|
العقل العربي بين السياسة وامريكا
عمر جاسم محمد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 15:17
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
قد يستهجن البعض القول بان ما حصل في الربيع العربي هو من فعل فاعل ، ويتهمون من يقول ذلك بانه يتبع نظرية المؤامرة ، ويدخلوه الى خنادق الخونة واتباع الانظمة الاستبدادية ، او انها هرطقة تغني بعيدا عن امال الشعوب الراغبة بالتحرر ، وننسى تكوين العقل العربي وايمانه بالخرافات والاساطير ، ذلك التكوين المعقد الذي خضع طويلا للاستبداد ، لا بل صنعه بنفسه ، عقل امتاز بالاتباع دون التمحيص والتنظير والتدقيق ، عقل يعنى بالمشكلة دون الحل ،والشواهد كثيرة على ذلك ، منذ حرب داحس والغبراء ، وحرب البسوس والصراع بين تغلب وبكر ، وصراع القبائل الموغل في القدم ، والصراع العربي – الفارسي ، والصراع المذهبي ، الصراع على السلطة ، والصراع على الانا ، وتدعيم مفهوم نبذ الاخر . ذلك التكوين العربي بكل خصائصه ، الذي نسي الابداع ، ذلك العقل الذي قاد الاندلس الى الانهيار بعد صراع الاخوة .ثم بعد ذلك يطالبون بالتغيير نحو الديمقراطية والحرية التي لايفقهون جوهرها ، الحرية التي يفقهها العقل العربي لاتتعدى ان يفعل الانسان فعلا يخشى ان يفعله بالنهار ، ان يفعل الفاحشة جهارا علنا ، ويتغنى بها . واليوم وبعد اول ربيع عربي ساخن في تونس ، اتجه العرب نحو الانقضاض على الدكتاتورية والاستبداد الذي صنعه ، ولعنوا ما جنت ايديهم ، وانهالوا على دولهم بالضرب الاعمى ، المشهد التونسي لايزال مضطرب ، مثله الليبي ، وليس مصر عن ذلك ببعيد ، سوريا وصراعها ، اليمن وتخبطها . هل سال احدنا سؤال لماذا تأخر الامر في سوريا اكثر من المعتاد ؟؟ ان الناظر في واقع السياسة الدولية والمتعمق فيها سيجد الاجابة بسهولة ، ان الصراع في العالم العربي ليس صراعا عربيا من اجل انهاء عهد الطغيان ، انه صراع امريكي-اوربي ، اوربا التي قطعت على نفسها عهدا الا تقود صراعا داخل اوربا بعد حربيها العالميتين ، وامريكا التي استحوذت على ممتلكات بريطانيا العظمى ، التي تريد ان تخضع اوربا وتجعلها تبعا لها ، اروبا التي تنافس امريكا في علاقاتها مع العرب ، فتظهر اوربا باممها المتحدة الداعمة للسلام على انها طير المحبة مقابل الوحش الامريكي الكاسر ، لتتغير الصورة ، وتنقاد امريكا نحو النبذ وهي الداعية للتحرر والداعمة له ، للشعوب العربية المسكينة . وننسى ان امريكا تريد ان تصبح القوس الذي ينطلق منه اي سهم في العالم ، حتى الشركات الاوربية النفطية يجب ان تطلق سهما من قوس امريكا ، ونعود الى سوريا ، وموقعها القريب من اسرائيل وعلاقتها بالصراع الامريكي – الايراني – التركي ، والمواقف الامريكية في العراق الداعمة لايران والتي تدفع بايران نحو القمة ، ليس سهلا ان يسقط نظام الاسد قبل ان يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمابعد الانهيار البعثي في المنطقة ، لايجب ان تحل عمامة الفقيه قبل سيف العثماني ، والعكس صحيح ، يجب ان يكون السيف العثماني مسلطا على عمامة الفقيه ، وان تكون الربطة الكردية خانقة لذلك السيف ، والعقال العربي يربط ما بينهما ، وتقرع الكنائس اجراس التلاؤم وتؤذن المساجد داعية للوحدة والوقوف بوجه التسلط ، ومن ثم يتم التوازن بين جميع الاطراف بان لاطرف يقدر على ان يتسلط على اي طرف اخر. انها عملية صناعة نخبة جديدة تلائم تيار السياسة الخارجية الامريكية ، والتي جزء كبير منها موجه الى اوربا نفسها ، والشرق الاوسط هو حاجز بين اوربا وامريكا ، ولذلك النخبة الجديدة هي من ستفتح النار على الشركات النفطية الاوربية لصالح الشركات الامريكية ، لن تسمح امريكا بخروج لتر نفط الا عبر شركاتها ، هذا من جهة ، من جهة اخرى ، تركيا الحليف الاكبر لامريكا في الشرق الاوسط ، زعيمة التيار الاسلامي الجديد ، وهو (الاسلام الديمقراطي المدني) وصراعها من اجل زعامة الشرق الاوسط من خلال احياء مفهوم النظرية الاسلامية(وهي عبور القوميات)واعادة تنظير للجامعة الاسلامية التي اطلقها السلطان عبدالحميد الثاني وبالتالي زعامة الشرق الاوسط ، ولازلنا نعتبر تركيا هي الام التي تدافع عن اولادها !!!من جهة اخرى (ايران) التي تدعمها اسرائيل عبر شخصيات عراقية ، مثال الالوسي ، اياد جمال الدين ، صفية طالب السهيل ، الذين يقدمون التسهيل لايران في حصولها على تسهيلات لتطوير برنامجها النووي ، "سرا" والعملية تعني قيادة العالم العربي نحو حماية اسرائيل ، لانها هي من تملك الرادع النووي الاكبر في المنطقة ، وخلق نوع من الصراع الجديد بين ايران وتركيا على زعامة الشرق الاوسط ، لان امريكا لن تترك تركيا تقوده وحدها ، لابد من رادع لكليهما ، وهذا ماتمثل بما شاهدناه قبل شهور قليلة عبر مانشر من تحريك للطائفية بقيادة قناة صفا الفضائية وما يقابلها من قنوات الطرف الاخر ، لديمومة الصراع ، وحتى السينما والمسرح والفن والادب اتجه نحو تلك السياسة الامريكية لادخال المفاهيم الجديدة ، راقبوا ما كان يعرض من افلام ومسلسلات في فترة السبعينات ، وقارنوها مع ماعرض بعد التسعينات والى اليوم . بالمقابل ، فان ما يحدث في العراق اليوم ، وبعد ان خرج الامريكان (رمزيا على الاقل) ، فان المشهد ليس غريبا وليس بالصعوبة توقعه ، بل ان ابسط مواطن في العراق كان يتوقع ما سيحدث ، والمالكي بالامس يحدثنا عن سلطة الاغلبية ، والهاشمي يصعد ، والمشاهد تنعكس شيئا فشيئا ليتم اعلان (الصراع العراقي) قريبا بصورته الواضحة ، اربع مدارس في العراق ، مدرسة شيعية تتبع عمامة الفقيه ، ومدرسة كردية بربطتها الاوربية ، ومدرسة اخرى تتبع السيف العثماني ، واخرى تندرج تحت السلطة الامريكية المباشرة . صراع الاجيال صراع بنيت قواعده منذ زمن بعيد ، صراع يتخذ شكله وينمو. كل ما نرجوه ان يكون المشهد قصير الامد ، وتندثر هذه المدارس قريبا رغم اننا لسنا مقتنعون بذلك............ للحديث بقية...
#عمر_جاسم_محمد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة الوهابية (الاصولية المعقدة)
-
الاقليات الاسلامية التاريخ والمصير (البوسنة والهرسك)
-
التطورات السياسية في سوريا من الملكية الى الاستقلال 1918-194
...
-
مزامير مرهونة
-
تركيا والاحلاف العسكرية الدولية والاقليمية(الحليف الاستراتيج
...
-
الهزل المقدس
-
عبد الرحمن الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية يبشر بالعلمانية في م
...
-
الكنائس والاديرة في الموصل العهد العثماني (1516-1918) ثنائية
...
-
كيسنجر والصراع العربي-الاسرائيلي (رؤية لما قبل الربيع العربي
...
-
نظام التعليم في فرنسا (ظهور العلمانية واختفاء الدين)
-
دعوة مفتوحة لسلام شامل واستئصال مصطلحات النزاع الشامل
-
العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع ..تجارب شخصية في الموصل
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|