نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1064 - 2004 / 12 / 31 - 09:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ومن قال لكم إن جنرالا في الأمن بكل نياشينه وبذته الماريشالية المهيبة وأوسمته البطولية في فتوحاته الكبرى, وسطوته الأسطورية الشمولية العظمى,وأرصدته الفلكية, أين منها الوليد وبيل غيتس ومجلة فوربس وأساطينها الماليين المساكين – مقارنة معه طبعا- ليتنازل ويتكلم مع أحد الكائنات المتحركة الهلامية المبهمة النكرة في الممالك الشمولية ذائعة الصيت, التي لم,ولن, ولا تعترف إلا بالرعايا والتابعين الخاضعين الخانعين,وألغت مفهوم المواطنة من التداول المحلي ,أولئك المخلوقات الذين كانوا يسمون, في يوم من الأيام , وخطأ لايغتفر- مواطنين ,وقبل الموجات الأمنية "الميغا" عاتية والتي فاقت شدتها قوة زلزال تسونامي وبلغت قوتها التدميرية المئة درجة مئوية على مقياس ريختر الأمني الإرتقائي الشمولي, وقبل أن يتحولوا ,بفعل صولات وجولات الجنرالات الإرتقائيين ,إلى رعايا "لهثانين" وراء الخبز والدفء والأمان والإختباء والإنزواء "الإنحداري" هذه المرة.ولو كنت أبو زيد وفلتة زمانك التي لن تتكرر ,لما رد عليك التحية بواب أو ناطور في الطابو ,أو البلدية ,أو المالية,فمابالك بالجنرال الغامض .جنرال؟؟؟؟؟ ضربة واحدة؟؟؟ الله أكبر.
وأنا الذي حاولت جاهدا وطويلا التعرف ولو على دركي قمعستاني في مخفر عصملي خلال حياتي الطويلة, ولكن لم أوفق ولسوء حظي وخيبتي الأمنية البوليسية الإرتقائية الكبرى, وحين كنا نتشرف بالوصول إلى أحد المخافر العصملية الكثيرة على الحدود القمعستانية طيبة الذكر ,فإن الكلمة التي تتألف من الحرفين رقم 22و 12 تباعا ومرادفتها السوقية المعروفة بلغة الضاد ,كانت تعتبر ترحيبا ومجاملة وإطراءا وأدبا جما جارف من عرفاء وخفراء حراس الحدود الإرتقائيين,فمن أين نزل علينا ذاك الملاك الأدميرالي الإرتقائي الرحماني الغامض؟ وكم تمنيت التعرف عليه لأمطره, وبحق , بوابل من القبلات والعناقات أكثر مما يمطر هو نزلاءه, وضيوفه ,ورواد مصحاته الأمنية الإستشفائية من "المشاغبين والثرثارين الأوغاد" بالأسئلة التعجيزية الإستجوابية.
وبادىء ذي بدء لايسعني إلا أن أعبر عن إعجابي وبصدق, بكل ماكتبه الأستاذ الفاضل وحواراته الشيقة وتسامحه وسعة صدره الإنساني ونكرانه للذات الطائفية الرائع,وكم تمنيت وجود أمثاله في مختلف الطوائف لكان حالنا غير هذه الأحوال الكئيبة من الحقد والتعصب والتشنج.
ومن العيب انكار ذلك على الرجل, وهذه شهادة للحق والتاريخ ,ولا يمكن لأحد نكرانها ,ولطالما كانت تلك الكتابات الرائعة تثلج صدري وتريحيني وتلهمني وتؤكد لي وللجميع أنه مازال هناك أناس عظام يفكرون بهذه الطريقة الرائعة وهذه اللغة الجميلة في تلك الجغرافية التي تكتنز كل أسباب التشرذم والإنشطار الذاتي والتلقائي. وتمنيت أن أشاركه جلساته والتعرف عن كثب على "عدون" الرائع البسيط ولكن هيهات ,وبيني وبينهم بيد دونها البيد. وللعلم أيضا ,وهذا موضوع آخر, فأنا أصحو كل يوم صباحا, لأشكر الله, أنني لم أتعرض لنوبة قلبية,أو فالج,أو انفجار دماغي شامل ,من هول مانراه وما نسمعه من متابعتنا لهذا السيرك الفضائحي الكبير العجيب,ومن فضائل الله علينا اننا مازلنا نتذكر أسماءنا ,وأسماء أطفالنا ,ومعارفنا ,وآباءنا .
ولكن,وعود على بدء, معرفة شخص ما هنا وهناك ليس شرفا بحد ذاته , وعدم معرفته ليست نقاصة لأحد. واتجاه ونزوع إنسان ما لدراسة هذه المدرسة أوذاك التيار أوتلك الفلسفة ليس بطولة, ولا فتحا كبيرا,كما أن عدم المعرفة أو الإلمام بهذا المصطلح ,أو تلك الجملة,أو جهلا بذاك الإتجاه ليس هزيمة وأمية وانهيار. فأنا –وأعوذ بالله من كلمة أنا – درست اللغة الإنكليزية وتخرجت بمعدل سبعين بالمئة من جامعة عريقة,وليس من جامعة موسكو و باتريس لومومبا "الخبيصة" "الشوربا", وعلى أيدي مدرسين عظماء,كان أحدهم الروائي العظيم د.هاني الراهب ,ولن أقول المرحوم لأن هكذا بشر لا يموتون, وكان رقمي وقتذاك ,1280في الجامعة العظيمة والعريقة في عام 1980,ولكم ان تتخيلوا الأرقام الفلكية التي تخرجت بعد ذلك من تلك البؤرة التعليمية التنويرية ,ليأتي أحد ما ويسفه كل جحافل وجيوش الخريجين بعد ذلك التاريخ وبربع قرن تحديدا. وحصلت على دبلوم في الترجمة بعد ذلك وكان هناك مشروع لرسالة علمية أعلى,لم تر النور لأسباب لا تخفى على لبيب, ومع ذلك فأنا اعتبر نفسي لاشيء علميا, لأن العلم بحور وبحور ليس لها قرار ,ومحيطات وراءها محيطات ,وما أوتيتم من العلم إلا قليلا,وفوق كل ذي علم عليم ,وصدق الله العلي العظيم.
ومن خلال دراستي ومتابعاتي اليومية ,فأنا وغيري ممن هم أعلى من مستواي العلمي ,يفتحون القاموس يوميا للتعرف على هذه الكلمة, أو ذاك المصطلح ولا عيب في ذلك أبدا.ولقد سألت أكثر من مرة أساطينا في الإعلام والثقافة عن مصطلحات وكلمات بعينها أبدوا جهلهم بها ,ولا عيب في ذلك مرةأخرى.وللعلم فقط ,ولأن اللغات في حركة مقارنة دائمة,أي كل يوم تدخل الإستعمال آلاف الكلمات,وتتنقل من لغة إلى أخرى ,وبالتالي تموت آلاف الكلمات وتندثرأخرى, وهذه سمة الحياة وناموسها الطبيعي الأبدي السرمدي الخالد الذي لا يختلف عليه العقلاء ,ولا علاقة لنا هنا ,بالطبع,بالبلهاء والجهلاء. وهذا من منظور علمي ولغوي بحت ,والدارسون لعلم اللغويات المقارنةcomparative linguistics يعلمون ذلك تماما. المهم وفي كل الأحوال هذا ليس مبررا لاتهام الآخرين بعدم الثقافة والجهل وإلغاء وإقصاء الآخرين تماما كما يفعل الغلاة السوداويون المتخلفون.ومن خلال تجربتي ,حيث عملت مدرسا ,ولفترة من الزمن , فإن أولئك الطلاب الصامتون ,الكتومون , المتحفظون , كانوا عموما أكثر ذكاءا وفطنة من أولئك الثرثارين "الفايشين"الذين يملؤون الكون صخبا وضجيجا.وهذا لا يعني أنه إذا لم يتكلم الإنسان فإنه لا يعرف شيئا, بل بالعكس كان الصمت في أحيان كثيرة تعبيرا عن الإتزان والعمق وعدم التهور والطيش.ثم أين هي المنابر,في ذاك المكان, التي توفر لأي كان التكلم والتحدث والثرثرة بعد مصادرة كل شيء؟ وهنا لا يسعني إلا أن أشكر بيل غيتس ,والحوار المتمدن,وأخوانه الإلكترونيين ولولاهم ,لما سمع أحد بالإبستيمولوجيا الإرتقائية.
ومن باب العلم فقط ,فإنه ونتيجة للتطور العلمي الهائل و"الإرتقائي" يوميا,فإنه أصبح ,وفي طب العيون لوحده,أربعة إختصاصات ,وكل واحد مختلف عن الآخر.ولو ذهبت إلى أحد الأطباء وطلبت منه أن يعالجك ,وفي غير إختصاصه العيني المحدد,لحولك إلى زميله الآخر المختص.
انها ,وبلا شك ,هفوة ,ولكل حصان كبوة,ولكل عالم هفوة ,وهي بالتالي غير مقصودة,ولا أعتقد أن الأستاذ الكبير ,كان يقصد الإساءة لأحد ,أو االنيل منه أبدا.ولن تفلح هكذا مطبات صغيرة,في دروب وعرة وزلقة, في النيل من مكانة الأستاذ السامية والعظيمة في نفسي,ولو زعل الزاعلون,وحرد الحردانون.ولكنه عتب الأحبة,وعلى قدر المحبة العتب كبير ,كما قالت الرائعة صاحبة الصوت الملائكي الدافىء الحنون.سلام.
الأبستمولوجيا الإرتقائية...........تعلموها يا.....
نضال نعيسة.............. كاتب سوري مستقل.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟