|
مشروع البرنامج السياسي للحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - مهام المرحلة الراهنة وآفاق المستقبل
محمود زعرور
الحوار المتمدن-العدد: 1066 - 2005 / 1 / 2 - 10:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
عرض الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي الوثيقة الثالثة للمؤتمر السادس وهي مشروع البرنامج السياسي ، وقد جاء في تقديم اللجنة المركزية للحزب :( يتقدم الحزب الديمقراطي الإجتماعي فيما يلي ببرنامجه إلى الشعب السوري طالبآ الحوار معه وحوله . يحاول هذا البرنامج أن ينطلق من الواقع الراهن فيرسم ملامح التغيير وآلياته ومهامه من جهة ، ويحدد طموحاته في عالم ما بعد إقلاع التغيير من جهة ثانية ) . تبرز هنا ملاحظتان ، الأولى هي الإشارة المتكررة إلى إسم الحزب الجديد المقترح ، وهو : الحزب الديمقراطي الإجتماعي ، وهو اسم تم تقديمه في مشروع النظام الداخلي الذي يشكل مع مشروع الموضوعات ومشروع البرنامج السياسي ، وثائق المؤتمر السادس المقبل . لم تشأ هاتان الوثيقتان ، مشروع النظام الداخلي ومشروع البرنامج السياسي ، أن توضحا أن ( الحزب الديمقراطي الإجتماعي ) هو نفسه الحزب الشيوعي السوري ، وفي الوقت نفسه لم يتم التطرق إلى تجربة ( التجمع الوطني الديمقراطي ) الذي يشكل الحزب الشيوعي السوري أحد أطرافه الأساسيين ، وبدا هذا الأمر غريبآ وغير مفهوم . والملاحظة الثانية هي عناية المشروع في تقسيم ( المهام ) و( الطموحات ) على مرحلتي الوضع الراهن من جهة ، وعالم ما بعد إقلاع التغيير من جهة ثانية . توزع البرنامج على المحاور التالية : 1- حزب متجدد .. وقيم متجددة وجديدة . 2- الإنتقال والتحول .. نحو الديمقراطية والتقدم . 3- سورية اليدمقراطية .. كما نراها . 4- التنمية وحاجات الشعب .. الإقتصاد الوطني . 5- في مجال القضاء والقانون . 6- التربية والتعليم والبحث العلمي . 7- التنمية الإجتماعية . 8- مهامنا العربية . 9- أي عالم نريد . يركز البرنامج على ما هو أساسي من أجل التغيير الديمقراطي في المرحلة الراهنة التي يصفها بأنها تقوم على ضرورة ( إنهاء الإستبداد والإنتقال إلى الديمقراطية ) ويشدد على كونها ذات صفة ( سلمية ومتدرجة ، ومبنية على التوافق ) . ويحدد البرنامج جملة من المهام في هذا المسعى وهي : إنهاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية - إطلاق سراح معتقلي الرأي والسجناء السيلسيين وطي ملف الإعتقال السياسي - إطلاق الحريات العامة - إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب - إنهاء كل أشكال التمييز - ، وغير ذلك من إجراءات ضرورية لبدء المسيرة الديمقراطية . وفي محور / سورية الديمقراطية .. كما نراها / يحسم المشروع أمرآ في غاية من الأهمية ، وهو أمر كثر الكلام فيه ، أعني إحالة الديمقراطية إلى منظومة فكرية كونية لا مناص لنا من تمثلها والأخذ بها إن أردنا عدم البقاء على هامش التاريخ ، يقول هنا محددآ : ( ومهما أثير من جدل حول الديمقراطية والخصوصيات المحلية ، فليس هناك ديمقراطيات مختلفة في الجوهر ومفصلة على قياس كل شعب ، بل ديمقراطية واحدة . إنها النظام الحديث العالمي القيم والأسس ) ، وعلى هذا سيناضل الحزب من أجل ( إعادة بناء الدولة الدستورية - إصدار قانون انتخابات عصري - كفالة مبدأ الحرية - احترام حقوق الإنسان والإلتزام بجميع الشرائع الدولية المرتبطة بها - تكريس حكم القانون وتأكيد سيادته والعمل على تحديث القوانين .. الخ ) . وتتفق هذه الرؤية مع المهام التي يراها المشروع ضرورية على الصعيد العربي ، ومنها ( أهمية تصحيح العلاقة السورية-اللبنانية والتي تبدأ من سحب قواتنا المسلحة من لبنان ، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية ) وكذلك دعم الشعب الفلسطيني ( من أجل تحقيق أهدافه الوطنية ) والتضامن مع الشعب العراقي ( من أجل عراق موحد وديمقراطي ومستقل ) . ومن النقاط اللامعة في مشروع البرنامج ما رآه بأن ( هدر حقوق الأقليات القومية والدينية جعل البلاد عرضة للتمزق والتدخلات الخارجية - العراق ، السودان ) . وهذا التحليل يبين نتائج سياسات الإستبداد والتمييز وما تجره على الأوطان والشعوب ، ويشدد على أهمية تغييرها في إطار دولة المواطنة الحديثة . أما على الصعيد العالمي ، فيركز المشروع على ( تأييد الجهود الدولية لإنهاء نظام الأحادية القطبية ، والعمل على إقامة نظام دولي أكثر توازنآ وعقلانية ) و ( دعم العمل للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ) و (مساندة الجهود العالمية في محاربة الإرهاب ) وكذلك ( اعتماد الحلول السياسية للمشاكل الدولية وإنهاء بؤر التوتر والنزاعات بالوسائل السلمية ) . يتفق مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوري هنا مع طروحات قوى وأحزاب سياسية سورية متعددة تولي قضايا التغيير الديمقراطي أهمية رئيسية في نضالها . لكن ، أشير بسرعة هنا ، أن جماعة الإخوان المسلمين عندما أصدرت برنامجها السياسي مؤخرآ لم تعمل على إكساب خطوتها صفة المصداقية لعدة أسباب ، منها ، أن الإخوان تنكروا لمسؤؤليتهم عن أحداث العنف في سورية في ثمانينيات القرن الماضي ، ونسبوها إلى ( ثلة من الشباب ، لا صلة لها بجماعتنا ) . كان يتوجب على جماعة الإخوان المسلمين ان تنتقد سياسة العنف التي مارستها ، وأن تعتذر للشعب ، وأن تعيد النظر في مسألة المرجعية الإسلامية . لم تقم جماعة الإخوان بهذه الخطوات الثلاث بل أكدت على ( السعي إلى أسلمة القوانين ) ، واعتبار الإسلام ( المصدر الأساس والمرجعية العليا للتشريع ) وأبقت على منهج الجهاد طالما أن هناك أعمال من شأنها ( فتنتهم عن دينهم ) . إن تأكيداتهم هذه تسفه كل أحاديثهم عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وتجعلها فاقدة المعنى ، وتحول مشروعهم إلى نسخة منقحة عن مشروع ( طالبان ) ولا أعتقد أن الشعب السوري يقبل بتجريب المجرب حيث نتائج سياسات ( طالبان ) في افغانستان وإجراءات تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان ماثلة للجميع . وفيما يخص مرحلة ما بعد إقلاع التغيير الديمقراطي في سورية ، يرى مشروع الحزب الشيوعي أن قيام جملة من الإجراءات ستحقق في المجال الإقتصادي التنمية والتقدم ، منها أنه يجب أن ( يرتبط طريق التنمية الحديث في الظروف الحالية باقتصاد السوق ، وبفتح الأبواب للقطاع الخاص والإستثمار الرأسمالي ) . من / 4- التنمية وحاجات الشعب . الإقتصاد الوطني / . أعتقد أن الحزب ، في هذا المشروع ، يحسم خياره ، على نحو عام ، باعتماد اتجاه الاشتراكية الدولية ، وتيارات الوسط الإوربي عمومآ ، رغم أنه يؤكد ( الانحياز الدائم إلى جانب العمال والفلاحين وإلى مصالح الفقراء )، لكنني أعتقد أن الحزب لن يكون قادرآ في مرحلة ما بعد التغيير وضمن هكذا توجهات على الوفاء بالتزاماته . نقطة أخيرة ، أود الإشارة إليها ، وهي تتعلق بالإجراءات التي يجري اتباعها للتحضير للمؤتمر ، فقد سمعنا وقرأنا عن ممارسة ( ترتيبات ) بعيدة عن القواعد التنظيمية والديمقراطية أملا في الالتفاف على ( المقاومة الواسعة في جسم الحزب ) لمشروع الموضوعات / انظر : حزب سوري على أبواب مؤتمره -محمد سيد رصاص - السفير - 22-12-2004 / . أعتقد ، بأن من الإفضل ، عمليآ ، كما قلت في مقال سابق ( تفهم نشوء اختلافات قد يعبر عنها بكتل أو بتيارات سياسية متباينة . إن صورة الحزب السياسي اليوم تعرف هذه الظاهر ، والتمسك بالمبدأ الديمقراطي داخل التنظيم كفيل بمد العمل الحزبي بعوامل تضمن له أداءآ داخليآ يتسم بالدينامية ) . من المهم بذل كل الجهود للخروج بمؤتمر يحافظ على وحدة الحزب وسمعته وماضيه النضالي الذي شكل مع حلفائه في التجمع الوطني الديمقراطي تجربة مهمة ينتظر منها الكثير وخاصة أذا جرى العمل على توسيعه بالانفتاح والحوار مع قوى سياسية قريبة منه ، في الإطار العام ، كحزب العمل الشيوعي مثلآ .
#محمود_زعرور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوم العالمي لحقوق الإنسان-الاعتصام السلمي في سورية وضرورة
...
-
محمود درويش أو المطلق الأزرق متوجآ
-
المشروع الفلسطيني بعد غياب عرفات
-
نظرة في أزمة الثمانينيات في سورية / بدر الدين شنن وكتاب - ال
...
-
أمطار صيفية- قصة
-
الديمقراطية وتفكيك التوحيد
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|