جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 1064 - 2004 / 12 / 31 - 09:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يخطئ من يقول: إن المشهد السياسي العربي -وهو بالطبع مشهدٌ مركب من مشاهد قطرية- يخلو من مناظر ترفيهية على مدار ساعات البث العربي الفضائي، فقد تكون صورة المحلِّل السياسي عند البعض -وأنا واحد منهم - أكثرها طرافةً، وترفيهيةً، وبخاصة بعد السباق الفضائي نحوهم لاستحلاب تحليلاتهم الذهبية مع اقتراب نهاية السنة إذ يصعب على المشاهد أن يقع على قناة تحترم مشاعره فتريحه في الأيام الأخيرة من العام الكئيب من سوط محلليها المفضَّلين..!
لقد غطَّت هذه الظاهرة -وهي صوتية بامتياز- فضاء الناس الباحثين عن شروط الحد الأدنى للمواطنة، وعملت معظم القنوات على تأجيج مشاعرهم الدينية البدائية، أو استثارة عواطفهم الوطنية، وذلك عن طريق إشراكهم باستفتاءات مصَّنعة على قياس أصحاب القنوات ومستوياتهم العقلية..! وتأسيساً على هذه الحقيقة يمكن القول: إن الإنسان المولود في هذه المنطقة ينمو وهو ضحية عدة أطراف في ذات الوقت بما يعني عدم تفرد السلطات الحاكمة بمطاردته بتحليلاتها وشعاراتها الكافية لقذفه نحو الخلف ما إن يبلغ سن الرشد بقوة خمس درجات بمقياس ريختر..! فهناك من يشارك في عملية تكليسه، وتشميعه، وتفليسه، كالأحزاب السياسية المعروفة و التي كانت دائماً على شاكلة الأنظمة الجليلة الحاكمة، والقنوات الفضائية التي وجدت في ظاهرة المحلِّلين الصوتية عامل رواج لها إذا وظِّفت جيداً، والدعاة الدينيين الفضائيين والأرضيين الذين يبحرون به في بحار السماوات بعيداً عن المستنفعات الأرضية التي يعيش وسطها..! ثم مؤخراً شارك في هذه العملية التفكيكية لكن بثوب مجتمعي مدني هواة تجديد تركوا الفصائل المذكورة أعلاه لهذا السبب أو ذاك وارتدوا لباسهم الجديد وقد عمل هؤلاء المجتمعيون المدنيون على ابتكار أساليب (جديدة) للتعبير عن المواقف السياسية مثل صلاة الجماعة في حديقة عامة يا حيا الله..!
محلِّل من دون رتبة لخَّص ردَّه في إحدى الفضائيات على سؤال المذيع عن العام الجديد بالقول: أنا لست متفائلاً وفي الوقت نفسه لست متشائماً..! لكن محلِّل آخر برتبة معتبرة قال في رده على الصحافية: اليمين الليبرالي على يميننا واليسار الإخواني على يسارنا والإمبريالية في شرقنا وغربنا ومالم يردفوا حضرتنا خلفهم أي إلى الجبهة التقدمية فعلى البلاد السلام..!
وهكذا على مدار العام /2004/ وحتى الأيام الأخيرة من العام فقد احتل هؤلاء وأولئك مكان المنجِّمين الذين اضطروا للنزول من الفضاء إلى الأرض حيث دور النشر التي تلقَّفت تنجيماتهم وتوقعاتهم المستقبلية على الرحب والسعة ولم لا طالما أن أحلام الناس كانت على الدوام سلعة بشرية لا أقفال عليها ولا حراس من حولها..!؟
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟