أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات محسن الفراتي - الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة














المزيد.....

الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 10:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في غمرة التردي والتراجع المذهل الذي عاشه العراق اواسط تسعينيات القرن الماضي بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق والعزلة الدولية القاسية التي صعبت الوضع الاقتصادي والانساني ليقترب من المجاعة، ووسط انهيار الدينار العراقي والتضخم المالي المرعب.. وارتفاع اسعار السلع وتفشي البطالة.. شعر مواطن عراقي باليأس الشديد.. كان الرجل اب لستة اطفال.. ولا يجد ما يطعمهم مع امهم.. وضاقت به السبل فباع كل ما يملك من مقتنيات ليأكل اطفاله.. حتى وجد انه لم يعد يمتلك شيء فالبيت الذي يسكنه مستأجر وحتى مبلغ سداد الايجار لم يعد متوفراً.. والمحبط الاخر في القصة انه لم يكن وحيداً بهذا الضرف بل كان كل من حوله يشكون التراجع الاقتصادي الكبير والاشراف على الفقر.. الرجل باع اخر ما يملكه من اثاث واشترى به وجبة باهضة من اللحم المشوي الذي ربما لم يذقه منذ سنوات وربما اطفاله لم يأكلوه مطلقاً قبل هذا اليوم.. وجلس هو واطفاله على الارض فلم يعد لديهم اثاثاً يجلسون عليه وتناولوا الوجبة الفاخرة بنهم شديد وبترقب ارتسم على عيني الاب الذي لم يتبقى بجيبه اي مال.. وماهي الا دقائق من انتهائهم من غدائهم.. حتى ماتوا جميعاً.. لقد سمم رب المنزل اسرته وانتحر معهم.. ليأسه من ان يعيلهم.. وكمحكوم الاعدام وفر لهم في اخر لحضات حياتهم في هذا الكوكب الكئيب وجبة دسمة كأخر وجبة سيتناولوها قبل موتهم الموجع.
لازلت اذكر هذه الحادثة التي اشتهرت في بغداد عام 1994 والتي جرى تناقلها بين الناس بجو مرعب من الاحباط.. ولعلها ساهمت بأقناع الكثير من العراقيين على الهجرة من هذه البلاد المتأكلة نحو الهاوية.. نساء كن يبكين عند سماع القصة.. هل خوفاً من مصير قد يطالهم او حزناً على ثمان ارواح غادرت هذا العالم بسبب الفقر.. ورجال كان بعضهم يرى ان من قتل نفسه وعائلته كان الاوجب عليه ان يقتل مسؤولاً بالدولة العراقية او بحزب البعث الحاكم الذان اوصلا العراق لهذه المأساة.. واخرين اختلقوا له الاعذار او تغاضوا عن الابحار بدوافعه ومشهد الخوف من ان يصلوا لهكذا حال يرقص فوق رؤسهم.
يال العزلة كيف تضيع معها الدماء.. ترى لو كانت هذه الحادثة قد جرت الان ومع هذا المد الاعلامي والوسائط الالكترونية بالانتشار.. كيف كانت الردود الشعبية.. من يعلم ربما لاشيء وربما انتفاضة ضد الفقر والتمايز الشديد.. ضد الظلم.. ضد الاغتراب داخل الاوطان.. ضد اللا عدالة.
مرت الايام وتغير الحال وان بقي الهم العراقي والالم العراقي عصي عن الشفاء.. وان كان الوضع الاقتصادي تحسن عما كان عليه ابان فترة الحصار القاسية على عراق التسعينيات، فعنف الارهاب وفساد الحكم والتصارع السياسي لم يغير من الواقع المر لهذه البلاد.. او الشعور بالظلم.. ويالها من غريبة هذه النظرية التي تجد فيها كل الشعب مظلوماً بأغلبيتهم واقلياتهم وقومياتهم واديانهم بحكامهم ومحكوميهم بأثريائهم وفقرائهم.. انها حالة من اللا رضا العام.
قبل ايام قليلة قام مواطن عراقي بألاعلان عبر موقع الشبكات الاجتماعية الاشهر فيسبوك عن رغبته ببيع نفسه عبر مزاد علني عبر الانترنيت مشترطاً ان لا يشتريه مواطن عربي او مسلم او مقيم في بلد عربي.. وقبل ان نكيل الاحكام على هذا العرض الغريب.. لنتسائل عن هذا المواطن.. فالمعلومات ان هذا الشاب البالغ من العمر 38 عاماً والعاطل عن العمل، قد دأب منذ العام 2009 بمطالبة الحكومة العراقية عبر رسائل الى مجلس الوزراء بأسقاط الجنسي العراقية عنه وتركه يغادر هذه البلاد التي يراها مشؤومة بالعذابات.. وقد كتب (ستار عبد الله سلمان) وهذا اسمه عبر الانترنيت انه ارسل 16 طلب الى مجلس الوزراء دائرة شؤون المواطنين و 4 طلبات الى استعلامات مجلس النواب وكل طلباته قوبلت بالتجاهل.. وكان ستار قد اشتهر باللافتة التي وقف يحملها في ساحة التحرير وسط بغداد مكتوب عليها (هذا حدي ياعراق. اطالب الحكومة العراقية بأسقاط جنسيتي العراقية. لآني متنازل عن العراق ارضاً وشعباً وحكومة. التوقيع شبه مواطن) وبطبيعة الحال ان هذا الاصرار الذي يستخدمه هذا الشاب لا يعكس الا حلة اليأس والاحباط التي تتراكم بداخله.. ولعل البعض سيقول ربما الهدف دعائي فأقول له بأن العراق لا يحفل بهكذا دعايات ولن يحصد من ورائها مال او شهرة.. انها ربما العجز واللا حيلة التي وصلها هذا الشاب.. امام فساد البلاد ساسة وشعب.
ولكن وبين الانتحار الجماعي لرب العائلة الفقيرة عام 2994 وعرض شاب نفسه للبيع عام 2012 لنتوقف امام بعض النقاط وبسرعة، هل كان الامس (عهد صدام) جيداً؟ الجواب بالتأكيد كلا لقد كان مأساة حقيقية.. وماذا عن اليوم؟ انه سيء بلا شك.. ادماء المواطن العراقي وقيمته رخيصة؟ الجواب نعم وبكل اسف وليس على الصعيد الحكومي فحسب بل على الصعيد الشعبي ايضاً.. هل العرب يشعرون بما يجري حولهم بالعراق؟ الجواب انهم في عالم اخر.
ان احاسيس المواطنة ومشاعر الانتماء وروحيات التعايش والمساهمة والمشاركة في البلاد غير موجودة مصادرة ضائعة سمها ما شئت من عبارات على ان يكون المعنى نافياً.. حى حق الانتخاب يشعر اغلب العراقين انه لم يحقق طموحهم من خلال احتيالات لى النصوص القانونية.
بقي سؤال لماذا اشترط الشاب بعرضه الا يشتريه عربي او مسلم او اي مقيم بدولة عربية؟ اهنالك حاجة لأاجابة على هذا السؤال.. ام ان الجواب واضح.. لانهم ليسوا انسانيين.



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة
- تراجع الذائقة الفنية بين جمعية الثقافة وعولمتها
- اخر حوار صحفي مع النحات محمد غني حكمت قبل رحيله
- ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية
- كذبة الديمقراطية
- التعليقات في عالم الانترنيت
- الحريات و الحقوق و الخصوصية .. في ضوء ظاهرة رسائل الهاتف الج ...
- دوافع الاختراقات الامنية المسكوت عنها
- في ذكراه الثانية و الاربعين .. بين جيفارا و ساسة العراق الجد ...
- دقائق لن انساها .. عندما وقفت امام (منظار غاليلو) الذي عرض ل ...
- من داخل متحف النوبل في استوكهولم .. و في ظل الاجواء الحالمة
- المعارضين الأجانب في العراق .. العراق و أزمة الحوثيين انموذج ...
- قضية لبنى الحسين .. تفتح ابواب الحريات و الحقوق في العالم ال ...
- العراقيون و مشاريع اوباما
- السجارة التي احرقت روما .. تحرق بغداد
- ذكرى 14 تموز .. و ثمار الحرية
- مع قرب الانسحاب .. التناقضات تفتضح


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات محسن الفراتي - الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة