|
شهر زاد على بحيرة جنيف
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 10:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل الخيال الخلاق المبدع لمعانى النبل والجمال موهبة فطرية يتمتع بها الإنسان ولا يعرفها إنسان آخر ؟ وهل هذه القدرة على امتلاك طاقة الخيال أو الحرمان منها ، تُميّز بين شعب وآخر ؟ حول هذا المحور الرئيسى ( صحيحة لغويًا وليس الرئيس ) تدور أحداث رواية ( شهر زاد على بحيرة جنيف ) للأديب جميل عطية إبراهيم الصادرة عن دار الهلال المصرية – ديسمبر 2006 . يستحضر الأديب شخصية شهر زاد الأسطورية التى أبدعها خيال مؤلف مجهول أو خيال مؤلفين مجهولين ، فى مجال الإبداع الشعبى . وهو العمل الذى أخذ هذا الاسم الساحر ( ألف ليلة وليلة ) وعن هذه الحكايات الواردة فيها ذكر ابن النديم أنها مترجمة عن أصل بهلوى اسمه ( الهزار أفسان ) أى ألف خرافة . وقد تعددت طبعات ألف ليلة وليلة ، مثل طبعة كلكتا الأولى ثم بولاق ثم كلكتا الثانية ثم برسلاو وبولاق الثانية . وتتميز ألف ليلة وليلة بأنّ القصص الواردة فيها تجمع بين الأصل الهندى القديم ، وبين المأخوذ عن أخبار العرب وقصصهم الحديثة نسبيًا . وأنّ أكثر البيئات الواقعية بروزًا هى مصر ثم سوريا والعراق . أى أنّ ألف ليلة وليلة جمعتْ حضارات وثقافات قومية مختلفة فى معطف حكاياتها الخيالية الجميلة . فهل أراد مؤلفو وجامعو هذه الحكايات التقريب بين الشعوب ؟ وهل كانوا ( دون أنْ يُعلنوا بالألفاظ ) يُدركون خطورة الوباء الذى يهدد البشرية ، والذى أخذ اسمًا معاصرًا هو ( صراع الحضارات ) ؟ تهتم الرواية بتجسيد هذا الموضوع . يقول الراوى الذى عاش فى سويسرا قرابة ربع قـــــــرن (( سرتُ إلى ميدان المحطة – يا للمصيبة – صور شهريار تُغرق الصفحات الأولى من الصحف ، وتحتها اعترافات بقتل سبع فتيات . هل فعلها شهريار وعاد إلى عادته القديمة : قتل عذراء كل ليلة ؟ إهتمت الصحف بالحكايات وضاع الخط الفاصل بين الواقع والعوالم السحرية )) ( ص 46 ) إنّ إخراج شخصية شهريار من قلب حواديت ألف ليلة ، ليكون شخصية معاصرة ، له دلالته عن هذا الصراع بين الشعوب المختلفة حضاريًا . فالأوروبيون يرون أنّ شهريار (( صاحب سوابق . تراثه يشى به . القتل فى تراثهم . قادم من سلخانة ثقافة القتل )) والأديب جميل عطية إبراهيم يضع الرمز ومعه شفرة الحل ببراعة فائقة ، إذْ يجعل الراوى يتساءل (( المهم من القاتل ؟ أنت أم الآخر أم أنا؟)) ثم قال لنفسه (( جرائم الماضى تخص شهريار . جرائم الحاضر الطازج منذ أيام تخص ... )) ( ص 47 ) لم يُكمل الجملة ، ليكون القارىء هو المشارك فى فعل الكتابة . وشهريار فى هذه الرواية ( رغم رمزيته ) شخصية من لحم ودم ، حيث يتم القبض عليه ، وتُحدد له محاكمة . بل إنّ الراوى وعد شهرزاد بزيارته فى الحبس مع محام من معارفه ( ص67 ) خصوصًا بعد الحملة التى تقودها الجماعات النسائية ضد شهريار . يقول المحقق (( هذه القضية كابوس . أزعجتْ مدينة جنيف . وهزّت ثقتها فى جهات الأرض )) ويطلب من الراوى مساعدته . فماهى المساعدة التى ينشدها ؟ إنه يرى أنّ وقائع القضية أشبه بالحلم الخرافى . وأنّ التحقيقات فى الوقائع لا تفيد دون فهم طبيعة الخرافة وأصلها وفصلها . وهذا ماينقصنا وأود معرفته . أبعاد هذه الخرافة . الخرافة فقط وليست الوقائع . فحص الوقائع مهمتنا فى أجهزة التحقيق . فهل تسمح لى أنْ نفرد صفحة الخرافات عبر التاريخ ونقرأها سويًا )) ( ص 105 ) . فى محور آخر يُركّز المبدع على أهمية الخيال لدى الشعوب . وأنّ أحد تجليات الخيال هو القدرة على الحكى – قولا وكتابة – وأنّ الشعوب الفقيرة فى الخيال أشبه بالكائن الحى الذى يفتقد مقومات النمو الطبيعى ، وهو ماعبّر عنه الراوى من خلال انطباعاته عن شهرزاد المعاصرة ، إذْ عندما يطلب منها أنْ تحكى كما كانت شهرزاد الأسطورة تحكى تمنّعتْ . ويرى الراوى أنّ الكارثة ليست فى تمنعها فقط ، وإنما لأنها طلبت من أحد الدجالين أنْ يُحدّثها عن الأرض الحرام قبل صياح الديك . ولأنها معاصرة فقد أضافت باللغة الإنجليزية The free zone ( منطقة حرة ) هذا الموقف من شهرزاد المعاصرة جعل الراوى يُحدّث نفسه قائلا (( شهرزاد لها ألف حكاية وحكاية . هل توقّفت عن ولادة الحكايات وأصبحت تتسوّلها من الدجالين فى آخر الزمان ؟ إنّ صمت شهرزاد مصيبة . نكبة وحلّت بالعالم العربى . عيب ياشهرزاد . سُُمعتنا إهتزت )) ( ص 32 ، 33 ) وعن أهمية الخيال فى إبداع الحكى وإعادة صياغة الحياة يقول الراوى (( القص مسالكه واسعة . القص هدم وبناء . القص علاج . والخيال متعة والحلم بلسم )) ( ص 65 ، 66 ) . ولكن هذه القدرة على الحكى التى ميّزت البشر عن سائر الكائنات الحية ، مهددة بالانقراض . وقد جسّدها المبدع فى شخصية الملياردير العربى ، الذى أعطاه المؤلف اسمًا رمزيًا هو الأمير متراس الذى هاجم شهرزاد كثيرًا وقال عنها (( يجب التخلص من هذه الفتاة )) والتخلص من شهرزاد يعنى التخلص من القدرة البشرية على الحكى . وبالتالى يكون البشر بلا ذاكرة وبلا تاريخ مثل باقى الكائنات الحية التى لا تتطور عقليا . يُعلّق الراوى على كلام الأمير العربى قائلا شهرزاد هى (( التى حلّقت بنا فى آفاق بعيدة قبل الأقمار الصناعية . وفى أواخر الأيام يلحقها أذى من رجل براميل النفط )) وعندما قدّم له الراوى نسخة من ألف ليلة رفض الأمير لمسها وقال (( شهرزاد يجب أنْ تموت . لا مكان لشهر زاد فى غابة العولمة )) ( ص 117 ) . هذا الأمير العربى تجسيد للذهنية العربية التى تعيش حلمًا طوباويًا مريضًا ، حلم القضاء على الحضارة الأوروبية . وأنّ الطبيعة هى التى ستقوم بهذه المهمة ، فهو يتحدث مع الراوى عـــــــــــــن (( ديكتاتورية الجغرافيا وهزيمة التاريخ . معلنًا بداية الاستعمار الاستوائى للعالم الحر )) والسبب الذى يدعوه إلى التمسك بهذه الطوباوية المريضة ، أنّ درجة الحرارة فى جنيف وصلت إلى 35 مئوية ، وهو مايؤدى إلى ذوبان قمم جبال الثلج وانهيار حوافها . وهو ما يُمثّل كارثة طبيعية )) ( ص 82 ) فى مقابل هذه الاستكانة التى حرّرت توكيلا عامًا للطبيعة لتتولى مهمة هزيمة المختلف حضاريًا ، فإنّ الراوى يُعقّب ساخرًا (( رأيتُ القرد فى داخلى يرقص . ومن بعيد رأيتُ المشانق قائمة. ومقولة الثرى العربى الخليجى تروقنى ( هو يسخر ) حول تحرك الجغرافيا الاستوائية نحو بلدان الشمال . فى مقابل سنوات العربدة الامبريالية السابقة . انتقام الجغرافيا بعد عجز التاريخ عن تصحيح مساراته طوال القرون الماضية ، بينما الثورة المعلوماتية تسير عكس التيار . وهدفها هزيمة الجغرافيا لصالح اللحظة الراهنة )) ( ص 87 ) . وإذا كان أحد محاور الرواية التصوير الأدبى لما يُعرف ب ( صراع الحضارات ) وهل يمكن للشعوب أنْ تتعايش فى سلام رغم اختلاف الثقافة القومية لكل شعب ؟ وإذا كان الشائع دائمًا أنّ الصراع فى أوله وآخره بين الشرق والغرب ، تلك المقولة القديمة والمعاصرة ، فإنّ المبدع فى هذه الرواية جسّد صراعًا قلّما التفتَ إليه المبدعون ، وهو الصراع الثقافى بين ( الشرق والشرق ) فإذا كان الغرب ليس واحدًا ، فالشرق كذلك . فى هذا المحور نجد أنّ الراوى الذى يعيش فى جنيف والقادم من نجع البطوطة من جنوب مصر ، يختلف جذريًا عن الأمير العربى الذى يلاحقه بأحاديثه عن العولمة . فى لحظة مكاشفة مع الذات ، يُحدّث الراوى المصرى نفسه قائلا عن الملياردير العربى (( أخيرًا زهقت وقرفت من أحاديثه . لم أعد أصبر على سماع الباطل من جهلة أثرياء . وحان وقت محاسبته فى وقفة حاسمة بسبب ذلك الزهو الأجوف . يظن الغبى بسبب ضخامة شركاته العابرة للقارات أنه يُعلّمنى مالا أعرفه عن النظام العالمى الجديد . ودور الصورة فى تشكيل الوعى بعد هزيمة الجغرافيا )) ( ص 89 ) يعتقد الأمير العربى أنّ (( العلم والفهم يمكن شراؤهما من الأسواق مثل الأحذية والملابس الداخلية )) أما الراوى المصرى ، فإنّ الفهم بالنسبة له (( نيرانه متوهجة داخليًا . الفهم عتبة روحية بعيدة عن حسابات الدولار . عتبة لا يدركها رجل فناطيس الجـــاز . ولا كل رجال فناطيس الجاز ورجال الشركات العابرة للقارات المحملة رؤوسهم بالجــــــاز )) (ص90) . هذا الثرى العربى لا يستثمر أمواله فى خدمة شعبه ، وإنما يُبدّدها على رغباته الشخصية . فهو يحلم أنْ يكون نجمًا سينمائيًا ، وفى فيلم أمريكى بالذات . ولذلك يذهب إلى الأمريكان ويُقدّم لهم الأموال لينتجوا فيلمًا بشرط أنْ يعمل فيه ممثلا . يوافق الأمريكان ولكن بشروطهم . إذْ أنه سيكون مجرد كومبارس لمدة عشر دقائق . يوافق الثرى العربى رغم أنّ اسمه سوف يُكتب فى نهاية قائمة الممثلين . فى هذا المشهد من الرواية يُجسّد المبدع دور الاحتكارات العالمية وكيفية استغلالها للذهنية العربية . وهو ماعبّر عنه الراوى المصرى الذى حدّث نفسه قائلا (( مهما بلغ ثراء الرجل فهو صعلوك فى دهاليز شركات النفط العابرة للقارات . وفى النهاية هو كومبارس فى مجال النفط ، وكومبارس على الشاشة ، لا فرق )) وعندما عرض الثرى العربى عليه أنْ يكتب قصة الفيلم ردّ الراوى المصرى وبلا تفكير (( لستُ معروضًا للبيع يا سمو الأمير )) ( ص 92 ) . يبحث الأمير العربى عن دنيا زاد أخت شهرزاد . لماذا ؟ لأنّ دنيا زاد عالمة فلزات ويسعى إلى خطفها . يندهش الراوى من سر إهتمام الثرى العربى بعالمة فى الفلزات . ويتشكّك فى تصرفاته المريبة . يحاول أنْ يبتعد عنه ولكن الآخر يلاحقه . حياء الراوى يمنعه من المواجهة المباشرة ، فيقدم له قصة ملك السنجاب التى أرسلها إلى زعيم قطعان الحمار الوحشى . أخذها الأمير العربى وقرأ ((خذ القطيع وإرحل . لعلك تفتح عينيك وترى الدمار الذى ألحقه القطيع بالمنطقة المحصورة بين الغابة والبحر . قطعان هائجة . لا تعرف آداب السير أو الطيران وتناطح الهواء . قطعان تندفع فى جنون . تدهس ما يصادفها من مزروعات وخضروات . وفى الأيام الأخيرة ركبت رؤوسها وبدأت فى مناطحة الأشجار باعتبارها عفاريت قائمة . أليست هذه حماقة )) بعد أنْ انتهى الأمير العربى من القراءة هزّ رأسه وانصرف ( ص 94 ، 95 ) . هل تعلّم الأمير العربى شيئًا من حكمة السنجاب ؟ عندما سأله الراوى (( هل نحن نعيش فـــــــى غابة ؟ )) قال (( عصر الغابة لم يأت بعد . نحن على الطريق . العولمة تسعى لتطبيق شريعة الغاب من أجل التطور . علينا أنْ نُسرع فى تحويل العالم إلى غابة . حتى يتّسق الواقع مع الشرائع . قبل أنْ تهب موجات الثورات ثانية )) ويُعلن صراحة أنه يمقت الشعر والشعراء . فيُحدّث الراوى المصرى نفسه قائلا (( رجل ديدنه الجرى إلى الوراء . الرجوع إلى حياة وحشية فى ثوب عصرى . لا يحس بالعار من كلماته السوقية ولا يندم عليها . تشغله أبحاث دنيا زاد ويود سرقتها . الوصول إلى الثقب الأسود مرماه . والعودة إلى الوراء حلمه )) ( ص 116 ) . كان من الطبيعى أنْ يلاحظ الراوى أنّ حرب لبنان لا تثير إهتمام الثرى العربى (( العالم كله تشغله الحرب . والغضب فى عيون الناس وهو فى دنيا أخرى . النفط يشغله عن هدم لبنان )) ( ص 126 ) لذلك يقول الراوى عنه (( الأمير متراس . رجل النفط الشهير ، يؤمن بالخرافات . يظن نفسه نسخة أصلية من رجل آخر مات منذ عدة قرون . الأمير متراس رجل من طراز أصيل مثل الجياد العربية . حفظ الجينات القديمة عبر السنين . رجل بنيته من عصور ماضية منقرضة . تشغله قضايا الفضاء إلى جانب قمقم الجنى والبلّورة المسحورة . أعاجيب الشرق . لاهندسة وراثية نفعت ولا حكايات نفعت . طين الأرض يطمس عقول أمراء الزمان ويحلمون بغزو الفضاء )) ( ص 131 ) الأمير متراس جمع التناقض المتجسد فى الذهنية العربية ، فهو يسعى إلى نقل مخلّفات الأرض من مواد ملوثة ومشعة إلى ساحة العدم فى الفضاء الخارجى ، وفى نفس الوقت مايزال يؤمن بتراث الماضى المشبّع بالخرافات ، بينما أوروبا مشغولة بالأبحاث العلمية ، لدرجة أنّ العلماء يعملون على إنجاز آلة طولها 27 مترًا لمعرفة كيف تكوّنت المادة فى محاكاة للانفجار العظيم عند بداية تشكيل الكون ( 128 ) وهى معلومة حقيقة أوردتها وكالة رويترز يوم 8 / 9 / 2006 ) . فى فصل ممتع بعنوان ( منشار الزمان ) يتناول المبدع فلسفة الموت . فإذا كان الموت هو الحقيقة الثابتة فى الكون ، فإنّ الموت فى حاجة إلى منشار . وهذا المنشار قد يكون بانتهاء العمر الافتراضى للإنسان ، العامل الطبيعى ( الفيزيقى ) أو بسبب الجيولوجيا ( زلازل ، براكين إلخ ) وقد يكون بفعل الإنسان نفسه بسبب الظلم الاجتماعى الذى يترتّب عليه سوء التغذية ونقص المياه النظيفة وانعدام الرعاية الصحية إلخ وهو ماجعل شهرزاد العصرية تتمنى لو عرفت أسباب طول عمر الإنسان الأوروبى . ومنشار الزمان يتمثل كذلك فى الحروب التى تشنّها الدول ضد بعضها البعض . أو الحروب الأهلية التى تقع بين أبناء الوطن الواحد . والراوى ابن الحضارة المصرية يرصد الجهات التى تدير الصراع حول ( منشار الزمان ) ففى جهة يقف برنامج الغذاء العالمى ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأرصاد الجوية والصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليان . هذه المنظمات تتولى شن الحرب على كل مناشير الموت . وفى الجانب المضاد يقف البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية ومنتدى دافوس ليصنعوا المناشير التى تحصد أرواح البشر ويوزعونها بالمجان على الحكام فى العالم ( من ص 97 – 102 ) . يربط مبدع الرواية الظواهر بعضها ببعض . فبعد أنْ تحدّث عن الجهات التى تقاوم منشار الموت ، إذا به يقول بعد عدة صفحات أنّ منظمات المجتمع المدنى العربية غائبة ، بينما تتواجد المنظمات الصهيونية ( 127 ) ورغم أنّ السياق مختلف ، فإنّ الدلالة واضحة . تُجسّد الرواية الفرق الحضارى بين الأمير متراس العربى ، وبين الراوى ابن الحضارة المصرية. فبينما الأول لا يدرك التناقض بين تمسكه بتراثه الغيبى و التظاهر بالإهتمام بالعلم ، فإنّ الراوى المصرى يُدرك ويعترف بما فى تراثه من غيبيات ويتعامل معها فى إطار تجاوزها للعقل ، وهو ما جعله يبتعد عن الأمير العربى . هذا الوعى بالغيبيات نجده فى الصفحة الأولى إذْ يقول الراوى (( فى نجع البطوطة . فى زمن قديم تمرّغ حمار فى التراب ثم طار وتعلّق بصارى المديرية وهات يا نهيق )) الفرق الحضارى بين الأمير العربى والراوى المصرى ، أنّ الأول يعيش الخرافة ويؤمن بها ، بينما الثانى يقاومها بالوعى وبالسخرية فيقول (( جنى نجع البطوطة تركنى ورجع إلى موطنه . لم تعجبه الغربة ولا بحيرة جنيف . وقبل هروبه ترك لى بيت الشعر القائل (( الخراء عليك يا سويسرا وعلى نظافتك )) يُعقّب الراوى (( كانت الورقة ممزقة وعليها خراء . جنى عديم التربية من سقط الجن )) ( ص 98 ) . فارق حضارى آخر بين الراوى المصرى وكريستينا بنت الحضارة الأوروبية . هذا الفرق جاء إبداعًا ثريًا بالدلالات ، إذْ يقول الراوى فى أول سطر من الرواية (( أثقل مايحمله المسافر معه عند الرحيل الذكريات . الذكريات هى صاحبة الوزن الزائد على الطائرة . الذكريات هى التى تقصم ظهرى )) بينما كريستينا تقول (( ما أخف وأحلى الذكريات )) والراوى لايدين هذا الاختلاف ، لأنه يعترف بالتنوع الثقافى بين الشعوب ، لذلك يقول (( هى قادمة من اسكتلندا وليست من مصر . جنيف لا تختلف كثيرًا عن أدنبره . بينما الفرق بين نجع البطوطة موطن طفولتى وبين جنيف ، كالفرق بين السماء والأرض )) . *****
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع
-
ثمن الحرية وحصاد عام من الدم
-
جميل عطية إبراهيم والتأريخ بلغة فن الرواية
-
العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)
-
النبل والبؤس فى طاحونة الحياة
-
سناء المصرى : ضميرحى وعقل حر
-
التنوير المصرى والجامعة الأهلية
-
بورتريه لابن عمى المليونير م . م
-
تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية
-
ميس إيجيبت وجدل العلاقة بين الثقافتين المصرية والعربية
-
سليمان فياض : الواحد المتعدد
-
النص الدينى والتفسيرات المتعددة
-
العالمانية والاستقرارالاجتماعى
-
هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
-
مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
-
الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
-
لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
-
كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
-
رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
-
المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|