يضحك . وكأنه هذا الالم ما هو فلاح حسن الجواهري .15 كانون الاول 2012 – السويد - بوروس
الا ( دغدغه ) لاطرافه . ونفس الحال مع الشهيد السعيد ( سعيد بن جبير ) حينما أمر بقتله من قبل الحجاج فأخذ يبتسم . وعندما سؤل عن سبب ذلك قال : (أتعجب من حلم الله عليك يا حجاج ) وقيل بأنه أخذ ينزف دما كثيفا بسبب الطمأنينه وعدم الخوف .
#رشيد_كَرمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟