|
أبدية الشريعة (3-7)
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 22:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وهذه السموات الجديدة والأرض الجديدة هي تعبير عن النظم البديع الجديد الذي يحتاجه العالم، والذي يتم به الخلق الجديد، فيرى العالم غير العالم والسموات والأرض غير الأرض. وهي التي بظهورها يتأسس ويتحقق السلام على الأرض الذي هو اسم من أسمائه الحسنى، فقد قال تعالى في التوراة - اشعيا 9 - "لانه يولد لنا ولد، ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً آلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام، لنمو رياسته وللسلام لا نهاية" وفي القرآن الكريم "والله يدعو الى دار السلام" - يونس 25 -. فهذا وعد الهي بتأسيس وتحقيق السلام على الأرض ولا يكون الا بظهور الموعود في يوم الله. وقد ذهب المسيحيون الى القول بأن "رئيس السلام" هو السيد المسيح في مجيئه الأول، ولكن السيد المسيح صرح بأنه ليس "رئيس السلام" الموعود: "جئت لألقي ناراً على الأرض فماذا أريد لو اضطرمت.. أتظنون اني جئت لأعطي سلاماً على الأرض، كلا أقول لكم بل انقساماً" - لوقا 12 - نعم قال السيد المسيح لتلاميذه "سلاماً أترك لكم، سلامي أعطيكم" - يوحنا 14 - وقال تعالى في القرآن الكريم "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة" - البقرة 208 - فهذا السلام سلام نسبي اقتصر على الذين آمنوا برسالات الإنجيل والقرآن. وحتى هذا السلام النسبي لم يتحقق بين أهل الملة الواحدة. فالحروب والمنازعات بين الفرق المسيحية امتدت طوال تاريخها. وكذلك الحروب والمنازعات بين الفرق الإسلامية امتدت طوال تاريخها. ولكن "بهاءالله" يدعو الناس جميعهم على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وألوانهم الى السلام الأعظم الذي وضع قواعده وأحكامه. وعلى هذا الجيل أن يرجع اليها ليخلد لنفسه ذكرا في التاريخ بين مؤسسي سلام الله على الأرض. يوم الله محدد بالتاريخ في كتب الله 1 - في التوراة والإنجيل - بالتاريخ القمري جرت التوراة والإنجيل على ان اليوم معتبر بسنة "فتحمل اثم يهوذا أربعين يوماً قد جعلت لك كل يوم بسنة" توراة - حزقيال 4، وهذه هي القاعدة المنصوصة في تحديد المواعيد في التوراة والإنجيل. فلننظر الى هذا الميعاد من التوراة. جاء في دانيال ص 12 "وقال للرجل اللابس الكتان من فوق مياه النهر الى متى انتهاء هذه العجائب فسمعت الرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر اذ رفع يمناه ويسراه نحو السموات وحلف بالحي الأبدي انه الى زمان وزمانين ونصف زمان، فاذا تم تفريق أيدي الشعب المقدس تتم كل هذه". وتكررت عبارة "زمان وزمانين ونصف زمان" في الإنجيل - رؤيا 12، ثم فسرتها الرؤيا بثلاثة أيام ونصف كما جاء في الإصحاح 11، فتفسير الزمان والزمانين ونصف هو "ثلاثة أيام ونصف" أي 42 شهراً والشهر 30 يوما بالحساب القمري فيكون مجموعها 1260 يوما أي 1260 سنة. ففي سنة 1260 هجرية ظهر "الباب" الذي جاء يبشر بـ "بهاءالله". وجاء في الإنجيل - رؤيا 11 "ثم أعطيت قصبة شبه عصا، ووقف الملاك قائلا لي قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه، وأما الدار التي هي خارج الهيكل فاطرحها خارجاً ولا تقسها لأنها أعطيت للأمم وسيدوسون المدينة المقدسة اثنين وأربعين (42) شهراً. وسأعطي لشاهدي فيتنبأن ألفا ومائتين وستين يوما (1260) لابسين مسوحا". وتفسير هذه الرؤيا هو انه في أوائل القرن السابع الميلادي الذي فتحت فيه أورشليم ظل قدس الأقداس، أي البيت الذي بناه سيدنا سليمان، محفوظاً حسب الظاهر، وأما الصحن الخارجي فقد أخذ وأعطي للأمم - أي الأمم العربية - (وسيدوسون المدينة المقدسة 42 شهراً) أي يستولون على أورشليم 42 شهراً أي 1260 يوماً أي 1260 سنة (وسأعطي لشاهدي فيتنبآن 1260 يوما) توضيح لهذه العملية الحسابية. وفي سنة 1260 هجرية ظهر "الباب". 2 - تحديد الميعاد بالتاريخ الميلادي في التوراة جاء في دانيال ص 8: "فسمعت قدوسا يتكلم يسأل قدوساً آخر الى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند ومدوسون، فقال الى ألفين وثلثماية (2300) صباح ومساء فيتبرأ القدس...". وتفسيرها انه من تاريخ صدور فرمان ارتحشستا بتجديد بيت المقدس الى يوم ولادة السيد المسيح هو 456 سنة (عزرا ص 7). فاذا طرحنا 456 من 2300 يكون الباقي 1844 ففي 1844 ميلادية المطابقة لسنة 1260 هجرية ظهر "الباب". 3 - تحديد ميعاد الظهور من القرآن الكريم: في كل دورة من دورات رسل الله كان الدين منوطاً من بعد الرسول الإلهي بنفوس اختارهم الله لتدبير الأمر من بعده. وهؤلاء كان عددهم في كل دورة اثنى عشر (12) ففي الدورة الموسوية كان الأسباط الاثنى عشر، وفي الدورة المسيحية كان الحواريون (التلاميذ) الاثنى عشر، وفي الدورة الإسلامية كان الأئمة الاثنى عشر من أهل البيت، وجاء في الحديث الشريف "اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي" وكان آخر هؤلاء الأئمة الاثنى عشر الامام محمد بن حسن العسكري سنة 260 هجرية: قال تعالى في سورة السجدة 5 "يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون" وعلى ذلك تكون 260 هي السنة التي تم فيها تدبير أمر الله من السماء الى الأرض مبتدئة بظهور الرسول عليه السلام ومنتهية بقيام آخر امام من العترة الطاهرة وهو الامام محمد بن حسن العسكري. ثم يأتي عروج الأمر الى الله في يوم مقداره ألف سنة. فاذا أضفنا مدة التدبير (260) الى يوم العروج (1000) أي 260 + 1000 = 1260 وهي السنة الهجرية التي ظهر فيها "الباب"... كم تطابق كتب الله بعضها بعضا، وما أبدع بشارتها للناس في لحن السماء ! تأويل الكتاب وكما أجمعت كتب الله على البشارات والعلامات وميعاد ظهور يوم الله، كذلك أجمعت على ان كل آياته المشيرة الى هذا اليوم مكنونة مستورة الى وقت النهاية، فهي من المتشابهات التي قال تعالى عنها في سورة آل عمران 7 "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله..." وقد أخذ الله على نفسه عهداً أن يبين أسرارها ويظهر مكنوناتها على لسان من يبعثه في اليوم الموعود. والذين فسروا كتب الله كانوا على حق عندما قالوا عند كل تفسير ان الله ورسوله أعلم، فلم يقطع واحد منهم بأن تفسيره هو المقصود بكلام الله. ولهم كل الحق فيما ذهبوا اليه لأن الله وحده هو العالم بتأويل كتابه وأنه وحده هو الذي يرسل من يظهر مكنونات آياته "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً الا من ارتضى من رسول" - الجن 26 - ولذلك قال تعالى في التوراة - دانيال 12 - "اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية"، وفي الإنجيل - يوحنا 6 - "اعلموا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه". وفي القرآن الكريم - القيامة 19 - "ثم ان علينا بيانه" وثم معناها العطف مع التراخي. وأيضا في سورة الأعراف 53 - "هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق". فاذا لم يكن الباب المبشر بـ "بهاءالله" هو المنعوت بقوله تعالى "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً الا من ارتضى من رسول" كيف كانت تظهر معاني آيات الله وتتجلى مكنوناتها التي ظلت مخفية مستورة طوال الأحقاب !
"فانظروا العالم كهيكل إنسان انه خلق صحيحا كاملا فاعترته الأمراض بالأسباب المختلفة المتغايرة وما طابت نفسه في يوم بل اشتد مرضه بما وقع تحت تصرف أطباء غير حاذقة... وان طاب عضو من أعضائه في عصر من الأعصار بطبيب حاذق بقيت أعضاء أخرى في ما كان... كلما أتى ذاك السبب الأعظم وأشرق ذاك النور من مشرق القدم منعه المتطببون وصاروا سحاباً بينه وبين العالم لذا ما طاب مرضه وبقي في سقمه الى الحين". بهاءالله - لوح الملكة فكتوريا (من صفحة النور)
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبدية الشريعة (2-7)- بشارة يوم الله في كتب الله
-
أبدية الشريعة (1-7)
-
البهائية روح العصر
-
الحجج الإلهية والحجب البشرية
-
نداء من الله
-
عصر ذهبي ينتظر البشرية
-
نشوء وارتقاء الإنسان
-
تطوّر الإنسان
-
نشأة وارتقاء الإنسان بين دارون والفاتيكان ورأي البهائية
-
رؤية بهائية
-
البهائية وموقفها من الفتنة والفساد
-
ليست ردة ولكن يقين إلى الامام !
-
مؤمنون يتبيَّنون المقصود وآخرون يتبعون الظاهر وخاتم النبيين
-
حوار بين زعماء الدين وأتباعهم وكتاب خاتم النبيين
-
الوصايا العشر لصنع السلام في العالم
-
الحياة فتنة وامتحان
-
ذكرى مولد مظهر إلهي(مُرسل من الحضرة الإلهية) بدين جديد-بهاءا
...
-
كيف تم تقسيم العالم بواسطة الدين ولماذا؟2-2
-
كيف تم تقسيم العالم بواسطة الدين ولماذا؟1-2
-
ومازلنا مع كتاب خاتم النبيين: الفضائل التي يتحلى بها قلب الإ
...
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|