وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 14:15
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
امراة ليل لرجل دين ( هذه حقيقتي , فهل هذه حقيقتك ؟ ) حافظ الشيرازي
( الله يصب الانبياء والناس تشرب الفقهاء ) جمهورية النبي
في محور اخر وحول الفقهاء وملك اليمين والجارية , يكتب الكاتب عبد الرزاق الجبران في كتابه ( لصوص الله ): دليل ديانة الفقه في حلية العبودية رخيص جدا . باعتماد على تداول القران لمصطلح ( ملك يمين ) فقط , رغم انه مصطلح لايخص العبيد حصرا , ولم يرسخ بهذه الشاكلة الا متاخرا مع الكهنوت . المصطلح المتداول ( ملك يمين ) لايشير لدى العرب حصرا الى الاماء والجواري كما هو في التداول الفقهي . وانما يشير في اصل اللغة والتداول التاريخي مع اهل الجزيرة الى الكناية عن ( مطلق حق التسلط ) , في اي ملك مادي , امراة او دار او ابل او خيل او ارض او بستان . لذا كان الاوائل يحتاجون الى قيد لغوي معها للتمييز مثلا بين المراة الزوجة والمراة الجارية . فيقولون ملك يمين بالنكاح او ملك يمين بالرقبة . اي ان الزوجة الحرة هي ملك يمين لدى العرب ايضا , وليس العبدة فقط . اضافة الى ذلك , وهو الاهم , هو ان مايتحدث عنه القران في خصوص ملك اليمين , يظهر كامر مفارق للاسلام الكهنوتي في نكاح الجواري بتلك الاباحة , لان القران يتكلم عن منطق اخر للجواري بمقاييس منطق زواج : ( ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ماملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات وا لله اعلم بايمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن باذن اهلهن واتوهن اجورهن بالمعروف ) . اي اشتراط اذن اهلهن ومهر خاص بهن . بينما ملك اليمين في المنظومة الفقهية , يجعل الاذن لسيدها لا لاهلها , والمال له ايضا وليس للفتاة .. وهو ايضا نكاح في تداوله النصي ) , ( فلينكح مما ملكت ايمانكم ) . الايات الست الباقية التي تتعلق بشكل ما بملك اليمين , اصلا لاتحمل اشارة تناسب راي الاسلام التاريخي في حكم الجارية . كما ان الاية الاساسية السالفة تحكم منهجيا باقي تلك الايات الست , لانها اية تقع في حزمة الايات المركزية الخاص في حلية وحرمة الجسد, بين الذكر والانثى وجوديا وقيميا . فهي اذن الاية المركزية في قصة ملك اليمين قرانيا . اي انها حاكمة على كل الايات في دلالتها بخصوص ملك اليمين . ولانها من جهة اخرى هي الاية التي تمثل وضوحا كاملا , تفصيلا وتقييدا لما هو مجمل ومطلق . وهو الامر التي تفتقده تلك الايات الست المطلقة , والمقيد يحكم المطلق .فقهيا : الكهنوت الاسلامي حلل وطا المراة التي ( تشترى ) ,او تلك التي ( تسلب ) بالقوة في الحرب , وحلل ملكيتها وعموم ارادتها ووجودها , من قبيل انه لايصح حتى زواجها الا باذن مالكها . شانه شان المنطق البربري الذي حاربه النبي عند ارستقراطيات الجاهلية العالمية , وبشكل لم يعرفه حتى ابي جهل نفسه .
في منطق الكهنوت ( لايقتل الحر بالعبد ) .وهذا الحكم من الفضايح للكهنوت ايضا في تبنيه صفة الامبراطوريات القديمة ,وتضاده مع المبدا النبوي في الحقوق وعدم التفريق بين عربي واعجمي اواسود وابيض. ومن التمردات الجميلة لابي حنيفة على الكهنوت هو تمرده على هذا المنطق ومساواته العبد بالحر في القصاص .. عودة للموضوع وموقف الكهنوت من ملك اليمين .. اذا شاء سيدها اجرها ايضا او اجر جزء من جسدها لرجل اخر ليلة او ايلتين , وبالزامات جسدية لا ينتمي شيء منها الى زاوية من زوايا الزواج , باعتباره الشكل الاساسي للحلية لديهم . فالجارية تنتقل من رجل الى رجل . فرج متنقل ليس الا . وفي هذا ( والقول للجبران ) كانوا ابرز مشرعي الزنا في اسوء وجوهه التاريخية .
( مملوكة ) هذه هو الاسم الفقهي لشرعية الوطا . اسم لايخجل المصطلح الاسلامي من وجوده في منظومته , كما لايخجل من اتخاذه اسا شرعيا ( للوطا ) , بينما عين اللادينيين , سيما في القرن الثامن عشر ومابعده كانوا يعتبرونه اكبر خطيئة تاريخية للانسان , فكانوا في ذلك اكثر دينا من الدينيين اعدائهم . لذا لااعجب ان الجنة مليئة باللادينيين . بل لااشك انهم الاكثر هناك . جميل ان تجد فولتير اللاديني في اروقة الجنة , بينما هارون الرشيد امير الدين يحدق به من النار . يقولون يكفي شراءها لوطاها . ولكن الغانية ايضا تشترى بالمال . فما الفرق بين غني في زمن الرشيد يشتري من النخاسة فتاة ما فيضاجعها ,وبين غني هذه الايام يشتري من مبغى امراة ليضاجعها ؟؟!!.لماذا الاول الهي وشرعي وديني , والثاني زنا وعهر وسقوط ؟ . هل هنالك من سقوط مثل هذا السقوط المعرفي فقهيا ؟ . السؤال الاكبر للكهنوت التاريخي , هو تشريعه منطق السبي بجعله اسرى حربه عبيدا . واحيانا مع اناس لم يحاربوه اصلا , فقط من اجل الغنيمة والاستعباد عينه . او للحاجة للجواري فقط . لم يكن في منظومة النبي فيما يتعلق بالحرب مفهوما باسم ( السبي ) البتة . كان هنالك المفهوم الطبيعي ( اسارى ) . وهو امر معروف في كل المعارك التي حصلت ايامه , وتداول كلمة ( الفدية ) ومفرداتها في حروبه بكثرة تدل على ذلك . كما ان القران يتداول هذه التسمية , بل يجعل الاسير دون غيره الى جانب احبابه اليتامى والمساكين , ويجعل اكرامه من صفات الاولياء ( الذين يطعمون الطعام على حبه يتيما ومسكينا واسيرا ) . بقي هنالك عمق اخلاقي اخر في اية ( قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم ). سيما ان كلام الاية منحوت اصلا لاجلهم , وليس للمنتصر وبصياغة توددية لاتجريمية . اذن النبي اعطى مفهوم الاسير في حقوقه قريبا من مفهوم الضيف وصنوا له . بينما نرى كيف يصف مفسر ومؤرخ وفقيه حكم الله في الاسرى , وشكرا له انه اسماهم اسرى في منتصف نصه المتوحش هذه : ( ويعامل الاسرى باحترام , وللامام ان يحكم فيهم بقبول المفاداة او المن , باطلاق سراحهم دون مقابل ,او ضرب الجزية عليهم ان كانوا كتابيين , او استرقاقهم او قتلهم مراعيا في ذلك المصلحة ) .
انظر نهاية الفتوى بدا النص باحترام وانتهى بفتوى قتلهم . يضحكونني هؤلاء المؤرخون والكهنة كثيرا . اي مقاربة يمكن ان تعقد بين كلمتي احترام وقتل ؟ . لاافهم . لايملك الاسلام التاريخي ادلة نبوية او قرانية في مسالة ( السبي ) , ماعدا حديث يتيم , لم يجد احتراما من عين رجالات المنظومة التقليدية .
المقارنة بين الجارية والغانية
المخزي للاسلام التاريخي في فقهه التشريعي للجسد , هو انه حين تعقد مقارنة بين جارية وبين غانية سنجد الامر مع الغانيات افضل بكثير حقوقيا واخلاقيا , وحتى جماليا , لها ولراغبها على حد سواء .. في المقارنة ( الغانية ) هي التي قررت مهنتها واسمها , سواء مع قهر الظروف ام دونها . بينما ( الجارية ) جيء بها بالقوة لاسمها ومهنتها وعبوديتها .
الجارية لايشترط رضاها كاهم اس في العقود . كما لاايشترط معها مهرا . بينما وصال الغانية يتوفر على شرطي الرضا والاجر . اذ للغانية الحق ان ترفض او تختار من يطلبها . فهي مالكة امرها , غير مجبورة على المضاجعة . كما انها تستلم اجرا على فرجها يشابه حق المهر حتى انها تستطيع ان تحاجج الفقيه على شرعيتها باية ( ولاجناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن ) ..
كما تستطيع ان تدافع عن شرعها بان ابا حنيفة يقف معها في رايه المشهور انه من وطا امراة باجر فلاحد عليه . وهنا يبدو ابو حنيفة بالغا في جعل الاصل للحقوق والحرية لا للخطيئة . اما الجارية فلاحرية لها في انتقالها من جسد الى جسد رجل اخر . يقتل الرجل بقتله غانية , بينما يستطيع مالك الجارية ان يقتلها دون ان تقتل به ( لايقتل الحر بالعبد ) وفي هذه الزاوية امر غريب وفتوى مخزية ترى ان اللواط بالغلام العبد لايوجب القتل كما هو اللواط بالغلام الحر . وانما يلحقه عقاب خفيف فحسب . رغم ان الحكم متوجه الى خطيئة اللواط وليس شخصية اللائط والملوط به . اكان كافرا ام مومنا, عبدا ام سيدا . والتعدي القيمي الاكبر في حلية الجارية هو انها حلية , لاتعبا بان تكون الجارية ذات زوج , فشراؤها او سبيها يكفيان لشرعة وطاها حتى وان كانت متزوجة . واعتبروا زواجها امر لايحبذه الله ونوعا من اكل الميتة للمضطر . بل يصل مع بعضهم الى تحريمه مع من يستطيع الزواج من حرة . مع ان هذا لم يشرع حتى مع الغانية . اذ ان عين اولئك الفقهاء لم يشرطوا في الزواج العفة ابدا . ما يفوت ذلك انحطاطا هو قول الكهنوت باحكام في لعبة جسد الجارية لايقول بها حتى المتهتك . اذا رغب السيد بوطا جاريته تحت خدمته , سواء من عبد او من حر , فيطلب من زوجها عدم مسها زمن حيضتين , ومن ثم ليتمتع بجسدها ماشاء , حتى اذا فرغ منها رجعت لزوجها , ولاحاجة الى عقد جديد , كما لاحاجة الى طلاق حين عزلها . كما قالوا ان الجارية المتزوجة ان باعها مالكها ( وهو ليس زوجها ) حل على المشتري جسدها . بحيث جعلوا عقد الشراء اقوى من عقد الزواج . بل اسسوا اعتباطا قاعدة لذلك تقول ان بيع الجارية هو طلاقها .
من غرائب الفقه الاستعبادي , انه يمكن استئجار او وهب الفرج ,
اذ احل الرجل لاخيه فرج جاريته فهي له حلال . بل يصل الامر ان يشرع بطريقة لم تصل لها دور البغاء . ( اذا احل الرجل من جاريته قبلة لم يحل له غيرها , فان احل له مادون الفرج لم يحل له غيره , فان احل له الفرج حل له جميعا ) ( الفصول المهمة في اصول الائمة , الحر العاملي ج2 ص 353 – ص 354 ..)
وتعدى الامر ايضا الى حلية وطا الحامل رغم انه لايجوز العقد عليها مع الحرة . بعض العناوين يرد فيها جواز وطا البنات الصغار , اللاتي لم يحضن بعد , وحق فض بكارتها . من غرائب الفقه الاستعبادي ايضا , هو ان البعض حلل الجمع بين الاختين في عالم الجواري . وبعضهم اراد ان يكون اقل سوءا , فشرط الا تمس الثانية الا بما دون الفرج . ومن الفضائح الاخرى ان الجارية الجديدة يوجب استبراءها في عين الفقه الكهنوتي , تماما كما المطلقة لايمكن العقدعليها الا بعد استبراءها . ولكن البعض لم يطق ذلك فجوز وطا الجارية بما دون الفرج قبل استبراءها . تلك الحقائق هي التي جعلت عمر بن عبدالعزيز كفرد متمرد على الاسلام التاريخي , وكنقطةا استثناء فيه يتفوق على كل الفقهاء والمفكرين الاسلاميين ليخصم مسالة الجواري بقوله انها ليست الا زنا . كما ان عمر بن عبدالعزيز لو لم يكن قاطعا بان النبي لايملك اماءا ولايملك الجواري لما قال كذلك .
هذه كانت نظرة سريعة وقراءة عاجلة لكتاب عبدالرزاق الجبران ( لصوص الله ) متمنيا اقتنائه من الجميع وتحميله في مكتبة موقع ( الحوار المتمدن ) الالكتروني ’ وعلى المودة نلتقي دائما على قيد الحب والحقيقة والحرية في البحث
بعض المصادر :
1 – التبيان للطوسي
2 – فقه القران للقطب الراوندي . ج2 ص 86
3 – جامع البيان ج5
4 – احكام القران للجصاص ج2 – ص 164
5 - تفسير القرطبي 0 ج 3 - ص 90
6 –الفصول المهمة في اصول الائمة , الحر العاملي – ج2 – ص 353 – ص 354
7 – تفسير الميزان , للسيد الطباطبائي , ج4 – ص 285
8 – مجمع البيان , للشيخ الطوسي – ج3 ص 57
9 – تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي – ج8 – ص 176
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟