|
ملاحظات حوا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي 2
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 1066 - 2005 / 1 / 2 - 09:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في المحور الثالث الذي جاء تحت عنوان >، يخبرنا الحزب بأنه يناضل من اجل >، وهو بذلك قد حدد موقعه في صفوف القوى الوطنية الديمقراطية، وليس القوى الديمقراطية فقط. هذه الأخيرة يمكن أن تضم طيفاً واسعاً من القوى السياسية، التي لا يرى بعضها الوطن ومصالحه إلا من خلال توثيق العلاقات مع الخارج، بل الاستعداد للعمل في إطار مشاريعه ومخططاته. الشق الثاني من العبارة المقتبسة يستحسن إعادة صياغتها لتصبح:<< ... مؤسس على مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية>>، لأن رهان المساواة عال جدا، وغير واقعي، إلا إذا كان المقصود منه المساواة أمام القانون، وفي هذه الحالة وحيثما وردة كلمة "مساواة" في البرنامج ينبغي تخصيصها، لتشير إلى المساواة أمام القانون. في الفقرة الثانية من هذا المحور يعرض الحزب مفهومه للديمقراطية، ويرى أنها واحدة في الجوهر، <<إنها النظام الحديث>> بقيمه العالمية. ربما من الأصح الحديث عن مبادئ وسمات عامة للديمقراطية، وليس عن جوهرها، هي عينها تلك المبادئ والسمات، التي فرزتها وعممتها الرأسمالية المعاصرة، وقد أتى على ذكر أغلبها( غاب عنها مبدأ التعددية والحق في الاختلاف) النص الذي نناقش. غير أن الشكل الذي تأخذه هذه المبادئ في شروط تاريخية معينة قد يختلف كثيراً. نحن نعتقد أن الديمقراطية ليست معيارية إلا في مبادئها وسماتها العامة، ما عدى ذلك فهو تاريخي بامتياز. بالمناسبة لا يجري الاختلاف، في العادة، حول مبادئ الديمقراطية أو سماتها العامة، بل حول الشكل الذي تأخذه في واقع تاريخي محدد. مثلا ما هو شكل الدولة في الدستور، ما هي الصلاحيات التي يمنحها لكل مستوى فيها، كيف سوف تجري الانتخابات..الخ. في الفقرة الثالثة من هذا المحور يحدد البرنامج طبيعة الدولة التي يريدها الحزب، وهي <<دولة دستورية>>، لكنه لا يشير إلى شكل السلطة، وكان ينبغي حسم هذه المسألة ذات الأهمية البالغة. بمعنى هل سوف يتم اعتماد الشكل الرئاسي أم الشكل الحكومي الذي ننحاز إليه. وعندما ينتقل المشروع إلى الحديث عن الانتخابات(الفقرة الرابعة) فإنه يكتفي بالقول بضرورة << إصدار قانون انتخابات عصري وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة بشكل مباشر وسري لاختيار ممثلي السلطة التشريعية>>، دون أن يشير إلى كيفية تحقيق ذلك. مثلا هل سوف تجرى الانتخابات على أساس سياسي نسبي، باعتماد البلد دائرة واحدة (وهذا ما انحاز إليه) ، أم سوف يتم اعتماد المحافظة، أم نظام الدوائر الانتخابية المنفصلة. هذا الجانب في موضوع الديمقراطية الذي غاب عن مشروع البرنامج السياسي على درجة عالية من الأهمية، لأن عليه يتوقف تسريع انصهار البنية المجتمعية، أو بقائها مفتتة متصارعة. من الأهمية بمكان التفكير بإنشاء مجلس للحكماء (مجلس شيوخ)، بصلاحيات استشارية، يعنى بتشخيص مصلحة الدولة، و يقوم برسم السياسات الاستراتيجية للدولة. ويمكن أن يشارك في عضويتة ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية المرخصة، ونخبة من المفكرين والباحثين، إلى جانب أعضاء الحكومة..الخ. ويمكن أن تتبع لهذا المجلس مراكز أبحاث عديدة لها صلة بالدراسات الاستراتيجية. ولا يقل أهمية عن ذلك العمل على إنشاء مركز متخصص في مجال جمع وتحليل المعطيات ودعم اتخاذ القرار الإداري، وتأمينه ، وتحليل نتائجه، يعمل وفق الأسس الاقتصادية التجارية، وتكون له فروع في المحافظات. الفقرة السادسة يجب إعادة صياغتها بحيث تعكس وجهة نظر الحزب في طبيعة ومهام الجيش في النظام الديمقراطي. يمكن اقتراح الصياغة التالية: إنشاء جيش وطني يعمل في إطار الدستور تنحصر مهامه في الدفاع عن حدود البلاد، و استقلالها الوطني، وفي الحفاظ على الدستور. الفقرة السابعة التي تتحدث عن تحرير الأرض، يبدو لي أن مكانها في غير هذا المحور. الفقرة التي تتحدث عن الإدارة المحلية جيدة، وقد تكون حلا محتملا لخصوصية بعض المحافظات، أو لبعض المشكلات القومية..الخ. الفقرات الأخرى في هذا المحور هي تفصيلات تتكرر في أكثر من موضع في المشروع. في المحور الرابع الذي جاء تحت عنوان<<التنمية وحاجات الشعب. الاقتصاد الوطني>>، يعرض الحزب الديمقراطي الاجتماعي رؤيته الاقتصادية، وهي رؤية مشبعة بالليبرالية، وكان قد قدم لذلك بتوصيف واقع الاقتصاد السورية، والآثار التي تركها على مجمل الحياة الاجتماعية في البلد. وقد ربط المشروع بين التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني، والحريات السياسية والمدنية، وحسنا فعل. ما يؤخذ على مادة هذا المحور، بصورة أساسية، هو طريقة صياغتها، التي غلب عليها الطابع الإنشائي المولع بالتفاصيل. مثلا يمكن اقتراح الصياغة التالية: في المجال الاقتصادي يمر الاقتصاد السوري في ظروف صعبة، فهو لا ينمو، في حين السكان يزدادون بنسب عالية. هذه الوضعية للاقتصاد السوري يتحمل مسؤوليتها الاستبداد ومافياته. لقد أدت السياسات التي اتبعتها السلطة المستبدة على مدى العقود الماضية إلى تخريب الاقتصاد الوطني من جراء النهب الذي تعرض له، وتعميم الإدارة بالفساد في جميع هياكله،ومستوياته. لقد كان من نتيجة ذلك حصول تمايز طبقي حاد، و تدهور خطير في الأوضاع المعيشية للطبقات الشعبية، و تدمير الطبقة الوسطى. يرى الحزب الديمقراطي السوري أن الاقتصاد السوري بحاجة ماسة إلى تحديث هياكله وتغيير توجهه، وإلى تجديد أصوله، وإلى تغيير طريقة إدارته..الخ.ولا يمكن تحقيق ذلك في الظروف الحالية إلا من خلال الانتقال إلى اقتصاد السوق، والمشاركة الفاعلة والنشيطة للقطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار الخارجي، وإنشاء المناطق الحرة، والمبادرة إلى إنشاء تكتلات اقتصادية، أو تفعيل القائم منها مع الدول العربية والإقليمية، والدخول في الشراكة الأوربية وفي منظمة التجارة العالمية. من أجل ذلك سوف يركز الحزب على المهام التالية: 1-مع تأكيدنا على أهمية دور الدولة الاقتصادي في ظروف التخلف، إلا أننا نرى أن يقتصر هذا الدور في المستقبل على رسم السياسات الكلية، وعلى تطوير مشاريع البنية التحتية، والمشاريع الاستراتيجية، والحيوية، والأمنية، وتلك المشاريع التي يحجم القطاع الخاص عن الاستثمار فيها، على أن تتم إدارة القطاع الحكومي وفق مبادئ الفعالية الاقتصادية وقوانين السوق. 2-مع عدم استبعاد الخصخصة، خصوصا لتلك المنشآت الخاسرة، أو لتلك التي ينجح القطاع الخاص فيها أكثر، سوف نعمل على إصلاح القطاع الاقتصادي الحكومي، ويكون ذلك من خلال تحويل ملكية أغلب منشآته إلى ملكية مساهمة، مع ضمان حصة كبيرة للعاملين فيه، وتغيير طريقة إدارته، وتوجهه، بحيث يعمل وفق مبادئ الفعالية الاقتصادية، وشروط السوق. 3- خلق مناخ استثماري ملائم في سورية، والعمل على جذب الاستثمارات السورية، والعربية، والعالمية، في ضوء المصالح الوطنية، وحاجة الاقتصاد الوطني. 4- إعادة النظر في واقع القطاع الزراعي، بما يعظم الاستفادة من الظروف الطبيعية والمناخية، وتأمين عوامل الإنتاج الضرورية، وتشجيع الاستثمار الرأسمالي الكبير والاستثمار التعاوني، واتخاذ إجراءات تشريعية وإدارية للحد من تفتت الحيازات الزراعية.في هذا المجال لا بد من تركيز الاهتمام بصورة خاصة على موضوع المياه، لما لها من دور حيوي في التنمية الزراعية، وفي تحقيق أمن البلد بصورة عامة. 5- الاستفادة من المعطيات التاريخية والطبيعية، لتطوير السياحة بكل أنواعها، السياسة الثقافية، والاستجمامية، والعلاجية..الخ،وتأمين البنية التحتية الضرورية لذلك. 6- القيام بإصلاح مالي، وتطوير المؤسسات الائتمانية الحكومية، والنظر في تحويلها على مؤسسات مساهمة، والسماح بإنشاء مؤسسات ائتمانية خاصة، وإنشاء سوق للأوراق المالية..الخ. 7- العمل على حل مشكلة البطالة، وخصوصا في أوساط الخريجين، وتحسين مستوى الأجور والعمل على ربطه في مرحلة معينة من إقلاع الاقتصاد، بمستوى غلاء المعيشة. يتبع
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات على مشروع البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماع
...
-
حول الإصلاح في سورية: رؤية من الداخل
-
الديمقراطية ذات اللون الواحد
-
هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية
-
القوانين الاستثنائية في سورية
-
نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
-
نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
-
لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
-
سياسة كسب الأعداء
-
المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
-
أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
-
نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
-
أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
-
أنا سوري ما نيالي
-
(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط
...
-
د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف
...
-
د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة
...
-
د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو
...
-
ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
-
ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة
...
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|