نقولا الزهر
الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 08:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل نشهد إرهاصات بروتستنتية في الإسلام السياسي العربي؟
في أغلب الأحيان للشكل علاقة بالمحتوى، ولكن هذه العلاقة متعرجة وليست مستقيمة. فكنت أشاهد برنامج (بانوراما) الذي تقدمه منتهى الرمحي في العربية، وكان حول الإسلام السياسي الذي يطفو على السطح الآن بعد أن حصل على الحصة الكبرى من برلمانات كل من تونس ومصر والمغرب. بطبيعة الحال لم يفاجئني الكاتب في الشؤون الإسلامية اللبناني رضوان السيد، فموقفه معروف بالانفتاح على الحداثة والمثاقفة مع الفكر العالمي وهو يحمل الإسلام السياسي مسؤولية ضعف ثقافة وفكر الدولة القائمة على المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات بين مواطنيها. ولكن مارأيته جديداً ومفاجئاً هو موقف الدكتور ناجح ابراهيم من الجماعة الإسلامية في مصر، فشكله من حيث اللباس وإرسال اللحية سلفي بكل ما في الكلمة من معنى، ولكنه في موقفه من الإسلام السياسي الراهن فكان ناقداً مراً له. هو يعتبر ان هذا الإسلام السياسي المصري(الإخوان وحزب النور) يخلط بين الفقه الدعوي القائم على البراء والتسليم، وفقه الدولة القائم على المصالح والذي يضطر القائمون على الامر في كثير من الأحيان إلى التحالف في الداخل والخارج، ولذلك فهو يرى ضرورة الفصل بين فقه الدعوة وفقه الدولة، لأن الدولة لكل مكونات المجتمع من مسلمين ويهود ومسيحيين وغيرهم وهنا نلمس لدى الدكتور ناجح ابراهيم إلغاءً كاملاً لفكر الحاكمية الذي روج له سيد قطب او فكر ولاية الفقيه الذي نظر له الخميني وخامينئي من بعده, يأتي هنا بمثال من التاريخ فيذكر السرخسي الذي فصل قبل ألف عام بين فقه الدعوة القائمة على التسليم والبراء وفقه الدولة القائمة على المصالح،ويضيف هنا ليقول أن رجل الدين المهتم بفقه الدعوة عليه الا يعمل في فقه الدولة(السياسة) لأن هذا الخلط "يؤدي إلى تمزيق الدولة". في اعتقادي، ان الحرية والديموقراطية عدوان لدودان للإسلام المتطرف وفي كنفهما يترعرع فصل الدين عن الدولة وفصل التحالف التاريخي بين السلطان والمؤسسة الدينية. وهنا بوابة الولوج إلى الدولة الحديثة. واعذروني ان استشهد هنا بما قاله انجلز عن الإصلاح الديني في أوربا،فقد اعتبره اهم من نشيد المارسيلييز(نشيد الثورة الفرنسيية). لذلك لا نستغرب ان يكون اندحار الاستبداد في العالم العربي وتكريس الحرية والديموقراطية تربة خصبة للعشرات والمئات من أمثال نصر حامد ابوزيد وأحمد البغدادي ومحمد أركون. على اية حال المرحلة تشكل تحدياً للإسلام السياسي فيما إذا كان بمقدوره أن يسهم في بناء الدولة الحديثة او العصرية،أو يفشل في تأسيسها ويندحر كما اندحر غيره في الميادين والساحات العامة.
#نقولا_الزهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟