|
محامي البشرية امام المحكمة السماوية
وسام غملوش
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 22:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حجة قانون السببية صك تبرئة لكل البشرية . بما ان الله خارج مفهوه الخير و الشر، فالشر والخير هما من حيث المفهوم الارضي للبشر عاملان اساسيان من حيث تكوينهم، وانما هذان المفهومان لا يأثران لا سلبا ولا ايجابا على الله لانه هو الخير والشر. فالشر والخير اللذان نحن بصددهما هما حالة ظرفية من حيث تكويننا ،فالطاقة النووية عندما تستسعمل لتوليد الطاقة الكهربائية هي خيرة من خلال مرورها بمحطات التوليد، والعكس عندما تستعمل كسلاح مدمر ، وهكذا الشر و الخير، فنحن صممنا لنتفاعل مع الخير و الشر من خلال ما ركبت منه اجسادنا، فالمفهوم الوجودي لكلايهما يحمل في جعبته فضيلة الهية ،ويقول الاشاعرة:( باستواء الأفعال بالنسبة إلى الرب - سبحانه - وأنها لا تنقسم في نفسها إلى حسن وقبيح، فلا فرق بالنسبة إليه - سبحانه - بين الشكر والكفر، ولذلك قالوا: لا يجب شكره على نعمه عقلاً، فعن هذا الأصل قالوا: إن مشيئته هي عين محبته، وأن كل ما شاءه فهو محبوب له، ومرضي له ومصطفى ومختار، فلم يمكنهم بعد تأصيل هذا الأصل أن يقولوا إنه يبغض الأعيان والأفعال التي خلقها، ويحب بعضها، بل كل ما فعله وخلقه فهو محبوب له، والمكروه المبغوض لم يشأه، ولم يخلقه) (وأن الله - سبحانه - إن أراد أمراً كان ذلك الأمر محبوباً له، مرضيّاً عنده، وإن كره أمراً لم يشأه، ولم يخلقه أصلاً؛ إذ كيف يخلق أمراً ويشاؤه وهو يكرهه ويبغضه؟ ! أفيكون أمراً في كون الله مكروها لله مفعولا برغم مشيئته؟) لذلك كل ما علينا هو الوصول الى الحجة القانونية السماوية فقط لتعلن براءتنا، وكما يقال (علم السبب بطل العجب) ،والسببية هي الدفاع ضد العقاب السماوي. كلنا ضحايا السببية الاختيار وهم، والارادة تحكم هش، فالسيطرة على بعض الخصال البشرية هي ليست سيطرة وانما بعض الخصال البشرية تكون ذات نزعة مخففة يمكن السيطرة عليها لفترة محددة وهي خدعة السيطرة الوهمية، فنظن للوهلة الاولى اننا المسيطرون وتبدأ القناعة باننا متحكمون بمصائرنا وهنا تكمن غلطتنا حين نحمّل انفسنا ما نرتكب من اعمال ممنوعة او محرمة،( فوراء مظاهرنا الرزينة نكون دائما خارج السيطرة ونقر حينها اننا خلقنا لنقوم بامور معينة ايجابية وسلبية ) نحن مفطورون سماويا على حب الانا، ونزعة الخير لمَ يكون في صالحنا ،فكل افعالنا الجرمية او الشهوانية هي فقط ما يستصرخنا من الداخل لم يراه داخلنا انه بحاجة له، فهو صمم لردة الفعل، واعمالنا نتيجة استصراخه لنا ،واستصراخه لنا نتيجة ما صمم منه ان كان خير او شر بكل ما يحوي معنى الخير و الشر، فهو يستصرخنا لم فيه من استصراخ من شر او من خير ،ويقول افلاطون (ان المجرم حين يرتكب جرمه هو لا يراه جرما وانما يرى فيه تحقيق سعادته) ففي الفلسفة،( السببيّة أو العليّة، والتسبيب هي علاقة بين حدث يسمى السبب وحدث آخر يسمى الأثر، بحيث يكون الحدث الثاني نتيجة للأول. ويشير هذا المصطلح إلى مجموعة العلاقات السببية أو علاقات السبب والتأثير التي يمكن ملاحظتها خلال الخبرة اليومية والتي تستند إليها النظريات الفيزيائية في تعليل الحوادث الطبيعية). القانون يعرف السببية من الفلسفة ويضعها كأهم ركن من أركان العلاقة القانونية حيث تكون مناط الاعتبار في الفعل غير المشروع.. أو الجريمة. و(مفهوم السببية - أو العليِّة كما يطلق عليه باحثو الأصول - الذي ينتظم بشموله السنن الطبيعية والاجتماعية للحياة والأحياء على السواء، والذي يبحث -بكلمات موجزات - في ترتيب النتائج على أسبابها، وارتباط العلة بمعلولها، سواء في مجال المادة الجامدة وحركاتها، أو أفعال الأحياء وتصرفاتهم، كما يتناول - بشكل أساسي - فكرة التلازم بين العلة والمعلول عند اكتمال الأسباب).. فرابطة السببية هي علاقة السبب بالنتيجة الفعل و ردة الفعل فلو قدر لنا ان نقف يوما ما في محكمة السماء، نحن الجانون، مع اننا مجنى علينا ،ولكن لنسلم جدلا ان السماء ستتهمنا بافتعال افعالنا ،وسنقف امام الله، والعقل يحمل صحيفة اعمالنا، العقل الذي هو ميزان الثواب والعقاب ،هو الذي كان يقول لا تفعل الخطأ لان العقل هو من الذكاء المطلق و الذكاء المطلق كما يعرف هو خيّر بالمطلق ، لذلك من الطبيعي ان يكون من الجانب الخيّر ووظيفته القاء الحجة علينا الا وهي انه قال للنفس لا تفعلي متهما اياه بارتكاب افعالها الجرمية، ولكن كما هو مفطور ليقول لا تفعل كانت النفس مفطورة على ان تفعل استجابة للاستصراخ الداخلي ايا كانت نزعته، فكلاهما استجاب للعلة الاولى ولكن كل من جهته، فان كانت نزعة الشر اقوى من نزعة الخير لا تستجيب و العكس صحيح. وسيقف الانسان بنفسه وبجسده اللذين سيحاسبا كما يقال على ما فعلا ،فسيكون هناك اتهام ودفاع من محامي توكله السماء او تطلبه النفس فهو حقها المشروع حين تكون هناك محاكمة وهذا ما يعلمنا اياه العدل السماوي للدفاع عن ما ارتكبته النفس من جرم مستعملة جسد دائما يساعدها في رؤية شهواتها اكثر ويعرّفها من خلاله على لذة غير قابلة للارتواء واعمال طيش وارتكابات حماقات هي مجبولة منها والجسد هو باب لخروج كل هذه الافات، فدائما السبب و النتيجة. فنحن كبشر دائما نعامل سماويا على اننا خطاة، مخلوقات شريرة ، انانية، ذليلة ، ضعيفة، مقهورة غير قاهرة، وصفتنا السماء بالجهل (وكان الانسان لنفسه ظلوما جهولا) ،ووصفتنا بالعبيد الذي لا نملك لنفسنا (لا نفعا ولا ضرر) وهذا تأكيد لم وهبتنا هي من خصال، حكمت علينا السماء بالعبادة (وهي غنية عنها)، فهي اذاً لم تحكم علينا بالعبادة وانما خلقتنا عبيد لها لذلك كانت النتيجة هي العبادة، وليست محصورة بالله وانما عبادة الاله او الاصنام او الاموال او اي شيء يعبده الانسان هو ردة فعل لخلقه عبد، لذلك حتى من يعبد الله فعبادته هي كمن يعبد الاصنام لانه مفطور على العبادة ولم يخلق هو معنى العبادة وانما هناك من كان في قلبه نور اكثر فعبد الله وهناك من كان ظلام في قبله اكثر فعبد الاوثان او غيرها، ولكن كلنا ضحايا العبادة، فلو لم نكن مفطورين على العبادة لم كان احد عبد لا الله ولا اي شيئ اخر. اهدتنا الشر وقالت لا ترتكبوا الاثم (واهديناه النجدين) اي الخير و الشر ولكن ان كانت هدية الشر اكثر فمن الطبيعي ان تكون الافعال شريرة والعكس صحيح، ومن المستحيل ان يكونوا بنفس المقدار، فالانسان سيستجيب لمن يستصرخه من الداخل ،وغريزة الاستجابة للاستصراخ هي شرارة لكل انواع الرذائل او الفضائل. حكمت علينا مسبقا باننا سنملأ جهنم باجسادنا مع انها صُممت قبل خلقنا ( جهنم) ليس لعلم الله باننا خطاة وانما ليخلقنا خطاة ،وقبلها كما يقال ان الله لم يخلق ادم قبل القرآن وانما كان القرآن محفوظ باللوح المحفوظ وهو ازلي وآدم مستحدث، اي انه صمم بشكل يتناغم مع احكام وافكار القرآن ولم يحرّف الله القرآن ليتناغم مع آدم بل خلق آدم ليتماشى مع ما وجد بالقرآن، فحتى ادم هو ضحية لم وجد في القرآن ،فالقرآن وجد قبل وجود الجنة والنار و الجنة والنار وجدت قبل وجود ادم وقبل كل شيء كان الخير والشر، فكل شيء اتى بعد الخير والشر هو محكوم ام خير واما شرير، فالوجود تحكمه هذه الجدلية، فوجود الخير و الشر نتج عنه وجود جنة ونار ولتمتلأ الجنة والنار كان يجب ان يوجد ادم وليحاكم ادم كان لا بد من قانون، ولكن هنا كان العكس، فالقانون كان موجود فقط لينفذ على ارض الواقع كما هو منصوص وليس بناء على ما سيصدر من افعال مستقبلية من ذرية آدم الذي امتثلت لم فُرض عليها ، ولان هناك قانون فهناك محكمة ومحاكمة ودفاع لندافع عن انفسنا، فكلنا ضحايا السببية وصولا الى العلة الاولى. يقول برايان تريسي : إن قانون السبب والنتيجة يؤكدان على إن كل نتيجة في حياتك يقف خلفها سبب أو مجموعة أسباب سواء عرفتها أو جهلتها اتفقت معها أو اختلفت فلا شيء يقع بالمصادفة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( فليس في الدنيا والآخرة شيء إلا بسبب ، والله خالق الأسباب والمسببات). وقال تعالى : ( وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) فليس هناك في الكون مكان للصدفة هذا ما روجه الدين (ان كل شيء خلقناه بقدر) اي ان كل شيء بعلم الله وبفعله ، وهناك أسباب ومسببات ونتائج تسبقها مقدمات ، وجهلنا لعدم معرفة السبب لا يلغي وجوده، وليس هناك فعل في الكون اتى من العدم ،فالوجود باسره محكوم بمفهوم السببية ،فمن الحديث القدسي في قوله تعالى: (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف) كان اصل السببية، ولكي يعرف الخالق يجب ان يعرف بكل صفاته، وليعرف بكل صفاته توجب عليه خلق المتناقضات، فليعرف بالرحمة وجد الشقاء وليعرف بالمغفرة وجد الاثم والخطيئة وليعرف بالعدل وجد الظلم ،وغيرها من الصفات التي كانت طواقة للظهور ،فحملنا الامانة وهي بقاء الاستجابة لكل صفة طواقة للظهور وكنا حينها ظلوما جهولا ،فظلمنا انفسنا حين حمّلنا النفس اوزاراً هي بريئة منها ،وكنا جهولا لم حملنا من مشقات المسير. فلمَ دائما البشر يرجمون ذواتهم بأسوء المعاني وهم ليسوا سوى مفردات تصاغ واحدة تلو الاخرى ليكتمل ديوان الاله.
#وسام_غملوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى السماء
-
ليست المشكلة في المحرّم (الخمر حلال عند الاعتدال)
-
النور الاسود (الجزء الخامس و الاخير)
-
النور الاسود (الجزء الرابع)
-
النور الاسود (الجزء الثالث)
-
النور الاسود (الجزء الثاني)
-
النور ألأسوَد (الجزء الاول)
-
الهبوط من الجنة بمركبة البراق ام فرضية رمزية؟
-
تشيطن و انشاد
-
اليسار شمعة تنطفئ في العالم الاسلامي
-
رجال الدين على حافة الانقراض
-
العالم،والعالم الاسلامي بعد زوال اسرائيل
-
هل اله المسلمين زعيم مافيا؟
-
اين تذهب النساء بعد الموت
-
الله وسياسة الاديان (البقاء للاقوى)
-
الانسان بين رذيلته والاستهزاء به
-
البشرية مشروع فاشل
-
هل يلتقي حزب الله الامريكي على (المخلّص)؟
-
ليست السياسة لعق على الالسن
-
امركة الفوضى الخلاقة
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|