ليلى الصفدي
الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 15:51
المحور:
حقوق الانسان
لم أشعر يوما بأنني إبنة لـ "أقلية"..، فقد قاسمتني جغرافية سوريا كل سنوات عمري، ولدت في الحسكة في اقصى الشمال.. مررت بحمص.. فالشام فالسويداء، لي ولعائلتي من الاسماء ما يثبت اننا منتمون لكل طوائفها.. فإبي المخلص لعادات رفاقه في رحلة عمله المتنقل كان مخلصا في اختيار أسماء أبنائه أيضاً.. أحمد، جانيت، و وليد، اما اخر أخوتي فسماه حمد تلبية لرغبة جدي التي اجلها خمس سنوات وفاء للعشرة والأهل.
عندما حط بنا الرحال اخيرا في شهبا، وجدنا انفسنا محاطين بسوريا مصغرة.. بكل طوائفها وأقلياتها.. وأكثرياتها.. وقومياتها حتى، جارتنا الحلبية التي تقيم صلواتها الخمس وتصوم رمضان ولا تفارق حجابها انجبت في بيتنا اولادها الخمسة، واختلطت عاداتها بعاداتنا ولهجتها بلهجتنا.
ليس اجمل منهن نساء حارتنا وهن يتنازعن على الكلمات والدعوات الخاصة بكل معتقد، وليس اجمل من "اخطاءهن" بتبادل الانبياء في محط كلامهن.. لتنتهي الجلسة بضحكات تضيع فيها كل الفوارق والانتماءات.. وحتى والأنبياء.
كنا محظوظين فعلا.. فلنا من الاعياد الكثير ومن الطقوس الأكثر.. والاهم لنا من انسانيتنا وسوريتنا النصيب الاكبر.
اليوم فقط بدأت باكتشاف الحدود والحواجز.. تبدو مفارقة قاسية أن انتمي لإنسانيتي في زمن الاستبداد.. وأن اكتشف طائفتي.. عزلتي.. في زمن الحرية..!!
أعلم الآن أنه سوف يكون لزاماً على المثقفين من "الأقليات الصامتة" العمل مضاعفاً من أجل إثبات انحيازهم للثورة...
أينما التفت.. وأينما توجه الناشط "المنبوذ" ممن يسمون "الأقليات" سوف يواجَه بوجوه عابسة.. وبترحيبات فاترة.. حتى من أكثر "نخب" الثورة ادعاءً للمدنية..!!
يبدو أنه أمام "النخب السورية" فترة طويلة من السباقات المقيتة.. ومن الاحتكارات للشرف الثوري..! والتي لا ترغب في قرارة نفسها إلا بطرد الآخر من جنتها..
المفارقة القابلة للفهم بسهولة أنه بمقدار ما تصبو الثورة الملاصقة للدم للتمدد والاتساع... بمقدار ما تسعى ثورات المكاتب والغرف الانترنتية المغلقة للتقوقع والاستبعاد.. ومحاولات الاستئثار بالشرف والمكاسب..! وبمقدار ما يثبت شعبنا البطل يوميا ومن تحت النار إيمانه بالوطن وحاجته للكتف على الكتف.. بمقدار ما عودتنا النخب على الاستفراد والاستبعاد.
لو نتعلم قليلا من اهلنا في المدن المحاصرة.. لو تنظم معارضاتنا رقصة جماعية كما رقصات حمص ودرعا وادلب... لغسلت احقادها ومنازعاتها ومحاصصاتها.. وأخذت بيد الثورة الى فضاء خال من الدم ومن الاستبداد.. يتسع لكل الأحلام.. الشخصية والجماعية..
#ليلى_الصفدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟