|
في تونس حزب محاكم التفتيش يتسلم قيادة الثورة المضادة
المنصف رياشي
الحوار المتمدن-العدد: 3608 - 2012 / 1 / 15 - 18:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
فاجأت إنتفاضة الجماهير الغاضبة أطياف اليسار الستاليني و الماوي النخبوية و الدغمائية التي لا زالت تنظر إلى الواقع الإجتماعي من خلال القوالب الجامدة لستالين المضادة للثورة الإشتراكية و مهاترات ماو المحرفة للإشتراكية وظلت طيلة الفترات السابقة بعيدة عن الطبقة العاملة و الفئات الشعبية المفقرة تحرف الماركسية و تدعو إلى الثورة على مراحل و تشن حملات التشويه ضد اليسار القاعدي الديمقراطي في تونس المعادي لأشكال التحريفية المستوردة من نموذج رأسمالية الدولة في الإتحاد السوفياتي و الصين المعادي للعمال . كان يوم 14 جانفي موعدا مهما للثورة وللثورة المضادة على السواء ففي حين تمكنت الثورة في ذلك اليوم من كسر وحدة الطبقة الحاكمة و اجبارالنظام على التضحية برأسه و اعطاء الجماهير الثائرة دفعا معنويا كبيرا و كسر حاجز الخوف لدى المترددين من الفئات الشعبية للإلتحاق بركب الثورة و تجذيرها , فإن هذا اليوم كان محطة هامة للثورة المضادة حين قطع انقلاب الجيش الطريق على الثورة الآخذة في التجذر و على تحرر الجماهير بوسائلها الذاتية من النظام الرأسمالي التابع القمعي و المفلس وتأسيسها لسلطتها المباشرة مجبرا على التخلي عن قائده و طرده خارج البلاد حتى ينقذ النظام من السقوط ذلك السقوط الذي سيكون كارثة ليس على الرأسمالية المحلية فقط و إنما على مراكز الإمبريالية بفعل عدوى الثورات على واقع البؤس الذي تعيشه شعوب الرأسماليات التابعة . لكن و عوض أن يكون إسقاط رأس النظام فاتحة لمواصلة إسقاط كل النظام و تأسيس لسلطة الشعب الكادح الديمقراطية المباشرة عبر تأسيس المجالس الشعبية في مراكز العمل و المصانع و المؤسسات و الأحياء و الجامعات و فرض إرادة المنتجين على الأقلية المستغلة و ممارسة العنف الثوري على أشكال الثورة المضادة الليبرالية و الدينية إبتلعت نخب مفلسة من اليسار في اليوم التالي طعم الإحتكام للدستور البرجوازي القديم و القبول بتواصل النظام في مقابل استبدال الوزراء التجمعيين و التحضير للعبة البرلمانية و الأوهام الدستوية التأسيسة و كأن الدساتير هي التي تصنع الأنظمة الرأسمالية و ليس العكس . و رغم أن مكونات اليسار التونسي لجأت إلى توحيد صفوفها فأنشأت جبهة 14 جانفي إلا أن أشباه الشيوعيين سارعوا إلى الدخول جنبا إلى جنب مع الرجعية الدينية و الأحزاب الليبرالية إلى المجلس الوطني لحماية الثورة الذي دعت إلى تأسيسه البيرقراطية النقابية و النخبة الإنتهازية من هيئة المحامين بدفع من البرجوازية الحاكمة و الذي كان الجسر الذي مرت عليه كل القوى الملتفة على الثورة إلى هيئة بن عاشور التي رسمت المرحلة الإنتقالية نحو تكريس عودة شرعية البرجوازية الحاكمة عبر صندوق الإنتخاب . من قال أن المجالس التأسيسية تحرر الشعوب من إستغلال البرجوازية ؟ من قال أن الدساتير التي تصوغها البرجوازية و المتسلقين من البرجوازية الصغيرة بمشاركة أنصاف اليساريين تكرس حقوق الأغلبية ؟ من قال أن الإشتراكية تتحقق من خلال البرلمانات البرجوازية ؟ لقد عمل اليسار الستاليني و الماوي في تونس على تصوير المجلس التأسيسي مطابقا للثورة لدى فئات الشعب و استنكف عن مواصلة المسار الثوري وأسقط كل المهمات الملحة و أجل مطالب الجماهير في الشغل و الكرامة و التحرر إلى مابعد المجلس التأسيسي و تحالف مع البيرقراطية النقابية المتحالفة مع النظام الذي لم يسقط ليشوش على أصوات الثوريين و يعمي أبصار الجماهير الطامحة للتحرر من التهميش والإستغلال و القمع . لم يكن الواهمون من اليسار الذي تدافعوا أفرادا و أحزابا في إنتخابات المجلس التأسيسي يتصورون مدى هزيمتهم و إفلاسهم لدى الجماهير التي استدرجت الشعوذة السياسية لتيارات الرجعية الدينية أعدادا كبيرة منها خاصة الأميين و البروليتاريا الرثة و فئات الطبقة الوسطى من تجار و أصحاب الملكيات الصغيرة و موظفين . لقد ظنوا أن يمينيتهم المغلفة بشعارات ثورية ستخدع الجماهير لكن هيهات ليسوا هم وحدهم المتربصون باغتصاب حقوق الأغلبية . و رغم هزيمتهم المدوية لم نراهم يعترفون حتى بأخطاء جزئية و راحت قواعدهم تلقي باللوم على الشعب و إن كنت ألومه على المشاركة في انتخابات ليختار جلاديه و مستغليه من الرجعية الإرهابية و لكن اللوم الأكبر على من أوهم الشعب بالحل السحري للمجلس التأسيسي و أثبط عزائم المحتجين ضد الإستغلال . فوز حزب الرجعية بأكبر نصيب في تلك الإنتخابات كان يعبر عن الفراغ الإيديولوجي الذي تعيشه الجماهير نتيجة عقود من هيمنة البرجوازية المتسلطة بسلاح القمع و فشل اليسار في حشد قطاعات واسعة من الشعب لقضية تحرير المستغلين في علاقات الإنتاج الرأسمالية . استغلت الشعوذة الدينية آلام الفقراء و العاطلين و أحلامهم في غد أفضل بإرجاع أسباب أوضاعهم إلى تأويلات غيبية تزيد من تمييع وعي الطبقة العاملة بأسباب واقعها المرير و قدراتها الثورية على قلب الواقع لصالحها . لعب تكفير العلمانيين و خصوصا اليساريين و تجييش المشاعر الدينية و خاصة استغلال المساجد إلى جانب البترودولار و العوامل الإقليمية دورا هاما في توسع الدجل السياسي للتيار الديني في تونس وكسبه لقواعد عريضة من الشعب . ما لاحضناه بعد نتائج الإنتخابات و صعود حزب حركة النهضة كأول الفائزين هو تغول هذا الحزب الديني و و سفور مشروعه الديكتاتوري بعد أن تنادت الأصوات عاليا منذ بداية الثورة عن ازدواجية خطابه و انكاره لها و ظهر ملا يدع مجالا للشك أطماع هذا الحزب ذو المظاهر الفاشية المدعوم من بؤر الرجعية الخليجية و مراكز الإمبريالية في الإستئثار بالحكم و تجميد المعارضة الليبرالية و اجتثاث المعارضة اليسارية : هل هي الفاشية تطل على تونس جاءت لتحمي مصالح البرجوازية التي هددتها الجماهير الثائرة في أثناء أزمة اجتماعية رغم معارضة الليبرالية البرجوازية لأنها غير قادرة على مهمة إرجاع الأمور إلى نصابها كما كانت دائما في صالح البرجوازية ؟ عندما تضعف البرجوازية و ترهق الجماهير الكادحة و تفشل في مسار كسر قيودها يظهر خزان إضافي للنظام البرجوازي ممثلا في البرجوازية الصغيرة التي تفقد الثقة في قدرة الطبقة العاملة و ترى أنها المتسببة في تراجع مركزها الإجتماعي و الإقتصادي بفعل اضراباتها و التي تحن إلى استقرار الماضي بأوهام طموحها في الإرتقاء إلى في السلم الطبقي فتقود الثورة المضادة وتجند الميليشيات و تستنجد بالتراث البطولي المزيف لآلهتها و فرسانها الجبناء ليخفي واقع الإستغلال و ليحل الحديث في التفاهات العنصرية محل التنديد بالإستغلال إلى أن تصبح الحاكمة بإسم الفاشية و يسقط القناع عن وجها القبيح . ربما هناك مبالغة في وصف الرجعية التي تستعد لحكم تونس بالفاشية مادامت حركة الجماهير الثائرة لم تتجذر بشكل كاف و لم تستولي على جزء و لو يسير من وسائل الإنتاج لتهدد كل مصالح البرجوازية التي كما يظهر في تونس مازات محافظة على مصالحها و لم تتعالى الأصوات لمصادرة أملاكها و لم ترى فئات واسعة من المستغلين أن سبب بؤسها هو التقسيم الطبقي للمجتمع و ليس مجرد شكل الحكم . لكن ما هو مؤكد أن هذا الحزب الرجعي الذي سرق الثورة يسعى إلى تحقيق نموذج مجتمعي ظلامي عبر محاكم التفتيش في المدى المتوسط أو البعيد باستخدام آلة الدولة القمعية وميليشيات أنصاره و المجموعات السلفية الجهادية التي بدأت بارهاب الناس في الشوارع و المعاهد و الجامعات و الإعتداء على النساء و تحريم الفنون و الإعتداء على المظاهرات و الإحتجاجات و النقابات و المؤسسات الإعلامية و الجمعيات المدنية التي لا تسير في دربهم . هذه الميليشيات تلعب دورا مشابها للدور الإرهابي الذي لعبه حزب الله الإيراني من أجل فرض النموذج الخميني إثرة الإطاحة بالشاه . يطرح الآن على الثوريين : ما العمل في ظل تصاعد الثورة المضادة في مقابل تواصل خط الثورة العفوي دون تنظيم ثوري ؟ نقول أولا أن لا خير يرجى من المجلس التأسيسي مهما كان الحزب الفائز فلا الرجعيون ولا الليبراليون و لا اصلاحيو اليسار و وسطيوه سيقدمون شيئا للكادحين و العاطلين فأزمة الرأسمالية العالمية وصلت إلى الحد الذي لا يمكن تجاوزها ببعض المسكنات و الترقيعات أو تأجيلها كما كان الأمر بعد الأزمة الإقتصادية العالمية في 1974 . ولكن علينا فضح ألاعيب كل من شارك في هذا المجلس الذي شكل إفراغا للثورة من مضمونها الإجتماعي و إقتصاره على لعبة سياسوية معروف سلفا أنها في صالح البرجوازية . يجب أن لا نكون ضيقي الأفق لأن الثورة لا تصل أهدافها في أشهر معدودة , كلا فالمسار الثوري يطول لسنوات و أحيانا لعقود و لا ننسى أن الشيوعيين في تونس إلا القليل منهم قد تهربو من النضال أو تركوه بعد حين و خيروا الوصولية و التربيطات داخل أروقة النقابات و الحد من النضالات الإجتماعية للشغيلة أو خيروا العمل داخل جمعيات العمل المدني المدعومة من الرأسمالية لتمييع الصراع الطبقي و إلهاء الجماهير عن النضال و تعويدها على توكيل قضاياها للبرجوازية الصغيرة الطامحة للربح و النجومية . و في أحسن الأحوال اقتصرعملهم على الطلبة . يجب أن تعي الجماهير من هي تلك الفئات التي صعدت إلى المجلس التأسيسي و كيف أنها لن تقدم لها غير مزيد من القيود و الإستغلال و أن تحريرها لن يكون إلا من صنع الطبقة العاملة التي تقود نضال كل الفئات المضطهدة وراءها بقوة مجالسها و ببرنامجها الثوري . تطرح أحزاب الليبرالية مسكنات وقتية للأوضاع الإجتماعية المزرية في حين تطرح الرجعية الدينية تعويذات الدجل بيد و مشانق الشريعة باليد الأخرى وتطرح أحزاب اليسار الإنتهازية و الوسطية منها مشروع الديمقراطية البرجوازية كحل للمشاكل الإجتماعية و هذا لغو و ضحك على الذقون . أما الشيوعيون الثوريون فيطرحون الثورة من أسفل و بقيادة الطبقة العاملة بمجالسها العمالية و حزبها الثوري المنضبط للقاعدة و ليس الثورة التي تقودها النخبة المتبقرطة أو الحزب المتبقرط و التي لن يطول بها الوقت حتى تأكل ثورييها . تعالت أصوات من اليساريين غير الراضين بنتائج مهزلة الإنتخابات تلوم الشعب على إعطاء ثقته للرجعية و راحت تعدد نضالاتها في مقابل " خيانته " . لكن هل كانت مشاركة أحزاب يسارية في إنتخابات جاءت لوأد ثورة اجتماعية دليلا على صدقية و نضالية هاته الأحزاب حتى تنتظر فوزا ساحقا أو نصيبا مشرفا في انتخابات على النمط البرجوازي ؟ تواصلت في تونس حالة من الجزر في الصراع الطبقي منذ انتفاضة الخبز في 1984 و لم يطرأ تغيير هام إلا في 2008 عندما انتفض الحوض المنجمي و فتح باب الإنتفاضات حتى بداية المسار الثوري في 17 ديسمبر 2011 . و في فترة الجزر هذه لم تتكتسب الجماهير الكادحة تقاليد نضالية غير الإضرابات القطاعية أغلبها في قطاع التعليم فلم توجد نضالات اجتماعية ذات زخم جماهيري كبير يرتقي من خلالها وعي الطبقة العاملة و المفقرين عموما لأن الجماهير لا تتعلم من الكتب بل من النضالات و الصدام مع السلطة الحامية لمصالح البرجوازية . كما لا ننسى سياسة تصحير العقول و الأذواق التي مارسها نظام البرجوازية بقيادة الديكتاتور بن علي . هذه الفترة من تراجع النضالات الإجتماعية جعلت التيارات اليسارية غريبة عن أغلب الفئات الشعبية في حين كان من اعتلى المنابر الدينية و قاد حملات التكفير و التهميش و انتكس بالثورة الأجتماعية الى حملة دينية لفتح تونس من جديد بقوة المال الخليجي و أجندات الخارجيات و وكالات المخابرات لأمريكا و أوروبا وجد نفسه الأقرب إلى العقول البسيطة و المتحجرة . ولكن إذا كان هناك لوم على الشعب فهو على استبدال افتكاك حقه غير المنقوص و غير القابل للمشاركة فيه لإمتلاك وسائل الإنتاج و إدارتها بانتخابات نمطية تكرس تواصل حكم البرجوازية و امتلاكها لكل وسائل الإنتاج أما اللوم الأكبر فهو لأطياف اليسار الستاليني و الماوي التي لم ترتقي نظريا و عمليا إلى مستوى رهانات الثورة و ظلت تجري كما الكلب الجائع وراء عظم رمت به إليها البرجوازية تبين لاحقا أنه أقل من أن يشبع شهيتها للحكم الإستبدادي على النمط الستاليني أو الماوي أو الخوجي . إن استكمال المسار الثوري لا بد أن يمر عبر و فقط عبر نضالات الجماهير و تجذيرها و ليس عبر مجالس البرلمان البرجوازية و أجهزة الدولة الرأسمالية و لا عبر جمعيات المجتمع المدني الحقوقية و الديمقراطية و لا عبر التذيل للبيرقراطية النقابية . إن الفئات الشعبية في تونس الكادحة منها و العاطلة تشكو مشاكل اجتماعية نتيجة تناقضات طبقية بفعل تملك البرجوازية لوسائل الإنتاج و فشلها في إدارة الإقتصاد بما تسبب في مزيد من التفقير و التهميش للجهات و الفئات و مزيد من توسع الهوة بين الفقراء و الأغنياء . هذه الأزمات الإجتماعية هي التي تدفع أعداد كبيرة من ضحايا هذا النظام الرأسمالي للإحتجاج ضد مستعبديهم من البرجوازية و نظامها السياسي و لكن دون امتلاك هذه الإحتجاجات لرؤية طبقية واضحة و دون برنامج ثوري . لابد من وضوح الرؤية و من تحديد الهدف الأساسي وهو إلغاء سيطرة البرجوازية على المجتمع و استبدالها بقيادة البروليتاريا له عبر جملة من التكتيكات المرنة التي تستجيب لتطلعات المحرومين من العيش الكريم ضمن رؤى استراتيجية موضوعية . لا بد من تحريض المستغلين و دفعهم إلى بناء هيئات تنظيمهم الذاتي الديمقراطية المستقلة عن الأحزاب و النقابات المتبقرطة في المصانع و المؤسسات الخدمية و الأحياء الشعبية و الجامعات و المعاهد و ليس مجرد الدعاية وسط فئات الطلبة و البرجوازية الصغيرة المثقفة لأن هذه الفترة تشهد مدا في الالصراع الطبقي و الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية تتزايد حدة و تنتشر فإن لم يكن الإشتراكيون الثوريون على قدر المهمة الملقاة على عاتقهم بالأفعال لا بالأقوال فإن الجماهير المحتجة ما تلبث أن تياس من تغيير الواقع و ستلجأ إلى أوهام العصابات الدينية راعية مصالح الإمبريالية و البرجوازية المحلية . كما لا يفوت الثوريين تخليص العمال و العاطلين من أوهام الليبراليين المتشدقين بالحريات تحت حكم الأسياد و الديمقراطية في إطار ديكتاتورية السوق و حق المستغل في اختيار مستغليه و كذلك أكاذيب الإنتهازيين و الوسطيين من اليسار و فضح البيرقراطية النقابية المتاجرة بمصالح العمال و باقي أحزاب المعارضة الساعية للحكم و التي لا تختلف عن الرجعية في عدائها لمصالح الأغلبية . و إلى الآن و منذ إعلان نتائج الإنتخابات المضادة لثورة الكرامة و الحرية تتصاعد الإعتصامات المنادية بالحق في الشغل في كل جهات البلاد بعد أن تبين الشباب العاطل و الكادحين المفقرين زيف الوعود التي وعدتهم بها الأحزاب الحاكمة و استوعبوا أنهم كانوا ضحايا حملات خداع انتخابية لتلك الأحزاب من أجل السلطة و أنها لن تقدم لهم غير مزيد من التهميش و القمع و الإستعباد و أنها عاجزة أشد العجز عن تقديم حتى الفتات للجماهير المجوعة . و لقد ظهر عجز هذه الحكومة في التعاطي مع المشاكل الإجتماعية في البلاد و أنها لم تكن تحمل أي حلول جذرية و حتى ترقيعية لذلك على الجماهير أن تتقدم خطوة أخرى إلى الأمام و تعلن العصيان المدني و الصدام لإسقاط هذا النظام العاجز لأنه لن يقدم غير القمع و التجويع . أما اليسار التونسي فعليه تشجيع هذه الإعتصامات و تبني مطالبها و التحريض عليها و تطويرها نحو أشكال نضالية أكثر جذرية تتجه نحو افتكاك السلطة لصالح المجالس العمالية و الشعبية و على الإتحاد العام التونسي للشغل أن يكف عن تبرئه من هذه الإعتصامات و أن يساندها و أن يدعو إلى إضرابات تضامنية مع العاطلين من أجل توزيع عادل للثروة و القضاء على أشكال الغنى و الفقر . طبعا هناك من يرى أن البلاد غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من العاطلين و يتغاضون عن البديل الإشتراكي للنظام الرأسمالي المتعفن الذي وصلت فيه أزمة البرجوازية التونسية إلى الحد الذي لا يمكن حلها إلا على حساب المنتجين بمزيد الإستغلال و التفقير و التسريح . هذه الأزمة الإقتصادية الهيكلية و ما استتبعها من مشاكل إجتماعية و تشوهات طبقية طيلة عمر البرجوازية التونسية و ما رافقها من استبداد و ديكتاتورية السلط السياسية لن تحل بغير ثورة اشتراكية تبدأ باسترداد المؤسسات المخصخصة و مصادرة المؤسسات الإقتصادية الكبرى دون تعويض و توزيع أراضي كبار الملاكين العقاريين على المزارعين الصغار... هذه الأزمة التي نعيش أقصى حدودها منذ تسرب الرأسمالية إلى تونس تعني توفر الضروف الموضوعية لثورة اشتراكية طبعا بقيادة البروليتاريا عبر مجالسها و ديكتاتوريتها المباشرة و ليس بقيادة النخب المفلسة من اليسار الستاليني و الديمقراطي . إنه من المؤكد أن الرأسمالية تعيش فترة أزمة عنيفة تنضج فيها ضروف انطلاق الثورة البروليتارية العالمية حيث أنه و بعد الثورات الإجتماعية في بلدان أمريكا اللاتينية دخلت شعوب المنطقة العربية في مسار الثورة , و ما له دلالة كبيرة هو الحراك الإحتجاجي الكبير الذي يجتاح المراكز الرأسمالية و الذي يمكن أن يتحول إلى ثورات عنيفة ذات قدرات هائلة على التغيير و النجاح بحكم البنى الإقتصادية المتقدمة المتوفرة لتلك المراكز . كل هذا يدفع إلى ضرورة تعميق الثورة في تونس و تجذيرها و ايضاح بعدها الطبقي الراديكالي ضمن رؤية أممية للمتغيرات الإقتصادية العالمية الحبلى ببوادر ثورة عالمية على نظام الرأسمالية في أطرافها و مراكزها على حد السواء بفعل العولمة الإقتصادية .
#المنصف_رياشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المؤتمر 22 للإتحاد العام التونسي للشغل
المزيد.....
-
أسمته -ردع العدوان-... فصائل معارضة سورية تشن هجوما واسعا عل
...
-
إعلام: وفد أمني مصري يتوجه -لى إسرائيل لمحاولة التوصل لوقف إ
...
-
-رويترز-: إدارة بايدن تعتزم بيع إسرائيل أسلحة بملايين الدولا
...
-
-لبنان رح يرجع-.. زغاريد وفرحة على الطرقات اللبنانية مع وقف
...
-
واشنطن تضغط على كييف من أجل خفض سن التجنيد في أوكرانيا إلى 1
...
-
فصائل معارضة تشن هجوما مفاجئا غرب حلب وحصيلة دامية للمواجهات
...
-
هل فككت إسرائيل جبهات -محور المقاومة- المدعوم من إيران؟
-
مدفيديف لا يستبعد استهداف قواعد الناتو في أوروبا
-
الملك سلمان يفتتح مشروع قطار الرياض بتكلفة تقارب 5.22 مليار
...
-
لافروف: صبرنا سينفد إذا ما جرى اختباره باستمرار
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|