أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد يوسف - لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟














المزيد.....

لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 20:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية، مصطلح فلسفي، سياسي، واجتماعي. تحوّل من فضاء فلسفي ضيّق إلى ثقافة عامة واسعة في المجتمعات المتحضّرة، وبالتحديد الأوروبية منها. يحلو للبعض توصيف العلمانية، أو الشخص العلماني بأنه ضد الدين والتدّين. وهذه مقولات خاطئة بالمطلق لأنَّ العلمانية تعني بدقة فصل الدين، وتحييده عن الدولة. وعدم تدخله في شؤونها. وتحرص الأنظمة العلمانية على عدم السماح للقوانين الإلهية، الدينية، أو السماوية، بأن تتقاطع مع القوانين الوضعية الدنيوية التي تحكم وتشرّع بين الناس. ومن هنا نجد تلك الحساسية العالية من قبل رجال الدين تجاه ما يُسمى العلمانية، والذين يحاولون محاربتها واتهامها بالزندقة والكفر ونكران الدين. بينما الواقع، هو أنَّ تعارضها مع القوانين والتشريعات الدينية التي ينتهجها رجال الدين، يجعلهم يتخذون منها موقفاً في غاية التطرّف والعدائية.
إذا ما نظرنا إلى التجارب الإنسانية العديدة في الأنظمة العلمانية، وخاصة في أوروبا. نجد أنَّ هذه الأنظمة قد وفرَت مناخات هامة لمفهوم التدّين، قد يكون أوسع من بعض البلدان التي تحكمها أنظمة دينية. فحرّية الأديان، والتدّين، هي نابعة من حرية الفكر والاعتقاد الديني الحر. وبذلك يكون للعمانية فضلاً في تعزيز الدين وثقافته ضمن فضاء حرّ من التعبّد الذي لا ينعكس أو يتعارض مع الآخرين ومعتقداتهم بحسب انتماء كلٍ منهم، ويبقى ذلك تحت مظلّة : الدين لله والوطن للجميع.
من هنا، نجد بأنّ العلمانية هي الوحيدة التي تستطيع أن تعلّم الناس، وتنشر بينهم ثقافة التعايش الحر. إذ لا يُمكن أن يوجد نظام في العالم يؤسس لحالة تعايش بين الملحد ورجل الدين، مثلا،ً سوى العلمانية. ولا يُمكن لنظام أن يوّفر مناخات من حرّية الاعتقاد بين كاهن وشيخ أو حاخام، أو بوذي، أو هندوسي أو انسان متزمت دينياً، وإنسان متنور، أو متحرر من الإنتماء الديني، سوى النظام العلماني ببعده المعرفي والثقافي. وهو ما يتماثل مع الحكمة الشهيرة التي تقول: " مادمتُ محترماً حقي فأنت أخي، آمنت بالله أم آمنت بالحجرِ " .؟!
يُشكّل المجتمع السوري بُعداً حضارياً واسعاً وعميقاً يمتد بعيداُ في التاريخ. حيث يُعتبر تنوّعه الفسيقسائي الكبير أحد أهم ميزاته التي شكّلت منه حاضنة طبيعة آمنة لتوزع سكاني وديمغرافي هام في تاريخه القديم والمعاصر. من المؤكد بأنَّ موقعه الجغرافي، مساحته، توارد الحضارات فيه، والمؤثرات الثقافية الغنيّة التي أغنت تراثه، جعلته من أهم المجتمعات في المنطقة إن لم يكن في العالم. لذلك؛ وبسبب هذه التباينات العميقة نجد أنه من الضروري جداً انتاج نظام سياسي يتآلف، ويصهر هذه المكوّنات جميعها التي تشكّلت عبر التاريخ. تحت مكوّن واحد هو الإنتماء الوطني الكلّي، والديمقراطي المدني. ولكن؛ وحتى يتحقق هذا الإنتماء الوطني الشامل، والعميق في بعده الاجتماعي يجب أن تتشكل حاضنة طبيعية له، تُؤسس له وتبلور أدواته، ونهجه، وأسلوبه في الإدارة والقوننة، والتشريع وغيرها من ضرورات هذا الرهان الوطني الواحد. وهذه العوامل مجتمعة لا يُمكن أن تتوافر إلاّ في بيئة علمانية، تكون فيها السيادة للقوانين والشرائع الوضعية المدنية التي ترسم المحددّات الاجتماعية والقانونية بين الناس بصفتهم أفراد أحرار مستقلين، وتبقى القوانين الدينية والسماوية هي مرجعيات روحية عند أبنائها ولكنها لا يجب أن تترك تأثيرها على الواقع السياسي والاجتماعي العام. وإلاّ، نَحَت الأمور باتجاه حالة من الاستبداد السياسي أو الاستبداد الديني، لا مناص منه. فالإنتماء الديني يُشكّل مرجعية ثقافية عالية لدى أصحاب هذا الإنتماء وتحريرهم لهذه الثقافة في الواقع الاجتماعي، سيجعل منها محددات اجتماعية تميّز بين الناس وتُمارس نهج التباين والتمايز في الأداء والتعامل، وتؤسس لشروخ عريضة في مفهوم العيش المشترك. وهذا ما ينتفي تماماً في ظلّ الحكم العلماني. أو فلسفة تجريد السلطات السياسية والمجتمع المدني من مرجعياته الدينية وتحييدها، وتعويضها بالمرجعيات، والتشريعات، والقوانين المدنية، بدلالاتها الوطنيّة.
سورياً أولاً؛ هو شعار سياسي بدأ يلقى صدى ورواجاً فكرياً وثقافياً عالياً في الفترات الأخيرة من تاريخ سوريا. بدأ يجد تربة خصبة بعد فشل، أو انتكاس المشروع القومي العربي الذي كان لسوريا ومصر أثراً ودوراً كبيراً في اطلاقه في المنتصف الثاني من القرن العشرين. فالناصرية، والبعث قاما بايديولوجيتهما على فكرة الوحدة العربية مراهنين بذلك على العامل القومي، والديني، والتاريخي، وعامل اللغة كعوامل أساسية تؤسس لفكرة اعادة أمجاد الأمة العربية الواحدة. لكن هذه القراءات التي قدمتها هذه التيارات أثبتت قصورها الفكري والثقافي، لجهة عمق التباينات والتناقضات التي تحكم المجتمع العربي الشامل. لذلك فشلت هذه المشاريع وانكفأت، وكان لإنكسارها نتائج شبه كارثية على هذه البلدان التي راهنت بكل طاقاتها وامكانياتها على فكرة الأمة الواحدة. مبتعدة بذلك عن التأسيس لفكرة الدولة الوطنية الحقيقية، القوّية. المتطورة والتي تستطيع أن تفرض وجودها وذاتها على الآخرين. وحتى في البعد الوحدوي، فإنها سُتسهّل عملية اقامة أي وحدة أو اتحاد بين قطرين عربيين أو مجتمعين. من هنا كان الرهان على سوريا كرهان وحيد في المدى المنظور. انطلاقاً من فكرة أنَّ التنمية، والتطور، والانطلاق من الفكر المتخلف والتحوّل إلى دولة متقدمة، يبدأ من الدائرة الضيّقة، وليس من الدائرة الواسعة. فإذا ما كانت الدائرة الضيّقة بخير، شكّلت ضمانات لها ولغيرها. وسهُلَ معها الانتقال إلى مراحل أكثر تطوراً تتلاقى فيها مع باقي المشاريع المطروحة في المنطقة.


كاتب سوري



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرقات فكرية وأدبية -وقحة-، على صفحات الفيس بوك ؟!
- -مع الثورة ضد النظام، مع النظام ضد الثورة..؟!-
- الديمقراطية في ثقافة المعارضة السورية ..؟!
- إلى خ - ب .... أو ما يسمّونه أديباً ..؟!
- مآلات الخارطة- الجيو- بوليتيكية- في الشرق الأوسط
- ايجابية الأزمات الوطنية ..!
- تحية طيبة للجميع
- الصراع على سوريا عبر الاحتجاجات الفئوية .؟!
- الحراك السوري، والارتكاسات المذهبية المضّادة.؟!
- العرب وسوق العهر السياسي
- سوريا يا حبيبتي ؟ سأترك الحديث في السياسة ( 1& 2)
- حزب البعث العربي الاشتراكي -بين النظرية والتطبيق-
- مزايدة علنية بالظرف الجماهيري المفتوح
- سوريا؛ ونزعات السياسة والنفاق
- المعارضة السورية، واحتجاجات الأشهر الثلاث ؟
- سوريا وإرهاصات الأزمة الطائفية ؟!
- إلى أصحاب الرهان الخاسر
- مملكة للصمت
- سوريا؛ آخر المعاقل العلمانية..؟
- -الشرط المجتمعي السوري للتغيير- لم ينضج بعد!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد يوسف - لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟