|
بحث عن ملكوت الله أم بحث عن مأزق الوجود؟
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 16:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ أن إمتلك الإنسان خلايا الدماغ المفكرة في مسيرة تطوره بدأ البحث القلق عن سبب وجوده وعن ما بعد الموت وعن الخلود وعن الحرية وعن الهدف من الخلق ولم يزل البحث مستمراً حتى بين جماهير العلماء والكتاب والمثقفين فكان الحل المريح والمقبول هو فكرة الله المدبر لما خلق ولم تزل فكرة الله هذه مثار جدل بين هذه الجماهير المذكورة أعلاه ولم يقع أي منهم على حد علمي حتى الساعة على سبب مقنع يستطيع العقل البشري الباحث عن الحقيقة والقلق دوماً من الجواب الذي لايشفي غليله بشكل نهائي إذ ان فكرة وجود الله يرى فيها الكثيرون وأنا منهم محاولة غير موفقة للهروب من عدم قدرتنا على هضم فكرة أن هناك وجوداً مادياً أزلياً ولامبرر على الإطلاق لأن يكون هناك إفتراض وجود خالق لهذا الوجود
لعبت التربية وما زالت تلعب دوراً مهماً وحاسماً ومنذ آلاف السنوات يعمل على تثبيت فكرة أن هناك خالق وعلينا إطاعته وننفذ أوامره والدليل القاطع على هذا هو أن كل من ينتسب إلى مذهب أو دين أو طائفة أو مدرسة فكرية ما . يستميت في الدفاع عما يؤمن به ويحاول بكل ما أوتي من ثقافة وعلم أن يسخر ما أوتي بهليثبت للآخرين أنه هو من يمتلك الحقيقة وما عداه فهو على باطل ودليلنا هو الحوارات التي تجري بين أتباع مختلف هذه الديانات والمدارس والمذاهب والطوائف
كما ترى أيضاً أنه ‘لى جانب كل هؤلاء من يدعون الإنتماء لإحدى مارس الإلحاد ومع ذلك تراهم وفي بحثهم المضني عن الله أو عن أهداف الخلق أو عن سبب الوجود يشون في كتاباتهم ليس عن رغبة ظاهرة في كتاباتهم بل عن رغبة مغروزة عميقاً في لاوعي كل منهم في البحث عن سبب يقنعون به أنفسهم ويبرر لهم عدم قدرتهم على نزع فكرة الله من لاوعي كل منهم
أين الله ؟
سؤال يتردد كثيراً على الألسنة وهذا السؤال يخفي بين حروفه ما هو أعمق من مجرد الرغبة في معرفة أين هو الله .والذي هو الرغية في معرفة مصيرنا بعد الموت ومعرفة سبب عدم قدرتنا على تحقيق الخلود والحرية والعدالة وتلبية الرغبات الكثيرة والجامحة في كثير من الأحيان والإنتصار على ضعفنا المذهل في مواجهة أمراض تسببها كائنات بعضها لايرى حتى بأكبر المكبرات
الإنسان في مسيرته العلمية يسير بإتجاه هدف واضح محدد هو الإنتصار على الطبيعة ومفرزاتها الضارة به بل ونحو أن يكون حراً عن طريق تحقيق الكشف عن أسرا الطبيعة وإستخدامها في سبيل ذلك
في الحرب العالمية الثانية كان إختراع الرادار تقليداً تكنولوجياً لعمل جهاز الإرسال في الخفاش والذي يستطيع تحديد البعد عن أي حاجز بدقة تقترب من 100% كما كانت الإختراعات بدءاً من القطار وحتى الأقمار الصنعية وكل تكنولوجيا الإتصالات مبنية على مشابهاتها في الطبيعة حتى هذا الحاسوب الذي نستخدمه هو لمن يدقق جيداً يجد أنه يعما بطريع عمل العقل البشري وكلاهما يعتمدان الكهرباء في عملهما وفق النبضتين( 0 - 1 ) وذلك في أدق التفاصيل
الإنسان محكوم بأي عمل يقوم به بالهدف منه فعندما يقوم المرء بعمل ما ودون هدف محدد يقال عنه أنه عبثي
الإنسان هذا هو نفسه لايستطيع الخروج من تحت راية مايقيسه على نفسه فكما هو له هدف في حياته إفترض أن للطبيعة هدف من خلقه وكما هو يرى أنه لاشيء يمكن أن يكون من تلقاء نفسه كالسيارة والطائرة وغيرها من المصنوعات إفترض أنه وبقية الخلق في الوجود لايمكن أن يكونوا بدون صانع
هذا الإنسان سجن نفسه ضمن حدود رؤيته ولكن بسبب رغبته الجامحة في عدم الموت والرغبة الجامحة في الخلود والحرية وإستمرا رعالم اللذة والقضاء على عالم الألم لم يجد بدا من إفتراض ما يبرر له كل مساحة الرؤية الضيقة هذه فكان إفتراض وجود خالق وأسبغ عليه كل الصفات التي يتمناها لنفسه ولم يكن ذلك إلا بسبب إيمانه بعجزه عن إيجاد الحلول لكل الأسئلة الوجودية التي طرحها وما زال يطرحها
إن رسوخ فكرة الله في لاوعي البشر تجعلهم غير قادرين على رؤية العالم كما هو بل تجعلهم يرونه كما يتمنونه وكلما تعمق إيمانهم بعجزهم عن فهم العالم إزدادوا تمسكاً بفكرة الله بل وإزدادوا تعنتاً في بذل الجهد بحثاً عن تبريرات لاعلاقة لها بالعلم تفسر سبب عدم قدرتهم عن إجتثاث فكرة الله من لاوعيهم
إن المتابع لتطور الإنسان يجد أنه تطور من خلال تطور دماغه ولولا تطور هذا الدماغ وإمتلاكه خلايا التفكير لبقي كما القردة في الغابات ولكن هذا التطور وعلى الرغم من خدمته للبشرية إلا أنه أدخلها في متاهات ما وراء الطبيعة وبزوع فجر العقائد بسبب عملية إدراك الذات التي بزغت مع فجر بروز الخلايا المفكرة
الوجود طاقة أزلية تتحكم في حركة جزيئاتها صراعات الأضاد من شحنات كهربائية متعاكسة ومغناطيسات متعاكسة فكل جزيء متحرك مشحون بكهرباء ما ينتج موجة كهرطيسية وهناك آلاف المليارت من الموجات المنتشرة في الفضاء وهناك على مثل عددها وربما أكثر من المستقبلات فكل خلية حية هي مرسل موجة وهناك مثيل لها خلية حية مستقبلة لموجتها فكما يرسل الدماغ ثلاثة أنواع من الأمواج الكهريطيسية هي موجات ألفا وبيتا وغاما يوجد في الماغ نفسه مستقبلات لهذه الموجات وإلا كيف نفسر علمياً ما يسمى الحاسة السادسة أو ما يسمى عملية التليباثي
عندما تتذكر فجأة شخصاً ما تجده أمامك فنقول في نفسك الآن ورد على بالي ذكره وتستغرب .لا لاتستغرب إن إقتراب هذا الشخص منك وأنت في حالة شرود جعل دماغك يلتقط موجات جماغه فأحسست بوجوده وورد ذكره على خاطرك
عندما نجد في البرمجة اللغوية العصبية أن الصورة التي نتخيلها أو الكلمة التي نرددها ونحن في حالة إسترخاء حيث بوبات اللاوعي منفتحة على مصراعيها تمر إلى هذا اللاوعي ومع تكرار الأمر مرات عديدة نجد أن ما نتخيله أو الفكرة التي نردد عبارة تحملها ترسخ في اللاوعي ويبدأ هذا اللاوعي بالعمل على تحقيقها وهذا كثيراً ما قمت بإستخدامه في تخليص الطلاب من تأخرهم الدراسي خصوصاً من كان منهم في مرحلة التعليم الأساسي الأولى
إذا تطور البشر هو بإتجاه التدين الخالص فهذا يعني أنهم أوجدوا في أنفسهم بل في أعماق ذواتهم رغبة جامحة في الإنحياز كليا نحو عالم الطاقة الخالصة نحو عالم الوجود بالقوة والخلاص من عالم الوجود بالفعل أليس هذا ما بشرت به البوذية ؟وبالتالي تمت نهايتهم وإختفائهم من هذا العالم الذي نعيشه إلى عالم ربما يكون عالم السكون المطلق أو عالم الله كما تخيله الإنسان عالم الخلود والقوة المطلقة والحرية اللانهائية الأبعاد
إن المسألة من وجهة نظري ليست في البحث عن سبب للوجود أو هدفه بل هي مسألة هل نستطيع فهم الإنسان والكشف عن قدرات لاوعيه الهائلة وكيفية الإستفادة منها لجعل البشرية أكثر سعادة على هذه الأرض
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كان محمد يجهل ما سيأتي به العلم؟
-
الطغيان
-
بؤس الثقافة أم بؤس المثقفين ؟
-
عندما يتكسر المنطق
-
الديموقراطية وعلاقتها المتضادة مع رأس المال
-
اليسار والديموقراطية
-
ولدي وإنفجارا دمشق
-
تباً لأحلامي فقد أرهقتني
-
عندما يهرب العقل
-
بعيداً عن الشعارات هذا ما يجري في الشرق الأوسط
-
التدين عبادة صادقة لله أم خوف من المجهول ؟
-
اليسار وغياب القائد التاريخي
-
الخوف من عري الجسد
-
أنسنة الله والقائد التاريخي
-
عفواً توماس فريدمان : السوريون يكتبون تاريخ القرن الواحد وال
...
-
متى ساعة الصفر ليوم القيامة في الشرق الأوسط ؟
-
زوجُكِ هو إبنك زوجتُكَ هي أمُك
-
الإنسان عارياً
-
جاذبية المرأة وجاذبية الأرض
-
ربيع أمريكا السوري وخيارات بشٌار الأسد
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|