أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - معادلة النهضة – بين الماضوية و الحداثة














المزيد.....

معادلة النهضة – بين الماضوية و الحداثة


رياض حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 17:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


معادلة النهضة – بين الماضوية و الحداثة

" العربي يعجب بماضيه وأسلافه وهو في أشد الغفلة عن حاضره ومستقبله " جمال الدين الأفغاني
" كما في كل قطيعة فإن الدور الأول يعود إلى العقل البشري. وحده العقل الذي حررته العلمنة من قيد السلفيات والغيبيات يمكن أن يثور ويثوِّر معه التقنية ووسائل الإنتاج." جورج طرابيشي

"تمديد أجل ما صار جزءً من التراث لن يُعد إلا تحنيطا "

***
دعاة العودة إلى النص من خلال العودة إلى تراث البلاغة العربية في "عصرها الذهبي" يتهمون دعاة الحداثة بممارسة قطيعة معرفية مع هذا التراث ويدَّعون بأنه لا ضمان للمستقبل بدون الارتباط الثقافي بالماضي الحضاري وهم بذلك يصوغون معادلة لا سبيل إلى التقدم بدونها قائمة على ( ماض + حاضر = مستقبل ) وهي معادلة شكلية لا غبار عليها لو كان الهدف هو المستقبل لكن ليس هذا هو الحال مع دعاة العودة إلى الماضي فالمستقبل يرادف في معادلتهم الماضي والعكس صحيح. هؤلاء يتناسون بأن الإسلام – صانع نهضة العرب قديما – هو أول من مارس هذا النوع من القطيعة مع تراث الماضي ليس ذلك وحسب بل وسفه هذا الماضي بأن أطلق عليه الوصف " جاهلي ".

فعلى ماذا تقوم معادلة النهضة, على إحداث قطيعة مع الماضي – خصوصا إذا كان هذا الماضي أداة تأخر لا تقدم – أم على الوصل معه؟ وأي نوع من القطيعة أو الوصل مطلوب في هذا السياق؟ وهل الوصل مع الماضي يضمن لنا الوصل مع العقل؟! وما مكانة العقل في هذا الماضي ؟

والحديث هنا عن واقع الماضي العملي – التاريخي - لا النظري – عالم المثل العربي الإسلامي - ففي هذا الواقع الأخير يمكن التلفيق والتزوير والتأويل بحيث يتحول ذاك الماضي إلى جنة عقلية وارفة بالفكر. " ففي غرفة تشريح التاريخ تبدو الأشياء على غير صورتها في مرآة المثل الأعلى." الاكتفاء بالحديث عن التاريخ سيقودنا إلى الحديث عن تجربة المعتزلة الوحيدة والقصيرة في تاريخ الفكر الإسلامي. فهل يراد لنا العودة إلى ربوع تلك البرهة؟ وهل يمكن العودة حقا؟ وما هو شكل هذه العودة, هل بالاحتفاء بذلك الماضي والتذكير بأمجاده أم بتبني مقولاته ومنهجه؟ وهل يمكن لهذه المقولات وذاك المنهج أن يؤدي دوره المطلوب في سياق تاريخي مختلف ومتخلف؟! بمعنى آخر هل دواء داء الماضي يناسب أمراض الحاضر وعلله ؟!

هذه ليست أسئلة بقدر ما هي إجابات فالماضي الذي يراد لنا العودة إليه نراه ونسمعه من المنابر السلفية المسيطرة والسائدة وهذه المنابر على علاقة سيئة بالعقل والعلم وهي لا ترى التقدم إلا في التقمص الكامل لكل أبعاد الماضي في الملبس والمأكل والمشرب بل وحتى في طريقة المشي والكلام !

الوصل مع تراث الماضي يعني من وجهة نظر الداعين إليه إلغاء فكر الحاضر بجعله أسيراً لفكر الماضي . بكلمة أخرى إلغاء فكر الأحياء وبعث فكر الموتى, أن نستعير واقع الماضي لينير لنا واقع حاضرنا ومستقبلنا . لكنهم لا يقولون لنا ذلك صراحةً, ففي سياق الدعاية والترويج لهذه العودة يصورون لنا ذاك الماضي مرادفا للنور, وهو كذلك لكنه نور لا يسطع إلا في غرفة الماضي السوداء " إن مصباح "الماضي " باهر في الغرفة السوداء, ولكن ما أبهته عندما يخرج المرء إلى النور ." هذه العودة تريد لنا أن نقبع هناك أو أن ننطلق من هناك وهو ما يتناقض هنا مع معادلة الحداثة, بوصفها " المران الحر للعقل البشري والقطيعة الفلسفية مع الموقف الإيماني والاستلاب الميتافيزيقي " وقانون الحداثة ينص على التطور الدائم دون تنكر لماضيها لكن في نفس الوقت دون توقف عند أي لحظة من لحظاته مهما كانت أهميته.

والعودة التي يدعون إليها ذات مفاهيم أيديولوجية مفارقة لا ينطبق عليها قانون التقادم حيث تستطيع التشبث والبقاء حتى في ظل مفارقتها وعدم مطابقتها للواقع الجديد وهي بهذا تريد أن تحل محل المفاهيم العلمية التي تنزع إلى حل نفسها بنفسها متى فارقها الواقع لتحل محلها مفاهيم من طبيعة الواقع الجديد. باختصار " إذا لم تتم إحالة كل ما هو متقادم إلى التقاعد, فإن الحداثة ستكف عن أن تكون هي الحداثة. وتمديد أجل ما صار جزءاً من التراث لن يُعد إلا تحنيطا. "

الوصل مع الماضي لن يكون إلا بالوصل مع العقل والوصل مع العقل يتطلب علمنة العلم والعقل واللغة والثقافة والمجتمع كآلية ومنصة انطلاق حضاري بدءً من المدرسة والمجتمع ومؤسسات الدولة المختلفة وهذه مهمة ليست بالهينة ويتطلب تنفيذها عشرات السنين. كما أن التقدم لا يتم بالنظر إلى الوراء إلا لدراسة مشكلاته وزلاته لتجنبها حاضرا ومستقبلا. فإذا كانت هذه دعوتهم فمرحبا بها .



#رياض_حمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكبر عمليات النصب في تاريخ الدين الإسلامي
- موقف القرآن من اللباس - الحجاب ليس فريضة إسلامية
- قراءة جديدة لموقف القرآن من الخمر
- القرآن والحديث – الإنسان كحيوان محرِّف


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - معادلة النهضة – بين الماضوية و الحداثة