|
راشد الغنوشي و رحلة التّيه قصة بالمناسبة
حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 20:55
المحور:
حقوق الانسان
زيرو !
صاح جدّي متألّما حينما أبلغته أن جماعة "بوكو حرام " النيجيرية ( و" بوكو" كلمة فرنسية تعني" كثير") قد أقدمت على نسف كنائس تقام فيها أعياد الميلاد: ـــ ألا يدرك هؤلاء الحمقى، أنهم ينتزعون آخر وسام شرف لإسلام ورقيّ لم يبق منه الا اسمه!؟ ـــ ...؟! ـــ ألا يعلم هؤلاء الأغبياء، أن إرساء مجتمع سلمي متعدد الديانات, هو ما ميّز حضارتنا العظيمة عن الغرب الضاري الذي أباد قديما 30 مليون مسلما اسبانيا و تتبّع اليوم مسلمي البوسنة بالقتل لا لشيء، الا لمجرّد كون البوسني السكّير كان يقول بين الحين و الحين لنديمه الصربيّ بأن جدّه كان يصلّي و يصوم؟! سكت جدي طويلا ثم قال مستدركا: ــ يا بني، "لا تصدق كل ما ترى و لا نصف ما تسمع" ــ ... ـــ فلعلّ السلطات النيجيرية قد قامت بتلك التفجيرات لتشويه جماعة " بوكو حرام" و إستعداء قوى الغرب النصرانية عليها. ـــ...! ــ فالإجرام حرفة البيض و السود من حكامنا. ـــ... ــ الم يكن كمال اتاتورك يفجّر قاعات السينما و يتّهم أعداءه بتفجيرها.. ألم تتهم السعودية جهيمان العتيبى الذي احتل المسجد الحرام احتجاجا على ظلم آل سعود و مروقهم من الدين، بأنه كان يدّعي بأنه المهدي المنتظر؟ ثم ألم تتهم مصر المهندس مصطفى شكري بالشعوذة، و الزعم بأنه سيعود الى الدنيا مباشرة بعد شنقه؟! .. سكت جدي هنيهة ثم استدرك ثانية: ـــ ما بالي استشهد بالماضي؟ ـــ ... ـــ أليس وزير داخلية المخلوع مبارك هو من كان وراء تفجير كنيسة قبطية في مصر ما قبل الثورة بأسابيع قليلة، لإذكاء صراع اسلامي مسيحي يستفيد منه بغل مصر الهرم؟ اطرق جدي طويلا ثم ابتسم قائلا: ـــ ذكرتني جماعة "بوكو حرام" بإخواننا الجزائريين، و كثرة لجوئهم الى استخدام الفرنسية في خطابهم اليومي! ـــ ... ـــ حتى انني قد سمعت أحدهم يقول لصاحبه أنا شرعت اليوم في حفظ سورة لافاش (1)!! ـــ...؟!!! ـــ أي سورة البقرة! كنت أضحك حين أضاف جدّي هازلا: ـــ ناهيك أن بعض أئمة المساجد هناك، كانوا يحثون المصلين على تسوية الصفوف بقولهم :" ألّينييي فو (2) يرحمكم الله! " ـــ...!! ـــ حتى انه ذات مرة، قال لي جزائري في مجمل كلامه:" ما تنساش يا الواحد الخوّ، راهو يوجد في لا ريفييّر (3) ما لا يوجد دن لا مير (4) !" ـــ ... ـــ و قد أراد " يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر!" سكت جدي ثم استمرّ هازلا: ــ تصوّر جزائريا يدعو ربّه بهذا الشكل:" يا فاطر السموات، دون موا (5) بوكو حسنات، و يا عزيز يا وهّاب دون موا بوكو ثواب"!! قهقه جدي جدي طويلا ثم طفق يقول بين ضحكات متقطعة: ــ و في فجر الإستقلال، خطب زعيم جزائري أعتقد انه حسين آيت احمد في حشد هائل من أبناء بلده في محاولة تعريبيّة مضحكة، قائلا: " العربية لغتكم.. لغة بوكم.. لغة أمكم.. لغة أجدادكم... و الإسلام دينكم.. دين ربّكم.. دين بوكم.. دين أمكم.. دين والديكم... دين أجدادكم!!"
و على ذكر الجزائر و الجزائريين، و حين أفدت جدّي أنّ راشد الغنّوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية التونسية، قد صرّح أخيرا أثناء إستضافته أمريكياّ من قبل " معهد واشنطن للدراسات" و هو واحد من أهم المؤسسات السياسية المؤيدة لإسرائيل، في محاولة من ذلك المعهد، للتأكّد و بصفة نهائية من خلو فؤاد الغنوشي من أي أثر من بقايا دين محمد قبل تسليمه السلطة، اقول ، حين أفدت جدّي بان الغنوشي قد صرح بان جبهة الإنقاذ الجزائرية ذات التوجه الإسلامي الغير قابل للرّكوب الأمريكي ( الى حدّ هذا اليوم) قد "ارتكبت خطأ" حسب تعبير الغنوشي حين فازت في انتخابات ديمقراطية، لأنها تجاهلت الأقليّة المؤثرة من العلمانيين و الجيش، و أنها كانت تريد الإستئثار بالسلطة، حين أعلمت جدي بذلك صاح غاضبا: ــ لقد أبدى الغنوشي و على رأي إخواننا النيجريين "بوكو نذالة"، و إن كانت لا تستغرب من جهته. ـــ... ــــ و كأنّ الشيخ الخسيس الذي طالما تباكي عن ضياع الحريّات العامّة و الخاصّة، يوجب على كلّ ضحيّة تقديم الإعتذار لجلاّدها على تلويث ثيابه بدمائها! ـــ...! ـــ و كان على شيخ الذلّ و العار، إستغلال وجوده على الأراضي الأمريكية، لمطالبة بقايا الهنود الحمر، بالإعتذار للإدارةالأمريكية، تكفيرا عن "خطأ" أجدادهم في مقاومة الغزاة الأمريكان، و تكليف هؤلاء السفاحين مشقّة ذبح و سلخ رؤوس عشرات الملايين من هؤلاء الهنود. وحين أفدت جدّي بأن راشد الغنوشي قد صرّح في نفس زيارته تلك، بأنه حكومته النهضوية التي ستتولى حكم تونس بمباركة أمريكية فرنسية، لن تقطع الحبال التي مدّها المخلوع بن عليّ مع حكومة تل أبيب قائلا بالحرف الواحد" إن برنامجنا الإنتخابي لا يتضمّن أية اشارة الى قطع العلاقات مع إسرائيل" صاح جدي قائلا: ـــ هذه والله نذالة لا يمكن أن تصدر الا من زعيم نهضويّ لديه" بوكو من قلة الحياء!"! و حين أفدت جدّي بمباركة الرئيس الفرنسي ساركوزي فوز حزب الغنوشي، حكّ رأسه ثم تلا قوله تعالى" و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم!!" بعد ذلك اطرق جدي طويلا ثم سألني و قد لزم اطراقه : ــ هل تتصوّر ماذا كانت صحف فرنسيا تصنع عشيّة تجهيز جبهة الإنقاذ الجزائرية نفسها لخوض الانتخابات الكارثيّة التي فازت فيها؟ هرش جدي رأسه ثم استمرّ: ــ لقد كانت تروّج بان الجزائر تصنّع أسلحة جرثومية محرّمة دوليا! ــ ...! ـــ و ذلك تمهيدا لتدخلّها العسكريّ أو تسليط تونس او ليبيا أو مصر على الجزائر في صورة صعود جبهة الإنقاذ للحكم! ـــ ...؟!! ـــ و حين سطا الجيش الجزائري على السلطة و أفسد العملية الإنتخابية.. أغلقت فرنسا ملف الأسلحة الموهومة !! ـــ...!! ـــ أما و قد اطمأنت فرنسا بأن الغنوشي لن يختلف عن بن علي في تنفيذ سياسات الغرب و التنكر "لهوية عربية اسلامية" طالما تباكي عليها، و سوق لنفسها بها، فقد هلّلت بقدومه بالقدر الذي أفزعها فوز جبهة الإنقاذ الجزائرية سنة 1991 أو 92. زفر جدي طويلا ثم أتمّ: ـــ كان من واجب جبهة الإنقاذ فور فوزها الساحق في الفترة الانتخابية الأولى، عدم انتظار خوض الشطر الثاني من تلك الانتخابات و المبادرة بالإنقلاب على العسكر، لأن من الغباء التصوّر بان الجيش الجزائري سيبقى مكتوف الأيدي. ـــ ...! ـــ و لأن قيادات الجبهة كانت بالغة الغباء . فقد بقيت مكتوفة الأيدي حتى سيقت الى مسالخ الداخلية و من بقي منهم حيّا الى المعتقلات الصحراوية. سألت جدي هازلا: ـــ اذا كانت الجماعة النيجيرية قد سمت نفسها "بوكو حرام"، فما عساك تسمّى حركة النهضة التي انضوت تحت لواء العم سام؟ ضحك جدي اطرق قليلا ثم أجاب: ــ ما دام " مستر بوكو نفاق" و "بوكو سقوط " و "بوكو نذالة"..و أعني الغنوشي. ـــ...! ـــ قد أماط عن وجهه الحقيقيّ اللّثام، و أغضب ربّ الأنام، و فكّ الحزام، و انبطح للغرب بالكمال و التّمام. ـــ...!! ـــ و ما دامت جماعته التعيسة قد ظاهرت أهل الإجرام، و تنصّلت من مرجعيّة الإسلام. ـــ...!! ـــ فلا يسعني غير تشبيه حركة النهضة. ـــ....!! ـــ في خلّوها شكلا و مضمونا من دين خالق الأنام. ـــ..!! ـــ بـــ"زيرو كولا"، مشروب العمّ سام، في خلّوه من سكّر مضخّم للكروش و الأترام (6)!. ـــ ..؟!! ـــ ثم تسمية حركة النهضة بــ.. ثم وهو يأخذ بأذني: ـــ بــ" زيرو إسلام"! كنت أضحك حين نظر جدّي الى الساعة الحائطية ثم لكزني آمرا: ـــ قم و جئني بما حضر من طعام مع "آن بي" (7) ملح و "بوكو إدام" ! كنت اسعى نحو المطبخ حين أضاف جدّي مازحا: ــ مع "بوكو شكر" يا غلام! ـــــــــــــ (1) البقرة ــ فرنسية. (2)اصطفوا ــ فرنسية. (3) النهر . فرنسية. (4) البحر . فرنسية. (5) أعطني. فرنسية (6) ترمة جمع أترام: مؤخرة. بالتونسية. (7) قليل . فرنسية.
أوسلو 7 جانفي 2012
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تذمّر قصة قصيرة
-
غلمة ! قصة قصيرة
-
تطيٍّر قصة قصيرة
-
من مظاهر الإستهانة بانسان عالمنا العربيّ قصة بالمناسبة
-
خروج قصة
-
راشد الغنّوشي و الشيطان، حدث ذات مرّة
-
يا متخلف يا حمار كن من أهل اليسار!
-
حركة النهضة تحتفل قريبا بأربعينيّة غنّوشي.
-
لوبي قصة قصيرة
-
من صور التديّن السلفيّ السّخيف قصة
-
خالد مشعل يتاجر بكرامة الفلسطينيين
-
عبور قصة قصيرة
-
إلحاد ادونيس أنفع من -إيمان- مفتي سورية
-
موت قصة قصيرة
-
رأي جدّي في نوبل 2011 للسّلام! قصّة بالمناسبة .
-
من سخافات الغنوشي و القرضاوي قصة بالمناسبة
-
يساريو تونس: اغتراب بلا حدود عن الثقافة المحلية قصة طريفة ب
...
-
عنصر المفاجأة في الثورات العربية قصة بالمناسبة
-
حول التمييز العنصري.. قصة بالمناسبة
-
إسماعيل هنيّة، وقاحة قلّ نظيرها
المزيد.....
-
قوات الاحتلال تستدعي أهالي الأسرى المقدسيين المقرر الإفراج ع
...
-
بالارقام.. مراسل ’العالم’ يكشف تفاصيل الإفراج عن الأسرى الفل
...
-
ترامب يأمر البنتاغون بإعداد مركز احتجاز للمهاجرين في خليج غو
...
-
الاحتلال يقتحم منازل معتقلين من المقرر الإفراج عنهم اليوم
-
مستعمرون ينظمون حفلا استفزازيا في القدس لتوقف الأونروا عن عم
...
-
12 مخططا إسرائيليا أفشلتها عودة النازحين إلى شمال غزة
-
ترامب يقرر تحويل معتقل غوانتانامو إلى مركز احتجاز لآلاف المه
...
-
اعتقال ابنة رئيس جنوب أفريقيا السابق زوما بناء على اتهامات ب
...
-
الاحتلال يقتحم منازل معتقلين فلسطينيين من المقرر الإفراج عنه
...
-
الاحتلال يقتحم منازل معتقلين في القدس من المقرر الافراج عنهم
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|