مارتين هيدغر: بناء، سكن، فكر

كامي بزيع

الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 18:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

عام 1951 وامام عدد من الطلبة قدم هايدغر هذه المحاضرة في دارمشتات، في ذاك الوقت كانت المانيا تمر بازمة اسكان خانقة، نتيجة قصف الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، الذي ادى الى تدمير كبير للمساكن. هذه الرسالة تبدو الى حد بعيد، انعكاسا، لهذه المباني الضخمة الرهيبة، التي تشكل اليوم مساكن لعدد هائل من الناس في المدن الكبرى. وحتى اليوم، في كثير من الاماكن، بناء المساكن المكتظة، تواصل تدمير الاسس الحقيقية للسكن.
ان المفهوم الواسع للسكن، الذي يناقشه هيدغر هنا، يشمل كامل وجودنا على الارض باعتبارنا"كائنات فانية" كما نحن. بهذا المعنى، ان الفكر يمكن ان يتجاوز مجرد فكرة بناء بسيط، وبالتالي، فالسكن يكتسب بعدا اسمة واكثر تميزا. وهذا مقطع من المحاضرة:
ان تكون انسانا يعني ان تكون على الارض، ككائن يفنى، يعني ان تسكن. ان الكلمة القديمة bauen تعني الانسان من حيث هو يسكن، وبالوقت عينه تعني كلمة bauen ،المأوى الحماية والرعاية والحفظ، تشير الى حراثة (تعمير ) الارض، وزراعة الكرمة. هذا البناء يحتاج فقط الى الرعاية، انه يميل الى النمو حيث تنضج الثمار من تلقاء نفسها.
ان البناء، من حيث هو المأوى والرعاية، لا يحقق شيئا. بالمقابل ان بناء السفن وبناء المعابد، بطريقة ما تنتج عملها الخاص. هنا البناء bauen ، على النقيض من الزراعة هو تشييد. ان كلا الطريقتين من البناء، البناء كزراعة من اللاتينية colere, culture ، وبناء بمعنى تشييد الابنية aedificare ، تتضمن المعنى بكلمة بناء- سكن. البناء كما السكن، اي ان تكون على الارض، التجربة اليومية للكائن الانساني، التي هي ومنذ البداية وكما تصفها اللغة بشكل رائع، "اعتيادية". من هنا تنسحب طرق عديدة التي يتم انجاز السكن بها، وانشطة الزراعة والتشييد. هذه النشاطات التي تدعي لاحقا، اسم البناء، معه يصبح البناء وواقع البناء حصريا له. ان المعنى الحقيقي للبناء bauen الا وهو السكن، يسقط في غياهب النسيان.
لاول وهلة يبدو هذا الحدث كانه مجرد تغيير بسيط في معنى المصطلحات فقط. ومع ذلك، في الحقيقة، لقد اخفى شيئا حاسما، اي ان السكن ليس خبرة وجود الانسان، السكن لم يفكر به كميزة اساسية للانسان.
اضافة الى ذلك، ان تلك اللغة بسحب المعنى الحقيقي لكلمة bauen وهو السكن، هو دليل على الطبيعة البدائية لهذه المعاني. لانه في الكلمات الاساسية للغة، معناها الحقيقي يقع بسهولة في النسيان، لصالح المعاني المقدمة. بالكاد فكر الانسان في سر هذه العملية. اللغة تسحب من الانسان خطابها البسيط والكبير. ولكن ليس بسبب دعوتها البدائية هذه تصبح غير قادرة على الكلام؛ فقط تصمت، والانسان، مع ذلك، لا يعير اهتماما لهذا الصمت.

#كامي_بزيع (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات