|
أريد أن أنتخب
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 1063 - 2004 / 12 / 30 - 11:38
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
و طاعة من إليه الأمر فالزم أريد أن أنتخب و إن جاروا و كانوا مسلمينا
كلمات قالها الشاعر الطائفي الأندلسي محمد بن عمّار الكلاعي المَـيُورقي لتؤكد لنا المَـثـَل و "المُثُل" التي وصل إليها مجتمعنا الإسلامي، و العربي خاصة، الذي كان منكوبا بحكامه الطغاة و الذي لا يزال مستمرا في نكبته ليومنا هذا.
لقد اتّخذتُ كلمات الكلاعي مثالا و لم يكن هذا الشاعر فريدا في موقفه بل هو واحد من كثيرين يفكرون هذا التفكير، و بعودة و بمطالعة بسيطة إلى كتب التاريخ سيتبين لنا مدى الإذلال الذي تعرض له مجتمعنا الذي تطغي عليه أفكار الإجبار و الغصب و إطاعة أولي الأمر مهما كانوا: طغاة مجرمون، حثالة، لصوص، و مهما كانت الطريقة التي سيطروا بها على الحكم: بالتعيين، بالمؤامرات، أو وضع رقاب أبنائنا تحت سيوف غدرهم. هؤلاء هم أولي الأمر الذي أراد الكلاعي و أمثاله أن نطيعهم.
و على مثل هذا الطريق، طريق الخضوع للطغيان و الجور، تُجبر شعوب منطقتنا السير و هي تتعثر برؤوس أبنائها المفصولة عن أجسادها.
كم من مرة يكرر الطغاة من أن المجتمع الإسلامي هو مجتمع ديمقراطي، و لكن عندما نراهم اليوم أو نبحث بين صفحات التاريخ عن ديمقراطيتهم الماضية فإننا لا نجد فيها إلاّ الإجبار على قبول الحاكم، فالسيف فوق الرأس، و الرقبة تتعرض للقطع، منذ يوم السقيفة و إلى يومنا هذا، منذ يوم تعيين أبي بكر الذي قال عن كرسي حكمه أنه قميص قمصَّه الله به، و إلى جلوس صدام الدموي على كرسي الحكم الذي دشَّنه بقتل رفاق حزبه و حزِّ رقاب العراقيين و تسميمهم بغازات سامة، و إلى تسلم بشار الأسد للحكم السوري بواسطة تغيير الدستور بعشر ثوان، و إلى الملك عبد الله الذي نُصِّب ملكا رغما على الدستور الملكي الأردني و على الشعب الأردني، و إلى الرئيس المصري الذي انتخبته الأموات من تحت مقابرها، و إلى غيرهم من الحكام الذين استلموا مقاليد الحكم بهذه الطريقة أو تلك، و احتكروا الحكم، لا بل و بدّلوا أسماء الدول فأصبحت تسمى بأسمائهم، فيهود الأصل -أنظر تاريخ آل سعود لناصر سعيد- من آل سعود أصبحت لهم دولة سموها بالسعودية، و مشبوهو الجذر في الأردن -أنظر تاريخ العراق الحديث لعلي الوردي- كوّنوا إمارة ثم مملكة في الأردن أطلقوا عليها اسم المملكة الأردنية الهاشمية، فأساءوا بذلك إلى الأردن و الى اسم هاشم.
اليوم لنا أمل.
لنا أمل باليوم الثلاثين من شهر كانون الثاني من العام القادم، 2005، إذ سيكون يوما جديدا و مضيئا على أرض وطننا، سيكون في إمكان أبناء شعبنا العراقي اختيار و انتخاب من يريدون أن يمثلهم لتسيير دفة الحكم في بلادنا. إن هذه الإنتخابات ستكون معيارا للوطنية، لكل من يريد أن يحقق الإستقرار و السلام في العراق، و لكل من يريد تطور و تقدم بلدنا، و لكل من يريد الخير لهذا البلد الذي يخربه الحاسدون و يُفجِّره الحاقدون و يدمره الجائرون. إن الوقوف في الوقت الحاضر مع تأجيل الإنتخابات هو دعم مباشر، بوعي أم بدون وعي، للإرهابيين من أعراب النفاق و لبقايا حثالة البعثيين الدمويين، و مهما كان حُسن النية و الطيبة و الوطنية عند أولئك العراقيين الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات فإن المطالبة بهذا التأجيل في هذا الوقت هو موقف يُفيد أعداء الوطن و يُعطي أجنحة للقتلة و قطاع الرؤوس من الوهابيين و المجرمين الآخرين.
إن السماء لا تمطر على مزاج الكل و لن يفرح بالمطر الجميع، و لكن كل من يريد الخير للناس فإنه يحب المطر لأنه ضروري. و هكذا فالانتخابات حالتها حالة المطر، قد لا تُعجب البعض من الطيبين لكنها ضرورية للوطن و خاصة في هذا الوقت، و يمكن إيجاد حالة توازن يتفق عليها الذين يحبون العراق و يريدون الازدهار و الخير له.
لقد مرت على العراق منذ نشأته في بداية القرن الماضي، عقود و عقود، يتحكم به أفراد لم ينتخبهم الشعب و منهم من لم يكن عراقيا فوُضع على كرسي الحكم رغم أنف الشعب. لقد مرّت بالعراق فترات ظُلمٍ و ظلام إلا انه لم تمر به فترة أحلك و أظلم من الفترة التي حكمه فيها الحزب البعثي الشوفيني و خاصة في المدة التي خلالها صعد إلى الحكم جرذ العوجة المجرم صدام، ففي هذه الفترة لم يكن الحكم حزبيا فقط بل تحول إلى حكما فرديا استبدادبا و دموياً و تربَّع على عرش الحكم شخصا غير معروف الأب، من أخس خلق الله يحكم و يقطع و يُثرِّم بأجساد العراقيين. و صفق له المرتزقة من دعاة الخضوع و الخنوع لأولي الأمر الجائرين.
نريد اليوم أن يكون لعراقنا مستقبلا جيدا و ناصعا نتفاخر به أمام الجميع، فلا اضطهاد و لا إرهاب و لا قسر و لا إجبار، و لن يكون ذلك ممكنا إلا بواسطة الإنتخابات، فالانتخابات هي الطريق لتحقيق حكم الشعب بنفسه و لصالحه. و لا يمكننا أن ننسى دموية ماضينا إلا بسلام حاضرنا و استقراره، و لن يتم هذا إلاّ على أيدي ممثلين لنا ننتخبهم بأنفسنا، ممثلين يمثلون جميع أطياف الشعب العراقي، بكافة قومياته، صغيرة كانت أم كبيرة، و بكافة معتقداته، مسلمة أو غير مسلمة، دينية أم غير دينية، و لن تنفع محاولة إرجاع شعبنا و أرضنا إلى الوراء، إلى حظيرة السلف الطالح، و إلى مفاهيم عفا عليها الزمن و شرب و أكل، فلكل مرحلة تاريخية رجالها و لكل زمن قوانينه.
بالانتخابات سندفن أفكار التسلط و الطغيان، و سنلغي أفكار الاحتكار بالسلطة، وسيصبح شعبنا واعيا، و سيترك الجري وراء الحاكم الجائر ملاحَقاً بكلاب حاقدة تجبره على أن يقول كالخِراف: بـ ـ ـاء بـ ـ ـاء، كما نراه اليوم في معظم الشعوب الإسلامية، و خاصة العربية منها، نراها و هي تُساق إلى حظيرة جور "أولي الأمر".
محيي هادي-أسبانيا كانون الأول/2004 [email protected]
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أندلسيات -4- هل طليطلة هي مدينة أصحاب الكهف؟
-
أندلسـيات -3
-
أندلسيات_2
-
أندلسيات-1
-
لن يكون هناك مكان لظلام طالبان
-
هل يُمْكِن الحِوار؟
-
لعنة الله عليكم
-
أغنيتي لإرهابيي الفلوجة
-
فتوى القرضاوي الارهابية
-
ليس كل محمد برسول
-
الشيوعيون الزرقاويون
-
عمائم الشيطان
-
الثيران المععمة
-
على درب خالد بن الوليد
-
الجزيرة تبحث عن شرف لها
-
سيسحق العراقيون أعداءهم
-
اقرأ
-
مذبوح على الطريقة الإسلامية
-
البعثي السوري بشار يزور الاشتراكي ثباتيرو
-
نصر الله سيستعيد الأندلس، الفردوس المفقود
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|