|
ازمة العملية السياسية في العراق
معزز اسكندر الحديثي
الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 22:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد إعلان القائمة العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي مقاطعة نوابها جلسات مجلس النواب وتعليق وزرائها حضور جلسات مجلس الوزراء نتيجة لجملة من الأحداث أهمها تحول محافظة ديالى إلى إقليم إداري واقتصادي مما أدى إلى نزول المليشيات المسلحة إلى الشوارع وقطع الطرق الرئيسة واحتلال المتظاهرون لمبنى مجلس المحافظة ثم تبعها طلب السيد نوري المالكي رئيس الوزراء من مجلس النواب سحب الثقة من نائبه الدكتور صالح المطلك على خلفية تصريحات صحفية أدلى بها المطلك واصفا بها المالكي بالدكتاتور ثم تبعها إصدار مذكرة قبض بحق السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية على اثر اعترافات ظهرت في التلفزيون الرسمي للحكومة من حماية السيد الهاشمي .. كل ذلك ولتراكمات أخرى اتخذت العراقية موقفها من الحكومة مما أدى إلى تعقيد الوضع السياسي في العراق، ورغم المحاولات الجادة التي أبداها بعض الفرقاء السياسيين لحل الأزمة السياسية الخانقة وجمع القادة على طاولة حوار مفتوح إلا ان تلك الجهود ذهبت أدراج الرياح نتيجة لتعنت الأطراف المتنازعة من جهة ومن جهة أخرى انعدام الثقة بينهم وهو ما يشكو منه معظم الفرقاء السياسيين . ويبدو ان وساطة القادة الأكراد وزيارة الجنرال ديفيد بترايوس مدير CIA للعراق ولقائه بالفرقاء السياسيين لم تفلح في حلحلة الأمور وكذلك زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي والذي وصل العراق يوم الثلاثاء 27/12/2011 كذلك لم تفلح في حل الأزمة السياسية الخانقة. والمراقب لأحداث العراق يجد ان تلك الأزمة السياسية لم تمر بالعراق منذ الاحتلال الأمريكي في 9/4/2003 وهي من التعقيد بمكان تجعلنا لا نرى أي ضوء في نهاية النفق المظلم .. فقد صرح لرويترز الدكتور أياد علاوي يوم الثلاثاء الموافق 20/12/2011 قائلاً: ((ان رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يتصرف مثل صدام حسين بمحاولته قمع المعارضة وهو ما يمكن ان يثير ردة فعل جديدة)) وقال أيضاً ((ان الاعترافات التي عرضها التلفزيون العراقي لأفراد من حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والتي اتهم من خلالها بالتورط في نشاطات إرهابية ما هي إلا افتراءات )) ودعا علاوي المجتمع الدولي إلى بذل جهوده لمنع المالكي من إشعال فتيل حرب طائفية جديدة في العراق ، وأضاف ان ما جرى أمر مخيف وان انتزاع اعترافات كاذبة يذكرنا بصدام حسين عندما كان يلفق الإرهاب والتأمر لخصومه السياسيين وأعرب عن خشيته من عودة الدكتاتورية وان رئيس الوزراء تجاوز جميع الخطوط الحمراء ويجب ان نتحرك لاستبداله من خلال البرلمان ، وانتقد علاوي الأمريكيين قائلاً: ((أنهم رحلوا دون ان يكملوا المهمة التي كان عليهم إكمالها محذراً من عودة الطائفية للعراق)). الانتخابات المبكرة: ونشر المركز الإعلامي لمكتب الشهيد الصدر قي 26/12/2011 بياناً للسيد بهاء الاعرجي رئيس كتلة الأحرار النيابية التابعة للتيار الصدري دعا فيه الى حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات في هذا الوقت وبين السيد الاعرجي نحن أمام مرحلة جديدة ووجدنا الكثير من المشاكل التي لا تعطي العراق استقراره ولا تستكمل السيادة لذلك سوف نطرح الموضوع في التحالف الوطني باعتبارنا جزء منه، وأشار الى أسباب هذه الدعوة موضحاً انه لا يستطيع الشركاء الموجودين الوصول الى حلول فضلاً عن التهديد بتقسيم العراق لافتاً ان الانتخابات المبكرة سوف تقف بوجه هذه المشاريع إضافة الى ان هناك كتل لديها أجندات خارجية وبعض الكتل تعمل مع الإرهاب ومع البعث الصدامي (على حد وصفه) كاشفاً عن وجود كتل وشخصيات سياسية جاء بها المحتل. على اثر ذلك التعقيد في الأزمة السياسية دعا الدكتور أياد علاوي إلى انتخابات مبكرة حيث حذر في لقاء مع راديو سوا في 27/12/2011 من مستقبل العملية السياسية في العراق التي وصلت إلى مرحلة من الاحتقان يصعب معها القفز نحو الاستقرار في ظل استمرار الخلافات بين المالكي والهاشمي وقال ان المشهد السياسي العراقي يبعث على الحزن مؤكداً ان جميع الأطياف السياسية تتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي وان المحاولات الجادة والجريئة من قبل الأطراف السياسية لتفكيك الأزمة الحالية لم تحقق أهدافها مشيراً الى انه في حال فشل هذه المبادرات فان الانتخابات المبكرة هي المخرج الحقيقي للمشكلة المستعصية لاختيار قادة جدد للبلاد. وفي لقاء مع السد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان مع قناة الجزيرة يوم 27/12/2011 قال انه لابد من التوجه الى انتخابات مبكرة في العراق إذا فشل عقد اجتماع بين القيادات السياسية لحل الأزمة السياسية، ووصف السيد البرزاني الأزمة الحالية التي يمر بها العراق بأنها اخطر أزمة منذ احتلال العراق مشيراً الى ان هناك خوف من حرب أهلية ، وجاءت تصريحات السيد البرزاني لتزيد من احتمالات التوجه نحو انتخابات مبكرة بوصفها حلاً للازمة التي تفجرت بعد اتهام السيد طارق الهاشمي. ونشرت وكالة كردستان للأنباء في 28/12/2011 خبراً مفاده ان غالبية الكتل الكردية أعربت عن تأييدها مسألة إجراء انتخابات مبكرة في البلاد فيما أشارت كتلة التغيير الى ان المسألة صعبة وهناك ضرورة لتعديل قانون الانتخابات قبل إجرائها، وقال السيد شوان محمد طه عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني : اننا نؤيد إجراء انتخابات مبكرة في العراق في حال تعذر معالجة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وقال السد فاتح داراغايي عضو مجلس النواب عن الجماعة الإسلامية : اننا مع معالجة الأزمة السياسية في العراق بالطرق السليمة ولكن الجهود ان لم تسفر عن المعالجة السليمة للأوضاع فاننا مع إجراء انتخابات مبكرة في العراق شريطة تعديل القانون الحالي للانتخابات ،اما السد أسامة جميل عضو مجلس النواب عن الاتحاد الإسلامي فقال: إذا كانت الانتخابات المبكرة تهدف الى معالجة الأزمة السياسية الحالية في العراق فاننا نؤيد إجراء انتخابات بعيدة عن التزييف وأضاف مع اني لا اعتقد ان إجراء الانتخابات لا تحل الأزمة السياسية في العراق . وقال الدكتور ظافر العاني القيادي في القائمة العراقية لجريدة بغداد في 29/12/2011 ((ان إجراء انتخابات مبكرة سيعيد التحالفات السياسية ويخرج العراق من أزمته الخانقة التي يمر بها حالياً)) وأضاف في بيان صحفي : ان ريس القائمة العراقية الدكتور أياد علاوي كان قد دعا بعد الانتخابات النيابية في عام 2010 الى إعادة الانتخابات وذلك لقطع الطريق على محاولات زعيم حزب الدعوة ورئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الى القفز على الاستحقاق الانتخابي الذي حققته القائمة العراقية بفوزها بأكثر عدد المقاعد في البرلمان، وأكد العاني ان إجراء انتخابات مبكرة في هذا الوقت قد ينزع فتيل جميع الأزمات التي افتعلها المالكي ومنها إعلان عدد من المحافظات التحول الى أقاليم إدارية واقتصادية بالإضافة الى تحقيق الشراكة الحقيقية التي يقترض ان تقود مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي. وفي لقاء مع السيد يوسف الطائي عضو مجلس النواب عن كتلة الأحرار نشره المركز الإعلامي للهيئة السياسية لمكتب الشهيد الصدر يوم 29/12/2011 قال : ان كتلته تسعى للحصول على الأصوات الكافية لحل مجلس النواب وأكد ان كتلة الأحرار قادرة على جمع التواقيع اللازمة لحل مجلس النواب فيما لو قررت ذلك وتستطيع الحصول على النصف زائد واحد من عدد أصوات المجلس . اما ائتلاف دولة القانون بزعامة السيد نوري المالكي فقد وصفوا المطالبين بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة بانهم ((غير صادقين وواهمين)) وأشار السيد عباس البياتي القيادي في ائتلاف دولة القانون في لقاء مع السومرية نيوز في 26/12/2011 الى ان شروط حل مجلس النواب في الدستور صعبة التحقيق وأكد ان الذي يلوح بهذه الورقة يستخدمها للضغط وأضاف ان جميع الذين يتحدثون عن حل مجلس النواب غير صادقين وواهمين مشيراً الى ان الشروط الموجودة في الدستور ثقيلة لا يمكن ان تتحقق في الوقت الحاضر، وأضاف البياتي ان الجميع يعرف ان اي انتخابات جديدة لن تغير في الخارطة أكثر من 10% . وفي خضم ذلك التعقيد في المشهد السياسي نشر قادة العراقية مقالاً مشتركاً قي صحيفة نيويورك تايمز الامريكية يوم الأربعاء 28/12/2011 موقع من الدكتور اياد علاوي والسيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب والدكتور رافع العيساوي وزير المالية ناشدوا فيه الرئيس اوباما ان يكون موقفه المساند لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مشروطاً بوقف ما اعتبروها تجاوزات الأخير على الدستور وتحويله مؤسسات الدولة الى أجهزة تابعة لمكتبه الشخصي وحزبه. وأثار هذا المقال المشترك لقادة العراقية استياءً لدى ائتلاف دولة القانون وجاء الرد سريعاً حيث صرح السيد حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة الإسلامية فقال: الرسالة التي نشروها قادة العراقية وتطلب من إدارة الرئيس اوباما التدخل لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد أثبتت انهم ليسوا رجال دولة وأضاف ان يعمد قادة العراقية الى طلب التدخل من قوة خارجية في إنهاء الأزمة السياسية يؤكد مستوى خطيراً في التعامل مما يعرض الأمن الوطني الى الخطر. وسربت وسائل إعلام ان مصادر مقربة من التحالف الكردستاني ان القيادات الكردية وبالتنسيق مع قيادات العراقية قامت بمراسلة إيران عبر مبعوثين لها لاستبدال المالكي بالجعفري وقالت المصادر الكردية ان القيادات الكردية منزعجة جداً من تصرفات المالكي وتعتبر خطواته عدائية تجاه الإقليم والعملية السياسية والتوافقات المبرمة بين الكتل، وكان مصدر مقرب من السيد رئيس الوزراء نوري المالكي قد أعلن في وقت سابق ان اطرافاً عراقية تتصل بإيران للتوسط لحل الخلاف بين المالكي والهاشمي فيما قالت مصادر كردية ان وفداً ايرانياً رفيع المستوى يضم قيادات من جهاز الاستخبارات والجيش يزور حالياً إقليم كردستان للتوسط في الأزمة السياسية بالفعل. ورغم كثرة التصريحات التي تنادي بالانتخابات المبكرة فهل يا ترى ستحصل؟ اعتقد ان المتابع الجيد لإحداث العراق يعرف ان الانتخابات المبكرة لن تحدث وإذا حدثت فانها لن تحل الأزمة السياسية الخانقة لان الموضوع هو انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين وانه فعلاً لم تتحقق الشراكة الوطنية المطلوبة لإدارة البلاد والحقيقة انها حكومة غالب ومغلوب وعلى الغالب ان يملي شروطه وعلى المغلوب ان يقبل او يترك الساحة لغيره وغيره كثيرين اما الديمقراطية في العراق فيبدو انها ولدت ميتة.
#معزز_اسكندر_الحديثي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدرية في الفكر الاسلامي
-
العملية السياسية الجارية في العراق الى اين..
-
الاحتكار في النهج الاقتصادي الاسلامي
-
الانتفاضة الشعبية السورية
-
العراق والربيع العربي
-
اقليم صلاح الدين
-
التسعير في النهج الاقتصادي الاسلامي
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|