أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كايد أبوالطيف - دراسة حالة: خيمة التطوع الجماهيري (1)















المزيد.....


دراسة حالة: خيمة التطوع الجماهيري (1)


كايد أبوالطيف

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 00:18
المحور: المجتمع المدني
    


الإطار النظري للمشروع
لم يخرج مشروع "مركز التطوع الجماهيري" في النقب إلى النور من فراغ فكري أو نظري بل تبلور وتشكل في إطار جدل ونقاش أنتجا فكرة حاولت الإجابة على السؤال الاجتماعي الأهم؛ كيف يمكن للمجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل أن يقود عملية التغيير داخله وأن يبني ذاته بقواه الذاتية.
يمكن قياس مدى قوة وصلابة وتماسك مجتمع معين من خلال فحص ومراجعة مؤشرات اجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة. أحد هذه المؤشرات، والذي يعكس غالبًا مدى قوة المجتمع وتطوره على مختلف الأصعدة، هو مؤشر التطوع، أو بمعنى أدق التطوع المجتمعي أو التطوع من أجل خدمة المجتمع. تمكن دراسة وتحليل هذا المؤشر على المستوى الكمّيّ؛ بمعنى السؤال عن عدد ساعات التطوع الإجمالية في المجتمع، قيمة العمل التطوعي اقتصاديًّا، معدل أعمار المتطوعين والمزيد. ويمكن التطرق إلى تعامل مجتمع معين مع موضوع التطوع كقيمة اجتماعية أو دينية والسؤال عن نظرة المجتمع عامة إلى العمل التطوعي وإلى الفرد المتطوع. ومن نافل القول إن لطبيعة نظرة المجتمع إلى التطوع كقيمة وكنشاط تأثيرًا مباشرًا ومصيريًّا على حجم واتساع العمل التطوعي من الناحية الكمية.
عند التعامل مع مبدأ التطوع بتعريفه الواسع، أي تعريفه كنشاط إيجابي يقوم به الفرد لخدمة قريبه دون توقع أي مردود مادي، نجد أن قيمة التطوع، كقيمة دينية وكموروث ثقافي، كانت ومازالت حاضرة في المجتمع العربي عامة وفي المجتمع الفلسطيني في البلاد خاصة (أنظر الفصل الأول). فالبنية الاجتماعية للعائلة العربية والعلاقة التكافلية بين أبناء العائلة/ الحمولة/ العشيرة الواحدة أو الحي الواحد تكفل استمرارية هذا النوع من التطوع. أما إذا كان الحديث عن العمل التطوعي بتعريفه الأوسع، أي بذل نشاط بنّاء لخدمة المجتمع ككل، خارج حدود العائلة أو العشيرة أو الحي، أي العمل دون مقابل لخدمة أفراد أو جماعات لا يعرفهم المتطوع ولا تربطه بهم أي صلة سوى الانتماء إلى نفس الإطار الاجتماعي العام، فنلاحظ عندها أن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل يفتقد الأطر والمؤسسات التي تعنى بمأسسة ومهننة قيمة التطوع في المجتمع. ليس الأمر بمصادفة، وليس لأن أبناء هذا المجتمع يكرهون الخير لمن لا يعرفون في مجتمعهم، بل يعود ذلك للعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت وأثّرت وما زالت تؤثر على المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل منذ عام 1948. يمكن القول إن أحد أهم هذه العوامل هو غياب أطر التطوع المجتمعي المناسبة. لقد خلقت الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مر بها المجتمع الفلسطيني في إسرائيل شخصية تُسمى في علم النفس وعلم الاجتماع بـ"شخصية المهزوم". تنتشر هذه الشخصية/النمط عند كل أقلية قومية أو عرقية أو جندرية خضعت للقمع والاستضعاف والكبت. في السياق العربي الفلسطيني في إسرئيل وُلدت شخصية المهزوم مع وقوع النكبة و"تطورت" وتبلورت بمرور السنين وبواقع الأحداث والمجريات السياسية القامعة إلى أن أصبحت شخصية "بالغة" و"متبلورة" تذوّت الانهزام وتورّثه، وتنظر إلى كل شيء بمنظور الربح والخسارة الماديين وتسعى لضمان بقائها ومصالحها فيصبح كل من يهدد هذه المصالح، ولو تهديدًا ظاهريًّا، عدوًّا لدودًا، ويصبح أفراد مجتمعها بالنسبة لها أعداء متربصين يجب أخذ الحذر والحيطة منهم، بدل أن تتعامل معهم ومع مجتمعها بروح الإخاء والمصلحة المشتركة والمصير الواحد. عندما يُطلب من شخص ذوّت شخصية المهزوم أن يتطوع من أجل خدمة مجتمعه سيجيب في الغالب: "وهل تراني مُغفلاً؟!".
تقف مقابل "شخصية المهزوم" شخصية "صاحب الحق" وتكون معظم صفات الشخصية الأخيرة عكس صفات الشخصية الأولى. تنطلق شخصية صاحب الحق من واقع القهر والتمييز والإجحاف وتؤمن أن لها الحق في تحمل المسؤولية لنيل حقوقها المهضومة والحق في تحمل المسؤولية عن نفسها والمشاركة في أي عملية تغيير تؤثر عليها وفيها. شخصية صاحب الحق واعية لوضعها ولمكانتها، واعية لحقوقها، واعية لكيفية ممارسة تلك الحقوق وواعية للدور الذي يجب أن تلعبه لممارسة وتحقيق هذه الحقوق. شخصية صاحب الحق لا تنتظر أن "يتكرم" عليها أحد بما هو مفروغ منه، ولا تكتفي بالمطالبة الكلامية الهتافية لتحصيل هذه الحقوق بل تعمل لتكون شريكة مندمجة في عملية تحصيلها، تحسينها وممارستها.
لبناء شخصية صاحب الحق والتحرر من شخصية المهزوم فإننا نحتاج إلى سيرورة طويلة الأمد، مركبة وحساسة، وإلى آليات عمل اجتماعية وسياسية مناسبة لصنع هذا التحول. التطوع المجتمعي كقيمة هو أحد أهم هذه الآليات. فقيمة التطوع تحمل في طياتها الشعور بالانتماء، بالمسؤولية، بحب الغير، العطاء والمزيد المزيد. هي قيمة قد تشكل، في حال تم تبنيها كآلية للبناء الذاتي، رافعة لتحويل المجتمع والسير به قُدُمًا نحو واقع حياة أفضل. ولأن الحديث هنا لا يدور حول تغيير الواقع بالمعنى المادي/الشكلي إنما عن تغيير داخل ذوات الأفراد، تغيير يطال بديهيات الوعي المُتعلق بعلاقة الفرد مع مجتمعه ومحيطه، فقد جاء اختيار قيمة التطوع بما تحمله من إسقاطات لتُستخدم كوكيل تغيير داخل الفرد المتطوع والفرد المستفيد. فالأول سيكتشف عبر عمله التطوعي فوائد التطوع وتأثيره الايجابي في نفسيته فيعيد اكتشاف علاقته الحقيقية والأصلية بمجتمعه ومحيطه الواسع، والثاني سينكشف على قيمة التطوع فيتعرف عليها، يختبرها وعلى الأغلب سيتبناها. سيشعر المتطوع بمعنى الانتماء لمجتمعه الأوسع ومعنى العمل من أجل تقدمه ورفعته. هذا الانتماء سيعزز فيه احترامه للحيز العام وسيذوّت فيه الشعور بالملكية العامة فيحافظ عليها ويسعى لتطويره. في نهاية المطاف سيصل الفرد إلى قناعة أن عليه تحمل مسؤولية نفسه ومجتمعه والمشاركة في ممارسة حق قيادة الذات.
تتألف سيرورة التغيير المذكورة من أربع مراحل تميز أي عملية تغيير حقيقي في وعي الفرد الذاتي. المرحلة الأولى هي مرحلة المعرفة والتعلم. إنها مرحلة اكتشاف قيم ومعارف ومعلومات جديدة ومجددة تغني وتوسع آفاق معرفة الفرد بما هو جديد. بعد التعلم والمعرفة تبدأ تلقائيًّا مرحلة التأمل والإسقاط على الذات. قد تكون هذه المرحلة من أصعب مراحل التغيير وأشدها تعقيدًا فهي تتطلب جهدًا عقليًّا ونفسيًّا من طرف الفرد ليقتنع بأن بعض جوانب حياته التي كان يظنها على أحسن ما يكون أو التي كانت شبه مُسلّمات تحتاج إلى إعادة نظر وتقييم في أحسن الأحوال، وإلى حذف وتبديل في أسوأها. بعد مرحلتي التعلم/المعرفة والتأمل/الإسقاط تبدأ المرحلة الثالثة ألا وهي مرحلة اكتساب وتطوير مهارات العمل. فإذا تعلم الفرد وعرف أن هناك مجالاً للتغيير وأن حالته ووضعه بحاجة إلى هذا التغيير عليه الآن أن يكتسب مهارات العمل المطلوبة لإحداث هذا التغيير. في هذه المرحلة تترجم المعرفة إلى مهارات وآليات عمل يكتسبها المرء لينتقل إلى المرحلة الرابعة؛ مرحلة التنفيذ والعمل في الحقل من أجل تحسين حالته، نيل حقوقه وممارستها.
مركز التطوع الجماهيري:
انبثقت مبادرة "مركز التطوع الجماهيري" في النقب عام 2003 عن مركز "أجيك"- المركز العربي اليهودي للمساواة والتمكين والتعاون الذي تأسس عام 2000 "ليجيب على الحاجة الماسة التي أفرزها واقع التعامل والعلاقة بين الأغلبية اليهودية في البلاد وبين الأقلية العربية". إن رؤية مركز التطوع هي " أن يصبح الشباب العربي الفلسطيني في إسرائيل قادرًا على التعامل مع العالم المتغير من خلال ممارسة المسؤولية المجتمعية، المواطنة الفعالة والانتماء لمجموعة وطن".
استنادًا إلى هذه الرؤية حُددت الأهداف العملية للمبادرة على النحو التالي:
"تطوير المجتمع المدني العربي عبر تنمية، تطوير وتعزيز قيم التطوع، المسؤولية المجتمعية والمواطنة الفاعلة في المجتمع العربي في النقب وترجمتها على أرض الواقع من خلال إقامة مركز متطوعين وبناء شبكة تطوعية شاملة في المدن والقرى العربية في النقب."
ومن هنا فقد ارتكز عمل مركز التطوع على قيم التكافل الاجتماعي، حق الإنسان وكرامته، المساواة والعدالة الاجتماعية، المسؤولية الجماعية، وعلى المواثيق الحقوقية المختلفة (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الأقليات والمزيد).
كما ويتبنى مركز التطوع نهج العمل الشمولي التكاملي بحيث يتعامل مع العلاقة التفاعلية بين الأفراد، العائلة والمجتمع ويدمج ذلك مع سيرورات التغيير الجارية على المستويات المختلفة ومع شرائح المجتمع عامة.
يستند هذا النهج أيضا على مفهوم العمل التراكمي بحيث يتم التحرك قُدُمًا بناءً على الإنجازات والخبرات السابقة، وهو النهج الذي يكفل سيرورة التطور الحقيقي والفعال.
كما ويؤمن المركز بضرورة تعزيز التفكير النقدي البناء لدى أعضائه وإثارة النقاش حتى في البديهيات والمُسلّمات الأكثر حساسية. كما ويحث على التعلم النشيط الفعال الذي يُمكن من مراجعة مواقف، مُعتقدات وأراء مُسبقة عديدة، وبالتالي التغير على مستوى الذات وعلى مستوى المجتمع.
لقد آمن القائمون على المشروع أن تطوير شبكة تطوعية واسعة وفاعلة في إطار المجموعات الرئيسية داخل المجتمع العربي في النقب، وخاصة وسط مجموعات الشباب، يمكن أن يشكل أداة رئيسية لتحقيق أهداف البرنامج. بناء على ذلك تبلور مركز التطوع الجماهيري للبدء بهذه العملية.
تقرر أن يقوم مركز التطوع الجماهيري بتطوير الحس التطوعي عبر تفعيل المتطوعين بشكل مباشر، تأهيل وإرشاد المتطوعين ومُركّزي التطوع في المؤسسات المختلفة العاملة في المجتمع العربي في النقب، مساندة المتطوعين الأفراد الراغبين في تأسيس مشاريع لخدمة محيطهم، جعل المركز حيزًا لتحضير البرامج عمليًّا وتوفير الأدوات اللازمة لتحقيقها، عقد ورشات عمل وإرشاد بين المُركّزين والمستشارين والمتطوعين، وأخيرًا توفير المعلومات والتوجيه الأولي للأولاد والعائلات بكل ما يتعلق بمواضيع التربية والحقوق التربوية والتعليمية.
إيمانًا من القائمين على المشروع بضرورة شمل أكبر شريحة ممكنة من المتطوعين أبناء المجتمع العربي البدوي في العمل التطوعي الذي سيقوم المركز بتطويره، تقرر أن يشمل جمهور المتطوعين كلاًّ من الطلاب ألأكاديميين بجميع مستويات تعليمهم، الشباب والشابات فوق سن 18 غير المنخرطين في أطر تعليمية أو مهنية، الشبيبة في صفوف العاشر والحادي عشر، البالغين المثقفين وأصحاب المهن الحرة، أهالي الأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة، متطوعين كبار السن، ومتطوعين من أصحاب المبادرة الاجتماعية والحس التطوعي المتفتح.
أما بالنسبة لجمهور المستفيدين من الأعمال التطوعية فقد تم تقسيمه إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى تشمل الأطفال والشبيبة طلاب المدارس الابتدائية في القرى غير المعترف بها في النقب، طلاب المدارس القاطنين في أحياء ضائقة في البلدات البدوية، الأطفال والشبيبة المُعرضين أكثر من غيرهم للمخاطر الاجتماعية المُختلفة والذين يتميزون بنسبة تسرب دراسية عالية، تحصيل علمي منخفض، والبنات في سن 11-14 غير المُنخرطات في أي إطار تعليمي. الفئة الثانية هي فئة الأولاد وعائلاتهم وتشمل الأهل والأولاد الذين يتوجهون إلى مركز التطوع للحصول على المعلومات المختلفة المتعلقة بقضايا التعليم، الأمهات والبنات اللواتي يواجهن صعوبات في التواصل على المستوى الشخصي، والأمهات ذوات مستويات تعليم منخفضة. الفئة الثالثة من المستفيدين تشمل المتطوعين أنفسهم. فالمكاسب التي يوفرها لهم العمل التطوعي هي مكاسب جمة سنأتي على ذكرها لاحقًا.
من هم المتطوعون
يضم مركز التطوع الجماهيري خمس مجموعات مختلفة من المتطوعين. تختلف كل مجموعة متطوعين عن المجموعة الأخرى بتميز المتطوعين الناشطين فيها من حيث معدل أعمارهم، مدة التأهيل التي يخضعون لها، حجم ساعات التطوع، أطر الاستقطاب وأطر المستفيدين.
مجموعة المتطوعين الأولى هي مجموعة "طلاب منحة أكاديميون". تضم هذه المجموعة ما يقارب الـ 220 طالبًا متطوعًا يتم أستقطابهم من جامعة بئر السبع ومن الكليات الأكاديمية المختلفة (سبير, أحفا, التكنولوجية سامي شمعون, كلية أعداد المعلمين "كاي") المنتشرة في جنوب البلاد. تبدأ عملية أستقطاب المتطوعين في إطار هذه المجموعة في مطلع العام الدراسي ألأكاديمي. وبعد مرور كافة المعنيين بالتطوع بعمليتي تقييم وفرز تشملان فحص مقدرة الطالب الشخصية على التطوع ومدى التزامه بقيمة التطوع وخدمة المجتمع ومدى ملاءمته لأطر التطوع المتوفرة.
يحصل الطلاب المشاركون في مجموعة "طلاب منحة جامعيون" على منحة دراسية من قبل الجامعه او الكليه للمساهمة في تغطية القسط الدراسي السنوي. يشترك في تمويل هذه المنحة مؤسسات مختلفة تشمل الكليات نفسها، صناديق منح مختلفة وجهاتداعمة أخرى.
المجموعة الثانية، مجموعة "سَنَة من أجل المجتمع" و "مجموعات الطليعه المحليه والقطريه"هي مجموعة متطوعين تضم حصريًّا خريجي صفوف الثواني عشر الذين ينوون مواصلة تعليمهم الأكاديمي في المستقبل القريب. تستمر مدة التطوع في إطار المجموعة لمدة سنة كاملة يتطوع فيها الطلاب خمسة أيام في الأسبوع في برامج تطوعية مختلفة.
مجموعة التطوع الثالثة هي مجموعة "قادة التغيير". تضم هذه المجموعة طلابًا من صفوف العواشر في المدارس العربية في النقب. تختار كل مدرسة 20 طالبًا بشرط أن يكون هؤلاء الطلاب متفوقين دراسيًّا، ومتمتعين بروح الخير والعطاء. يشارك أعضاء المجموعة في لقاءات تأهيل تستمر لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر. بعد انتهاء مرحلة التأهيل يبدأ عمل أعضاء المجموعة التطوعية في مدارسهم. يشمل العمل التطوعي في المدارس نشاطات منهجية وأخرى لا-منهجية. تشمل النشاطات المنهجية حصص تقوية يقدمها أعضاء المجموعة لطلاب يعانون من صعوبات تعليمية في صفوف السوادس والسوابع. أما النشاطات اللا-منهجية فتشمل دروسًا وورشات عمل في مواضيع غير دراسية مثل موضوع الهوية، الحقوق، المجتمع العربي في النقب وما شابه ذلك. بالطبع يُلاءَم شكل الحصة ومضمونها بحيث تكون مناسبة لسن تلاميذ المرحلة الابتدائية المتقدمة وتعقد معظم هذه الفعاليات بمرافقة مرشد بالغ للمتطوعين. يستحق المتطوعون في هذه المجموعة مقابل عملهم التطوعي على وحدة بجروت واحدة في موضوع الالتزام الذاتي.
مجموعة التطوع الأخيرة هي مجموعة "متطوعون بالغون". تضم هذه المجموعة ما يقارب 200 متطوع. يعمل معظم "المتطوعين البالغين" في مهن حرة (محامين، مهندسين، عاملين اجتماعيين، أخصائيين نفسيين) ويؤمن جميعهم بأهمية قيمة التطوع وتأثيرها على الفرد والمجتمع. يتمحور عمل هؤلاء المتطوعين في تقديم محاضرات ولقاءات إرشاد لمجموعات شبيبة في إطار برامج مركز التطوع الجماهيري.
العمل التطوعي ليس حكرا على مجموعه دون غيرها وانما منظومه شامله ترى في التطوع والعطاء مسووليه كل افراد المجتمع نحو مجتمعهم ولذلك نرى ان خيمة التطوع الجماهيري تتعامل مع التطوع كمسوولية مجتمع باكمله
كيف تتبلور سيرورة التأهيل وبناء الذات؟
تمتد مرحلة التأهيل لمجموعة الطلاب الجامعيين على مدار 56 ساعة تعليمية وتنقسم إلى قسمين. في القسم الأول تكون عملية التأهيل عامة وتضم كل المتطوعين المشاركين. أما القسم الثاني فيكون بمجموعات متخصصة وفق المشروع المُحدد الذي ينوي المتطوع الانخراط فيه. في القسم الأول يشارك المتطوع في ورشات عمل؛ مثلاً ورشة عمل حول بناء الذات، الهوية ومقومات العمل الجماهيري؛ ورشة عن المجتمع العربي الفلسطيني عامة وفي النقب خاصة، التحديات التي يمر بها المجتمع، التطوع في المجتمع العربي، أهمية وخصوصية التطوع كرافعة تغيير اجتماعي. كما ويتعرف المشارك على التحديات والمضامين المهنية في مجال العمل التطوعي وعلى مميزات وخصوصيات الشبيبة داخل المجتمع العربي البدوي، تنمية الطفل، في العالم، وضع التعليم الرسمي وغير الرسمي في النقب وعلى القيادات المحلية في النقب ومواضيع أخرى ذات علاقة. في القسم الثاني في عملية التأهيل يتوزع المتطوعون على عدة مجموعات متخصصة ويتم تأهيلهم وفق البرنامج الذي سيتطوعون في إطاره لاحقًا. على سبيل المثال، يحصل المتطوعون المنويّ دمجهم في مشاريع الاتصال غير العنيف وتطوير وتعزيز الذات للفتيات تحت خطر التسرب والضائقة على تأهيل يشمل دراسة مواضيع مثل تجنيد مشاركين وملاءمة توقعات، إقامة ورعاية مجموعات، مهارات تعلم، مهارات تجسير، بناء منظومات تعاون بين الطلاب، مهارات تصميم فعاليات اجتماعية والمزيد. المتطوعون المنويّ إدراجهم في مشاريع القيادة وتليين الحواجز القبلية يحصلون على تأهيل يتضمن مواضيع مثل تعزيز الصورة الذاتية عند الشبيبة، تصميم فعاليات وملاءمتها للمجموعة، تليين الحواجز القبلية وتطوير الحس القيادي عند الأفراد وتوسيع دائرة الانتماء والمسؤولية إلى ما هو أوسع من القبلية. أما المتطوعون الذين ينوون الاشتراك في مشروع تمكين الشابات في ضائقة ومشروع حوار الأمهات-البنات فيحصلون على التأهيل والإرشاد في مواضيع مثل الاتصال الشخصي والاتصال داخل مجموعة، مميزات جيل المراهقة عند المراهقات البدويات، إشكاليات الهوة الثقافية بين الأجيال، جسم المرأة، التحضير للحياة العائلية، تجنيد المشاركات وملاءمة التوقعات والمزيد.
تستمر فترة تأهيل مجموعة سنة من أجل المجتمع ومجموعة طليعة, لمدة 500 ساعة تعليمية تعقد على مدار السنة في مركز التطوع الجماهيري في بئر السبع. تهدف مرحلة التأهيل إلى تهيئة المتطوعين لبدء العمل مع مجموعاتهم المختلفة، تطوير مهارات سلوكية مختلفة لمساعدة المتطوع في علاقته مع جمهور المستفيدين، تطوير مهارات إدارية مختلفة والمزيد.
الأثر- مساهمة المشروع في تطوير قيمة التطوع والتكافل المجتمعي والعمل في المجتمع العربي في النقب
يظهر من بحث خاص أجرته مجموعة من الباحثين من جامعة تل-أبيب أن تأثير مشروع التطوع الجماهيري على تطوير ثقافة مجتمع مدني في المجتمع العربي البدوي في النقب كان تأثيرًا إيجابيًّا وملحوظًا.
وقد جاء التطرق إلى موضوع تنمية المجتمع المدني في إطار البحث كنتيجة حتمية ناتجة عن تعزيز وتوسيع العمل التطوعي؛ حيث تم توسيع العمل التطوعي إلى ما هو أوسع من حدود القبلية وإخراجه من محدودية التطوع غير الرسمي وغير الممأسس، حيث كان الهدف تطوير قيمة التطوع المتعارف عليها في الثقافة العربية البدوية، وتحويلها إلى ما هو أوسع وأكبر من حدود العائلة، القبيلة بمفهومهم التقليدي وذلك بما يتلائم ومتطلبات المرحله من أجل خلق مجتمع قادر على تحمل مسؤولية تطوير ذاته والرقي بها قدما.
لقد عبر المشاركون في المشروع عن تعاملهم مع قيمة التطوع ليس كوسيلة لمساعدة المجتمع المستضعف فحسب بل على أنها أداة مركزية لتطوير المسؤولية الجماعيه بما يتلائم ومتطلبات الرحلة الاجتماعية بشكل عام وعلى أنها مورد لبناء وتمكين وتعزيز المجتمع العربي البدوي. لقد غيّر البرنامج تعامل المشاركين مع قيمة التطوع بحيث أصبحوا يؤمنون أن التطوع في إطار المركز هو مرحلة انتقالية؛ الهدف النهائي هو أن يساهم كل فرد ويضحي من وقته من أجل خدمة مجتمعه في أطر ومجالات مختلفة.
يرى القائمون على المشروع أن العمل التطوعي بشكله المتبع في مركز التطوع الجماهيري يساهم بشكل واضح في بناء المجتمع المدني في النقب. فالمتطوعون، يأتون من أماكن مختلفة في النقب ويتطوعون في إطر تطوع متنوعة ومتعددة ويتعاملون مع جمهور واسع من المستفيدين الذي لولا هذا المشروع لما كان بالإمكان التعرف عليه والعمل معه. من هنا تبدأ عملية تليين الحواجز القبلية وبناء أسس لمجتمع مدني حقيقي.
بالنسبة للمتطوعين أنفسهم فقد أكدوا، عبر اللقاءات التي عُقدت معهم في إطار البحث، أن المشروع عزز بشكل كبير قيمة التطوع الراسخة أصلاً في الموروث الثقافي العربي. لقد غير مركز التطوع الجماهيري نظرة العامة إلى قيمة التطوع المجتمعي، فمن نظرة كانت تعتبر المتطوع "مُغفلاً" إلى التعامل معه على أنه وكيل تغيير فخور بما يقوم به.
مديري المدارس ومدراء المراكز الجماهيرية أكدوا أن دخول المتطوعين إلى مؤسساتهم يعزز من قيمة التطوع ويطورها ويخرجها من الحيز العائلي والقبلي إلى الحيز العام للمجتمع العربي في النقب. وأشاروا إلى الإسهام الجلي للمتطوعين في مجالين رئيسيين، المجال التعليمي والمجال الاجتماعي. مدراء المراكز الجماهيرية يؤكدون على حصول تغير إيجابي مع أبناء الشبيبة المستفيدين من مشاريع التطوع. فالطلاب الذين كانوا يفضلون دائمًا البقاء في الهامش أخذوا يغيرون من تصرفهم وسلوكهم وبدأوا بالانخراط أكثر فأكثر في نشاطات المشاريع المختلفة. كما وظهر تأثير عمل المتطوعين على الأطفال والشبيبة لدرجة أن بدأ بعض الموظفين المهنيين في المراكز الجماهيرية بالاعتماد على المتطوعين في الكثير من نشاطات المراكز. مدراء المدارس أفادوا أن مشروع التطوع الجماهيري أسهم في توفير أدوات تعليمية وتثقيفية جديدة لم تكن متوفرة في السابق. كما وساهم المشروع في توسيع الشبكات الاجتماعية عند المستفيدين من الطلاب، في تعزيز ثقتهم بنفسهم، رفع نسبة المشاركة في النشاطات اللا-منهجية في المدارس وفي خلق أطر تربوية غير رسمية جديدة وفي التأثير على أهل الطلاب الذين أخذوا يدركون تدريجيًّا أهمية ومركزية المدرسة في حياة أبنائهم.



#كايد_أبوالطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقب مبتسماً
- مستودع الذكريات
- من النقب إلى قلب الجحيم
- في حضرة الآنسة أرض
- 1112
- إبني ولا تهتم، هذه أرضك يا عم!
- صفيرمياهو لذيذ
- النقب: جمعة مباركة
- أريد إخفاء (إن أمكن) أي نزاع!!
- لدي حلم وسأحققه، جونيور!!
- غزة بين قنبلتين وقبلة
- 6 أكتوبر
- مخطط برافر: مؤسسات المجتمع المدني العربية ودورها في التصدي!
- أكتب باللحمة
- القهوة، خميس وهي
- فتحة
- رهط على صفيح ساخن!!


المزيد.....




- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...
- أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كايد أبوالطيف - دراسة حالة: خيمة التطوع الجماهيري (1)