|
العرب الى أين .؟
ماجد فاضل الزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 19:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت القوى العربية المتبنية للأيديولوجية الوحدوية تأمل والى عهد ليس بالبعيد بتأسيس الدولة القومية الممتدة من الخليج الى المحيط ، وبالفعل فقد تحققت تجارب حقيقية وواقعية في هذا الإتجاه تمثلت في الوحدة بين إمارات الخليج العربي في العام 1971 ، هذه التجربة الوحدوية الرائدة التي لا تزال وستبقى ناجحة وبإمتياز ، على الرغم من إن الوحدة بين مصر وسوريا في 22 شباط من العام 1958 إنفرط عقدها في 28 أيلول من العام 1961 لأسباب كثيرة ومعروفة . التجارب الوحدوية العربية لا تزال محط إجتهادات الدارسين والباحثين بين مؤيد ورافض لها بغض النظر عما حققته من إنجازات أو إنكسارات كما يحلو للبعض تسميتها . مبررات الطرفين المتناقضين في الرؤى وعلى أحسن تقدير لا تتعدى ما يحملونه من آيديولوجيات فكرية وسياسية تأثروا بها في زمن تكوين شخصية الذات ابان مرحلة عاصفة حملت الكثير من الإجتهادات والمفارقات الفكرية التي لم تكن بعيدة هي الأخرى عن البداية التي كانت فيها الأمة تعيد تكوين ذاتها وسط تحديات ومخاطر تمثلت في كسر القيود والتحرر من الإستعمار، بمعنى إن اولئك الأشخاص سواء كانوا مؤيدين أو رافضين للوحدة آنذاك عاشوا ذات المرحلة التي كانت فيها الأمة تعيد صياغة تجربتها الفتية لصنع ذاتها القديمة وتؤسس لها . هذا التناقض في توجهات التيارات السياسية خلق مجالا خصبا للتناحر والقطيعة خصوصا إن الأفكار الماركسية آنذاك أخذت حيزها في فضاء الفكر العربي لتقف نقيضا مع التوجهات القومية بإعتبار إنها تحول دون تحقيق الدولة الأممية ومبادئها الإشتراكية والديمقراطية وبناء العالم الفاضل الذي يتساوى فيه الجميع ( وفي مقدمتهم البروليتاريا ) بالحقوق والواجبات ، دون أن يدركوا إن بناء الدولة القومية سيختصر لهم الجهد والزمن لتحقيق حلم قيام دولتهم الأممية المنشودة . كما إن الإسلاميين وللأسف وقفوا بالضد أيضا من المشروع الوحدوي العربي متناسين ما كانت عليه أمتهم بإعتبار إن بناء الدولة القومية هو مفهوم عنصري مناهض لأممية الإسلام ليلتقوا مع الفكر الماركسي الذي عادة ما ينعتونه بالإلحاد . المشروع النهضوي العربي أجهض في مهده من قبل أعدائه وتآمر عليه بعض من دعاته ، إلاّ إن أعداء هذا المشروع والمتآمرين عليه ندموا جميعا أمام حقائق الواقع وما يتشكل على الأرض العربية والإسلامية الآن .. فالماركسيون الحالمون بالدولة الأممية خسروا إتحادهم السوفيتي الذي تهشم الى دويلات بدأت تتشظى هي الأخرى وخسروا أيضا جميع دول ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي أو الدول الإشتراكية أو حلف وارشو ، والإسلاميون الرافضون لوحدة الأمة العربية والحالمون بتحقيق دولة الخلافة يرون بأعينهم ما يحصل للعالم الإسلامي من إنكسارات حادة كما هو الحال في فلسطين أفغانستان وغيرها . وما بقي لدعاة القومية العربية هو الأسى بعينه ، فالمشروع الوحدوي ( الحلم ) بتحقيق الدولة القومية شتتته يقظة قوة مفترسة ومعادية يعرفها الجميع ، إمتدت ليس على جسد الأمة فحسب بل إنها أخذت تفكك منظومة الدولة القطرية الواحدة الى عدة دول كما حدث في السودان ، والمشكلة إن الدولة السودانية الوليدة لم تنضم الى الجامعة العربية بل إنها سرعان ما إرتمت في أحضان إسرائيل .! والخشية هي ما قد سيحدث في الأقطار العربية الأخرى لاحقا حيث بدأت فيها الصراعات الآن على أساس الدين والمذهب والمدينة ، لا بل وحتى القبيلة .!! مشروع الدولة الأممية إنتهى ، وتحقيق مشروع دولة الخلافة الإسلامية هو الآخر قد إنتهى وينسحب الأمر ذاته على مشروع الدولة العربية الموحدة ، فالجميع إستيقظوا على ( كابوس ) صادم ، فهم عاجزون الآن عن إيقاف سلسلة التشظيات ضمن الدولة الواحدة كل على حدة . وهنا يحق لنا التساؤل .. أين تكمن المشكلة وراء كل الخسارات السابقة واللاحقة ، وما هو القصور في تلك الأفكار والتوجهات السياسية .؟ التي وعلى الرغم من كل تناقضاتها إلاّ إنها كانت تمثل الحد الأدنى للحياة الطبيعية والتعايش السلمي ، لأننا أمام مرحلة تحمل تيارات وأفكارا متطرفة قد تجرنا الى أن نتقاتل فيما بيننا ( لا سامح الله ) إذا لم نوقف هذا التداعي والإنحدار الخطير.. وعلينا في البدء أن نشخص من هو الرابح وراء كل خسائرنا وخيباتنا التي قد لا تنتهي ، لنتبنى مشروعنا الجديد أيا كانت توجهاته إسلامية كانت أم علمانية ، المهم علينا أن لا ندع للعدو مجالا للفرقة وأن لا نمكنه من أن يجزأ البلد الواحد الى بلدان عدة أو أن يوقع الفتنة بين طوائف الشعب الواحد لتتقاتل فيما بينها ، وهذا ما لا يتمناه أي عربي شريف مهما كانت ديانته وطائفته وتوجهه .؟!
#ماجد_فاضل_الزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاطع من قصائد لم تكتمل
-
نص .. لم يعد ثمة فرح .!
-
مجلس التعاون وسياسة اقصاء القريب
-
هل تتخذ السيدة ( لا ) الفيتو رقم 43 ؟؟
-
الغرب ولعبة الحاكم والمحكوم
-
وصايا .... شعر
-
النقاش المجتمعي حول الديمقراطية والإصلاح
-
الثورات العربية
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|