أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - راشد الغنوشي و جماعته يتجاوزون الخط الفاصل بين الكفر و الإيمان قصة















المزيد.....


راشد الغنوشي و جماعته يتجاوزون الخط الفاصل بين الكفر و الإيمان قصة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 15:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نائب


دنا النائب الشاب سلمان حمدي من الإمام الضرير، بعد أن سلم عليه، سأله بلطف شديد:
ـــ يا سيدنا الشيخ، هل يمكن لإنسان ما أن يكون في نفس الوقت أصدق الناس و اكذب الناس؟
ــ أوضح يا بني.
انتظر النائب الشاب قليلا ريثما ابتعد شاب كان يعيد بعض المصاحف الى أماكنها، ثم أسرّ بصوت خافت:
ــ رأيت فيما يرى النائم، أنني بين صفين من الناس.. كان أهل الصف الذي على يميني يشيرون الي قائلين "هذا اكذب الناس".و فيما كان أهل الصف الذي على شمالي يشيرون الي قائلين" و هذا اصدق الناس".
فهل يعقل يا مولانا أن يكون إنسان ما اصدق الناس و اكذب الناس في نفس الحين
عدل الإمام الضرير طاقيته ثم هز رأسه مثبتا:
ـــ بلى يا بني، يمكن ذلك!
ازداد النائب ألإخواني دنوا من الشيخ الضرير ثم سأله:
ـــ كيف ذلك؟
ـــ كلمة " الناس" عموم قد يراد به الخصوص. كما قال تعالى" الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" فالناس في هاته الآية أريد بهم كفار قريش. فهي عموم أريد به الخصوص.. فليس كل جنس الناس قد خصّهم هذا الخطاب و ان كانوا من الناس. لأجل ذلك أضاف الحق تعالى كلمة" كافة" الى كلمة ناس لإثبات إرسال محمد لعامة الناس فقال ((انا أرسلناك للناس كافة)).
بسط الإمام يده حتى نال يد النائب سأله مترفقا :
ـــ قل لي يا بني... ما هي و ظيفتك؟
التفت النائب ذات اليمين و ذات الشمال.. إقترب من الشيخ ثم أعلن بصوت خافت:
ــ نائب بالبرلمان !
قهقه الشيخ ثم أعلن بلهجة مرحة:
ــ أقطع ذراعي لو لم تكن مدتك النيابية الأولى.
ــ نعم يا مولانا هي كذلك.
أضاف الشيخ مازحا:
ــ و أقطع ذراعي الأخرى إن لم تكن من جماعة الإخوان المسلمين!
ــ نعم يا مولانا.
أدار الشيخ هامته المعمّمة فيما حطت على وجهه سحابة حزن طارئ:
ـــ ألا تعلم يا أبني أن دخولكم البرلمان لا يعني غير الإعتراف الضمني بالقوانين غير الإسلامية؟
ـــ خفف علينا يا مولانا فالدين يسرّ.
ــ ثم الا تعلم يا بني "أن هذه المشاركة تعني تناقضا مباشرا مع الأمر بالكفر بالطاغوت والتبرؤ منه ومنابذته و مناصبته العداء؟"
ــ حاشا لله ان نفعل ذلك و نحن تلامذة الشهيد حسن البنا.
ودّ الشيخ مواجهة جليسه بالقول بان الشهيد حسن البنا نفسه هو الذي أثنى على الدستور العلماني ثم سمّى الملك العلماني المتفسخ فاروق بالفاروق العظيم لكنه عدل عن ذلك تجنبا لإصطدام مبكر، مكتفيا بالقول:
ـــ كـيف لا تفعلون ذلك "و أنتم تــشاركون الطاغوت مؤسساته التشريعية التي بها قوامه، و تبادلونه واعوانه المودّة؟ ثم كيف والداخل إلى هذه المجالس مطالب بان يقسم على إحترام الدستور العلماني الكافر و احترام القوانين الفرنسية المستوردة و ما يمثله هـــذا من إظهار الرضا وعدم النكران عليهم، و من هدم لهذا المبدأ الأصيل الذي يمثل الشق الثاني من القضية الإيمانية بعد الإيمان بالله وهو توحيد الألوهية؟"
رد النائب الإخواني الشاب مهونا:
ـــ اطمئن يا فضيلة الشيخ من هاته الناحية، فنحن موحدون.. و الحمد لله.
غالب الشيخ رغبة شديدة في القول بان التوحيد الإسلامي ليس ما ذهب إليه من عدم سجود لصنم او ايمان بخالق غير الله، بل هو توحيد مصدر التشريع غير انه أضاف:
ـــ ثم" أن الدخول في هذه اللعبة يوقع في الكثير من المحاذير الشرعية أثناء الدعاية الإنـتخابية من الوعود الكاذبة و التدليس مما يكون له أثره السيئ على الدعوة فضلا عما ترسخه هذه العملية من اعتقاد حق البشر في قبوله الإسلام أو رفضه بالتصويت، و هذا الإتجاه يقتضي خداع الناس بهم بما يمارس من صور التهادن مع المنكرات العقائدية و التشريعية و غيرها مما يخلط المفاهيم الإسلامية لدى الناس بالمفاهيم غير الإسلامية. و يسبّب تغريرا ايضا بالعلمانيين و إقناعهم بشرعيّة ما هم عليه من ضلال، مما يطيل أمد الحــكم العلماني و يؤخّر من سقوطه"
ـــ ...
ـــ ثم ان ما تسمونه باللعبة الإنتخابية من شأنه" ايقاف الوسائل الشرعية في التصدى للحاكم المستبدل للشرائع، او في التصدي للمنكرات. مثل الجهاد والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هي فرائض عينيّة يطالب بها كل المسلمين.
ـــ ...
ـــ كما تقتضي اللعبة الإنتخابية "الإنصياع لما تقرّره الأغلبية مهما كان مناقضا للشرع و عدم معارضته .. كما تقتضي منكم احترام قانون
الأحزاب الذي ينصّ على قيام أي حزب على اساس ديني، أي انه منذ نشأته كحزب مطالب بأن يخلع دينه و عقيدته على ابواب البرلمان!" و قد أضيفت الى هذه البنود، وجوب الإعتراف بدولة اليهود و بكل الإلتزامات الدولية من حفظ حق الرجال و النساء في اللواط و السحاق و كل موبقة ، باعتبارها من حقوق الإنسان المعولم !!...
رد الشاب مقاطعا:
ـــ " ولكن الا تشاركني الرأي يا مولانا، انه اذا طرأت على الإنسان حالة من الخطر او المشقّة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر او أذى بالنفس يصبح في حالة ضرورة تبيح له سلوك السبيل المحرم" كما تصفه أنت؟
ابتسم الشيخ من غباوة النائب الإخواني ثم أجاب:
ـــــ "لقد أوذي النبي و أصحابه و عذّبوا و حوصروا في شعب أبي طالب و حرموا من الطعام و الشراب، و مع ذلك لم يقولوا ضرورة كالتي تقولونها الآن، و لو قالوها و أمسكوا مجرد الإمساك عن سب آلهة قريش و تسفيه أحلامهم، ما تعرّضوا لهذا الإيذاء . ليس هذا فقط، بل أن قريشا قد عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم الملك و الجاه والمال، لا عدّة مقاعد في مجلس الشعب نظير السكوت عن سب آلهتهم. مجرد السكوت دون اعتراف بنظمهم او التزام بدساتيرهم و لكنــه صلى الله عليه و سلم اعــرض عنـــهم ورفض. ولـــو كان عليه السلام من دعاة الضرورة هذه، لقبل و نال من حمايتهم و جاههم و سلطانهم ما كفاه اذاهم و لكنه لم يفعل" ذلك رغم ان قريشا كانت مستقلة عن أي جهة خارجية تسيّرها كما هو شأن حكام المسلمين اليوم. فلو تمكن النبي من تحقيق تلك الأغلبية لكان آمنا من التدخل الأجنبي بخلاف جماعتكم التي لو غيرت بندا واحدا من الدستور الغربي الذي يحكم مصر لتكالب العالم عليكم.
بصبر كبير يليق نائب برلماني كان الشاب ألإخواني يراقب الشيخ بفم نصف مفتوح:
ــ ثم أن للضــــرورة ضوابط منها التيقن او غلبة الظن ،على ان الوقوع في الحرام يزيل الضرر..
ـــــ بمعنى؟
ـــ بمعنى" إن الذي أباح اكل الميتة للمضطرالمشرف على الهلاك، هو تيقن رفع الجوع المؤدي الى الهلاك بأكل الميتة. و مقتضى هذا الأمر من خلال تجربة البرلمانات مع نظم الحكم القائمة و قانون الإنتخابات الموجود الذي يحكم اللعبة والقوى الأجنبية المهيمنة عليها من الخارج، كل ذلك يجعلنا نـــقطع انه من المستحيل ان يـــتم ذلك و بالتالي فانتفاء هذا الضابط يزيل دعوى الضرورة هذه"
ـــ ...
ـــ " الضابط الثاني للضرورة الاّ يكون لدفع الضرر وسيلة أخرى من المباحات الا المخالفة، وفي اطار هذا الضابط نستطيع ان نجزم ان الضرورة هنا غير متوفرة بالمرّة ،فالدعوة موجودة بشقها الجماعي و الفردي و العلني و كذلك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بل و الجهاد ايضا موجود ...و ينبغي للدعاة أن يمارسوا دعوتهم و يتحملوا في سبيلها الأذى كما تحمل النبي صلى الله عليه وسلم ، فليست المشقة و الضرر و الأذى مبررا كافيا لإدعاء الضرورة هنا. فضرورة اقامة الدين مقدّمة على ضرورة حفظ النفس و المال و العرض، و لقد كتب الله على المؤمنين الجهاد مع ما فيه من ضياع للنفس والمال والعرض حماية لضرورة الدين ونشرا له، و لو كانت حماية النفس تقدّم هاهنا و تبيح ترك الواجبات فضلا عن الوقوع في الحرام، لما فرض الله الجهاد، حماية للأنفس ولأموال المسلمين. فكل من أعرض عن مشاقّ هذه الدعوة وآلامها و تضحياتها، بدعوى إتقاء الفتنة، لا شك انه واقع في فتنة اكبر، وهي ترك اقامة الدين. فلا توجد دعوة دون ابتلاء، ولا توجد جنّة دون تضحية، ولا يوجد جهاد الاّ ببذل المال والنفس فالمشقة و الإبتلاء طبيعة هذه الدعوة ،والتضحية و الجهاد هما اساس بنائها، لا يندفعان ولا يتركان تحت أي دعوى من الدعاوي. يقول الشاطبي في "الموافقات": ان المشقة الشرعية لا يجوز دفعها لأنها دفع للتكليف، واستدل بقوله تعالى (( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)) بعد قوله عز وجل((ألم .أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)) . إنّ مجرد رفع شارة الإيمان ابتداء يعني الإبتلاء و الفتنة
ـــ يا فضيلة الشيخ أي داع لإراقة الدماء و تمزيق الوحدة الوطنية ما دام في إمكاننا تجنب كل تلك البلاوي؟
تجاهل الشيخ ملاحظة النائب الإخواني الغرّ، استمر يقول وقد خطرت بباله صورة طريفة لمرشدي الإخوان و هم يثنون صاحب الرسالة عن توخي الخيار العسكري راجين اياه عدم اسالة دماء ذوي قرباه من مشركي قريش:
ـــ " الضابط الثالث للضرورة ألاّ يخالف مبادئ لشريعة الإسلاميــــة الأساسية، فـما خـــالف تـــلك القواعد والمبادئ الأساسية فلا أثر فيه للضرورة، بمعنى ان الضرورة لا ينبغي أن تناقض قواعد الشّرع العامة مثل حفظ حقوق الآخرين، وأداء الأمانة، ودفع الضرر، وتطـبيق ذلـك على مسألتنا هنا، انه ليس من المعقول أن نهدم مبادئ الدين وأصول العقيدة بدعوى السعي لإقامة الدين"
ـــ يا مولانا لنقل أن..
ــ لحظة واحدة يا بني .. دعني اكمل
عدل الشيخ طاقيته ثم أضاف:
ــ ثم "ان المشاركة في التــشريع مـن دون الله و استـبدال الشرائع و الإحتكام لغير ما انزل الله بتحكيم الأغلبية أصلحت ام فسدت، و تعطيل وسائل التغـــيير الشرعيـــة كالحسبة والجهاد الى غير ذلك من الأمور التي تعدّ هدما للدين، كل ذلك يعتبر في شرع الله مخالفة لمبادئ الشريعة العامّة"... تفضل يا ابني المجال مفتوح أمامك.
ــ يا مولانا لنقل ان حكامنا مشركين، ألا يمكن قياس دخول البرلمان على الجوار الذي كان سائدا كنظام اجتماعي في العصر النبوي؟
هم الشيخ بايقاف هراء النائب الإخوانيّ الشاب بيد أنه افسح له المجال للسؤال:
ـــ ألم يدخل النبي في جوار مطعم بن عدي و هو كافر؟ الم يدخل الصديق في جوار ابن الدغنة و هو كافر ؟ ثم ألم يهاجر الصحابة بأمر النبي إلى الحبشة في حماية النجاشي الكافر؟ ألا يبين ذلك جواز دخول المسلمين في النظم الجاهلية لحماية الدعوة و حفاظا على ابنائها؟
أجاب الشيخ وقد راعه جهل النائب الإخواني الشاب:
ـــ " أما عن اجارة المشركين للمسلمين فهي بداهة حماية لا تتطلب تنازلا عن شيء من الدين، ولا تضييعا لمبادئه. ولقد كان أدنى تنازل يطلب من الصحابة رضوان الله عنهم في دينهم يجعلهم يسارعون بـرّد هذا الجوار و الإستغناء عن تلك الحماية"
ـــ ...
ـــ "ألم يرفض النبي بحزم طلب عمّه أن يكفّ عن سب آلهة المشركين، فقد وطّن نفسه عليه السلام اذ ذاك للخروج من حماية عمه وأبى أن يسكت عن شيء ممّا كان يجب عليه بيانه وإيضاحه ؟"
ـــ ...
ـــ" ألم يردّ ابو بكر رضي الله عنه اجارة ابن الدغنة لأنه طلب منه ألا يرفع صوته بتلاوة القرآن حتى لا يفتن النساء و الصبية و غيرهم؟ فكيف يقاس دخول البرلمانات التشريعية، والقسم على احترام الدستور، والمشاركة في صياغة الدستور،وغير هذا،كيف يقاس هذا على الجـوار؟!"
حين عجز النائب ألإخواني الشاب عن أي جواب أضاف الشيخ شارحا:
ـــ يا ابني "إن الدخول في حماية المشركين لمّا اجازه الشارع شرطه بعدم التنازل عن أي جزئية من الدين"
ثم مكملا:
ـــ" فاستخدام الجوار كدليل على صحّة دخول المجالس النيابيّة غير صحيح، و لا يصحّ القياس عليه فهذا قياس مع الفارق عند من يعرفون الأصول" .
قاطعه النائب الإخواني الشاب معارضا:
ـــ ولكن الا يباح يا مولاي للمسلم" أن ينطق بكلمة الكفر لتحقيق مصلحة شرعية كما أجاز صلى الله عليه وسلم لنعيم بن مسعود ليخذل المشركين عن رسول الله في غزوة الخندق و لمحمد بن مسلمة لقتل اليهودي كعب بن الأشرف؟"
ــ ...؟!
ــ " و نحن قياسا على ذلك نستبيح دخول هذه المجالس لتحقيق مصالح شرعية مثل حماية الدعاة من المطاردة و السجن عن طريـق الحصانة البرلمانية و استغلال الدعاية الإنتخابية في توسيع دائرة الدعوة و تعريف الناس بـــالدين و كذلك الصدع بكلمة الحق في البرلمان، وكلها كما ترونــه
مصالح شرعية متمّمة ؟!"
ـــ اسمع يا ابني" لا يصحّ هذا الكلام من وجوه، أوّلا إن واقعة نعيم بن مسعود رضي الله عنه لا يصلح للقياس عليها فقد كان رضي الله عنه يحقق مصلحة حقيقية لأمر النبي و لموافقة فعله رضي الله عنه لمقاصد الشرع الحكيم. اما الإخوان فيتحركون لتحقيق مصلحة شهد الشارع بعــدم جنسها و ذلك بنهيه عن موالاة أعداء الله ".
ـــ و لكن..
ـــ دعني أكمل يا بني .. "و مع هذ ا فلو قلنا ان هناك مصلحة معتبرة في هذا الأمر في الحفاظ على الدعاة بالحصانة البرلمانية و السماح لهم بحرية الحركة فان مصلحة حمايــة الدين أن يلتبس على الناس و يدخل فيه ما ليس منه بل ما يضادّه، لهي مصلحة لا شك أرجح من تلك المصلحة المرجوة و ذلك طبقا لقواعد الترجيح المعتبرة في الشرع بين المصالح و نذكر منها أولا : لا يجوز ترجيح مصلحة موهومة على مصلحة ظنية "
ـــ معنى ذلك ؟
ـــ معنى ذلك " أن مصلحة حماية المسلمين أن يلتبس عليهم دينهم او يدخل فيه ما ليس منه برفض طريق البرلمانات هي مصلحة راجحة بينما مصلحة حماية الدعوة لتحقيق انتشار أكبــر للدعوة مصلـحة موهومة فتلك الحصانة التي تدعونها قد ثبت بالقطع انها لا تغني شيئا حيث يمكن لأغلبية المجلس ان ترفع هذه الحصانة متى شاءت بل و يمكن تحقيق هذا الرفع برئيس المجلس في حالة عدم الإنعقاد و بمفرده و دون الحاجة للرجوع حتى الى الأغلـبية، و بالتالي تصبح مصلحة حماية الدعاة و الدعوة مصلحة موهومة لا قيمة لها.
ـــ و لكنك لم تجبني عن محمد بن مسلمة الذي تظاهر بالكفر لتحقيق مصلحة
ـــ ان محمد بن مسلمة كان في نطقه الكفر انما ينحصر أثر فعله في نفسه بينما يتعدّى أثر دعوتكم الناس لإنتخاب داخليّ البرلمان، الى حمل كل المسلمين على الكفر!
ـــ ...
ــــ ثم ان محمد بن مسلمة في نطقه الكفر لم يكن مثلكم ينسب فعله للإسلام الذي اصبح في نظركم وكالة بلا بواب.
ـــ نحن نسعى بدخولنا البرلمان الي نصرة الحق و الدين
ثم مستطردا:
ــ ثم انني لا أشكّ ان فضيلتكم على اطلاع بما قال بن تيمية حين سئل عن رجل صالح له عمل اداري ينفع المسلمين و يجنبهم بعض المظالم هل يجوز له العمل عند السلطان الظالم وقد اجاب بجواز ذلك.
أجاب الشيخ معارضا بحدة و قد هالته قدرة النائب الإخواني الشاب على الجدل بالباطل:
ـــ الفرق واضح بين الموقفين
و بلهجة ابوية هادئة:
ـــ فصاحب ابن تيمية" رجل يعمل في دولة الأصل فيها الحكم بما انزل الله، و واضح ايضا ان عمله ليس فيه تشريع مع الله، أما الحالة ههنا فهي المشاركة في مجلس يجعل من نفسه ندّا او الها مع الله "، و الفرق بين الحالتين كالفرق بين العسل و القيح، أو بين بيل كلينتن و السيد المسيح!
صاح النائب الإخواني الشاب كمن عثر على خبيئة:
ـــ إذن فنحن نقتدي بدخول البرلمان بعمل يوسف عليه السلام عند ملك مصر!
(ردّد الشيخ في سرّه :ها هو يقارن لي الملائـكة بمايكل جاكسن!، قبل أن تمرّ على شفتيه ظل ابتسامة حين تخيّل سجود النواب الإخوان لرئيس البرلمان المصري قبل و بعد كل جلسة، عملا بشريعة النبي يوسف التي تبيح السجود للبشر !!)
ــ يا بني نحن لم نكلف بالعمل بشرائع من كان قبلنا، هذا من جهة، و من جهة أخرى فان عمل سيدنا يوسف كان عملا انسانيا يقتضي علما و أمانة إقتضتهما مواجهة مجاعة ..أي كارثة طبيعية، كما كانت لسيدنا يوسف صلاحية الحكم بشريعته الموسوية دون شريعة ملك مصر.
ـــ...
ـــ فحين أراد يوسف عليه السلام إستبقاء شقيقة بنيامين إلى جانبه في مصر ، خبّأ أعوان يوسف صواع الملك في أمتعة أخيه الشخصية. ثم سألوا إخوة يوسف جميعا، في حركة تلقينية أرادوا بها تذكيرهم بوجوب تحكيم شريعة الله ( فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ؟ )) و إلاّ فما مناسبة ذلك السؤال يا بني؟ و أيّ كرامة لجماعة متسوّلة متهمة بالسرقة، و غريبة عن البلاد كاخوة يوسف، حتى تخيّر" حضراتها " بين أيّ قانونين تحاكم به لسرقة إتهمت بإرتكابها أثناء وقوفها الذليل لتلقّى إغاثة إنسانية عاجلة أقانونهم السماوي، أم قانون ملك البلاد ؟!
ـــ ...
ـــ فأجاب إخوة يوسف(( جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين)) أي هكذا نجزي أصحاب الجرائم في شريعتنا السماوية، حيث يصير السارق عبدا للمسروق منه، ثم يعقّب تعالى بقوله(( كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ))
ـــ ....
ـــ فلو حكّم يوسف شريعة ملك مصر ما تمكّن من أخذ أخيه، إنما كان السارق يعاقب على سرقته دون أن يسترقّ أخاه بتحكيم شريعته و شريعة إخوته ، لكن الإخوان ابعد من أن يفكروا بتحكيم شريعة الله في مسلمي مصر كما فعل يوسف، كما ان حكامنا أعظم حرصا على إرضاء قادة الغرب،من التسليم لكم بمعشــار ذلك .
نظر النائب ألإخواني الشاب الي ساعته الأنيقة ثم قال للشيخ متبرما:
ــ هذا موضوع يطول الكلام فيه .
اضاف النائب الشاب و هو يستقيم ناهضا:
ــ و على العموم فلكل وجهة نظر في المسألة.
( ها هو المروق من الدين يصبح مجرد وجهة النظر) هكذا فكر الشيخ قبل ان يعاجله النائب الإخواني"
ــ لكنك لم تكمل لي تفسير الحلم الذي حدثتك عنه.
تنحنح الشيخ طويلا ثم قال:
ـــ الناس في قولهم لك أنت أصدق الناس. هم أعضاء مجلس النواب.
ـــ ...!!!
ـــ لأنك اصدق الناس حين تكون بينهم بحكم قصر تجربتك و صغر سنك.
ـــ ...!!!
ـــ كما أنك تعدّ .. لا مؤاخذة ... اكذب الناس حين تختلط بعامة الناس لأنك ستكون حينها أكثرهم كذبا!
ـــ ...
ــــ فالمسألة نسبية فيما يبدو لي
قال النائب ألإخواني الشاب معارضا:
ـــ لكنني لم اكذب قط .
سأله الشيخ وهو يدقق فيه النظر:
ـــ هل يمكن لشخص يزعم ان في إمكانه الوصول الى القمر عبر المسالك البريّة، أن يكون صادقا في دعواه؟
ـــ أبدا.
ـــ كذلك شأن من ادعى الإسلام مثلكم وهو ينقضه بالكلية
ــــ ...؟؟
ـــ زاعما خدمة الديانة المحمدية عبر البرلمانات العلمانية!

أوسلو 7 أوت 2010



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظومة السنيّة في ثاني أقبح تجلّياتها الكارثيّة.
- راشد الغنوشي و رحلة التّيه قصة بالمناسبة
- تذمّر قصة قصيرة
- غلمة ! قصة قصيرة
- تطيٍّر قصة قصيرة
- من مظاهر الإستهانة بانسان عالمنا العربيّ قصة بالمناسبة
- خروج قصة
- راشد الغنّوشي و الشيطان، حدث ذات مرّة
- يا متخلف يا حمار كن من أهل اليسار!
- حركة النهضة تحتفل قريبا بأربعينيّة غنّوشي.
- لوبي قصة قصيرة
- من صور التديّن السلفيّ السّخيف قصة
- خالد مشعل يتاجر بكرامة الفلسطينيين
- عبور قصة قصيرة
- إلحاد ادونيس أنفع من -إيمان- مفتي سورية
- موت قصة قصيرة
- رأي جدّي في نوبل 2011 للسّلام! قصّة بالمناسبة .
- من سخافات الغنوشي و القرضاوي قصة بالمناسبة
- يساريو تونس: اغتراب بلا حدود عن الثقافة المحلية قصة طريفة ب ...
- عنصر المفاجأة في الثورات العربية قصة بالمناسبة


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - راشد الغنوشي و جماعته يتجاوزون الخط الفاصل بين الكفر و الإيمان قصة